مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

105 آلاف حالة استفادت «مجاناً» من حملة القضاء على «فيروس سي»

مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)
مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)
TT

مصر تعالج الوافدين ضمن مبادرات قومية رغم «ضغوط» إقامتهم

مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)
مصر تستعرض تجربتها في علاج الوافدين من «فيروس سي» خلال ورشة عمل بالتعاون مع المركز الأوروبي لعلاج الأمراض والأوبئة (وزارة الصحة المصرية)

لم تمنع الضغوط والأعباء المادية الكبيرة التي تتكلفها مصر جراء استضافة ملايين الوافدين، من علاج الآلاف منهم من «فيروس سي»، ضمن مبادرة رئاسية للقضاء على الوباء الكبدي انطلقت عام 2018، ومستمرة حتى الآن.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، الدكتور حسام عبد الغفار، خلال ورشة عمل دولية للقضاء على الأوبئة، استضافتها القاهرة، واختتمت الخميس: «إن مصر قدمت العلاج بالمجان لأكثر من 105 آلاف و506 وافدين، بالتعاون مع المنظمات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين».

وتقدّر بيانات حكومية رسمية أعداد الأجانب الموجودين في مصر بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان، الذي تجاوز 107 ملايين نسمة.

ولم تُفرق وزارة الصحة خلال جولاتها لإجراء المسوح واكتشاف الفيروس وعلاجه بين مصري أو وافد من أي جنسية أخرى، بل على العكس كانت جولاتها تستهدف مناطق وجودهم، مثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان في مدينة 6 أكتوبر، وفق ما أكده عبد الغفار لـ«الشرق الأوسط».

ولفت إلى أن التكلفة تحسبها مصر، وتقدمها للجهات المعنية، مثل مفوضية شؤون اللاجئين، أو المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، متحفظاً على ذكر الكيفية التي تُشارك بها، مثل هذه المؤسسات في العلاج، وشدّد في الوقت نفسه على أن «مصر لا تطالب أي وافد بمقابل للعلاج، أو إجراء الفحوصات، ويجري معاملتهم مثل المصريين في ذلك».

وأضاف عبد الغفار: «المبادرات الرئاسية تكون من دون أي مقابل»، وتوجد 14 مبادرة رئاسية تُعنى بالصحة في مصر.

ووفق تقديرات الحكومة المصرية فإنها «تتحمل نحو 10 مليارات دولار سنوياً، جراء تكلفة استيعاب 9 ملايين وافد على أراضيها»، في حين يعاني الاقتصاد، ويشهد معدل التضخم فيها ارتفاعاً متتالياً، مسجلاً في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 26.3 في المائة على أساس سنوي.

وخلال الورشة التي استضافتها القاهرة على مدار يومي الأربعاء والخميس، بالتعاون مع المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والأوبئة، وبمشاركة 36 دولة، من بينها ألمانيا وإسبانيا وبلجيكا، ناقش المشاركون كيفية الاستفادة من تجربة مصر في توسيع نطاق الكشف على الفئات المستهدفة، واستخدام الكواشف الحديثة، وكذلك نقل التجربة المصرية في وضع الخطط والاستراتيجيات لضم الوافدين ضمن الفئات المستهدفة بالكشف، وفق بيان الصحة المصرية.

تقول وزارة الصحة المصرية إنها لا تفرق بين المصريين والوافدين في تقديم العلاج ضمن المبادرات الصحية (وزارة الصحة المصرية)

وأمام تأزم الأوضاع الاقتصادية والتدفقات المستمرة للمهاجرين، دعت الحكومة المصرية في أكثر من مناسبة إلى زيادة المنح والمساعدات لها لاستيعاب الوافدين، الذين «يتمتعون بحرية إقامة، ويستفيدون من جميع الخدمات المقدمة شأنهم شأن المصريين»، وفق تصريحات رسمية تؤكد عدم التفريق في المعاملة.

وفي مايو (أيار) الماضي، تحدّث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن الضغط الذي يُشكّله «الضيوف» -وهو المصطلح الذي عادةً ما يطلقه على المهاجرين واللاجئين- على الموارد المصرية المحدودة، ضارباً المثل بالمياه، قائلاً: «إنهم يستهلكون مياهاً تصل إلى 4.5 مليار متر سنوياً، إذا ما جرى احتساب متوسط استهلاك المياه في مصر بنحو 500 متر»، عادّاً ذلك يُمثل «عبئاً كبيراً».

