مصر تُحذّر من استدراج المنطقة إلى «حرب إقليمية»

دعت إلى «خطوات» تسهم في تحقيق التهدئة

فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

مصر تُحذّر من استدراج المنطقة إلى «حرب إقليمية»

فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع الغارات الإسرائيلية على المنازل في خان يونس بجنوب قطاع غزة (رويترز)

حذّرت مصر من «استدراج المنطقة إلى (حرب إقليمية) تؤدي إلى تداعيات وخيمة على شعوبها». ودعت إلى «اتخاذ خطوات تُسهم في تحقيق التهدئة». في حين جدد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، الأحد، إدانة بلاده لكل «الإجراءات والسياسات الأحادية والاستفزازية التي تهدد استقرار المنطقة».

وتكثّف القاهرة مشاوراتها بهدف احتواء التصعيد الراهن، وحذّرت مراراً من أن استمرار الحرب في غزة يُهدد السلم والأمن الدوليين في كامل منطقة الشرق الأوسط.

وتناول وزير الخارجية والهجرة المصري، في اتصالين هاتفيين، الأحد، التطورات المتلاحقة الخطيرة في الشرق الأوسط. ووفق إفادة لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، فقد بحث عبد العاطي -خلال اتصال هاتفي- مع وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، آخر التطورات بالنسبة للعدوان الإسرائيلي على إيران.

وشدد الوزير عبد العاطي على ضرورة منع التصعيد، و«اتخاذ خطوات تسهم في تحقيق التهدئة، وعدم استدراج المنطقة إلى حرب إقليمية تؤدي إلى تداعيات وخيمة على شعوبها، مجدداً إدانة بلاده لكل الإجراءات والسياسات الأحادية والاستفزازية التي تُهدد أمن واستقرار المنطقة، وتؤدي إلى تأجيج الوضع بها».

الرئيس المصري خلال استقبال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في القاهرة الشهر الحالي (الرئاسة المصرية)

وزار وزير الخارجية الإيراني، القاهرة، منتصف الشهر الحالي، وأعرب خلال لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن «تقدير بلاده الجهود المصرية المستمرة لتحقيق الاستقرار والأمن بالمنطقة»، وأكد الرئيس المصري حينها «موقف بلاده الداعي لعدم توسّع دائرة الصراع، وضرورة وقف التصعيد؛ للحيلولة دون الانزلاق إلى (حرب إقليمية شاملة)، وضرورة استمرار وتكثيف الجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان».

وأعلنت «هيئة البث» الإسرائيلية، السبت، أن الهجوم على إيران انتهى بعد استهداف مواقع إيرانية. في حين ذكرت وسائل إعلام إيرانية، نقلاً عن مصادر مطلعة، قولها إن العملية الإسرائيلية التي نفذت «بأجسام طائرة صغيرة» أحبطت بنجاح، وأضافت أن هناك «أضراراً محدودة» في بعض المواقع.

ووفق «الخارجية والهجرة المصرية»، جرى -خلال اتصال عبد العاطي وعراقجي- تناول الجهود المبذولة من جانب مصر، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والدخول الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية والطبية إلى القطاع، والإفراج عن الرهائن والأسرى.

كما جرى بحث الجهود المبذولة لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان. وأكد عبد العاطي مواقف مصر المبدئية بضرورة تمكين مؤسسات الدولة اللبنانية، وانتخاب رئيس توافقي للبلاد دون أي إملاءات، وفي إطار الملكية اللبنانية.

ولم تُسفر مفاوضات، استمرت شهوراً بوساطة كل من مصر وقطر والولايات المتحدة، عن التوصل إلى وقف القتال بين حركة «حماس» وإسرائيل، باستثناء هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الحالي (الخارجية المصرية)

وفي اتصال هاتفي آخر، الأحد، تناول وزير الخارجية المصري مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية الفلسطيني، محمد مصطفى، تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية.

وأشار وزير الخارجية والهجرة المصري إلى الجهود المصرية لتكثيف وتيرة وحجم نفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع، واضطلاع مصر بالدور الرئيسي في هذا الإطار، وتقديمها أكثر من ثلثي المساعدات الإنسانية المقدمة لغزة.

ووفق المتحدث باسم وزارة الخارجية والهجرة المصرية، تميم خلاف، فإن الوزير عبد العاطي أعرب عن استنكاره للعراقيل التي يضعها الجيش الإسرائيلي أمام إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وسيطرته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، فضلاً عن تقويض عمل منظمات الإغاثة الإنسانية، ووكالات الأمم المتحدة، بل استهداف عدد كبير من موظفي الأمم المتحدة وأجهزتها الرسمية، وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).

مشهد من طهران بعد عدة انفجارات إثر موجات هجومية من إسرائيل (أ.ف.ب)

وأدانت مصر، أخيراً، إعلان إسرائيل مصادرة الأرض المقام عليها مقر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بمدينة القدس، وتحويل موقعها إلى بؤرة استيطانية جديدة.

