تحذيرات جديدة في مصر من تداعيات «زواج القاصرات»

حملات علاجية وتوعوية تقوم بها وزارة الصحة في الشارع المصري (وزارة الصحة والسكان بمصر)
حملات علاجية وتوعوية تقوم بها وزارة الصحة في الشارع المصري (وزارة الصحة والسكان بمصر)
TT

تحذيرات جديدة في مصر من تداعيات «زواج القاصرات»

حملات علاجية وتوعوية تقوم بها وزارة الصحة في الشارع المصري (وزارة الصحة والسكان بمصر)
حملات علاجية وتوعوية تقوم بها وزارة الصحة في الشارع المصري (وزارة الصحة والسكان بمصر)

برزت تحذيرات جديدة في مصر من تداعيات «زواج القاصرات»، بعد أن كشفت مسؤولة بوزارة الصحة المصرية انتشار هذا الظاهرة، مؤكدة أن «الزواج المبكر لا يزال يمثّل مشكلة في مصر».

وعدّت نائبة وزير الصحة والسكان لشؤون السكان بمصر، رئيسة المجلس القومي للسكان، الدكتورة عبلة الألفي، «معدلات الزواج المبكر في مسح الأسرة المصرية بعيدة عن الحقيقة»، لافتة إلى أن «النسبة المعلنة في مسح الأسرة المصرية لزواج القاصرات هي 15 في المائة، في حين أن الحقيقة على أرض الواقع أن النسبة تتجاوز 25 في المائة، خصوصاً في الصعيد والريف حيث تنتشر هذه الظاهرة».

وأشارت، خلال تصريحات عبر برنامج «بصراحة» على قناة «الحياة» المصرية، الجمعة، إلى أن «النسبة الأكبر من زواج القاصرات تحت سن 15 سنة»، محذرة من التداعيات الخطيرة لهذه الظاهرة، ومؤكدة أن «الطفلة تفرح بأنها سيكون لها منزل مستقل ورجل يرعاها، والأسرة تريد التخلص من مسؤولية البنت، إلى أن تصطدم بالواقع، وهي أن هذه الطفلة تُوضع أمام مسؤولية منزل ومتطلبات الزوج، وحتى إذا حملت تجد نفسها أمام مخاطر كثيرة، مثل: تسمّم الحمل أو الإصابة بالضغط، وفي النهاية تجد نفسها طفلة تربي طفلة».

د. عبلة الألفي حذّرت من مخاطر الزواج المبكر (قناة الحياة المصرية)

وأشارت إلى أن «معظم أطفال القاصرات يُولدون بتشوهات خلقية ومشكلات صحية»، وتحدثت عن حالة إحدى القاصرات التي طلبت منها أن تأتي لها بحقها بعد أن عانت من الزواج في سن 15 سنة، وتعرّض ابنها لأزمة لا تستطيع علاجها.

ودعت عبلة إلى تنفيذ القانون الذي يمنع الزواج قبل 18 سنة، ومراقبة هذا الأمر بصورة صارمة، لافتة إلى أن «وزارة الصحة تعمل مع وزارة العدل على تغليظ عقوبة زواج القاصرات». كما طالبت الأهالي بالإبلاغ عن أي حالة زواج قاصرات يشاهدونها، من خلال خط نجدة الطفل.

من جانبها، أكدت عضوة لجنة الصحة بمجلس النواب المصري الدكتورة شيرين عبد العزيز أن «هذه الظاهرة تتطلّب التجريم بعقوبة مغلظة؛ لكن الأهم من ذلك هو زيادة الوعي»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك أموراً تحدث بالتحايل على القانون، ومن الصعب تتبعها أو إثباتها، لذلك يجب توعية الأسرة نفسها، والتحذير من الأضرار الجسيمة التي تتعرّض لها الطفلة التي تقع عليها هذه الجريمة».

وأضافت: «مع زيادة الوعي لن يكون صعباً السيطرة على هذه الظاهرة والقضاء عليها»، واستبعدت النائبة أن تكون نسبة زواج القاصرات وصلت إلى 25 في المائة من إجمالي الزيجات، موضحة: «معروف أن هذه الظاهرة تنتشر في القرى، وبصفتي نائبة ما زلت أسكن في قريتي ولم أخرج منها، وبخصوص قريتي والقرى المحيطة وقرى المحافظة في المحيط الذي أعيش فيه أجد هذه النسبة كبيرة جداً ومبالغاً فيها، ولا أعرف على ماذا اعتمدوا في رصد هذه النسبة».