في حين قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال لقائه المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، بالقاهرة، في أبريل (نيسان) الماضي: «إن الدعم الذي تتلقاه مصر من المجتمع الدولي لا يتناسب مع ما تتحمله من أعباء لتوفير حياة كريمة للوافدين إليها».

ولا يرى عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، خبير دراسات السكان والهجرة الدكتور، أيمن الزهيري، في الإعلان عن علاج مصر للوافدين من «فيروس سي» استعراضاً للحصول على مزيد من المساعدات أو المعونات، قائلًا لـ«الشرق الأوسط»: «إن القاهرة تقوم بذلك من منطلق أخلاقي، وغير مقتصر على مبادرة القضاء على (فيروس سي)، إذ تُقدم كل التطعيمات اللازمة، سواء ضد شلل الأطفال أو السل أو غيرهما لأطفال الوافدين أيضاً... كل ذلك يحدث دون ضغط، بل هو التزام مصري أصيل».

وقبل شهور، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حصلت مصر على منحة قدرها «12.2 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، لتلبية الاحتياجات الأساسية في الصحة والتعليم، وتعزيز القدرة على الصمود والحماية للاجئين والمهاجرين وطالبي اللجوء الأكثر احتياجاً الذين يعيشون في مصر»، وفق بيان لوزارة الخارجية آنذاك.

وأشاد الزهيري بسياسة الدولة بوجه عام تجاه الوافدين، في الاستيعاب والدمج، متطرقاً إلى قانون اللجوء، الذي أقره البرلمان المصري قبل أيام، قائلًا: «الحكومة بذلك استعادت جزءاً من سيادتها التي تركتها طيلة 44 عاماً، لمفوضية شؤون اللاجئين».

ويمنح القانون الجديد الحكومة حق البت في طلبات اللجوء، وينظم في 39 مادة أوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم، وهو أول تشريع داخلي ينظم شؤونهم في مصر، منذ صدقت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين بجنيف في 28 يوليو (تموز) 1951.

واستبعد الزهيري أن يؤدي القانون الجديد إلى تراجع في أشكال التمويل والدعم التي تقدمها مفوضية شؤون اللاجئين للوافدين إلى مصر، قائلاً: «المفوضية لا تمول اللاجئين، هي تتعامل مع عدد من المنظمات المدنية التي تُعنى بشؤونهم، وتقدم مساعدات عينية أحياناً لكن لحالة حالة، وليس لكل مَن يحمل صفة لاجئ».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يُحدِّث إرشادات اللجوء للسوريين بعد عام من سقوط الأسد

أوروبا  سوريون يتابعون من جانب الطريق سيارات وزارة الداخلية خلال الإطلاق الرسمي لهويتها البصرية الجديدة في دمشق (أ.ب)

الاتحاد الأوروبي يُحدِّث إرشادات اللجوء للسوريين بعد عام من سقوط الأسد

أصدر الاتحاد الأوروبي، اليوم الأربعاء، توجيهات مُحدّثة لطلبات اللجوء المُقدّمة من المواطنين السوريين، تعكس الأوضاع الجديدة في سوريا بعد عام من سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (برشلونة (إسبانيا))
شمال افريقيا الطرابلسي يستعرض في المؤتمر الصحافي نتائج «البرنامج الوطني» لترحيل المهاجرين غير النظاميين (أ.ف.ب)

سلطات طرابلس تلوّح لأوروبا بورقة الـ«3 ملايين مهاجر»

قال الطرابلسي وزير داخلية حكومة الوحدة الليبية إن جهود ترحيل المهاجرين غير النظاميين من بلده تعد «أحد أهم الإجراءات لمواجهة محاولات التوطين»

جمال جوهر (القاهرة)
العالم العربي الصومالي عبد الله عمر مع زوجته وأطفاله في حي البساتين في عدن (أ.ف.ب)

لاجئون صوماليون يفضلون العودة لبلدهم هربا من «الفقر والبطالة» في اليمن

يعيش آلاف الصوماليين مع أطفالهم في فقر مدقع في حي البساتين في عدن، ما دفع كثيرين منهم إلى اتخاذ قرار العودة الى بلادهم.

