الجزائر وموريتانيا تبحثان أمن الحدود والتغيرات السياسية بالمنطقة

في ظل التطورات بمنطقة الساحل وتحركات «فاغنر» في مالي والنيجر

من زيارة سابقة لرئيس أركان الجيش الموريتاني السابق إلى الجزائر مطلع 2021 (وزارة الدفاع الجزائرية)
من زيارة سابقة لرئيس أركان الجيش الموريتاني السابق إلى الجزائر مطلع 2021 (وزارة الدفاع الجزائرية)
TT

الجزائر وموريتانيا تبحثان أمن الحدود والتغيرات السياسية بالمنطقة

من زيارة سابقة لرئيس أركان الجيش الموريتاني السابق إلى الجزائر مطلع 2021 (وزارة الدفاع الجزائرية)
من زيارة سابقة لرئيس أركان الجيش الموريتاني السابق إلى الجزائر مطلع 2021 (وزارة الدفاع الجزائرية)

يبحث رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، اليوم الثلاثاء، في نواكشوط مع المسؤولين العسكريين الموريتانيين قضايا أمن الحدود والدفاع، وتهديدات الإرهاب بالمنطقة، والتحولات الأمنية والسياسية التي تشهدها دول جنوب الصحراء، حيث تجري تحالفات جديدة بين الأنظمة المحلية ومجموعات «فاغنر» الروسية.

الرئيسان تبون وولد الغزواني خلال حفل تدشين المعبر الحدودي (الرئاسة الجزائرية)

وأفادت وزارة الدفاع الجزائرية، الثلاثاء في بيان، بأن شنقريحة بدأ في اليوم نفسه زيارة إلى جمهورية موريتانيا الإسلامية، «بدعوة من الفريق المختار بله شعبان، قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية»، مشيراً إلى أنها «ستبحث تعزيز التعاون بين الجيش الوطني الشعبي، والقوات المسلحة الموريتانية، والمسائل ذات الاهتمام المشترك».

ولم يذكر بيان «الدفاع» الجزائرية تفاصيل أخرى عن الزيارة، فيما يرجح مراقبون أنها متصلة بالتطورات، التي تعرفها منطقة الساحل التي تنتمي إليها موريتانيا والجزائر، في ضوء التحركات اللافتة لمجموعات «فاغنر» المسلحة في مالي والنيجر، حيث تقدم دعم فنياً عسكرياً للحكام العسكريين من أجل حسم معارك سياسية، ومواجهات مسلحة مع تنظيمات المعارضة المحلية، وأيضاً فك الارتباط مع دول غربية، تملك نفوذاً في المنطقة، خصوصا فرنسا التي غادرت قواتها المسلحة منطقة الساحل خلال العامين الأخيرين.

الرئيسان الجزائري والموريتاني يعطيان إشارة انطلاق منطقة التبادل الحرّ بتندوف (الرئاسة الجزائرية)

وعدت الجزائر نفسها «مستهدفة» من التغييرات الأمنية التي تجري بالمنطقة منذ أشهر، وأن أمنها القومي «بات مهدداً من لاعبين جدد في الجوار»، يحملون، حسبها، «أجندات أجنبية عن المنطقة، الهدف منها ضرب استقرار بلدان بعينها».

وتدهورت علاقة الجزائر بباماكو منذ بداية 2024، إثر قرار السلطة العسكرية إلغاء «اتفاق السلام»، الذي أشرفت عليه الجزائر منذ التوقيع عليه فوق أرضها قبل 2015 بين الحكومة والتنظيمات الطرقية المسلحة، التي تطالب بانفصال الشمال الحدودي مع الجزائر. كما تأثرت علاقتها مع نيامي بشكل كبير، وذلك على خلفية تسيير موجات الهجرة غير الشرعية، التي تنطلق من النيجر إلى الجزائر.

