مصر وحكومة سوريا الانتقالية... «تقارب حذر»

عبد العاطي والشيباني اتفقا على استمرار التواصل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر وحكومة سوريا الانتقالية... «تقارب حذر»

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

اتصال هو الأول من نوعه بين القاهرة والإدارة السورية الجديدة تناول تأكيدات مصرية أبرزها أن «تكون دمشق مصدر استقرار بالمنطقة، وأن تتسم عملية الانتقال السياسي بالشمولية».

تلك المحادثة التي جرت بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره السوري، أسعد الشيباني، جاءت بعد أيام من تقديم الأخير إشادة بالقاهرة، والتطلع لاستعادة العلاقات معها، لكن وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» فإن هذا «التقارب الحذر» سيكون مرهوناً بما ستقدمه الإدارة الجديدة إزاء مخاوف مصرية عديدة أبرزها «الوضع الداخلي السوري وتداعياته على استقرار المنطقة».

ومساء الثلاثاء، جرى اتصال هاتفي بين عبد العاطي والشيباني تضمن تأكيد الوزير المصري على عدد من المحددات هي «وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السوري الشقيق ودعم تطلعاته المشروعة، ودعوة الأطراف السورية كافة في هذه المرحلة الفاصلة إلى إعلاء المصلحة الوطنية، ودعم الاستقرار في سوريا والحفاظ على مؤسساتها الوطنية ومقدراتها ووحدة وسلامة أراضيها».

وبحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية» تشمل تلك المحددات أيضاً «أمل مصر في أن تتسم عملية الانتقال السياسي في سوريا بالشمولية، وأن تتم عبر ملكية وطنية سورية خالصة دون إملاءات أو تدخلات خارجية، وبما يدعم وحدة واستقرار سوريا وشعبها بكل مكوناته وأطيافه، ويحافظ على هويتها العربية الأصيلة».

وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني (أ.ف.ب)

وشدد عبد العاطي كذلك على «أهمية أن تتبنى العملية السياسية مقاربة شاملة وجامعة لكل القوى الوطنية السورية تعكس التنوع المجتمعي والديني والطائفي والعرقي داخل سوريا، وأن تكون سوريا مصدر استقرار بالمنطقة، مع إفساح المجال للقوى السياسية الوطنية المختلفة لأن يكون لها دور في إدارة المرحلة الانتقالية وإعادة بناء سوريا ومؤسساتها الوطنية لكي تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية التي تستحقها»، فيما «تم الاتفاق في نهاية الاتصال على استمرار التواصل خلال الفترة المقبلة».

البيان الصحافي الذي لم يتناول الحديث عن التعاون المشترك بين الجانبين، يأتي بعد نحو 3 أسابيع من سقوط النظام السوري في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسط أحاديث لنشطاء مصريين مؤيدين للنظام المصري بمنصات التواصل الاجتماعي تبدو «غاضبة» من استقبال الإدارة الجديدة بسوريا أشخاصاً مناوئين للنظام المصري.

هذا الموقف الجديد المصري، وسط تلك المخاوف، لا يحتاج لأن «نعتبره اعترافاً، خاصة أن هذه حكومة أمر واقع موجودة في دمشق ولدى مصر سفارة هناك، وبالتالي الأمر طبيعي في ظل اتصالات العالم بالقيادة السورية الجديدة»، وفق ما يرى وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، مؤكداً أن «الأمر حسب القانون الدولي مرتبط بوجود نظام يتم التعامل معه ولا يحتاج لأي تضخيم»، ومتطرقاً إلى موقف مصر تجاه الإدارة الجديدة بسوريا، أوضح العرابي أن «مصر لها محددات في التعامل مع هذا النظام وكل دولة في المنطقة تتعامل بمحدداتها، وسوريا دولة مهمة لمصر، ولا ترغب مصر في أن يترك الشعب السوري فريسة لعزلة أو سيطرة طرف»، مؤكداً أن «التحرك المصري طبيعي وقائم على فهم حقيقة الوضع هناك، ولا يحمل بالضرورة دلائل على انسجام كامل بين الطرفين».

ويلاحظ أن بيان الاتصال الهاتفي تحدث عن عموميات خاصة باستقرار المنطقة، والماضي المشترك، والنظر لمستقبل مشترك، دون حديث عن تعاون بالوقت الحاضر، وفق تقدير العرابي، موضحاً «لكن هذا يتوقف على معرفة ماذا ستكون عليه سوريا في الفترة المقبلة».

درزي يقف أمام جندي إسرائيلي وآلية عسكرية تغادر المنطقة العازلة في هضبة الجولان قرب قرية مجدل شمس (إ.ب.أ)

أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، عبد القادر عزوز، يرى أن «التقارب الحذر من مصر يأتي في ظل حرصها على استقرار سوريا، خاصة أنها منذ اللحظات الأولى لانتصار الثورة السورية أكدت احترام دمشق وعدم التدخل في شؤونها، واستمرت في تجديد ثوابت تجاهها مرتبطة بأهمية الانتقال السياسي»، متوقعاً أن أي تطور لهذا التقارب يتوقف على مواقف الإدارة السورية الجديدة.

وزير الخارجية السوري، عبر، الثلاثاء، عن سعادته باتصال نظيره المصري، قائلاً في منشور عبر حسابه في منصة «إكس»: «سعدت باتصال وزير الخارجية المصري، والذي أكد فيه أهمية دور البلدين في تحقيق الاستقرار والازدهار للمنطقة، وأن مصر وسوريا يجمعهما تاريخ واحد ومستقبل واعد بإذن الله».

