واشنطن تُعوّل على دور البعثة الأممية في تجاوز الانقسام الليبي

أكدت أهمية ضمان استقلالية ونزاهة المصرف المركزي

اجتماع المنفي وتبون في الجزائر (المجلس الرئاسي)
اجتماع المنفي وتبون في الجزائر (المجلس الرئاسي)
TT

واشنطن تُعوّل على دور البعثة الأممية في تجاوز الانقسام الليبي

اجتماع المنفي وتبون في الجزائر (المجلس الرئاسي)
اجتماع المنفي وتبون في الجزائر (المجلس الرئاسي)

أعلنت الولايات المتحدة، على لسان سفارتها في ليبيا، أنها تُعوّل على ما وصفته بـ«الدور الأساسي لبعثة الأمم المتحدة في تسهيل العملية السياسية لمساعدة الليبيين على تجاوز الانقسامات»، وجدّدت التأكيد على أهمية ضمان الاستقلالية والنزاهة للمصرف المركزي الليبي، الذي قرر في المقابل خفض ضريبة النقد الأجنبي من 20 إلى 15 في المائة، بدءاً من منتصف الشهر الحالي.

وقال القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمى برنت، إنه بَحثَ مع وزير الدولة بحكومة «الوحدة» لشؤون مجلس الوزراء، عادل جمعة، ومستشار رئيس حكومة الوحدة، إبراهيم الدبيبة، بمقر إقامته في تونس، مساء الجمعة، سُبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، ودعم التنمية الاقتصادية والازدهار في ليبيا، إضافة إلى أهمية ضمان الاستقلالية والنزاهة التكنوقراطية لبنك ليبيا المركزي، والمؤسسات الاقتصادية الليبية الأخرى.

لقاء برنت مع جمعة ومستشار رئيس حكومة «الوحدة» في تونس (السفارة الأميركية)

وأوضحت السفارة الأميركية في بيان عبر منصة «إكس» أن اللقاء تناول الانتخابات البلدية المقبلة، والدور الأساسي للبعثة الأممية في تسهيل العملية السياسية لمساعدة الليبيين على تجاوز الانقسامات، وتوحيد المؤسسات، ووضع خريطة طريق موثوقة للانتخابات الوطنية.

ووفق وسائل إعلام محلية، فقد أكد «المصرف» المركزي، اليوم السبت، في رسالة وجهها إلى رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، استمراره في خفض الضريبة عبر إجراءات متتالية، لافتاً إلى أنه قرر تخفيضها بحلول يوم 15 من هذا الشهر، في حين أكد أعضاء في مجلس النواب أنه سيتم التوقيع على هذه الرسالة بالموافقة، الأحد.

المصرف المركزي أعلن استمراره في خفض الضريبة عبر إجراءات متتالية (رويترز)

من جهتها، قالت البعثة الأممية، السبت، إن منسقها المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية، إينيس شوما، استعرض في أول زيارة له إلى بنغازي، منذ توليه مهامه، مع ممثلي وكالات الأمم المتحدة، جهود الأمم المتحدة الإنسانية والتنموية المستمرة بالتنسيق مع السلطات الليبية.

وأكد شوما التزام أسرة الأمم المتحدة بتقديم الدعم للجميع في ليبيا، على أساس مبادئ الإنسانية والحياد، والنزاهة والاستقلالية التشغيلية، التي تحكم العمل الإنساني للأمم المتحدة.

إلى ذلك، تجاهلت السلطات في العاصمة طرابلس، تبادل «اللواء 444 قتال» و«جهاز حرس المنشآت النفطية»، الاتهامات بشأن التنافس على الحدود الإدارية لقواتهما، المفترض أنها تتبع لكل من المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» المؤقتة.

