تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

المياه تعزل مواطنين وتغمر شوارع وساحات... وترهونة الأكثر تضرراً

متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)
متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)
TT

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)
متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)

ضربت موجة من الطقس السيئ بعض مدن غرب وشمال ليبيا، مصحوبة بأمطار غزيرة، تسببت في إغراق شوارع ومنازل، ومحاصرة عائلات عدة، وهو ما استدعى تحذير المركز الوطني للأرصاد الجوية من «فيضانات محدودة»، وتوجيه اتهامات لحكومة «الوحدة».

وتحولت شوارع وساحات وحقول ومزارع شاسعة في غرب وشمال ليبيا إلى بحيرات، بالإضافة إلى غرق عشرات السيارات في مياه الأمطار. وسارعت فرق طوارئ محلية عديدة، من بينها جمعية الهلال الأحمر، لمساعدة وإنقاذ العائلات العالقة.

محيط مستشفى ترهونة العام بعد أن غمرته مياه الأمطار (مؤسسة رؤية لعلوم الفضاء)

وأمام تصاعد موجة الانتقادات الموجهة لسلطات طرابلس بسبب «تهالك البنية التحتية»، رد رئيس مجلس إدارة شركة الخدمات العامة، محمد إسماعيل، بالقول إن «الكميات القياسية للأمطار، التي هطلت منذ أمس الخميس، تفوق القدرة الاستيعابية لشبكة تصريف المياه والصرف الصحي».

وغرقت شوارع في مدن عديدة، من بينها ترهونة، في مياه الأمطار، في ظل تحذيرات من المركز الوطني للأرصاد الجوية من «فيضانات بسبب جريان الأودية في مدينة ترهونة، بمنطقة الشرشارة».

سيارات كثيرة غارقة في مياه السيول وسط طرابلس العاصمة (أ.ف.ب)

وطوقت المياه محيط مستشفى ترهونة التعليمي، بعدما غمرت طابقه الأول. وقال «المركز الإعلامي لمركز طب الطوارئ والدعم»، إن سيل (وادي الربيع) وصل للأحياء السكنية بمنطقة وادي الربيع جنوب طرابلس، ما دعاه للدفع بفرق الإنقاذ لإجلاء الأسر العالقة هناك.

كما أظهرت الصور قوة السيول واندفاع المياه في (وادي الرمل) بالقرة بوللي، وانجراف التربة بفعل سيول آخر بـ(وادي ترغت). وقال «الهلال الأحمر» إن فريق الطوارئ التابع له يعمل على إجلاء العائلات العالقة في مناطق عدة، ودعا المواطنين إلى تقديم بلاغاتهم ونداءاتهم عبر رقمي طوارئ، تم تخصيصهما لهذه الأزمة.

وقال المركز الوطني للأرصاد الجوية إن مناطق الشمال الغربي ستشهد، اليوم الجمعة، أمطاراً متوسطة إلى غزيرة، خاصة بالمناطق الممتدة من رأس جدير إلى مصراتة، بما في ذلك الدواخل، وسهل الجفارة، والجبل الغربي، وترهونة، ومسلاتة، وبني وليد، موضحاً أن التقلبات الجوية تسببت في ارتفاع منسوب المياه بالأماكن المنخفضة، وحدوث فيضانات محدودة ببعض المناطق.

بدوره، قال «مركز الاتصال المحلي» إن البحر شديد الاضطراب بمعظم الساحل الغربي، في ظل ارتفاع الأمواج إلى خمسة أمتار، ودعا المواطنين لأخذ الحيطة والحذر، والابتعاد عن مجرى الأودية والأماكن المنخفضة، والانتباه في أثناء القيادة، واتباع التعليمات الصادرة من الجهات المختصة. كما نصح السكان بتوخي الحذر، خصوصاً في المناطق المنخفضة ومجاري الأودية، مع توقعات بانحسار التقلبات الجوية مع ساعات الليل المتأخرة.

