مصير الكاتب الجزائري الفرنسي صنصال يُعْرَف الأربعاء

دفاعه في باريس احتج على عدم إبلاغه بنقله من المستشفى إلى السجن

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال  (أ.ب)
الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)
TT

مصير الكاتب الجزائري الفرنسي صنصال يُعْرَف الأربعاء

الكاتب الجزائري بوعلام صنصال  (أ.ب)
الكاتب الجزائري بوعلام صنصال (أ.ب)

في الوقت الذي تفصل فيه «غرفة الاتهام» بمحكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، الأربعاء، في مصير الكاتب الجزائري الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، إثر استئنافه أمر إيداعه الحبس المؤقت، قال محاميه بباريس إن السلطات القضائية نقلته، الخميس الماضي، من مستشفى كان يعالَج به، إلى سجنه «من دون إبلاغنا بذلك».

ويعود لـ«غرفة الاتهام»، حسب قانون الإجراءات الجزائية الجزائري، النظر في الطعون التي تصلها بشأن الحبس الاحتياطي من المحبوس على ذمة التحقيق، كما تصلها طعون من النيابة في حال جاء قرار قاضي التحقيق بالإفراج عنه، في حين ترى هي العكس.

وكان الروائي صاحب الـ75 عاماً، مَثُلَ أمام قاضي التحقيق بـ«محكمة الدار البيضاء» بالضاحية الشرقية للعاصمة، في 21 من الشهر الماضي، حيث قرر حبسه في إطار التحقيق، وذلك بعد أن جرى توقيفه بمطار عاصمة البلاد في 16 من الشهر نفسه، وهو عائد من فرنسا التي حصل على جنسيتها، الصيف الماضي، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون، لكنه لا يمتلك إقامة بها.

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وأفادت صحيفة «الوطن» الجزائرية، في عددها الصادر في الرابع من الشهر الحالي، بأن إدارة السجون التي تتبع وزارة العدل، نقلت صنصال من سجنه بمدينة القليعة (35 كلم غرب العاصمة) إلى جناح مخصَّص للمساجين بـ«مستشفى مصطفى باشا الجامعي» بوسط العاصمة، «بسبب متاعب صحية تعود إلى سنِّه».

وأكد محامون على دراية بمضمون «ملف صنصال»، أن قاضي التحقيق وجَّه له تهماً يشملها قانون العقوبات، وتحديداً «المسّ بالوحدة الترابية والوحدة الوطنية»، وذلك على أساس تصريحات مصوَّرة أدلى بها قبل أيام قليلة من اعتقاله لمنصة إخبارية محسوبة على اليمين الفرنسي المتطرف أفادت بأن قادة فرنسا «أحدثوا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر» عندما احتلوها عام 1830.

وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، بغرب الجزائر «كانت تابعة للمغرب»، مؤكداً أن قادة ثورة التحرير الجزائرية «طلبوا من سلطات المغرب إيواء قواعدهم ومساعدتهم مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً، مقابل وعد بإعادة الأراضي التي اقتطعتها فرنسا، لكن هؤلاء القادة تنكروا للاتفاق»، بعد استقلال الجزائر.

أكثر من ذلك، قال صنصال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب»، وإن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهِم من الجملة الأخيرة أنه يقصد الجزائر. ومثل هذه التصريحات رأتها سلطات البلاد «غاية في الخطورة؛ لأن فيها إهانة كبيرة للوطن، وتحقيراً لشعبه».

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «السبعة» الكبار بإيطاليا 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

ومعروف عن المهندس صنصال، الذي شغل منصباً مهماً في وزارة الصناعة، أنه مستفز في رواياته فيما يخص المجتمع الجزائري. ففي عمله الأدبي الشهير «قرية الألماني» (2008)، لم يتردد في توصيف قادة حرب التحرير الجزائرية بـ«النازيين»، كما أن زياراته المتكررة للكيان الإسرائيلي أثارت استياءً رسمياً وشعبياً، لكن لم يتعرض قط للمضايقات. ويعتقد مراقبون أن التوترات الحادة بين الجزائر مع المغرب من جهة، ومع فرنسا من جهة ثانية، في الفترة الأخيرة، كانت دافعاً قوياً لسجنه.

