«هدنة غزة»... هل يدفع تهديد ترمب الجديد إلى «تسريع» الاتفاق؟

الرئيس الأميركي المنتخب لـ«حماس»: الأفضل لكم أن تعيدوا الرهائن

فلسطيني ينعى أحد أقاربه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني ينعى أحد أقاربه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»... هل يدفع تهديد ترمب الجديد إلى «تسريع» الاتفاق؟

فلسطيني ينعى أحد أقاربه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني ينعى أحد أقاربه الذي قُتل في غارة إسرائيلية في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

«طريق مسدود» وصلت إليه مفاوضات الهدنة في قطاع غزة، وفق تقديرات إعلامية أميركية، بعد أيام من سحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وفد بلاده من محادثات غير مباشرة بالدوحة، بين طرفي الحرب المشتعلة منذ أكثر من عام.

ذلك الجمود في مسار المحادثات شهد إنذاراً جديداً من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشأن ضرورة إطلاق سراح الرهائن الذين يقدرون بنحو مائة «قريباً»، وهو ما يراه محلل سياسي فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «ضغط جديد» يفرضه الأخير في ظل التسريبات الإعلامية عن صعوبة الاتفاق بهدف «تسريع» الذهاب لصفقة قبيل أو مع وصوله للبيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري.

وفي حفل رأس السنة الجديدة في منتجعه مار إيه لاغو في فلوريدا، سأل مراسل شبكة «CNN» ترمب عما إذا كان قد تحدث أخيراً مع نتنياهو، بشأن وقف إطلاق النار المحتمل، وصفقة الأسرى التي يبدو أن المحادثات بشأنها قد واجهت عقبات، ليرد الرئيس الأميركي المنتخب قائلاً: «سنرى ما سيحدث»، قبل أن يضيف: «سأقولها بهذه الطريقة: من الأفضل لهم أن يسمحوا للرهائن بالعودة قريباً».

هذا التهديد ينضم إلى تحذير سابق من ترمب كتبه أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على موقع «تروث سوشيال»، قائلاً: «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 يناير 2025، وهو التاريخ الذي أتولى فيه بفخر منصبي رئيساً للولايات المتحدة، فسوف يكون هناك ثمن باهظ في الشرق الأوسط، وسوف يدفع الثمن أولئك المسؤولون الذين ارتكبوا هذه الفظائع ضد الإنسانية».

امرأة تجلس بالقرب من جثث ملفوفة بالبطانيات في مشرحة المستشفى المعمداني بمدينة غزة (أ.ف.ب)

ويأتي موقف ترمب، في ظل جمود بالمفاوضات كشفت بعضاً منه صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، الأربعاء، نقلاً عن وسطاء عرب، مشيرة إلى أن «محادثات وقف إطلاق النار بين (حماس) وإسرائيل وصلت إلى طريق مسدود في الأيام الأخيرة، بعد إصرار تل أبيب على تسلم الأسرى الأحياء فقط، ورفض إطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين».

وتوقعت الصحيفة الأميركية، بحسب مصادرها عودة طرفي الحرب بغزة إلى المفاوضات بعد «تولي ترمب السلطة»، مؤكدة أن «الاتفاق المحتمل لم يتغير منذ الربيع، والفجوة الكبرى تتعلق بالأسرى والسجناء».

بينما كشفت «القناة 14» الإسرائيلية، الثلاثاء، أن «حكومة نتنياهو تدرس إصدار أمر للجيش باحتلال مدينة غزة في الفترة القريبة القادمة، لزيادة الضغط على (حماس)».

وبحسب تقدير المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن كل التسريبات الأميركية والإسرائيلية، تهدف إلى الضغط أكثر على الوسطاء الذين يبذلون جهداً كبيراً لإبرام اتفاق، وكذلك الضغط على «حماس» للقبول بمطالب إسرائيل.

ويأتي تهديد ترمب الجديد في هذا الإطار، وفق الرقب، موضحاً أن ترمب يريد أن يكون صاحب إنجاز الصفقة بشكل قوي وتحذيراته المتكررة في هذا السياق، وبالتالي يطلق ذلك «بهدف تسريع إنهاء الفجوات والذهاب لاتفاق مع توليه السلطة».

محاولات إسعاف طفل فلسطيني مصاب في مستشفى ناصر بعد القصف الإسرائيلي على خان يونس (أ.ف.ب)

ولم يخف نتنياهو، في جلسة مغلقة حسب ما ذكرته «القناة 12» الإسرائيلية، الثلاثاء، ممارسته لضغوط، قائلاً: «إذا كانت هناك صفقة، وآمل أن تكون كذلك، فإن إسرائيل ستعود للقتال بعدها... لا يوجد لبس في ذلك. وليس هناك جدوى من التكتم وإخفاء هذا، لأن العودة للقتال تعني استكمال أهداف الحرب، وهي مسألة لا تعوق التوصل إلى اتفاق، بل تشجع على الاتفاق».