وشددت على أن «هذه النسبة إن صحّت فهناك خطورة كبيرة، ويجب مواجهة هذه الظاهرة بقوانين مغلظة».

واتفقت رئيسة مؤسسة «المحاميات المصريات لحقوق المرأة»، هبة عادل، مع التصريحات التي ذكرتها نائبة وزير الصحة، موضحة أنها بصفتها ناشطة في مجال حقوق المرأة «طالبنا مراراً بأهمية تجريم وتغليظ العقوبات بخصوص الزواج المبكر للفتيات ما قبل 18 عاماً، وما زالت المطالبات مستمرة لغلق البوابة الخلفية لهذه الظاهرة».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأضرار لا يمكن حصرها، وتحريم التوثيق يُدخلنا في دائرة لا نهائية من المشكلات، منها اختلاط الأنساب ووجود أطفال بلا أوراق ثبوتية ولا أنساب مثبتة، وبالتالي يُحرمون من الرعاية الصحية الدورية الأساسية».

وحول وصول النسبة إلى 25 في المائة قالت هبة: «المؤكد أن الأرقام الرسمية لا تشير إلى الواقع الفعلي، فهناك زيجات فتيات تبدأ وتنتهي دون العلم بها، يحوطها تستر كامل وعوامل أخرى تمثّلها العادات والتقاليد».

وأضافت: «لا يمكن الجزم بصحة أو خطأ هذه النسبة، ما دمنا بصدد ظاهرة غير محكمة ومتشعبة ومنتشرة بالأوساط الريفية، تحميها العادات والتقاليد في ظل غياب القانون».

وأشارت إلى أن مؤسستها تشارك هذا العام ضمن حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة مع فريق مكافحة العنف بالمجلس القومي للمرأة، وضمن حملة مجمعة للمنظمات باسم «مش قبل 18»، وهي «حملة مكثفة حول أهمية تجريم الزواج المبكر»، وفق قولها.


مقالات ذات صلة

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
TT

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)

ناقش الوزير الأول الموريتاني، المختار ولد اجاي، ملف «الحوار السياسي» مع زعيم المعارضة الموريتانية، حمادي ولد سيدي المختار، خلال لقاء يعد الأول من نوعه منذ إعادة انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيساً للبلاد في يونيو (حزيران) الماضي، وتعهده بتنظيم «حوار وطني» مع المعارضة.

ويعد هذا الحوار أحد أهم مطالب المعارضة الموريتانية، خاصة بعد أعمال عنف وتوتر سياسي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي فاز بها ولد الشيخ الغزواني من الشوط الأول بنسبة 56 في المائة من الأصوات، وهو فوز اعترف به مرشحو المعارضة، باستثناء الناشط الحقوقي، بيرام الداه اعبيد، صاحب المرتبة الثانية بنسبة 22 في المائة.

مرشح المعارضة الناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد (أ.ف.ب)

وبعد الانتخابات الأخيرة دعت أحزاب المعارضة إلى حوار سياسي يناقش جميع الملفات، وخاصة الملف الانتخابي، بسبب ما تقول المعارضة إنها اختلالات كبيرة تعاني منها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتورطها في «شبهات» تزوير.

تحضير للحوار

عين ولد الغزواني بعد تنصيبه في أغسطس (آب) الماضي حكومة جديدة، بقيادة الوزير الأول المختار ولد اجاي، وأسند إليه الملف السياسي، حيث بدأ الأخير عقد لقاءات مع عدة سياسيين، شملت قادة أحزاب الأغلبية الرئاسية، وشخصيات بارزة في المعارضة التقليدية، وصولاً إلى زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، والهيئة الدستورية المشكلة من أحزاب المعارضة، الممثلة في البرلمان الموريتاني.

زعيم المعارضة متحدثاً للإعلام العمومي بُعيد اللقاء (الوزارة الأولى)

حضر اللقاء الأخير مع زعيم المعارضة الديمقراطية جوب أمادو تيجان، وعبد السلام ولد حرمة، العضوان في مكتب تسيير مؤسسة المعارضة الديمقراطية، وقائدا حزبين معارضين، حصلا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة على أكثر من 12 مقعداً في البرلمان.