واستنكر الفرع الجنوبي الغربي بـ«جهاز حرس المنشآت النفطية» وصف «اللواء» لعناصره بالمهربين والخارجين على القانون، وعبّر عن رفضه محاولة إلصاق التهم العارية عن الصحة، وتشويه سمعته ودوره في حماية مقدرات الشعب الليبي، وإنعاش الاقتصاد الوطني.

وكان «اللواء 444 قتال» قد أعلن تمكن عناصره للمرة الثانية، في مكان اختطاف جنوده نفسه، منذ عدة أيام من قبل عصابات التهريب، من ضرب حصون المهربين مرة أخرى، لافتاً إلى تمكنه من ضبط 3 شاحنات وقود وسط الصحراء الليبية، كانت في طريقها إلى خارج البلاد، من قِبَل من سمّاهم بالخارجين على القانون. وقال «اللواء» إنه لن يبالي مطلقاً بما وصفه بـ«حملات التشويه والكذب».

ولم يُعلق رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الذي يُعدّ نظريّاً القائد الأعلى للجيش الليبي، على هذه التطورات، لكنه قال إنه تابع خلال اجتماعه، مساء الجمعة، بالعاصمة الجزائر، مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عدداً من الملفات الثنائية والتنسيق والتشاور حول القضايا المشتركة.

دوريات تأمين منفذ رأس جدير الحدودي مع تونس تمكنت من ضبط كميات من المواد الممنوعة (الوحدة)

كما أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، تمكن دوريات إدارة إنفاذ القانون المكلفة بتأمين منفذ رأس جدير البري على الحدود المشتركة مع تونس، مساء الجمعة، من ضبط كميات من المواد الممنوعة، بما في ذلك الوقود وسلع أخرى، داخل مركبات المسافرين، مشيرة إلى اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة.


مقالات ذات صلة

ليبيا: تخوفات من إنهاء الدور السياسي للمجلس «الأعلى للدولة»

شمال افريقيا تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)

ليبيا: تخوفات من إنهاء الدور السياسي للمجلس «الأعلى للدولة»

تَخَوَّفَ أعضاء من المجلس الأعلى للدولة في ليبيا من إنهاء الدور السياسي لمجلسهم لصالح أجسام أخرى.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا عمال كانوا على متن الباخرة الغارقة قرب ساحل مدينة طبرق الليبية (مؤسسة العابرين لمساعدة المهاجرين والخدمات الإنسانية)

غرق باخرة تجارية قبالة طبرق الليبية... وفقدان 3 من عمالها

قالت مؤسسة ليبية معنية بالمهاجرين غير النظاميين إن «باخرة صغيرة» غرقت بسبب سوء الأحوال الجوية قبالة شاطئ رأس التين غرب طبرق الليبية.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا يأمل معظم الليبيين في أن تنطلق أولى مراحل الانتخابات البلدية بسلام (الشرق الأوسط)

رهان دولي على نجاح «المحلية» الليبية في تجاوز «عقدة الرئاسية»

يأمل ليبيون في أن تنطلق بسلام أولى مراحل الانتخابات البلدية في 16 نوفمبر الحالي المقررة في 60 بلدية وسط دعم دولي واسع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية بالإنابة في لقاء سابق (مكتب الدبيبة)

أفرقاء ليبيا يرحبون ببيان «مجلس الأمن» للحوار... ويتمسكون برؤيتهم للحل

رحبت الأطراف الليبية ببيان مجلس الأمن الدولي الصادر بشأن العملية السياسية المتعثرة في البلاد منذ قرابة 3 سنوات.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري في لقاء مع منسقي عدد من الأحزاب والكتل السياسية الليبية (البعثة الأممية)

الأحزاب السياسية الليبية... اتجاه متزايد لـ«الاندماج» لمواجهة «الهشاشة»

وسط تزايد أعداد الأحزاب السياسية في ليبيا خلال العقد الماضي، تباينت آراء سياسيين وحزبيين ليبيين بشأن دوافع الاتجاه الكبير من هذه الكيانات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر في مرمى انتقادات «سوشيالية» بسبب حرب غزة

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر في مرمى انتقادات «سوشيالية» بسبب حرب غزة

العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

وضعت «حرب غزة»، المستمرة منذ أكثر من عام، مصرَ في مرمى انتقادات «سوشيالية» متصاعدة، كان آخرها ما صاحَب انتشار مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر عبور سفينة حربية إسرائيلية من قناة السويس.

