الحكومة المصرية توسّع مشاوراتها في مواجهة تحديات داخلية وخارجية

مدبولي أكد «الانفتاح» على المقترحات والانتقادات كافّة لتحقيق «المصلحة»

مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحكومة المصرية توسّع مشاوراتها في مواجهة تحديات داخلية وخارجية

مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي يرأس جلسة فكرية مع متخصصين لمناقشة ملفات على الساحتين الخارجية والداخلية (مجلس الوزراء المصري)

لمواجهة تحديات داخلية وخارجية تعصف بالبلاد، وسّعت الحكومة المصرية مشاوراتها مع سياسيين وخبراء متخصصين في مجالات عدة، بشأن مقترحات للحد من تبعات التطورات الجيوسياسية على البلاد.

فإلى جانب جلسات «الحوار الوطني» المستمرة منذ أكثر من عام بشأن مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بدأ رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الاثنين، عقد «جلسات فكرية» مع «قامات متخصصة» لمناقشة ملفات سياسية على الساحتين الخارجية والداخلية.

وأكد مدبولي، خلال اللقاء، «انفتاح» حكومته على «جميع الآراء والمقترحات والأفكار، بل والانتقادات أيضاً»، وقال: «يهمني الإنصات لكل ما تطرحونه، بما يُسهم في تحقيق المصلحة العامة للدولة المصرية»، وفق إفادة رسمية نشرتها صفحة رئاسة الوزراء على «فيسبوك».

وأعرب مدبولي عن سعادته بعقد مثل هذه اللقاءات التي «تشهد طرح مختلف الأفكار والرؤى، والاستماع إلى نقاشات حول ما يدور من أحداث محلياً وإقليمياً وعالمياً»، مُشيراً إلى أنه سبق أن «عقد لقاءً موسعاً مع عدد من القامات الفكرية المتميزة؛ اقتصادياً، وسياسياً، وثقافياً، واجتماعياً، استمع خلالها إلى أفكار بنّاءَة تعمل الحكومة على الاستفادة منها».

ولفت رئيس الحكومة المصرية إلى أنه «خلال اللقاء الموسع السابق أشار إلى أنه ستكون هناك جلسات تخصصية مع عدد من القامات الفكرية في مختلف المجالات؛ من أجل النقاش والتشاور حول ملفات محددة»، وهي الجلسات التي بدأت، الاثنين، «لمناقشة الأوضاع السياسية على المستويين؛ الخارجي والداخلي، والاستفادة من آراء ومقترحات الحضور حول مُقتضيات هذه المرحلة».

جانب من الجلسة الفكرية (مجلس الوزراء المصري)

عُقد اللقاء الأول من سلسلة «الجلسات الفكرية» في مقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وحضره عدد من المفكرين السياسيين؛ من بينهم: أستاذا العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور علي الدين هلال، والدكتور محمد كمال، والكاتب والمفكر السياسي وسفير مصر الأسبق لدى واشنطن السفير محمد توفيق.

واقترح مدبولي مناقشة عدد من المحاور ذات الصلة بالسياسة الخارجية، والأوضاع الداخلية، من بينها؛ الانتخابات الأميركية وانعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط، والأوضاع الإقليمية وتداعيات الصراع في المنطقة، إلى جانب مختلف الأبعاد في الدائرة المحلية.

وعدّ المفكرون المشاركون في المناقشات تنظيم مثل هذه الجلسات «انعكاساً لحرص الحكومة على الاستماع إلى الأفكار والرؤى المختلفة، ما يُسهم في كشف الكثير من الجوانب، واستقراء المواقف والأحداث، وبناء تقديرات موقف تجاه القضايا؛ الأمر الذي يخدم عملية صنع القرار فيما يخص الملفات ذات الصبغتين الخارجية والمحلية»، وفق البيان.

واقترحوا في هذا الصدد عقد لقاءات مع قطاعات عدة، مثل أساتذة الجامعات، والنقابات المهنية، وكذا النُّخب المحلية بالمحافظات في «ضوء خصوصية القضايا المرتبطة بكل محافظة».

على صعيد السياسة الخارجية، طرح المفكرون عدداً من الرؤى حول القضايا الإقليمية والعالمية، وتأثيراتها في المنطقة ومصر، متطرقين إلى تبعات انتخابات الرئاسة الأميركية على اتجاهات واشنطن السياسية، و«فرص تأثير نتائج الانتخابات في تهدئة الصراع المُحتدم في منطقة الشرق الأوسط، ووضع حد لاتساع دائرته إقليمياً».

كما تناولت المناقشات «الفرص الواعدة» لتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وعدد من بلدان العالم، «وفق أولوية تراعي المصالح الوطنية، وتخدم النمو الاقتصادي والتنمية».

