التحديات المائية في أفريقيا تتصدر محادثات مصرية - أوغندية

القاهرة أكدت أهمية «عدم الإضرار» بدول حوض النيل

منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)
منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)
TT

التحديات المائية في أفريقيا تتصدر محادثات مصرية - أوغندية

منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)
منظر يظهر بنايات أثرية على نيل أسوان جنوب مصر (محافظة أسوان)

محادثات مصرية أوغندية هيمنت عليها التحديات المائية في أفريقيا، والتعاون بين دول حوض النيل، في ظل توترات تتصاعد بين القاهرة وأديس أبابا زاد من وتيرتها تفعيل اتفاقية «عنتيبي»، على غير رغبة مصر، التي طالبت بمراجعتها حفاظاً على حقوقها المائية المقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب.

وأكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن تحركات مصر مع أوغندا، إحدى الدول الموقعة على اتفاقية «عنتيبي»، تأتي ضمن مسار تعزيز التعاون لمجابهة التحديات المائية والتوصل لتفاهمات تتفق مع القانون الدولي ولا تضر بأحد، وضمن سياسة مصر الخارجية لحضور قوي ومؤثر في مختلف المجالات بالقارة السمراء، وأشاروا إلى أن تلك التحركات يعززها إنشاء القاهرة «صندوق استثمارات» بين دول حوض النيل، مما يفتح الباب لتدشين مرحلة جديدة من الشراكة البناءة التي تحقق مصالح الجميع.

ولمصر تاريخ من التعاون مع أوغندا، منها تنفيذ مشروع درء مخاطر الفيضان في أغسطس (آب) 2018 بمنحة مصرية قدرها 2.7 مليون دولار، وتوقيع اتفاقية استخباراتية أمنية في أبريل (نيسان) 2021، وفي مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع قائد قوات الدفاع الشعبية بأوغندا موهوزي موسيفيني، جهود التنمية بين دول القارة الأفريقية، لا سيما دول حوض النيل وعلى مستوى القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.

وأجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأوغندي، جيجي أودونجو، وذلك بهدف «بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين والتشاور حول عدد من القضايا الإقليمية التي تهم القارة الأفريقية»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية»، الخميس.

ونقل الوزير عبد العاطي لنظيره الأوغندي «حرص مصر على مزيد من تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية وبما يعود بالنفع والفائدة على البلدين والشعبين الشقيقين».

وتم خلال الاتصال التشاور وتبادل الرؤى بين الوزيرين «حيال عدد من القضايا التي تهم البلدين وخاصة في ظل التحديات التي تواجهها القارة الأفريقية، والدور المحوري الذي تضطلع به الدولتان لدعم السلم والأمن والاستقرار بالقارة».

السيسي خلال استقبال قائد قوات الدفاع الشعبية بأوغندا موهوزي موسيفيني في القاهرة أخيراً (الرئاسة المصرية)

علاقات مصر وأوغندا، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير صلاح حليمة، ممتدة في أكثر من مسار في إطار تعاون مائي وأمني، يشمل تناول التحديات بالقارة، وبحث تعظيم فرص التعاون بما يحقق المصالح المشتركة، لافتاً إلى أن المحادثات الأخيرة في ذلك الإطار.

ويعتقد الخبير في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أن تواصل مصر وأوغندا يأتي في إطار ملفات مهمة مرتبطة بالتحديات المائية بالقارة لا سيما بين دول حوض النيل والمهددات الأمنية التي تشهدها أفريقيا، لافتاً إلى أن هذا التواصل «تأكيد على الحضور المصري المؤثر والذي لو كان مبكراً على السنوات العشر الأخيرة، لما كانت وقعت اتفاقية (عنتيبي) ولا صار (سد النهضة) الإثيوبي تهديداً للقاهرة».

كما تناول الوزير المصري عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع أودونجو، إعلان مصر الأربعاء «إطلاق آلية استثمارية لدعم التنمية في دول حوض النيل لدعم المشروعات التنموية ومشروعات البنية التحتية والمشروعات المائية في دول حوض النيل الجنوبي والعمل بالتوازي على جذب التمويل الأجنبي لهذه الآلية»، مؤكداً «أهمية التوافق والشمولية وعدم إحداث ضرر لتعزيز أسس التعاون بين دول حوض النيل».