وطالبت مجلس الأمن الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين، داعية كل أطراف المجتمع الدولي إلى دعم الوكالة الأممية، في ظل الهجمة التي تواجهها من الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف متحدث الخارجية والهجرة المصرية، الأحد، أن وزير الخارجية استعرض خلال الاتصال الهاتفي مع نظيره الفلسطيني، المساعي «المصرية-القطرية-الأميركية» لوقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الرهائن والأسرى، وتطرّق إلى الوضع الخطير بالضفة الغربية، في ظل الانتهاكات والتجاوزات الإسرائيلية الممنهجة، حيث أدان الاعتداءات الإسرائيلية على مدن ومخيمات الضفة الغربية، ومحاولات شرعنة وتوسيع البؤر الاستيطانية داخلها، بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، مشدداً على أهمية اضطلاع أطراف المجتمع الدولي كافة بدور فاعل في دعم أنشطة الـ«أونروا» المساندة للاجئين الفلسطينيين.


مقالات ذات صلة

مصر تدعو الأطراف الدولية للدفع بقوة باتجاه وقف النار في غزة ولبنان

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل في القاهرة مانفريد فيبر رئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي (الرئاسة المصرية)

مصر تدعو الأطراف الدولية للدفع بقوة باتجاه وقف النار في غزة ولبنان

طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بضرورة تضافر جميع جهود الأطراف الدولية، للدفع بقوة في اتجاه التهدئة ووقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لـ«حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي: اعتقال نحو 100 من «حماس» في مستشفى بشمال غزة

قال الجيش الإسرائيلي اليوم (الاثنين) إن جنوده اعتقلوا نحو 100 من المشتبه في انتمائهم لحركة «حماس» خلال مداهمة لـ«مستشفى كمال عدوان» في غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث إلى الصحافيين في نيويورك سبتمبر الماضي (د.ب.أ)

الرياض تحتضن اجتماعاً رفيعاً لتحالف «حل الدولتين»

تحتضن الرياض يومَي الأربعاء والخميس المقبلين، اجتماعاً رفيع المستوى للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين، يضم دبلوماسيين ومبعوثين من دول عدة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج وزيرا خارجية السعودية واليابان يبحثان المستجدات في غزة والجهود المبذولة بشأنها

وزيرا خارجية السعودية واليابان يبحثان المستجدات في غزة والجهود المبذولة بشأنها

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاثنين، اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية اليابان إيوايا تاكيشي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ تمثال ذهبي لترمب على هيئة بطل خارق خلال تجمع لأنصاره بفلوريدا في 27 أكتوبر 2024 (رويترز)

السياسة الخارجية في عهدة ترمب... هز الثوابت في العالم مجدداً؟

في ظل احتمالات فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات، فإن المخاوف تزداد من قدرته على هز الثوابت والقواعد في السياسة الخارجية الأميركية.

هبة القدسي (واشنطن)

زلازل إثيوبيا المتكررة تثير قلقاً مصرياً بشأن سلامة «سد النهضة»

جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)
جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)
TT

زلازل إثيوبيا المتكررة تثير قلقاً مصرياً بشأن سلامة «سد النهضة»

جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)
جانب من إنشاءات «سد النهضة» (أ.ف.ب)

مع ازدياد وتكرار النشاط الزلزالي في إثيوبيا، تسود مخاوف مصرية بشأن إجراءات الأمن والسلامة المطبقة في «سد النهضة» الإثيوبي، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، والذي يثير توترات مع دولتي المصب (مصر والسودان).

وطالب خبراء مصريون، أديس أبابا، بضرورة عمل دراسات جيولوجية شاملة للمنطقة المحيطة بالسد، مؤكدين أن النشاط الزلزالي زاد بصورة غير مسبوقة في إثيوبيا خلال السنوات الأخيرة، ما يتطلب الانتباه، وإن كان لا يزال بعيداً عن محيط السد.

وتقيم إثيوبيا السد منذ عام 2011، بداعي إنتاج الكهرباء. وتطالب مصر والسودان بإبرام «اتفاق قانوني ملزم» ينظم قواعد ملء وتشغيل «السد»، بما يؤمن حصتيهما من مياه النيل، فضلاً عن تجنب أضرار بيئية واقتصادية أخرى، لكن المفاوضات بين الأطراف الثلاثة لم تنجح في الوصول إلى ذلك الاتفاق على مدار السنوات الماضية.

جانب من آخر جولة مفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن نزاع السد - العام الماضي (وزارة الري المصرية)

وشهدت إثيوبيا مساء السبت، زلزالاً بقوة 5 درجات على مقياس ريختر، وهو الزلزال التاسع خلال شهر، والسادس والعشرون خلال العام الحالي، وفق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي.