وبرغم تأكيد القاهرة أن «عبور السفن الحربية للقناة أمر تحكمه الاتفاقيات الدولية التي تنظم عمل ممرّات الملاحة العالمية»، تواصلت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي بين داعم لموقف مصر واحترامها لالتزاماتها الدولية، ورافض «مرور مدمرة إسرائيلية في ممرّ ملاحي مصري تزامُناً مع استمرار حرب غزة».

وتصدّرت الواقعة «الترند»، السبت، عبر وسومات عدة، من بينها «#السويس»، و«#علم_مصر»، و«#ممر_دولي»، و«#الاتفاقيات_الدولية»، تزامناً مع ظهور وسم باسم «#ماتصدقش_الأكاذيب»، في محاولة للرد على شائعات عدة طالت الدور المصري في «حرب غزة»، خلال الأيام الماضية.

وتداول روّاد مواقع «التواصل» مقطع فيديو يُظهر عبور سفينة حربية ترفع علمَي مصر وإسرائيل من قناة السويس، مصحوباً بـ«أصوات تُبيّن رفض عدد من الأشخاص كانوا حاضرين وقت مرور السفينة»، وانتقد عدد من روّاد مواقع التواصل مرور المدمرة الإسرائيلية في قناة السويس، متسائلين: «لماذا سمحت القاهرة بذلك في وقت تواصل فيه تل أبيب عدوانها على غزة».

وأصدرت هيئة قناة السويس المصرية، مساء الجمعة، توضيحاً رسمياً، رداً على ما تم تداوله من تساؤلات على منصات التواصل الاجتماعي، وأكّدت «التزامها بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة للقناة، سواءً كانت تجارية أو حربية، دون تمييز لجنسية السفينة، وذلك اتساقاً مع بنود اتفاقية القسطنطينية التي تشكّل ضمانةً أساسية للحفاظ على مكانة القناة، كأهم ممَرّ بحري في العالم».

وقالت الهيئة إن «عبور السفن الحربية لقناة السويس يخضع لإجراءات خاصة»، وأوضحت أن «اتفاقية القسطنطينية» وُقِّعت عام 1888، و«رسمت منذ ذلك الوقت الملامح الأساسية لطبيعة التعامل الدولي لقناة السويس، حيث حفظت حق جميع الدول في الاستفادة من هذا المرفق العالمي»، وأشارت إلى أن الاتفاقية تنص في مادتها الأولى على «أن تكون قناة السويس البحرية على الدوام حرة ومفتوحة، سواءً في وقت الحرب أو في وقت السلم، لكل سفينة تجارية أو حربية دون تمييز لجنسيتها».

سفينة تحمل حاويات خلال عبورها في وقت سابق قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

ولم يُهدّئ التوضيح الرسمي الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أبدى عدد من روّادها «امتعاضاً» من مشهد عبور المدمرة الإسرائيلية، لا سيما مع رفعها العلم المصري، وفي المقابل دافع آخرون عن موقف قناة السويس، مؤكدين أن «ما حدث طبيعي، ويأتي التزاماً بالاتفاقيات الدولية».

وكتب الاقتصادي المصري، حسن هيكل، عبر حسابه على «إكس»، السبت، قائلاً إن «قانون البحار ينص على أن ترفع السفينة علم تسجيلها، وعلم البلد الذي تمرّ منه، ولا يمكن لقناة السويس منع مرور أي سفينة، إلا حال إعلان مصر الحرب».