من جهته، قال رئيس مجلس إدارة شركة الخدمات العامة، إن «الجهات الخدمية كافة في حالة تأهب قصوى، والعمل مستمر منذ ساعات الصباح الأولى، ونأمل من المواطنين عدم الخروج إلا للضرورة القصوى، حتى تتمكن فرق الخدمات والصيانة من أداء مهامها».

تسببت السيول في وقف حركة المرور وسط طرابلس (أ.ف.ب)

وأثنى عبد الحميد الدبيبة، الذي تتلقى حكومته انتقادات لاذعة، على جهود الإنقاذ التي تقوم بها الأطقم المختلفة، وقال إن وزارة الداخلية، وكل الأجهزة الحكومية، استنفرت جهودها لمواجهة هذه الظروف. وبفضل هذه الجهود المسبقة والمستمرة، كانت الأضرار، رغم وجودها، في حدها الأدنى، مقارنة بحجم هذه الحالة الاستثنائية».

وعلّق الاقتصادي الليبي، محمد الشكري، على تداعيات الأمطار التي أغرقت بعض المناطق، وتساءل: «هل البنية التحتية متهالكة»؟ وهل هناك سوء تنفيذ للمشروعات العامة ولتصريف مياه الأمطار؟ أم هو غيث نافع زاد عن معدلاته الطبيعية، ولم يمكن بالإمكان تفاديه؟ الشعب ينتظر إجابة واضحة ومحايدة».

ليبي يحاول عبور أحد شوارع طرابلس بعد أن غمرته المياه (أ.ف.ب)

ودخل رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، على خط أزمة الأمطار، وقال: «نتابع بقلق شديد مع الجهات ذات العلاقة على مدار الساعة مستجدات أحوال الطقس بمناطق ومدن البلاد، وخاصة في المنطقة الغربية والعاصمة طرابلس، مع بدء هطول الغيث النافع بكميات كبيرة».

ودعا حماد المواطنين «كافة والمقيمين، والمؤسسات ذات العلاقة، لاتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، والابتعاد عن مجرى الأودية في كافة المناطق والمدن الليبية»، مشيراً إلى أنه أوصى برفع درجة التأهب والاستعداد لأي طارئ، وتوفير الدعم المباشر للمناطق المتضررة، وتكليف نائب الحكومة عن المنطقة الغربية بحصر الاحتياجات عن طريق التواصل مع البلديات كافة، وسرعة توفيرها؛ لضمان مواجهة الأزمة، دون أي خسائر في الأرواح والممتلكات.

ولدواعي السلامة، أغلقت السلطات الأمنية في غرب ليبيا طريق وادي الربيع، نتيجة ارتفاع منسوب المياه، ودعت المواطنين القاطنين بجوار مجرى الوادي بضرورة أخذ متعلقاتهم الثمينة، ووثائقهم الرسمية، وأن يكونوا على أهبة الاستعداد للإخلاء الفوري لو تفاقم الوضع.

وتداهم موجات من الطقس السيئ ليبيا منذ بدايات موسم الصيف، مخلفة آثاراً تدميرية بفعل الأمطار الغزيرة والسيول، التي وصفت بأنها «غير مسبوقة»، خصوصاً على مدن الجنوب.


مقالات ذات صلة

خوري تناقش في بنغازي «مبادرة» البعثة لكسر الجمود السياسي بليبيا

شمال افريقيا صورة وزعها مجلس النواب للقاء بعض أعضائه مع خوري في بنغازي

خوري تناقش في بنغازي «مبادرة» البعثة لكسر الجمود السياسي بليبيا

ناقشت خوري خلال زيارة مفاجئة للمرة الأولى إلى مقر مجلس النواب في بنغازي، مع بعض أعضائه، العملية السياسية التي تعتزم البعثة الأممية تيسيرها.