وحول مستجِدات هذا الملف، نقلت صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، الأحد، عن محامي صنصال الفرنسي فرنسوا زيمراي، أنه أُعِيدَ إلى سجن القليعة، الخميس الماضي، «دون أن تجد السلطات القضائية ضرورة لإبلاغ دفاعه بذلك، في الوقت المناسب». وأكد المحامي في بيان بهذا الخصوص، أنه سيطلب الإفراج عنه في جلسة «غرفة الاتهام» يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وأثار اعتقال صنصال ضجة سياسية في فرنسا، خصوصاً من قبل أوساط اليمين المتطرف، وأعلن قصر الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلق» بشأن سجنه، وأنه يعتزم التدخل لدى الجزائر لإطلاق سراحه، لكن لم يسجّل أي تواصل بينه وبين الرئيس عبد المجيد تبون في هذا الشأن.

وفي بلاطوهات نظمتها القنوات التلفزيونية الفرنسية، حول القضية، تم تحويل هذا الجدل إلى موضوع نقاش عن القطيعة التي تشهدها العلاقات الجزائرية الفرنسية، منذ أن أعلنت باريس في يوليو (تموز) الماضي، اعترافها بمخطط الحكم الذاتي المغربي للصحراء الغربية.


مقالات ذات صلة

الجزائر وموريتانيا تتفقان على إطلاق «آلية تنسيق» بالحدود

شمال افريقيا من اجتماع خبراء الأمن الجزائريين والموريتانيين لبحث الأوضاع بالحدود (وزارة الداخلية الجزائرية)

الجزائر وموريتانيا تتفقان على إطلاق «آلية تنسيق» بالحدود

أكدت الجزائر وموريتانيا عزمهما على تعزيز التعاون الثنائي، خصوصاً في المجال الأمني، وذلك خلال أعمال «الدورة الثانية للجنة الأمنية المشتركة بين البلدين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا إضراب طلاب الطب نهاية 2024 (متداولة)

عالم الشغل في الجزائر تحت «صدمة» بعد سجن قائد نقابي

بدأت الحكومة الجزائرية تطبيق مرسوم أثار جدلاً واسعاً عند صدوره عام 2023، ويتعلق بتنظيم الإضرابات وحركات الاحتجاج في قطاعات تُصنف بأنها «حساسة واستراتيجية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عربية منتخب الجزائر للسيدات (وسائل إعلام جزائرية)

«كاف» يفتح تحقيقاً بشأن منتخب الجزائر للسيدات

أعلن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، في وقت متأخر من مساء الخميس، فتح تحقيق بشأن منتخب الجزائر للسيدات، الذي يشارك حالياً في بطولة أمم أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء الماليزي يلقي كلمته خلال الجلسة العامة لقمة «آسيان» في كوالالمبور (د.ب.أ)

الجزائر تنضم إلى معاهدة رابطة «آسيان» بعد تعثر الانضواء في «بريكس»

وضعت الجزائر، منذ 5 سنوات على الأقل، هدفاً استراتيجياً وعملت بقوة على تحقيقه، يتمثل في الالتحاق بالتكتلات الإقليمية والدولية الناشئة، سعياً لأدوار دبلوماسية…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا اجتماع «أفريبول» بالجزائر (الشرطة الجزائرية)

الحكومة الجزائرية تعتمد قانوناً جديداً لمكافحة غسل الأموال سعيا للخروج من «القائمة الرمادية»

برغم الالتزام الرسمي، وانخراط الجزائر في خطة عمل مشتركة مع مجموعة العمل المالي المعروفة اختصاراً بـ«جافي»، فإنها لا تزال تواجه قصورا في بعض الإجراءات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

حديث إعلامي عن «مؤامرة حرائق» في مصر يثير ضجة

حريق «سنترال رمسيس» استمر لساعات طويلة ثم اشتعل مرة أخرى بعد إخماده (رويترز)
حريق «سنترال رمسيس» استمر لساعات طويلة ثم اشتعل مرة أخرى بعد إخماده (رويترز)
TT