«الشرق الأوسط» (عدن)
شمال افريقيا أطفال سودانيون يتامى من الفاشر يتشاركون وجبة معكرونة ولحم من مشروع إطعام خيري (رويترز)

الفارون من رمضاء العنف في السودان يكتوون بنار شح المساعدات على حدود تشاد

لا تجد العائلات السودانية اللاجئة التي تصل إلى بلدة الطينة على الحدود مع تشاد سوى قليل من المساعدات الإنسانية الدولية في ظل الأزمة السودانية المستمرة.

«الشرق الأوسط» (الطينة (تشاد))
شمال افريقيا مهاجرون على متن أحد «قوارب الموت» أُنقذوا من قبل خفر السواحل الإسباني (أ.ف.ب)

خفر السواحل الموريتاني ينقذ 101 أفريقي من رحلات «قوارب الموت»

أعلن خفر السواحل الموريتاني، الخميس، إنقاذ زورق على متنه 101 من المهاجرين غير النظاميين الأفارقة، كان في طريقه إلى إسبانيا.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
TT

هولندا: الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الحل الأكثر واقعية لنزاع الصحراء

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)
وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع نظيره الهولندي خلال لقائهما الجمعة في لاهاي (ماب)

في إطار الدينامية الدولية التي أطلقها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، دعماً لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي، أكدت هولندا أن «حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية لوضع حد نهائي لهذا النزاع الإقليمي».

جرى التعبير عن هذا الموقف في الإعلان المشترك الذي تم اعتماده، اليوم الجمعة في لاهاي، من جانب وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية وزير اللجوء والهجرة بالأراضي المنخفضة، ديفيد فان ويل، عقب لقاء بين الجانبين.

سجل الإعلان المشترك أيضاً أن هولندا «ترحب بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار رقم 2797، وتعرب عن دعمها الكامل لجهود الأمين العام ومبعوثه الشخصي»، الرامية إلى تسهيل وإجراء مفاوضات قائمة على مبادرة الحكم الذاتي المغربية، وذلك بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، كما أوصت بذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأعرب الوزيران عن ارتياحهما للعلاقات الممتازة والعريقة، التي تجمع بين المغرب وهولندا، وجددا التأكيد على الإرادة المشتركة لمواصلة تعزيز التعاون الثنائي، المبني على صداقة عميقة وتفاهم متبادل، ودعم متبادل للمصالح الاستراتيجية للبلدين.

كما رحّبا بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية في جميع المجالات، واتفقا على العمل من أجل الارتقاء بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

وخلال اللقاء أشادت هولندا بالإصلاحات الطموحة التي جرى تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس، وبالجهود المبذولة في مجال التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصاً عبر النموذج التنموي الجديد، وإصلاح مدوّنة الأسرة، ومواصلة تفعيل الجهوية المتقدمة.

كما أشادت هولندا بالجهود المتواصلة التي يبذلها المغرب من أجل الاستقرار والتنمية في منطقة الساحل.

وإدراكاً لأهمية التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، أكدت هولندا عزمها على تعزيز الحوار والتعاون مع المغرب في هذا المجال، موضحة أنه سيتم بحث المزيد من الفرص لتعزيز هذه الشراكة خلال الحوار الأمني الثنائي المقبل.

كما أشادت هولندا بالمبادرات الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة القارة الأفريقية، ولا سيما مبادرة مسار الدول الأفريقية الأطلسية، والمبادرة الملكية الرامية إلى تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، ومشروع خط أنابيب الغاز الأطلسي نيجيريا - المغرب.


محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات مصرية - روسية تتناول المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فيلاديمير بوتين خلال تدشين تركيب وعاء ضغط المفاعل الأول بمحطة الضبعة النووية الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات مصرية - روسية، الجمعة، المستجدات في السودان وسوريا ولبنان وغزة. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وذلك في إطار التنسيق المستمر والتشاور بين البلدين حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، تناول الاتصال «العلاقات الوثيقة بين مصر وروسيا، وما تشهده من زخم متزايد في مختلف مسارات التعاون، ولا سيما المجالات الاقتصادية والتجارية». وأعرب عبد العاطي عن اعتزاز مصر بـ«الشراكة الاستراتيجية» التي تربط البلدين، التي تمثل إطاراً حاكماً للتعاون الثنائي في مختلف القطاعات. وأكّد أهمية مواصلة العمل المشترك لدفع مشروعات التعاون الجارية، وفي مقدمتها محطة «الضبعة النووية»، بما يسهم في تعزيز الاستثمارات الروسية في مصر وتوسيع التعاون بين الجانبين.