خالد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري جانب من حضور الناظوري والحداد مؤتمراً سابقاً نظّمته «أفريكوم» لوزراء الدفاع ورؤساء الأركان لجيوش دول قارة أفريقيا (رئاسة أركان حكومة «الوحدة»)

تحليل إخباري هل ينجح «تخفيف» حظر تصدير السلاح إلى ليبيا في توحيد جيشها؟

أعاد قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن وضع «استثناءات» على حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، قضية توحيد المؤسسة العسكرية المنقسمة، إلى واجهة الأحداث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية محمود عبد المنعم «كهربا» (النادي الأهلي)

الأهلي المصري يوافق على إعارة كهربا للاتحاد الليبي

وافقت إدارة الأهلي المصري على عرض فريق الاتحاد الليبي لاستعارة لاعب الفريق الأحمر لكرة القدم محمود عبد المنعم «كهربا» لمدة 6 شهور.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مؤتمر صحافي لإعلان انطلاق المرحلة الثانية من انتخابات البلدية في ليبيا (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تبدأ التحضير للجولة الثانية من الانتخابات البلدية في 63 مجلساً

قالت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، الأحد، إن المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية ستجري على مستوى 63 مجلساً.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا لقاء الدبيبة مع مسؤولي شركات نفطية أميركية بحضور القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة (حكومة الوحدة)

ليبيا: الدبيبة يرفض إجراء الانتخابات قبل وضع «الدستور»

جدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، رفضه إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة في ليبيا قبل اعتماد «مشروع لجنة الدستور».

خالد محمود (القاهرة )

«قوات الدعم السريع» تستهدف محطة كهرباء في شمال السودان

سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» يناير 2025 (سونا)
سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» يناير 2025 (سونا)
TT

«قوات الدعم السريع» تستهدف محطة كهرباء في شمال السودان

سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» يناير 2025 (سونا)
سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» يناير 2025 (سونا)

استهدفت مسيرات انتحارية تابعة لـ«قوات الدعم السريع» محطة كهرباء مدينة دنقلا في شمال السودان، ما أدى إلى إشعال حريق في المحطة وقطع التيار الكهربائي وخدمات المياه في المدينة والبلدات والقرى المحيطة بها.

وقال إعلام «الفرقة 19 مشاة» التابعة للجيش ومقرها مدينة دنقلا، في بيان صحافي، إن «قوات الدعم السريع» استهدفت مواقع عسكرية ومنشآت مدنية، للتغطية على ما أسمته «هزائمها المتتالية في كل المحاور»، وذلك في إشارة لتقدم الجيش في مدينة بحري، إحدى المدن الثلاث للعاصمة الكبرى الخرطوم. وأوضح بيان الجيش المقتضب أن المضادات الأرضية تصدت لعدد من مسيرات «قوات الدعم السريع» الانتحارية.

وقال شاهد من دنقلا لـ«الشرق الأوسط» إن بعض المسيرات نجحت في إصابة محطة الكهرباء، فيما تناقلت منصات التواصل الاجتماعي صوراً للمحطة والحرائق تشتعل فيها حتى صباح يوم الاثنين. وقال عابدين عوض الله، والي الولاية الشمالية حيث تقع مدينة دنقلا لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الدعم السريع» أصبحت تستهدف المنشآت الحيوية خاصة في ولايته، وإن 10 مسيرات انتحارية استهدفت محطة الكهرباء، وأوضح أن «خطة بديلة لتوفير خدمات المياه وانسياب العمل في المخابز والمشاريع الزراعية قد تم بحثها».

ونفذت «قوات الدعم السريع» سلسلة هجمات بالطيران المسيّر خلال الأيام الماضية، استهدفت محطات الكهرباء في بعض المدن، من بينها محطة كهرباء سد مروي، ومحطة كهرباء مدينة مروي بالولاية الشمالية، ومحطة كهرباء الشوك التحويلية في ولاية القضارف شرق البلاد.