أما المستشار بـ«أكاديمية ناصر العسكرية للدراسات الاستراتيجية»، اللواء نصر سالم، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر لا تملك منع مرور السفينة الحربية الإسرائيلية في قناة السويس، إلا في حالة إعلان الحرب، وهو أمر غير متوافر الآن في ظل وجود اتفاقية سلام بين القاهرة وتل أبيب»، مؤكداً أن «السفينة ترفع علمها وعلم الدولة التي تمر بها، وهذا أمر طبيعي».

واتفق معه مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مرور السفينة الحربية الإسرائيلية في قناة السويس بقدر ما يمثّله من ألم لكثيرين في ظل العدوان على قطاع غزة، لكن لا بد من إدراك أن القناة ممرّ دولي محمي بالقوانين الدولية التي وقّعت عليها مصر».

وأضاف الشوبكي أن «منع السفينة الإسرائيلية من المرور لا يُعدّ فقط تصعيداً ضد تل أبيب؛ بل إخلالاً بالتزامات مصر الدولية والقانونية، وهو أمر من الصعب الإقدام عليه في الظروف الحالية».

جانب من الدمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتأتي واقعة مرور السفينة الحربية في قناة السويس، تزامناً مع استمرار حالة الجدل بشأن «اتهام مصر» بـ«استقبال سفينة تحمل شحنة متفجرات متجهة لإسرائيل»، وهي الاتهامات التي نفتها القاهرة، في إفادتين رسميتين، وعَدَّتها «أكاذيب وتشويهاً لدورها التاريخي والراسخ في دعم القضية والشعب الفلسطيني».

وأشار الشوبكي إلى أن هناك حالة من عدم الوضوح فيما يتعلق بالسفينة «كاثرين» التي قيل إنها كانت «تحمل شحنة متفجرات لإسرائيل، ورست بميناء الإسكندرية»، وهو «غموض لم تحسمه الردود الرسمية المصرية، على الأقل بالنسبة لروّاد مواقع التواصل الاجتماعي».

وأرجع الشوبكي ذلك إلى «التعامل مع هذه الأمور بمنطق رد الفعل الذي يأتي متأخراً عادةً»، وقال: «منذ بدء حرب غزة تعرضت مصر لاتهامات وشائعات عدة، من بينها المزاعم الإسرائيلية بأن القاهرة هي المسؤولة عن منع المساعدات من المرور عبر معبر رفح».

وأضاف أنه «برغم كذب هذه المزاعم، فإن القاهرة لم تردّ عليها رسمياً إلا بعد اتهام إسرائيل لها أمام محكمة العدل الدولية»، مشيراً إلى أن «الأمر يتكرّر مع وقائع عدة، كان آخرها السفينة (كاثرين) التي جاء التوضيح المصري الرسمي بشأنها بعد تداول الأمر إعلامياً وعلى مواقع التواصل الاجتماعي».

وتعليقاً على تصاعد الانتقادات، عدّ الإعلامي أحمد موسى، عبر حسابه الرسمي على «إكس»، السبت، ما وصفه بـ«حملات التشكيك والفبركة» في دور القاهرة، جزءاً من «مخطط للضغط على مصر؛ لرفضها السماح بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

من جانبه، وصف المستشار بـ«أكاديمية ناصر العسكرية للدراسات الاستراتيجية»، الانتقادات التي طالت دور مصر في «حرب غزة» بـ«المغرضة»، وعَدّها «محاولة لتشويه مصر، وزعزعة استقرار البلاد»، مطالِباً بزيادة الوعي لمواجهة مثل هذه الحملات.

وبينما يرى الشوبكي أن «بعض الانتقادات والوقائع يتم توظيفها من جانب أطراف لأغراض سياسية»، فإنه يقول إن «بعض الانتقادات نابع من حساسية شعبية وحالة تعاطُف في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة»، وأكّد أن مواجهة «الانتقادات وحملات التشويه تكون بالوضوح والشفافية، واتباع سياسة الفعل وليس رد الفعل».