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة، ما عدّه خبراء «خطوة أولى لإنتاج الطاقة النووية».

ومحطة «الضبعة» النووية هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقّعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017.

جانب من محطة «الضبعة النووية» الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية)

وأكّد عبد العاطي، خلال الاتصال الهاتفي، الجمعة، على «أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2803 والمضي في تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة»، لافتاً إلى «ضرورة تمكين قوة الاستقرار الدولية من أداء مهامها لترسيخ وقف إطلاق النار».

وبحسب «الخارجية المصرية»، استعرض عبد العاطي «الجهود التي تبذلها مصر في إطار (الآلية الرباعية) لوقف النزاع والحفاظ على وحدة وسلامة الدولة السودانية»، كما استعرض «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة وأمن واستقرار لبنان». وجدد موقف مصر «الداعي إلى احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تحركات أو تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد»، داعياً إلى «تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري».

وأعربت مصر، نهاية نوفمبر الماضي، عن أملها في «بدء عملية سياسية بالسودان (دون إقصاء)». وأكّدت «احترام السيادة السودانية».

وتعمل «الآلية الرباعية»، التي تضم المملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، من أجل وقف إطلاق للنار في السودان، وسبق أن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكّدت على «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان». كما طرحت في أغسطس (آب) الماضي «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال 9 أشهر».

أطفال سودانيون فرّوا مع عائلاتهم جراء المعارك الدامية يجلسون في مخيم قرب الفاشر (رويترز)

وتطرق الاتصال الهاتفي، الجمعة، إلى تطورات الملف النووي الإيراني، حيث أكد عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد، وبناء الثقة وتهيئة الظروف، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

على صعيد آخر، تناول عبد العاطي ولافروف مستجدات الأزمة الأوكرانية، حيث جدّد وزير الخارجية المصري «التأكيد على موقف القاهرة الثابت الداعي إلى ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى التوصل لتسويات سلمية للأزمات، عبر الحوار والوسائل الدبلوماسية، بما يحفظ الأمن والاستقرار».


أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

أزمة شرق الكونغو... «اتفاق سلام» في واشنطن «لا يخلو من عثرات»

الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي يشارك في حفل توقيع «اتفاق السلام» مع رئيسي رواندا والكونغو الديمقراطية في واشنطن (أ.ف.ب)

خطوة جديدة نحو إنهاء أزمة شرق الكونغو التي تصاعدت منذ بداية العام، مع توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيسي رواندا بول كاغامي، والكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، في واشنطن، الخميس، اتفاقاً يعزز فرص السلام والتعاون الاقتصادي بتلك المنطقة الأفريقية التي تخوض نزاعاً منذ عقود.

ذلك الاتفاق الذي أكد ترمب أنه «وضع حداً للنزاع»، يراه خبير في الشأن الأفريقي تحدث لـ«الشرق الأوسط» خطوة تحمل أملاً كبيراً لشرق الكونغو الديمقراطية، لكن «تحتاج لتطبيق فعلي على أرض الواقع، وآليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، في ظل تكرار المواجهات رغم التفاهمات التي جرت خلال الآونة الأخيرة».

ويشهد شرق الكونغو، الغني بالموارد الطبيعية والمجاور لرواندا، نزاعات مسلحة متواصلة منذ نحو 3 عقود. وتصاعدت حدة العنف بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، بعدما سيطرت حركة «23 مارس»، بدعم من كيغالي، على مدينتَي غوما وبوكافو الرئيسيتين.

وقال كاغامي عقب توقيع الاتفاق: «ستكون هناك عثرات أمامنا، لا شك في ذلك»، بينما وصف تشيسكيدي الاتفاق بأنه «بداية مسار جديد، مسار يتطلب الكثير من العمل».

وهذه النبرة الأكثر حذراً من الرئيسين الأفريقيين تأتي في ظل تواصل المعارك في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفي بيانين متبادلين، الثلاثاء، اتهم جيش الكونغو، ومتمردو «23 مارس» بعضهما بـ«انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق النار القائمة التي جرى تجديدها الشهر الماضي». وفي مؤتمر صحافي في واشنطن، الأربعاء، حمّل المسؤول الكونغولي، باتريك مويايا، الحركة «مسؤولية القتال الأخير»، قائلاً إنه «دليل على أن رواندا لا تريد السلام».

