«اجتماع الدوحة»... مساعٍ لـ«اختراق» جمود «هدنة غزة» بـ«صفقة مصغرة»

مصر بحثت مع وفدين من «حماس» و«الشاباك» استئناف المحادثات

أشخاص يحملون جثة فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
أشخاص يحملون جثة فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع الدوحة»... مساعٍ لـ«اختراق» جمود «هدنة غزة» بـ«صفقة مصغرة»

أشخاص يحملون جثة فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
أشخاص يحملون جثة فلسطيني قُتل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

لقاءات بالقاهرة مع «حماس» و«الموساد» تستبق اجتماعاً بالدوحة لاستئناف مفاوضات الهدنة في غزة، لبحث وقف إطلاق النار في القطاع بعد جمود بالمحادثات استمر منذ أغسطس (آب) الماضي، وسط ترحيب نادر من رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بالجهود المصرية.

خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، يرون أن ذلك المشهد يحمل تفاؤلاً حذراً بشأن إتمام «صفقة مصغرة»، يعززها ترحيب «مشكوك في جديته» من نتنياهو. واختلفت آراء الخبراء بشأن أن تتم تلك الصفقة قبل الانتخابات الأميركية أو بعدها، وسط تقدير بأن مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي مع المرشح الجمهوري دونالد ترمب قد تعوق إتمام الصفقة قبل ذلك السباق المرتقب في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في واشنطن، حتى لا يمنح كامالا هاريس مكسباً انتخابياً.

وبعد جمود نحو شهرين، أشارت «هيئة البث» الإسرائيلية، الجمعة، إلى أن العاصمة القطرية الدوحة تستأنف، الأحد، المفاوضات الهادفة لإبرام صفقة تبادل رهائن وأسرى، غداة إعلانات أميركية - قطرية تؤكد ذلك المسار، ولقاءات بالقاهرة تحرك المياه الراكدة بالمحادثات مع وفدين من «حماس» وإسرائيل.

وتوقع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في مؤتمر صحافي، الخميس، بالدوحة، أن «يتناول الاجتماع عند استئنافه إعادة الرهائن ووقف إطلاق النار بغزة»، وهو ما أكده أيضاً رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بالمؤتمر ذاته، قائلاً إنه «سيزور وفد تفاوضي أميركي وآخر إسرائيلي الدوحة لبحث سبل إيجاد اختراق في مفاوضات غزة»، مشدداً على أن «الفرص متاحة لاتفاق، حالة وجود قابلية للأطراف (حماس وإسرائيل) لإنهاء الحرب».

امرأة تساعد صبياً على كرسي متحرك في حين كان فلسطينيون نازحون يفرون وسط عملية عسكرية إسرائيلية في جباليا (رويترز)

في حين ذكرت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، نقلاً عن مصدر أمني مسؤول، لم تسمه، أن وفداً أمنياً مصرياً التقى وفداً من قادة حركة «حماس» في القاهرة، بجانب لقاء ثانٍ مع رئيس «الموساد»، دافيد برنياع، ووفد من «الشاباك»، وذلك في إطار جهود استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.

أستاذ العلوم السياسية، رئيس وحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بـ«المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط»، الدكتور طارق فهمي، يعد اجتماع الدوحة «بمثابة استئناف للمفاوضات»، مؤكداً أن الجانب المصري بتلك اللقاءات حريص على استكمال مساعيه الجادة لإنجاح الوساطة وخفض التصعيد بالمنطقة.

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، في أن تلك اللقاءات التي تحرص عليها مصر دائماً والاجتماع المرتقب في الدوحة «إحياء للمفاوضات المجمدة» منذ أسابيع.

وكان رئيس «الشاباك»، رونين بار، في زيارة للقاهرة، الأحد الماضي، موفداً من نتنياهو، وفق ما أفادت «هيئة البث» الإسرائيلية وقتها، لافتة إلى أن بار طرح أمام «الكابينت» (المجلس الوزاري المصغر) مقترح صفقة إسرائيلية تشمل وقفاً محدوداً لإطلاق النار، مقابل إطلاق سراح محتجزين، دون انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، بعد مناقشته مع الجانب المصري الذي لم يصدر عنه أي تعقيب رسمي حتى الآن بشأن اللقاء.

والجمعة، أفادت «القناة الإسرائيلية 12» بأن مكتب نتنياهو أبلغ عائلات الأسرى بأن هناك محاولات لـ«تحريك صفقة صغيرة» تشمل إطلاق سراح محتجزين، مقابل أسبوعين من وقف إطلاق النار، معتبرة ذلك «نوعاً من إظهار الجدية في التوصل لاتفاق».

وفي هذا الصدد، يرجح فهمي أن «يركز اجتماع الدوحة على ملفات جزئية تشمل إتمام صفقة محتجزين محدودة مقابل وقف إطلاق النار وبدء إجراءات سياسية وأمنية للتنفيذ».