ويقول شراقي، في منشور له بموقع «فيسبوك»، إن النشاط الزلزالي «ازداد في إثيوبيا بصورة غير مسبوقة خلال السنوات الثلاث الأخيرة»، لافتاً إلى أن «متوسط النشاط الزلزالي في إثيوبيا كان نحو 6 زلازل في العام، لكنه وصل إلى 12 في عام 2022، و38 في 2023، وبلغ عدد الزلازل في العام الحالي 26 زلزالاً حتى الآن».

وبشأن معدل الأمان بـ«سد النهضة» مع تكرار الزلازل في إثيوبيا، قال شراقي لـ«الشرق الأوسط»: «من المهم وجود دراسات جيولوجية حديثة تتابع زيادة معدلات النشاط الزلزالي في إثيوبيا».

وبحسب شراقي، فإنه «توجد دراسات جيولوجية قديمة للمنطقة، تم على أساسها تحديد مواصفات فنية للسد، ولم تلتزم بها إثيوبيا أيضاً، ورفضت كل التقارير والخطط التي وضعها خبراء دوليون، ومنها خطة المكتب الاستشاري الفرنسي عام 2018».

وكشف شراقي أن مواصفات ومعدلات أمان «سد النهضة» قضية مثارة من قبل بدء إنشائه، فما بين عامي 1958 و1964 أجرى مكتب الاستصلاح الأميركي دراسات بطلب من حكومة أديس أبابا، وضع خلالها مواصفات السد الذي كان يسمى حينها «سد الحدود»، لأنه على الحدود السودانية، وكان من بين هذه المواصفات التي وضعت بسبب الطبيعة الزلزالية للمنطقة ألا يتجاوز حجم تخزين المياه خلف السد 11.1 مليار متر مكعب، لكن إثيوبيا تجاهلت كل الدراسات، ووصل تخزين السد إلى 64 مليار متر مكعب.

وسبق أن اتفقت مصر والسودان وإثيوبيا عام 2011 على تشكيل «لجنة دولية» لتقييم مشروع «سد النهضة»، ضمت في عضويتها خبيرين من السودان، وخبيرين من مصر، و4 خبراء دوليين في مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية والأعمال الهيدرولوجية والبيئية والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود، من ألمانيا وفرنسا وجنوب أفريقيا.

وفي مايو (أيار) 2013، خلصت اللجنة الدولية في تقريرها الشامل إلى أن «إنشاء (السد) يحتاج إلى مزيد من الدراسات من جانب الحكومة الإثيوبية لمنع الآثار السلبية»، وأبدت اللجنة حينها عدداً من التحفظات، منها «تحفظات تتعلق بسلامة السد، وتأثير قلة تدفق المياه على دولتي المَصب».

في السياق ذاته، دعا أستاذ الاستشعار عن بعد بجامعة تشابمان الأميركية الدكتور هشام العسكري، إلى ضرورة «إجراء دراسات جيولوجية شاملة للمنطقة المحيطة بسد النهضة، وتقييم دوري لسلامته».

وأضاف العسكري، في مداخلة تلفزيونية مساء الأحد: «الزلازل التي وقعت في إثيوبيا مؤخراً تبعد نحو 500 كيلومتر عن سد النهضة، لكن هذا لا يعني أن السد في مأمن من الخطر، خصوصاً أن منطقة الفالق الأفريقي تشهد نشاطاً زلزالياً مزداداً».

وسبق أن طالبت القاهرة، الجانب الإثيوبي، بتقديم «دراسات فنية تفصيلية» بشأن «السد»، ومعاملات الأمان المتعلقة بالإنشاءات والتشغيل. وحذر وزير الموارد المائية والري المصري، الدكتور هاني سويلم، خلال «المنتدى العالمي العاشر للمياه» الذي عقد بإندونيسيا في مايو (أيار) الماضي، الجانب الإثيوبي، من مخاطر «الاستمرار في بناء (السد) دون تقديم دراسات فنية تفصيلية حول آثاره البيئية والاقتصادية على دول المَصب».

ويرى المستشار الأسبق لوزير الري المصري خبير الموارد المائية الدكتور ضياء الدين القوصي، ضرورة إجراء دراسات جيولوجية حديثة ومتابعة مستمرة للنشاط الزلزالي في المنطقة المحيطة بسد النهضة.

وقال القوصي لـ«الشرق الأوسط»: «رغم بعد المسافة بين مراكز الزلازل التي حدثت مؤخراً في إثيوبيا، والسد، فإن الخطر ما زال قائماً، حيث يمكن أن يتسبب السد نفسه بكمية المياه المخزنة في نشاط زلزالي، إذ يمكن لتسرب المياه بين الشقوق الصخرية أن يؤدي لاهتزاز القشرة الأرضية، خصوصاً مع وجود فالق أرضي، لذا فإن السد ليس بعيداً عن مخاطر الزلازل، ومن الممكن أن يحدث زلزال قريب منه».