حديث إعلامي عن «مؤامرة حرائق» في مصر يثير ضجة

حريق «سنترال رمسيس» استمر لساعات طويلة ثم اشتعل مرة أخرى بعد إخماده (رويترز)
حريق «سنترال رمسيس» استمر لساعات طويلة ثم اشتعل مرة أخرى بعد إخماده (رويترز)

تسبب إعلامي مصري في ضجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعد حديثه عما وصفه بـ«بمؤامرة» تستهدف مصر بإشعال الحرائق بها، وذلك بعد وقوع عدة حرائق في مناطق متفرقة بوقت متزامن الفترة الأخيرة أبرزها «سنترال رمسيس» في وسط القاهرة، لكن مسؤولاً سابقاً بالحماية المدنية في مصر أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الحرائق التي شهدتها البلاد هذه الأيام في معدلها الطبيعي الذي يحدث تقريباً كل عام».

وكان عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، الإعلامي مصطفى بكري، قد تحدث مساء الجمعة، عبر برنامجه على قناة تليفزيونية محلية، عن تكرر حوادث الحرائق، متسائلا: «هل كل ذلك صدفة؟ لماذا الآن؟ هذا مجرد سؤال وننتظر الإجابة عنه لأنها ستكشف عما يحدث وهدفه»، مستطرداً أن «الحرب بدأت على مصر وعلى الرئيس عبد الفتاح السيسي»، مشيراً إلى محاولات «لزيادة الاحتقان في الداخل وضرب الاصطفاف الوطني».

ومنذ اندلاع حريق «سنترال رمسيس»، وهو محطة رئيسية لتحويل الاتصالات، أثيرت تكهنات باحتمالية أن يكون الحادث الذي تسبب في شلل واسع لخدمات الاتصالات والتحويلات المالية بمصر «عملاً تخريبياً متعمداً»؛ حيث انطلقت افتراضات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن الحادث متعمد، كما سأل عدد من النواب في البرلمان وزير الاتصالات، عمرو طلعت، خلال جلسة طارئة حول الأمر، عن احتمالية أن يكون هناك عمل تخريبي وراء الحادث، إلا أنه استبعد ذلك، مطالباً بانتظار التحقيق النهائي. وفي وقت سابق أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة تستبعد هذه الفرضية حتى الآن «في ظل عدم وجود دلائل تدعمها».

وتسبب الحادث، الذي وقع الاثنين الماضي وخلف 4 وفيات ونحو 30 مصاباً، في إرباك واسع لحياة ملايين المصريين، مع تأثر الاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت، بل وحركة الطيران، بعد تلف كابلات رئيسية تغذي الخدمة؛ وهو ما برزت معه الأهمية القصوى لهذا المقر الحيوي لخدمات الاتصالات، ليس في العاصمة فقط، بل وفي محافظات أخرى.

نشبت حرائق متفاوتة الضخامة في مناطق متفرقة من مصر بعد حريق «سنترال رمسيس» (محافظة القاهرة)

وكان لافتاً تجدد اشتعال النيران في السنترال، الخميس الماضي، بعد ساعات من انتهاء عمليات التبريد به، لكن السلطات أكدت إخماد الحريق الجديد بشكل سريع وأنه من توابع الحريق الأول.

وعقب حريق السنترال اندلعت بشكل متتابع ومتزامن حرائق عدد من المناطق بالجيزة والإسكندرية والقاهرة ودمياط، حيث التهم حريق هائل مصنع منظفات في مدينة بدر، وفي الإسكندرية اشتعلت النيران في فندق شهير بطريق الكورنيش، كما اندلع حريق في مول تجاري بالشيح زايد في محافظة الجيزة، في مشهد مروع حول المبنى إلى رماد، أيضا التهمت النيران مصنعاً للفايبر في محافظة دمياط.

حديث بكري عن وجود «مؤامرة حرائق» ضد مصر حظي بتداول واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك سلطت وسائل الإعلام المحلية والدولية الضوء عليه، لكن المساعد السابق لوزير الداخلية المصري للحماية المدنية، اللواء علاء عبد الظاهر، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا توجد زيادة لافتة في عدد الحرائق التي شهدتها البلاد الأيام الماضية، وهذا معدل طبيعي وقد تكون هناك زيادة طفيفة بعدد حريق أو اثنين لا أكثر».