وقال زعيم المعارضة في تصريح صحافي إن اللقاء مع الوزير الأول «يدخل في إطار اللقاءات الدورية، التي نص عليها القانون بين الوزارة الأولى ومؤسسة المعارضة»، مبرزاً أنه كان «فرصة لنقاش العديد من القضايا، من أبرزها الحوار السياسي المرتقب ودور مؤسسة المعارضة فيه، حيث إن المشرع الموريتاني جعل لها نصيباً في تنظيم الحوارات السياسية ما بين المعارضة والحكومة».

وأكد زعيم المعارضة أن الوزير الأول «عبر عن استعداده لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل تنظيم حوار سياسي على الوجه الأكمل، وفق ما تتيحه القوانين»، مؤكداً أن ذلك «هو ما تأمله مؤسسة المعارضة».

ملفات سياسية

خلال الحديث مع الوزير الأول، طرح زعيم المعارضة ملفات تتعلق بصعوبة ترخيص الأحزاب السياسية، وما يواجه ذلك من تأخير في أروقة وزارة الداخلية، وهي قضية تثير الكثير من انتقادات الناشطين السياسيين المعارضين الذين يتهمون الدولة بعرقلة الترخيص لأحزابهم السياسية منذ عدة سنوات.

وكان حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة نظم عام 2011 قد أسفر عن سن قوانين تهدف إلى تقليص عدد الأحزاب السياسية في البلاد، ووضع عراقيل أمام ترخيص الأحزاب الجديدة، لكن في الفترة الأخيرة بدأت أصوات ترتفع متهمة وزارة الداخلية باستهداف المعارضين لحرمانهم من الحق في تأسيس أحزاب سياسية.

من لقاء سابق لقادة المعارضة في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وقال زعيم المعارضة إن «الاجتماع كان فرصة أيضاً للحديث عن ترخيص الأحزاب السياسية، وضرورة تسريعها وحماية الحريات العامة»، مشيراً في السياق ذاته إلى أنه طرح على الوزير الأول أزمة «ارتفاع الأسعار وخدمات المياه الكهرباء والفيضانات».

انفتاح على المعارضة

نشرت الوزارة الأولى بياناً عن اللقاء، وقالت إنه «استعرض جميع القضايا المتعلقة بالشأن العام السياسي والاجتماعي للبلد، وما تطرحه المعارضة من تساؤلات، أو ملاحظات حول عمل الحكومة»، وفق نص البيان، مشيرة إلى أن الوزير الأول «قدم عرضاً مفصلاً يجيب على جميع التساؤلات المطروحة، وأوضح ما تقدمه الحكومة من حلول استعجالية، أو استراتيجية على المدى القريب أو المتوسط لمختلف القضايا المطروحة، بتعليمات مباشرة ومواكبة قريبة من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني».

وأبدى الوزير الأول تفهمه للانتقادات التي تعبر عنها المعارضة حيال عمل الحكومة، وقال إن الجميع «مدعو للمشاركة بالنقد البناء والتحسيس حول الإجراءات التي تمس حياة المواطنين مباشرة»، قبل أن يؤكد «انفتاح الحكومة على كل ما من شأنه أن يحسن من أداء العمل».

وخلص الوزير الأول إلى التأكيد على أهمية أن يشارك الجميع في «الرقابة على المسار، وصيانة المنجز والمبادرة الجدية للإشارة لتصحيح المسارات، مواكبة لعمل الحكومة»، وفق البيان الصادر عن الوزارة الأولى.

صعوبات الحوار

ورغم اتفاق الحكومة والمعارضة على ضرورة تنظيم حوار وطني يشارك فيه الجميع، ويناقش كافة الملفات، فإنه لم يعلن -حتى الآن- أي سقف زمني محدد لتنظيم هذا الحوار المرتقب.

الرئيس ولد الشيخ الغزواني تعهد بتنظيم «حوار وطني» مع المعارضة (أ.ب)

ومع أنه خلال الأيام الأخيرة بدأت تقطع خطوات لتحضير الحوار السياسي، خاصة من طرف الوزير الأول، إلا أن هذا الحوار لم تتضح بعد ملامحه العامة، ولا أجندته وملفاته، ولا حتى الجهة التي ستتولى الإشراف عليه وتنسيقه.

وفيما سبق برزت خلافات حول بعض الملفات «الحساسة»، كقضايا الإرث الإنساني والعبودية، حيث تصر المعارضة على طرحها على طاولة الحوار، فيما تعارض ذلك أطراف داخل السلطة، وهو ما يعتقد أنه عصف بمحاولات سابقة للحوار.