يبحث رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، اليوم الثلاثاء، في نواكشوط مع المسؤولين العسكريين الموريتانيين قضايا أمن الحدود والدفاع، وتهديدات الإرهاب بالمنطقة، والتحولات الأمنية والسياسية التي تشهدها دول جنوب الصحراء، حيث تجري تحالفات جديدة بين الأنظمة المحلية ومجموعات «فاغنر» الروسية.
وأفادت وزارة الدفاع الجزائرية، الثلاثاء في بيان، بأن شنقريحة بدأ في اليوم نفسه زيارة إلى جمهورية موريتانيا الإسلامية، «بدعوة من الفريق المختار بله شعبان، قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية»، مشيراً إلى أنها «ستبحث تعزيز التعاون بين الجيش الوطني الشعبي، والقوات المسلحة الموريتانية، والمسائل ذات الاهتمام المشترك».
ولم يذكر بيان «الدفاع» الجزائرية تفاصيل أخرى عن الزيارة، فيما يرجح مراقبون أنها متصلة بالتطورات، التي تعرفها منطقة الساحل التي تنتمي إليها موريتانيا والجزائر، في ضوء التحركات اللافتة لمجموعات «فاغنر» المسلحة في مالي والنيجر، حيث تقدم دعم فنياً عسكرياً للحكام العسكريين من أجل حسم معارك سياسية، ومواجهات مسلحة مع تنظيمات المعارضة المحلية، وأيضاً فك الارتباط مع دول غربية، تملك نفوذاً في المنطقة، خصوصا فرنسا التي غادرت قواتها المسلحة منطقة الساحل خلال العامين الأخيرين.
وعدت الجزائر نفسها «مستهدفة» من التغييرات الأمنية التي تجري بالمنطقة منذ أشهر، وأن أمنها القومي «بات مهدداً من لاعبين جدد في الجوار»، يحملون، حسبها، «أجندات أجنبية عن المنطقة، الهدف منها ضرب استقرار بلدان بعينها».
وتدهورت علاقة الجزائر بباماكو منذ بداية 2024، إثر قرار السلطة العسكرية إلغاء «اتفاق السلام»، الذي أشرفت عليه الجزائر منذ التوقيع عليه فوق أرضها قبل 2015 بين الحكومة والتنظيمات الطرقية المسلحة، التي تطالب بانفصال الشمال الحدودي مع الجزائر. كما تأثرت علاقتها مع نيامي بشكل كبير، وذلك على خلفية تسيير موجات الهجرة غير الشرعية، التي تنطلق من النيجر إلى الجزائر.
وبات التعاون الأمني بين الجزائر وموريتانيا مطروحاً بشكل أكثر حدة، منذ إطلاق منطقة للتبادل الحر، وفتح معبرين حدوديين بغرض التجارة في تندوف جنوب غربي الجزائر، مطلع العام الحالي. وشهدت الحدود حركة نشطة للأفراد والسلع والبضائع في الاتجاهين، خصوصاً بعد إقامة «معرض للمنتجات الجزائرية» في نواكشوط مارس (آذار) الماضي.
يشار إلى أنه وقع خلاف حاد بين الجزائر ونواكشوط في 2016، إثر تشكيل وحدة عسكرية مشتركة بين دول «مجموعة الساحل 5» (بوركينافاسو ومالي والنيجر والجزائر وموريتانيا) للتنسيق الأمني والعسكري ضد الإرهاب في المنطقة، بسبب إقصاء الجزائر من هذه المبادرة التي تم إطلاقها في موريتانيا، علماً أن مقر «هيئة أركان» هذه المجموعة يوجد في مدنية تمنراست بأقصى جنوب الجزائر. لكن في نهاية العام نفسه عاد الحوار العسكري بين البلدين إلى ما كان عليه، بفضل وساطة تونسية، حسبما نقلت وسائل إعلام موريتانية يومها.