وأدى استهداف محطات الكهرباء إلى قطع الخدمة لفترات طويلة عن عدد من مدن وولايات البلاد، بما في ذلك ولاية البحر الأحمر حيث تقع مدينة بورتسودان التي تتخذ منها الحكومة عاصمة مؤقتة، إضافة إلى ولايات نهر النيل والشمالية والقضارف وكسلا، في شرق البلاد وشمالها.

معركة مدينة بحري

دخان حريق في مدينة بحري إثر معارك متواصلة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)

من جهة أخرى، قال شهود لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش أحرز تقدماً في مدينة بحري، إذ تتقدم قواته نحو وسط المدينة الذي تسيطر عليه «قوات الدعم السريع» منذ الأيام الأولى للحرب. وأضاف الشهود أن «قوات الدعم السريع» بدأت تنسحب من عدة مواقع كانت تسيطر عليها في المدينة، وأن الجيش المتقدم من جهة الشمال استطاع إكمال سيطرته على ضاحية شمبات، ووصل إلى أطراف حي الصافية.

وتستهدف عمليات الجيش الوصول إلى مقر «سلاح الإشارة» التابع للجيش والمحاصر من قبل «قوات الدعم السريع» منذ الأيام الأولى للحرب التي اشتعلت في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وتقع قيادة «سلاح الإشارة» على الضفة الشرقية للنيل الأزرق في مدينة بحري، وهي تقابل على الضفة الأخرى للنهر مقر القيادة العامة للجيش، المحاصر هو الآخر منذ بداية الحرب. ونفت «قوات الدعم السريع» في بيان صحافي انسحابها من مناطق سيطرتها في مدينة بحري، وقالت إنها تتقدم بقوة نحو أهداف جديدة.

ولا توجد معارك كبيرة في بقية أنحاء العاصمة الكبرى غير تبادل القصف المدفعي بين الطرفين. إذ قصفت «قوات الدعم السريع» مناطق سيطرة الجيش في منطقة كرري بشمال مدينة أم درمان، إحدى المدن الثلاث للعاصمة، بينما قصفت مدفعية الجيش مناطق تجمع «قوات الدعم السريع».

معارك دارفور

آلاف اللاجئين من دارفور يعيشون حالياً في مخيم أدري الحدودي في تشاد هرباً من الحرب (رويترز)

وفي إقليم دارفور بغرب البلاد، نشرت «قوات الدعم السريع» مقاطع فيديو لأعداد كبيرة من الآليات العسكرية والأسرى، قالت إنها استولت عليها من الحركات المسلحة المتعاونة مع الجيش في صحراء دارفور، موضحة أنها ألحقت بها هزائم كبيرة. ومن جانبه، قال الجيش إن قواته، مسنودة بالطيران الحربي، نفذت عمليات ناجحة في بعض المحاور بولاية شمال دارفور، دمرت خلالها 20 مركبة قتالية بكامل عتادها وطاقمها، وقتلت العشرات من أفراد «قوات الدعم السريع».

وكانت «قوات الدعم السريع» قد ذكرت في بيان سابق أنها ألحقت «هزيمة ساحقة» بالفصائل المسلحة المتعاونة مع الجيش، في محور الصحراء، وتحديداً في مناطق الحلف، ودريشقي، وماو، في شمال دارفور وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد. وأضافت أنها استولت على 205 عربات قتالية بكامل عتادها وكميات من الأسلحة والذخائر، ودمرت 67 مركبة أخرى، وقتلت المئات من أفراد تلك القوات، وأن قوات الحركات المسلحة الموالية للجيش «قد انهارت تماماً».

من جانبه، قال حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، وهو أيضاً قائد «حركة تحرير السودان» المتحالفة مع الجيش، إن قواته كسرت شوكة قوة عسكرية ضاربة تتكون من 546 تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، بقيادة عبد الرحيم حمدان دقلو، شقيق قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي». وأضاف مناوي أن «قوات الدعم السريع» كانت تنوي السيطرة على منطقة الصحراء لفتح طريق الإمداد الذي يربطهم بدول مجاورة.