وأعلنت الحكومة المصرية في بيان صحافي، الأربعاء، أن مجلس الوزراء وافق على اعتماد مقترح بشأن قيام الدولة المصرية بتأسيس آلية تخصص لتمويل دراسة وتنفيذ المشروعات التنموية والبنية الأساسية بدول حوض النيل؛ وذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسي في هذا الشأن.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء المصري، محمد الحمصاني، الأربعاء، فإن «الآلية تهدف إلى تحقيق التنمية على أساس المشاركة والتعاون بين مصر وأشقائها في دول حوض النيل من خلال تعزيز الاستثمار في المشروعات التنموية ومشروعات البنية الأساسية في هذه الدول، معتمدة على ميزانية الدولة المصرية، والشراكة مع القطاع الخاص المصري، والشراكة مع الأشقاء في دول حوض النيل، وشركاء القارة الأفريقية من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية».

وتلك الآلية، باعتقاد صلاح حليمة، تستهدف تعظيم السياسة المصرية المتبعة في أفريقيا، بدعم مسار التعاون مع دول حوض النيل لتجاوز أي خلافات، لافتاً إلى أن مسار التعاون في إطار ثنائي أو متعدد أحد ثوابت مصر بالقارة الأفريقية في إطار احترام القوانين والمواثيق الدولية.

وبالإمكان أن تكون محادثات مصر وأوغندا التي تعد إحدى أهم دول اتفاقية عنتيبي ضمن المساعي المصرية لإعادة التفاوض عليها بما يضمن حقوق دول المنبع والمصب، وفق حليمة.

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

ويضم حوض نهر النيل 11 دولة أفريقية بين دول المنبع: (بوروندي، والكونغو، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا، وإريتريا، وجنوب السودان)، فضلاً عن دولتي المصب (مصر والسودان)، وسط تجاذبات تقودها أديس أبابا تجاه اتفاقيات المياه التاريخية، وظهر ذلك بصورة جلية بعد بناء إثيوبيا «سد النهضة»، قبل نحو عقد، والحديث عن اتفاقيات ما تسميها «الحقب الاستعمارية» والدعوة لتعديلها أو إلغائها.

وتُعارض مصر والسودان اتفاقية «عنتيبي»، وتتمسّكان باتفاقيات 1902 و1929 و1959 التي ترفض الإضرار بدول المصب، وتُقرّ نسبة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، وترفض أي مشروع مائي بمجرى النيل يُلحق أضراراً بالأمن المائي.

لذا المحادثات المصرية - الأوغندية التي شهدت بحث آلية الاستثمارات بين دول حوض النيل، وفق تورشين بمثابة «تدشين لمرحلة جديدة من التعاون، خاصة وكمبالا إحدى أهم عواصم دول حوض النيل، وستسعى القاهرة لتوسعة تلك المحادثات مع دول أخرى بالحوض في مسعى لمنع أي تهديد بشأن الأمن المائي».

وبخلاف ملف نهر النيل، الذي تسعى مصر لإيجاد صيغة توافقية تحترم القانون الدولي، فهناك المسار الاقتصادي بأفريقيا الذي سيكون إحدى أهم نقاط التعاون الفترة المقبلة الذي تعتمد عليه القاهرة للاستمرار في استعادة دورها التاريخي بالقارة والتغلب على تهديدات محتملة، بحسب تورشين.


مقالات ذات صلة

أكثر من 100 قتيل في «هجوم إرهابي» شمال بوركينا فاسو

أفريقيا استمرت الهجمات المسلحة في بوركينا فاسو على الرغم من وعود الجيش بالتصدي للتمرد (غيتي)

أكثر من 100 قتيل في «هجوم إرهابي» شمال بوركينا فاسو

قال عامل في منظمة غير حكومية وسكان محليون إن أكثر من 100 شخص قتلوا في هجوم شنه مسلحون متشددون في شمال بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» ( باماكو)
أفريقيا امرأة تقف أمام منزلها الذي غمرته المياه بعد هطول أمطار غزيرة  في مقديشو... السبت 10 مايو 2025 (أ.ب)

فيضانات في مقديشو تودي بـ7 أشخاص

قضى 7 أشخاص على الأقل جرّاء فيضانات مُدمِّرة ضربت العاصمة الصومالية مقديشو، ليلاً، وفق ما أفاد مسؤولون في الحكومة المحلية.

«الشرق الأوسط» (مقديشو )
أفريقيا لقطة من لقاء رئيس جمهورية الصومال حسن شيخ محمود بالعاصمة مقديشو مع قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا - أفريكوم» الجنرال مايكل لانغلي (متداولة)

الرئيس الصومالي يلتقي قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا»

التقى رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، حسن شيخ محمود، بالعاصمة مقديشو، قائد «القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)» الجنرال مايكل لانغلي.