وبات التعاون الأمني بين الجزائر وموريتانيا مطروحاً بشكل أكثر حدة، منذ إطلاق منطقة للتبادل الحر، وفتح معبرين حدوديين بغرض التجارة في تندوف جنوب غربي الجزائر، مطلع العام الحالي. وشهدت الحدود حركة نشطة للأفراد والسلع والبضائع في الاتجاهين، خصوصاً بعد إقامة «معرض للمنتجات الجزائرية» في نواكشوط مارس (آذار) الماضي.

يشار إلى أنه وقع خلاف حاد بين الجزائر ونواكشوط في 2016، إثر تشكيل وحدة عسكرية مشتركة بين دول «مجموعة الساحل 5» (بوركينافاسو ومالي والنيجر والجزائر وموريتانيا) للتنسيق الأمني والعسكري ضد الإرهاب في المنطقة، بسبب إقصاء الجزائر من هذه المبادرة التي تم إطلاقها في موريتانيا، علماً أن مقر «هيئة أركان» هذه المجموعة يوجد في مدنية تمنراست بأقصى جنوب الجزائر. لكن في نهاية العام نفسه عاد الحوار العسكري بين البلدين إلى ما كان عليه، بفضل وساطة تونسية، حسبما نقلت وسائل إعلام موريتانية يومها.


مقالات ذات صلة

اتفاق استخباري بين الجزائر وموريتانيا لتعزيز أمن الحدود

شمال افريقيا قائدا الجيشين الجزائري والموريتاني يوقعان على اتفاق استخباري بنواكشوط (وزارة الدفاع الجزائرية)

اتفاق استخباري بين الجزائر وموريتانيا لتعزيز أمن الحدود

الجزائر وموريتانيا توقعان على اتفاق تعاون وتنسيق في مجال الاستخبارات، توج مساراً طويلاً من التعاون وتبادل الخبرات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري هاجم اليمين الفرنسي بسبب ضغوط لإلغاء اتفاق الهجرة (الرئاسة)

الجزائر تتهم «متطرفين» في فرنسا بـ«محاولة تزييف الذاكرة»

هاجم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، «أوساطاً متطرفة (في فرنسا) تحاول تزييف ملف الذاكرة أو إحالته إلى رفوف النسيان»،

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)

رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون: «لن أذهب إلى (كانوسا)»؛ تعبيراً عن أن التوجه إلى فرنسا في الوقت الحالي يعدّ «استسلاماً» و«خضوعاً».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وفد الداخلية الجزائري المشارك في أشغال اجتماع وزراء «مجموعة الـ7» (الداخلية الجزائرية)

الجزائر تطلب من فرنسا «تحسين ظروف» رعاياها المهاجرين

ناشدت الجزائر السلطات الفرنسية «الاعتناء» بملايين المهاجرين الجزائريين، على أساس أنهم يعانون «التمييز والإسلاموفوبيا وخطاب الكراهية».

شمال افريقيا الوفد الجزائري خلل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

تعرف العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي احتقاناً حاداً منذ إلغاء باماكو بشكل أحادي «اتفاق المصالحة والسلام»، الذي وقعته مع المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي
TT

ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

ضجة «إلزامية الحجاب» في ليبيا... تعارض دستوري وصمت حكومي

تتصاعد ردود الفعل المتباينة بعد الضجّة الإعلامية التي أحدثتها تصريحات عماد الطرابلسي، وزير داخلية حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، المتعلقة بتوصية لفرض الحجاب على طلاب المدارس، وبينما التزمت الحكومة الصمت، عدّها متابعون «مخالفة للإعلان الدستوري الذي يضمن حرية الشخصية للمواطنين».

وكان الطرابلسي يتحدث في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي، عن تهريب الوقود، واسترسل باللهجة المحلية في قضايا فرعية، من بينها قوله: «سأتحدث مع السيد وزير التعليم ورئيس الوزراء لإصدار قرار بفرض الحجاب رسمياً؛ أما اللبس ما اللبس، وحرية ما حرية، طيري السما وروحي أوروبا، حريتك نعم لكن ما عايشة بروحك».