وتفاقمت الهجمات التي تهدد المسار السلمي في الأشهر الثلاثة الأخيرة؛ إذ برزت جماعة «القوات الديمقراطية المتحالفة»، الموالية لتنظيم «داعش» الإرهابي منذ عام 2019 تحت اسم «ولاية وسط أفريقيا»، وتواصلت هجمات الجماعة في مناطق شرق الكونغو مع تصاعد عمليات حركة «23 مارس»، وجماعة «مؤتمر الثورة الشعبية» المسلحة التي أسّسها توماس لوبانغا، وذلك خلال أشهر يوليو (تموز) وأغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني).

المحلل السياسي التشادي، الخبير في الشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى أن «اتفاق واشنطن» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، خطوة تحمل قدراً من الأمل، لكنه يبقى أملاً هشاً للغاية، موضحاً أنه رغم أن التوقيع الرسمي يمنح الانطباع بأن البلدين دخلا مرحلة جديدة من التهدئة، فإن الواقع في شرق الكونغو يكشف عن أن الطريق إلى السلام ما زال طويلاً وشائكاً.

ولفت إلى أنه رغم التوقيع، عادت الاشتباكات إلى الاشتعال في مناطق كيفو، وهو ما يدل على أن المشكلة أعمق بكثير من اتفاق يعلن من واشنطن، مشدداً على أن «السلام في شرق الكونغو يحتاج أكثر من توقيع، ويحتاج إلى آليات تنفيذ صارمة، وضمانات دولية حقيقية، وتعامل مباشر مع مطالب المجتمعات المحلية التي عاشت سنوات من الإهمال والصراع».

ترمب يحيي حفل توقيع «اتفاق السلام» مع بول كاغامي وفيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

والاتفاق بين رواندا والكونغو الديمقراطية، هو الأحدث ضمن سلسلة تفاهمات بإطار سلام في يونيو (حزيران) الماضي بواشنطن، بخلاف إطار عمل الدوحة لاتفاقية سلام شاملة، الذي وقعته كينشاسا وحركة «23 مارس» في 15 نوفمبر الماضي في قطر، استكمالاً لاتفاق في 19 يوليو الماضي.

ووسط ذلك التقدم، رحبت مصر في بيان لـ«الخارجية»، الجمعة، بتوقيع اتفاقات السلام والازدهار في واشنطن بين الكونغو الديمقراطية رواندا، مؤكدة أنه «يمثل خطوة بالغة الأهمية نحو إنهاء حالة التوتر وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة البحيرات العظمى، بما يسهم في دعم جهود إحلال السلام، وترسيخ أسس المصالحة وإفساح المجال للتنمية الشاملة في المنطقة».

وأمام هذا الواقع والتفاؤل المصري، يرى الخبير في الشؤون الأفريقية أنه يمكن الحفاظ على الاتفاق وتجاوز عثراته عبر خطوات عملية وواضحة، أهمها تنفيذ البنود الأمنية بشكل جدي، خصوصاً انسحاب القوات الرواندية ووقف أي دعم للجماعات المسلحة، وبناء ثقة مع سكان شرق الكونغو عبر تحسين الأمن، وإشراكهم في أي ترتيبات ميدانية، باعتبارهم الأكثر تأثراً، ودون رضاهم سيظل الاتفاق هشاً.

ويعتقد أن الأمل المصري بشأن اعتبار الاتفاق خطوة مهمة لإنهاء التوتر بين البلدين، يعود إلى «احتمال تجاوز حالة الانسداد السياسي التي سادت لسنوات»، مؤكداً أن «هذه الخطوة يُمكن أن تترجم إلى استقرار فعلي إذا بدأ الطرفان بتنفيذ البنود الأكثر حساسية، وهي الانسحاب التدريجي للقوات، ووقف دعم الجماعات المسلحة، والانتقال من منطق المواجهة إلى منطق التعاون».

وشدد على أنه يمكن أن يستمر اتفاق السلام إذا تحول إلى عملية تنفيذ ملزمة تشارك فيها الأطراف الإقليمية والدولية، لكن إن بقي الوضع الميداني على حاله، أو استُخدم الاتفاق غطاءً لإعادة تموضع قوات أو جماعات مسلحة، فسيظل مجرد هدنة مؤقتة معرضة للانهيار في أي وقت.