وحول الأوضاع الإقليمية، عرض المفكرون عدداً من السيناريوهات المتوقعة لمسار الصراع في الكثير من النقاط المشتعلة إقليمياً، وفي مقدمتها قطاع غزة، ولبنان، والسودان. وأكدوا أن «مصر حجر الزاوية لكل مساعي تنسيق المواقف إقليمياً وعالمياً». كما ناقشوا «المشكلات الإقليمية الأخرى التي تفرض تأثيراتها في مصر، مثل: أمن البحر الأحمر، وملف المياه».

على الصعيد المحلي طرح المُفكرون السياسيون رؤيتهم بشأن عدد من الملفات، ومن بينها: الانتخابات البرلمانية المرتقبة، وانتخابات المحليات، وملف الأجانب في مصر. وأكدوا «أهمية التحرك الميداني لرئيس الوزراء، والمسؤولين، للوقوف على حقيقة المشكلات». وشددوا على «ضرورة انتظام عقد المؤتمرات الصحافية للرد على شواغل الرأي العام».

وعدّ رئيس مجلس الوزراء المصري ما طُرح من آراء بمثابة «إضافة مفيدة»، متعهداً «بالعمل على كل فكرة تم تناولها»، مشيراً إلى أنه «دَوّن في 10 ورقات كل كلمة ذُكرت، وسيَطّلع على تفريغ دقيق لكُلِ ما طُرح، كما سيحرص على دورية عقد هذه الجلسة التخصصية حول الملف السياسي مرة على الأقل شهرياً، نظراً إلى أهمية البعد السياسي خلال المرحلة الراهنة».

وبينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد «أهمية مثل هذه اللقاءات والجلسات الفكرية»، شدد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على «ضرورة أن يُدعى إليها رموز من مختلف الأطياف والانتماءات السياسية بما في ذلك المعارضة، لزيادة جدواها وتنويع الرؤى المطروحة خلالها».

وأشاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة، باتجاه الحكومة للاستماع إلى آراء الخبراء والمتخصصين، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا أمر جيد لا سيما مع تأزّم الأوضاع إقليمياً وانعكاساتهاً على الوضع الداخلي في مصر»، معرباً عن أمله في أن «تتوسع الحكومة في هذه اللقاءات لتضم خبراء في مختلف المجالات».

وتأتي هذه «الجلسات الفكرية» في وقت يواصل فيها «الحوار الوطني» جلساته لمناقشة عدد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ يعكف حالياً على مناقشة ملف التحول من «الدعم العيني» المُطبق في البلاد إلى «النقدي».

وفرّق سلامة بين «الجلسات الفكرية» و«الحوار الوطني»، وقال: «الميزة في الجلسات الفكرية أنها بين المتخصصين وصانع القرار مباشرة على عكس (الحوار الوطني) الذي يتحاور فيه متخصصون ثم يرفعون توصياتهم إلى الرئيس»، مشيراً إلى أن «(الجلسات الفكرية) تتيح وصول الآراء والمقترحات للسلطة التنفيذية مباشرة».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعا في أبريل (نيسان) 2022 إلى إطلاق «حوار وطني» بشأن مختلف قضايا العمل العام. ومنذ انطلاق «الحوار الوطني» في مايو (أيار) من العام الماضي «عقد 105 جلسات عامة ومتخصصة، ناقش خلالها الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والمجتمعية التي نتجت عنها مجموعة من التوصيات تم رفعها إلى رئيس الجمهورية»، حسب إفادة رسمية لـ«الحوار الوطني» منتصف الشهر الحالي.


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي اجتماع مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية تغلظ عقوبات «سرقة الكهرباء»

وافق مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، برئاسة مصطفى مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الكهرباء الصادر عام 2015، بهدف تغليظ عقوبات سرقة الكهرباء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع (مجلس الوزراء المصري)

إجراءات حكومية مصرية لمواجهة «الغلاء» بعد زيادة أسعار الوقود

سعياً لضبط حركة الأسواق ومواجهة الغلاء، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات تستهدف ضمان «توافر السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين»، بمختلف المحافظات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
الاقتصاد المنظومة التموينية في مصر تتضمّن توزيع السلع الأساسية بأسعار مدعمة (محافظة المنيا)

مصر لتغيير جذريّ في منظومة «دعم» المواطنين

تعتزم الحكومة المصرية إجراء تعديلات جذرية على نظام الدعم المقدّم إلى مواطنيها، يتضمّن التحول من نظام «الدعم العيني» إلى «النقدي» أو «الدعم النقدي المشروط».

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي متوسطاً رشاد وكامل بعد اداء رئيس المخابرات الجديد اليمين (الرئاسة المصرية)

تعيين رشاد رئيساً جديداً للمخابرات العامة في مصر

أعلنت الرئاسة المصرية، أمس، تعيين حسن محمود رشاد، رئيساً جديداً لجهاز المخابرات العامة، خلفاً للواء عباس كامل الذي تولى رئاسته منذ 2018. وأدى رشاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».