وأوضح أن «هذا التوقيت من كل عام تحدث فيه مثل هذه الحرائق بسبب ارتفاع الحرارة على وجه الخصوص الذي يساعد في انطلاق الاشتعال من أي مسببات محتملة للنيران، ولذلك تستعد قوات الحماية المدنية لمثل هذه الحرائق كل عام»، مشدداً على أن «تسليط الضوء على الأمر من جانب الإعلام هذه الفترة نظراً لكارثة حريق (سنترال رمسيس) الذي أثر على حياة المصريين بشكل كبير، هو ما جعل البعض يظن أن هناك زيادة غير طبيعية في عدد الحرائق».

وأشار عبد الظاهر إلى أن «الحرائق تنقسم إلى نوعين، الأول العارض ويقع تحته أغلب حوادث الحرائق التي تحدث بسبب الإهمال في الصيانة أو سوء التخزين أو الأخطاء وخلافه، والثاني الحوادث المتعمدة وهي النسبة الأقل وتكون محدودة»، منوهاً بأن «جهات التحقيق هي التي تحسم ما إذا كان أي حادث متعمداً من عدمه بعد التحقيق في جميع ملابساته والظروف المحيطة به».

ووفقاً لأحدث تقريرين عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، فقد بلـغ عـدد حوادث الحريق عـلى مستـوى الجمهورية 45435 حادثة عام 2023 مقابل 49341 حادثة في 2022 بنسبة انخفاض قدرها 7.9 في المائة، فيما بلـغ عـدد حوادث الحريق عـلى مستـوى الجمهورية 46925 حادثة عام 2024 مقابل 45435 حادثة عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 3.2 في المائة.

وقال مصدر مطلع بـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» لـ«الشرق الأوسط» إن «نسب الحرائق تتراوح ما بين 5 إلى 10 في المائة انخفاضاً وارتفاعاً من عام للآخر، وهذا هو المعدل الطبيعي».

وبحسب تقارير «المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» يأتي الحريق العارض في المرتبة الأولى للحوادث بنسبة 20.9 في المائة، يليه الحريق بسبب الإهمال بنسبـة 10.4 في المائة خلال عام 2024، ومن أهم مسببات الحريق هي النيران الصناعية (أعقاب السجائر، وأعواد الكبريت، ومادة مشتعلة، وشماريخ) بنسبة 31.6 في المائة، والماس الكهربائي أو الشرر الاحتكاكي بنسبة 18 في المائة... وعلى مستوى المحافظات تأتي محافظة القاهرة في المقدمة لحوادث الحريق بنسبة 13.4 في المائة، تليها الغربية بنسبـة 8.5 في المائة، وفى المرتبـة الأخـيرة محـــافظة شمال سينـاء بنسبة 0.4 في المائة من إجمالي حوادث الحريق.

ووفق التقارير الرسمية فقد سجل مايـو (أيار) المرتبة الأولي لحـوادث الحريــق على مستوى شــهور سنة 2024 بنسبـة 11.7 في المائة، يليه يونيو (حزيران) بنسبـة 10.4 في المائة، وأخيراً فبراير (شباط) بنسبة 6.2 في المائة من إجمالي حوادث الحريق بمصر.

وتجدر الإشارة إلى أن الإعلامي المصري، أحمد موسى، كان أيضاً قد علق على حريق «سنترال رمسيس»، والحوادث التي شهدها الطريق الدائري الإقليمي خلال الفترة الأخيرة، قائلاً إن «هناك من يراهنون على سقوط مصر، ويسعون بكل قوتهم وتمويلهم وأبواقهم ولجانهم للضغط على المصريين والتشكيك في كل تحرك وقرار وعمل وتصريح».

وأضاف في تغريدة عبر حسابه بمنصة «إكس»: «يشمتون في حريق وحادث هنا وهناك... ستظل مصر عصية عليهم بفضل شعبها الواعي المساند لوطنه، تمر علينا المحن والصعوبات والتحديات، وننتصر على كل هؤلاء بفضل الله، ستظل مصر صامدة في وجه هذه المؤامرات التي أصبحت مكشوفة بكل أطرافها».