في حين يشير الرقب إلى أن المطروح حالياً «صفقة مصغرة» تشمل إما تبادل بعض من مزدوجي الجنسية، مقابل هدنة إنسانية ووقف إطلاق نار بالقطاع، أو تبادل جثامين فلسطينيين بينهم يحيى السنوار بأخرى لجنود إسرائيليين، متوقعاً أن «تكون الأولوية لمزدوجي الجنسية خلال هذه المرحلة».

فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

طرفا هذه الحرب، لم يضعا شروطاً قبل انطلاق المفاوضات، وأصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بياناً، الخميس، يؤكد فيه أن نتنياهو يرحب باستعداد مصر للدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة، وأصدر تعليماته لرئيس «الموساد» بالتوجه إلى العاصمة القطرية الدوحة، وحشد الدعم لسلسلة من المبادرات، دون أن يوضح تفاصيلها.

وأفادت قناة «الأقصى» التابعة لـ«حماس» بأن وفد الحركة برئاسة خليل الحية، وصل إلى القاهرة للقاء اللواء حسن رشاد، مدير المخابرات العامة المصرية.

وأعلن مسؤول في «حماس» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم نشر اسمه، أنّ «وفداً قيادياً من الحركة وصل الخميس إلى القاهرة حيث اجتمع مع المسؤولين المصريين، وتمت مناقشة أفكار واقتراحات (لم يكشفها) تتعلق باستئناف المفاوضات»، مشدداً على أنّ «(حماس) أبدت جاهزية لوقف النار، لكن المطلوب التزام إسرائيل بوقف النار والانسحاب من القطاع وعودة النازحين، وصفقة جادة لتبادل الأسرى وإدخال المساعدات».

خيام تؤوي نازحين في منطقة المواصي بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وبرأي الدكتور طارق فهمي، فإن «ترحيب نتنياهو يجب أخذه بحذر؛ لأن المطلوب لإنجاح الجولة الجديدة من المفاوضات ترجمة الأقوال لأفعال»، مؤكداً أن الجميع له أهداف ومصالح في تمرير هذه «الصفقة المصغرة»، أولهم الإدارة الأميركية التي تعتقد أنها ستجني مكاسب انتخابية إذا ما تمت صفقة محدودة، وستحصدها المرشحة الديمقراطية هاريس أمام ترمب.

وإسرائيل هي الأخرى لها مصلحة في إتمام الصفقة إن «كان نتنياهو جاداً، في ظل حرصها على الانتباه لجبهة لبنان، بعدما أنجزت عمليات كبرى بتقديراتها في غزة كان أبرزها مقتل السنوار»، وفق فهمي.

وبالنسبة لـ«حماس»، فإنها قدمت رؤى خلال وجودها بمصر الخميس والجمعة، وفي الأغلب ستتجاوب مع مساعي مصر، وستستكمل تفاصيل أخرى بشأن المحادثات في الدوحة، بحسب فهمي الذي لفت إلى أن «الحركة ليست لديها خيارات كثيرة، وكانت مرجعيتها قبل السنوار وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من القطاع، وسننتظر إمكانية قبولها بانسحابات جزئية مع المساعي الجديدة».

وأبدى فهمي تفاؤلاً حذراً بشأن إمكانية إبرام «صفقة مصغرة» الفترة المقبلة، خصوصاً قبل الانتخابات الأميركية، في مقابل استبعاد الرقب إتمامها قبل تلك الانتخابات، معتبراً أن طرحها في تلك الأيام «يحمل تضليلاً أميركياً وإسرائيلياً، وليست هناك جدية لإتمامها قريباً».

ويقلل الرقب من ترحيب نتنياهو، قائلاً: «من قبل كان يرحب بجهود الرئيس جو بايدن ولم يستجب له»، مستبعداً في ظل تحالفه مع ترمب وتأكيد الأخير تواصله المستمر معه، أن يخل بدعمه له ويعطي مكسباً انتخابياً لهاريس في السباق الانتخابي؛ ولذا يتوقع أن يواصل نتنياهو شراء الوقت وكسبه بالجلوس للمفاوضات، وتكرار ما كان يفعله سابقاً من شروط جديدة وتعنت حتى يمر يوم الانتخابات، لافتاً إلى أنه في حالة قبول «صفقة مصغرة» لأي سبب، فإن «(حماس) لن تشترط انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من القطاع، وقد تقبل بانسحابات جزئية، مقابل زيادة إدخال المساعدات ووقف إطلاق النار وعدد من الرهائن».


مقالات ذات صلة

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي مساعدات الطعام وسط أزمة الجوع مع استمرار الحرب في جنوب قطاع غزة (رويترز)

تنديد أممي بالسرقة «المنظمة» للمساعدات الإنسانية لغزة

ندّد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة اليوم (الثلاثاء) بسرقة المساعدات الإنسانية في غزة، معتبرا أن هذه الظاهرة «أصبحت منظّمة ويجب أن تتوقف».

«الشرق الأوسط» (غزة)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.