العالم العربي الرئيس الصومالي حسن شيخ خلال أعمال منتدى التشاور الوطني في مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

غيابات «المجلس الاستشاري» تعمق أزمة الانتخابات بالصومال

التئام المجلس الاستشاري الوطني في الصومال دون حضور زعيمي «بونتلاند» و«غوبالاند»، يفتح تساؤلات حول انعكاسات ذلك على «الانتخابات المباشرة» التي تشهدها البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس الصومالي يترأس اجتماعا سابقاً لـ«المجلس الاستشاري الوطني» في العاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

اجتماع «المجلس الاستشاري» الصومالي... مساعٍ لإنهاء «أزمة الانتخابات»

تترقب الأوساط السياسية مخرجات اجتماع لـ«المجلس الاستشاري الوطني» الصومالي، الذي يعد أعلى سلطة سياسية بالبلاد، في وقت مفصلي في الحرب مع حركة «الشباب» الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر: متشدد يسلم نفسه... واعتقال 9 بشبهة الإرهاب

توقيف مهرب ومصادرة مخدرات (وزارة الدفاع)
توقيف مهرب ومصادرة مخدرات (وزارة الدفاع)
TT

الجزائر: متشدد يسلم نفسه... واعتقال 9 بشبهة الإرهاب

توقيف مهرب ومصادرة مخدرات (وزارة الدفاع)
توقيف مهرب ومصادرة مخدرات (وزارة الدفاع)

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، الأربعاء في بيان، عن الحصيلة العملياتية للجيش خلال المدة من 7 إلى 13 مايو (أيار) 2025، حيث نفذت وحدات من الجيش مهام ميدانية في إطار مكافحة الإرهاب ومحاربة الجريمة المنظمة والتصدي للهجرة غير النظامية، عبر مختلف مناطق البلاد.

ففي إطار سياسة مكافحة الإرهاب، سلّم إرهابي يسمى بن مخطاري موسى، ويكنى «أبو ياسين»، نفسه إلى السلطات العسكرية في برج باجي مختار جنوب البلاد، وكان بحوزته 4 أسلحة نارية وكمية من الذخيرة وأغراض أخرى، وفق البيان نفسه، الذي أشار أيضاً إلى توقيف 9 أشخاص بشبهة «دعم الجماعات الإرهابية خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني».

وعن جهود محاربة الجريمة المنظمة، ذكر البيان أنه جرى توقيف 50 تاجر مخدرات، وإحباط محاولات لتهريب 2.80 قنطار من المخدرات عبر الحدود. كما ضُبط 1.86 كيلوغرام من الكوكايين، وأكثر من 830 ألف قرص مخدر، في مناطق عدة بالبلاد.

وأفاد بيان وزارة الدفاع بأن عمليات الجيش خلال المدة نفسها، أسفرت عن توقيف 270 شخصاً في ولايات الجنوب الكبرى، من بينها تمنراست وبرج باجي مختار وعين صالح وعين قزام وجانت، إلى جانب حجز 33 مركبة، و250 مولداً كهربائياً، و124 مطرقة ضغط، و3 أجهزة كشف عن المعادن وكميات كبيرة من خليط خام الذهب والحجارة والمتفجرات ومعدات تفجير وتجهيزات تُستعمل في عمليات التنقيب غير القانوني عن الذهب، وفق البيان ذاته.

كما جرى أيضاً توقيف 14 شخصاً، وحجز مسدس آلي، و11 بندقية صيد، ومصادرة 77.760 ألف لتر من الوقود، و60 قنطاراً من مادة التبغ، و17.2 طن من المواد الغذائية الموجهة للتهريب والمضاربة، «خلال عمليات متفرقة عبر ولايات عدة».

من جهة أخرى، أحبط حراس السواحل محاولات عدة للهجرة غير النظامية خلال الأسبوع الثاني من الشهر الحالي، وقد أُنقذَ 203 أشخاص كانوا على متن قوارب تقليدية الصنع، فيما أُوقفَ 1049 مهاجراً غير نظامي من جنسيات مختلفة «في عمليات متفرقة على المستوى الوطني».

وتعكس هذه الحصيلة، وفق البيان العسكري، «الجهود المتواصلة التي تبذلها وحدات الجيش الوطني الشعبي في سبيل الحفاظ على الأمن والاستقرار عبر كامل التراب الوطني، والتصدي بمهنية عالية لمختلف أشكال التهديدات التي تمس بالوطن والمواطن».