وجاء كلام نتنياهو في وقت تواجه فيه المحادثات صعوبات متعلقة بمسألتين: الأولى، تسليم «حماس» قائمة بأسماء المحتجزين لديها، أحياءً وأمواتاً؛ والثانية مسألة وقف الحرب.

ووفق الرقب، فإن نتنياهو يتفهم رغبة ترمب، ولا يريد إتمام الاتفاق في عهد إدارة جو بايدن، و«يطرح كل ما يعرقله ويبتز به الوسطاء و(حماس) لتحقيق مكاسب أكبر له ولحليفه الرئيس الأميركي المنتخب»، مضيفاً: «لذلك رأينا سحبه للوفد الإسرائيلي من محادثات الدوحة، وسعيه لتأجيل الاتفاق الذي كان متاحاً بشروط جديدة».

وتحدثت «حماس» عقب عودة وفد إسرائيل من الدوحة، أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي «وضع شروطاً جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجل التوصل للاتفاق الذي كان متاحاً»، واعتبر نتنياهو ذلك «تراجعاً عن التفاهمات التي تم التوصل لها بالفعل».

دخان يتصاعد من غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)

وفي ظل تلك التسريبات، طلبت «حماس» هدنة لمدة أسبوع، لتتمكن من إعداد قائمة الأسرى الأحياء التي تطلبها تل أبيب، وفق ما كشفته «هيئة البث الإسرائيلية» الرسمية، الثلاثاء، لافتة إلى أن الحركة «مستعدة لإطلاق سراح 22 من الأسرى الـ34 المدرجين في القائمة، لكنها ترفض الموافقة على إطلاق سراح الرهائن الـ12 الآخرين، وقدمت بدلاً من ذلك إطلاق سراح 22 محتجزاً على قيد الحياة و12 جثة خلال المرحلة الأولى من الصفقة».

وبحسب تقديرات سابقة لـ«سي إن إن» الأميركية، «تم احتجاز أكثر من 250 شخصاً رهائن، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وتم إنقاذ عدد قليل من الرهائن منذ ذلك الحين، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تم إطلاق سراح عدد منهم ضمن صفقة قصيرة الأمد لوقف إطلاق النار».

وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن «نحو 101 رهينة لا يزالون محتجزين في غزة، ويُعتقد أن ما لا يقل عن 34 من الرهائن الذين تم احتجازهم في 7 أكتوبر لقوا حتفهم»، وفق المصدر ذاته.

ولن يستجيب نتنياهو لمقترحات جديدة أو طلبات من «حماس»، وفق تقديرات الرقب، مؤكداً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي حسم أمره بتأجيل الصفقة لحين وصول ترمب للسلطة، وبالتالي سيكرر تلك التصريحات والعراقيل لمزيد من الضغط لا أكثر.

وبالتالي يتوقع الرقب أن تشهد الأمور تطوراً دراماتيكياً في مشهد المفاوضات لصالح إبرام هدنة سيعلنها ترمب قبيل أو بعد وصوله للسلطة، مرجحاً ذلك في ضوء أحاديث كثيرة بشأن استمرار المفاوضات وعدم توقف الوسطاء، لا سيما القاهرة والدوحة، عن جهودهما.


مقالات ذات صلة

«لانسيت»: حصيلة قتلى غزة أعلى بنحو 40 بالمئة من أرقام وزارة الصحة

المشرق العربي غزيون يقيمون الثلاثاء صلاة الميت على عدد من ضحايا غارة إسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

«لانسيت»: حصيلة قتلى غزة أعلى بنحو 40 بالمئة من أرقام وزارة الصحة

أفادت دراسة بحثية نشرتها مجلة «لانسيت» الطبية الجمعة بأنّ حصيلة القتلى في غزة خلال الأشهر التسعة الأولى من الحرب بين إسرائيل وحماس هي أعلى بنحو 40 بالمئة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ صورة ملتقطة في 18 أكتوبر 2024 للرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)

بايدن: نحرز بعض التقدم الحقيقي فيما يتعلق باتفاق لغزة

قال بايدن للصحافيين في البيت الأبيض «إننا نحرز بعض التقدم الحقيقي، لقد التقيت المفاوضين اليوم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يشيعون قتلى سقطوا بغارة إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة الخميس (إ.ب.أ)

حديث عن تقدم في مفاوضات «هدنة غزة»

أفادت مصادر فلسطينية قريبة من محادثات وقف إطلاق النار في غزة، أمس، بأن الوسطاء الأميركيين والعرب أحرزوا بعض التقدم في جهودهم الرامية للتوصل إلى اتفاق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا (أ.ب)

«النواب الأميركي» يصوّت بمعاقبة الجنائية الدولية بسبب إسرائيل

صوت مجلس النواب الأميركي، الخميس، على فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية احتجاجاً على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.