ورصد محللون عقبات دستورية وقانونية وسياسية محتملة تعترض تفعيل ما ذهب إليه الطرابلسي، بخصوص فرض الحجاب على طالبات المدارس، في بلد يعيش انقساماً سياسياً وتشريعياً حاداً.

ويرى فريق من الاختصاصيين الليبيين أن الطرابلسي «خالف الإعلان الدستوري»، وما تضمنه من حريات شخصية، ومنهم الباحث الليبي أحمد التواتي، وبالتالي لن تتوفر فرصة لتطبيق هذه التوصية.

ويستند هذا الفريق إلى مادة في الإعلان الدستوري تنص على أن «الدولة تصون حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وتسعى إلى الانضمام للإعلانات والمواثيق الدولية والإقليمية التي تحمي هذه الحقوق والحريات، وتعمل على إصدار مواثيق جديدة تكرم الإنسان بوصفه خليفة الله في الأرض».

وكان التواتي، أشار في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن نفوذ حكومة «الوحدة» يقتصر على المنطقة الغربية؛ لافتاً إلى أن الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حمّاد هي التي تدير المنطقة الشرقية ومناطق عدة في جنوب البلاد؛ وبالتالي فلن يتم تطبيق أي مما يريد الطرابلسي.

وعدّت «منظمة العفو الدولية» تصريحات الطرابلسي «تهديدات»، واصفة الحجاب الإلزامي بأنه «من بين إجراءات تشكل أيضاً انتهاكاً لالتزامات ليبيا بموجب القانون الدولي».

الطرابلسي خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي (وزارة الداخلية)

ورأت أن ما ذهب إليه الطرابلسي «يرسّخ التمييز ضد النساء والفتيات وينتقص من حقوقهن في حرية التعبير والدين والمعتقد والخصوصية الجسدية»، وذهبت إلى أن حديث الطرابلسي «قمع للحريات الأساسية باسم الأخلاق».

وعدّ جلال حرشاوي، الباحث المتخصص في الشؤون الليبية بالمبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، تصريحات الطرابلسي «مهمة ومثيرة للقلق»، ومع ذلك، يذكّر بأن وزير الداخلية سبق وأعلن عن «تغييرات كبيرة في وقت سابق من هذا العام، ولم يتحقق سوى قليل منها».

ولم يستبعد حرشاوي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، حدوث «تهديدات طارئة لمنصب الطرابلسي قد تعرقل تدابيره، في ضوء تفاعلات جديدة طرأت على مشهد التشكيلات المسلحة في العاصمة طرابلس».

وتصاعد الجدل في ليبيا بعد اقتراح الطرابلسي، «بإجبار النساء على الحصول على إذن من أولياء أمورهن الذكور (المَحارم) قبل السفر إلى الخارج».

كما أعلن عن خطط لإنشاء «شرطة الأخلاق لمراقبة الأماكن العامة وأماكن العمل والتفاعلات الشخصية، في انتهاك صارخ لخصوصية الأفراد واستقلاليتهم وحرية تعبيرهم».

وأثارت تصريحات الطرابلسي «تباينات» وردود فعل مختلفة على «السوشيال ميديا»؛ ما بين منتقد له، وداعم. كما هاجمته عضوة مجلس النواب الليبي، ربيعة أبو راس، داعية رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، إلى «مراجعة خطاب الوزير».

ويقول الباحث الليبي محمد محفوظ، إنه «لا اعتراض على الحجاب هدفاً سامياً، لكن الاختلاف على طريقة المعالجة»؛ مشيراً إلى أن هذه التوصية حال تطبيقها «قد تسبب ارتباكاً وفوضى».

وبجانب تخوفات دولية مما ذهب إليه الطرابلسي، دعت «منظمة العفو الدولية» حكومة «الوحدة الوطنية» إلى «إلغاء هذه الإجراءات القمعية المقترحة، وبدلاً من ذلك، التركيز على معالجة أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في البلاد، والتي تتسم بالاعتقال التعسفي الجماعي، والاختفاء القسري، والتعذيب».