وقبل أيام، أبدى الشيباني، عبر منشور على «إكس»، «التطلع إلى بناء علاقات مهمة واستراتيجية مع مصر تحت احترام سيادة البلدين وعدم التدخل في شؤونهما».

وإزاء ذلك «يجب أن تترجم الأقوال لأفعال، فالخطوة المقبلة من الجانب السوري إما تبني أو تهدم ما أقدمت عليه القاهرة من خطوة إيجابية»، وفق تقدير محمد العرابي، مضيفاً: «ليس بالضرورة أن نرى وفداً مصرياً يزور دمشق، فالقاهرة يهمها أن تسير الأمور بسوريا في اتجاه مساعدة الشعب السوري وتوفير سبل الحياة له ومعالجة مخاوفها».

ويتفق عزوز مع العرابي، مؤكداً أن «مستقبل التقارب رهن سلوك الإدارة الجديدة التي من الحكمة أن تبدد مخاوف مصر وتشجع عملية الانتقال السياسي، وأن يمثل الجميع وألا يتم إقصاء أحد»، موضحاً أن زيارة وفد مصري لدمشق مرتبطة بتطورات الموقف في سوريا، وهو قرار سيادي وسياسي من مصر التي تراقب الأوضاع بدمشق وتتطلع لأن تكون أفضل لتعزيز العلاقات التاريخية مع سوريا.


مقالات ذات صلة

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

يوميات الشرق تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس قرر القضاء تأجيل النظر في طعن على قرار الإعادة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بترويج شائعات عن «قتل مواطنين بالصعيد»

نفت وزارة الداخلية المصرية الثلاثاء صحة مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي ويزعم خلاله شخص أن «قوات الشرطة تقتل مواطنين في الصعيد» (جنوب مصر).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، بتفاعل «سوشيالي» واسع.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في شرم الشيخ نظيره الأميركي جو بايدن على هامش انعقاد أعمال القمة العالمية للمناخ «COP 27» (الرئاسة المصرية)

«تحفظات» مصرية على اعتزام أميركا «اقتطاع» جزء من المساعدات العسكرية

تحفظت مصر بشكل غير رسمي رفضاً لإجراء أميركي محتمل بقطع 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية عن مصر، مع قرب نهاية إدارة جو بايدن، وتنصيب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي حريق في خط ناقل لمنتجات البترول بمصر (محافظة القليوبية)

السيطرة على حريق في خط بترول شمال القاهرة

سيطرت قوات الحماية المدنية المصرية على حريق في خط «ناقل لمنتجات البترول»، بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بترويج شائعات عن «قتل مواطنين بالصعيد»

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
TT

«الداخلية المصرية» تتهم «الإخوان» بترويج شائعات عن «قتل مواطنين بالصعيد»

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

نفت وزارة الداخلية المصرية، الثلاثاء، صحة مقطع فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، ويزعم خلاله شخص أن «قوات الشرطة تقتل مواطنين في الصعيد» (جنوب مصر).

وذكر بيان «الداخلية المصرية»، أن «مصدراً أمنياً» نفى صحة ما ورد بمقطع فيديو تم تداوله عبر المنصات الإعلامية التابعة لـ«الإخوان» الإرهابية بمواقع التواصل الاجتماعي، والمتضمن ادعاء أحد الأشخاص بقيام رجال الشرطة بقتل المواطنين في الصعيد.

وأكد البيان أنه «بالفحص أمكن تحديد وضبط الشخص الظاهر بمقطع الفيديو (عنصر إجرامي - سبق اتهامه في 37 قضية ما بين سرقة، وسُكر في الطريق العام، وتحرش، وضرب، وتبديد)».

وقال إن هذا الشخص «نشر تلك الادعاءات (على خلاف الحقيقة) لغل يد الأجهزة الأمنية عن اتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذوي الأنشطة الجنائية، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حياله لادعائه الكاذب».

وانتقد «تداول الجماعة الإرهابية لمثل تلك المقاطع»، عادّاً أنه يأتي «في إطار مخططاتها الآثمة لتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب؛ لمحاولة إثارة البلبلة، بعد أن فقدت مصداقيتها»، حسب البيان.

وعادة ما تتهم السلطات المصرية «الإخوان» بـ«نشر أكاذيب حول السجون والأوضاع المعيشية». وتنفي «الداخلية» باستمرار «مزاعم» تتداولها صفحات موالية للجماعة، وتقول الوزارة إنها «تأتي في إطار حملة الادعاءات الكاذبة التي ينتهجها (الإخوان) بهدف تضليل الرأي العام المصري، بعد أن فقدت الجماعة مصداقيتها».

وتحظر السلطات المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، ويخضع قادة وأنصار الجماعة حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».

وسبق أن وجّه رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، جميع المسؤولين بالرد على ما يتردد على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن «هذا الأمر يدخل في صميم دور الحكومة؛ حتى لا نترك المجال لبعض الأخبار غير الصحيحة للانتشار»، مشدداً على «أهمية مواصلة جهود توضيح الحقائق ودحض الإشاعات».

وتحدث تقرير للمركز الإعلامي لـ«مجلس الوزراء المصري» في فبراير (شباط) الماضي، عن ازدياد معدلات انتشار الإشاعات خلال السنوات الأخيرة، ووفق التقرير «بلغت نسبة الإشاعات عام 2023 نحو 18.8 في المائة، وفي 2022 نحو 16.7 في المائة، وفي 2021 نحو 15.2 في المائة».