ليبيا تفكك شبكة لـ«ضلوعها» في الاتجار بالنساء دولياً

تضم 5 «منظمات إجرامية» من بينها «الفأس الأسود»

مهاجرات أفريقيات يتلقين المساعدات من السلطات الليبية بعد تسللهن إلى البلاد بطريقة غير شرعية (الشرق الأوسط)
مهاجرات أفريقيات يتلقين المساعدات من السلطات الليبية بعد تسللهن إلى البلاد بطريقة غير شرعية (الشرق الأوسط)
TT

ليبيا تفكك شبكة لـ«ضلوعها» في الاتجار بالنساء دولياً

مهاجرات أفريقيات يتلقين المساعدات من السلطات الليبية بعد تسللهن إلى البلاد بطريقة غير شرعية (الشرق الأوسط)
مهاجرات أفريقيات يتلقين المساعدات من السلطات الليبية بعد تسللهن إلى البلاد بطريقة غير شرعية (الشرق الأوسط)

اعتقل جهاز الاستخبارات الليبي تشكيلاً عصابياً متسللاً من نيجيريا، يتكون من 5 منظمات لاتهامه بـ«ممارسة إجرام منظم عابر للحدود، من بينه الاتجار بالنساء دولياً».

وقالت النيابة العامة الليبية، في وقت مبكر من صباح (الجمعة)، إن مأمور جهاز الاستخبارات «أمدهم بمعلومات دلَّت على اجتماع مهاجرين غير نظاميين لأغراض، منها تنسيق أنشطة غير قانونية تديرها منظمات إجرامية موسومة».

وهذه المنظمات بحسب النيابة، هي «فايكينج العليا، وإمسي، وإيّي، والفأس الأسود، وحركة السود الجديدة في أفريقيا».

الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)

وأوضح مكتب النائب العام أن المحقق «استدل أن 37 مهاجراً غير شرعي ارتبطوا بهذه الجماعات، التي تتخذ من نيجيريا مركزاً لإدارة نشاطها؛ فنظَّموا داخل ليبيا أفعالاً مجرمة».

وتمثل هذا «الإجرام المنظم»، وفقاً للنيابة، في «ممارسة السحر والشعوذة، وتسخيره في الاتجار بالبشر، بما في ذلك ممارسة السخرة المتمثّلة في توجيه الوافدات، الخاضعات لسطوة تلك المنظمات بأداء الخدمة المنزلية»، إلى جانب ضلوعها في «إدارة دور الدعارة في البلاد، والاتجار بالنساء على نطاق دولي». كما تضمنت الاتهامات «تنظيم حركة الهجرة غير المشروعة نحو دول شمال المتوسط»، بالإضافة إلى «الخطف وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية والسرقة».

جل المهاجرين يقصدون ليبيا للعبور من سواحلها إلى الشواطئ الإيطالية (أ.ف.ب)

ولم يوضح مكتب النائب العام المزيد بشأن عمليات الاتجار بالنساء دولياً، لكنه سبق أن أعلن عن تفكيك شبكات دولية من قبل، قال إنها تورطت في جرائم تتعلق بالمتاجرة في البشر، وترويج المخدرات، علماً بأن محكمة استئناف البيضاء سبق أن قضت بإدانة متهمين بفعل الانخراط في عصابة تتاجر في البشر وتسببت في وفاة 11 مهاجراً.

وبخصوص شبكة «المنظمات» المتسللة إلى ليبيا، قال مكتب النائب العام إنه بعد ضبط المشتبهين الـ37 في ليبيا، بمن فيهم قائد جماعة «فايكينج»، وبإخضاعهم للتحقيق تبين أن هذه التنظيمات «تسرّبت إلى البلاد، ووطدت وجودها فيها بإنشاء هياكل انخرط فيها مئات المهاجرين غير النظاميين؛ لتحقيق أغراض مشتركة بين هذه العصابات، وبين منظمات (المافيا) النشطة في دول البحر المتوسط».

قوات الأمن الليبي تعتقل مهاجرين أفارقة دخلوا البلاد بطريقة سرية (الشرق الأوسط)

انتهى محقق النيابة العامة في ليبيا إلى إحالة المتهمين جميعهم إلى القضاء.

وترصد منظمات دولية معنية بالهجرة غير النظامية تعرض نساء مهاجرات للعنف الجسدي والجنسي، والاستغلال والتعذيب، سواء على أيدي عصابات التهريب الأفريقية، أو من قبل مهربين ليبيين. وتمثل النساء، بحسب تقرير سابق للأمم المتحدة، أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء، حيث من المرجح أن يتعرضن للنزوح القسري، بينما يرجح أن يهاجر الرجال بشكل غير نظامي بحثاً عن فرص عمل.

مهاجرون تم ضبطهم في طرابلس كانوا بصدد ركوب قوارب الموت (أ.ب)

وقال مصدر بمكتب النائب العام لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا «اعتادت على مثل هذه التنظيمات الإجرامية، التي تستغل البسطاء وتدفع بهم إلى المجهول سعياً لتحقيق الثروات». فيما تقول الأمم المتحدة إن «الاتجار بالأشخاص يعد جريمة خطيرة وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، يمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين سواء في بلدانهم وخارجها».

وتتيح اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية، والبروتوكولات الملحقة بها، مساعدة الدول في جهودها الرامية إلى تنفيذ بروتوكول منع الاتجار بالبشر ومعاقبة المتاجرين بالأشخاص. وتعرّف المادة الـ3، الفقرة (أ) من بروتوكول الاتفاقية، الاتجار بالأشخاص بأشكاله المختلفة، والتي من ضمنها تجنيدهم أو نقلهم وتحويلهم أو إيوائهم بدافع الاستغلال.

ويشمل الحد الأدنى من استغلال الأشخاص «الاستغلال في شبكات الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو العمالة المجانية والسخرة، أو العمل كخدم أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو استعباد الأشخاص بهدف الاستخدام الجسماني ونزع الأعضاء».

مهاجرون أفارقة وصلوا إلى ليبيا بطريقة غير شرعية (الشرق الأوسط)

وتعلن السلطات الأمنية الليبية من وقت لآخر عن ضبط عصابات تستخدم بعض النساء والأطفال من المهاجرين غير النظاميين في أعمال التسوّل والتربح من ورائهم. وقد رصدت السلطات الأمنية استغلال عصابات لنساء وأطفال ينتمون إلى جنسيات أفريقية في أعمال التسول في الشوارع والطرقات. وكانت قوات مديرية أمن طرابلس قد ضبطت متسولين يرتدون أزياء ليبية، لكن تبين أنهم من جنسيات أفريقية.


مقالات ذات صلة

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

شمال افريقيا جانب من الحضور خلال توقيع اتفاق ينهي أزمة الصراع على مصرف ليبيا المركزي (البعثة الأممية)

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

بحضور دبلوماسي عربي وغربي، وقّع ممثلان عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا اتفاقاً يقضي بتعيين محافظ مؤقت للمصرف المركزي ونائب له.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا تكالة والمشري خلال انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة عام 2023 (المجلس)

المشري يتهم تكالة بـ«اغتصاب السلطة»... إلى أين يتجه «الدولة» الليبي؟

في تصعيد جديد على مسار الصراع بشأن رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اتهم خالد المشري غريمه محمد تكالة بـ«اغتصاب السلطة وانتحال صفة رئيس المجلس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا البنك المركزي بطرابلس (رويترز)

تسوية بين الأطراف الليبية لمعالجة أزمة المصرف المركزي

أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأربعاء، التوصل إلى تسوية بين الأطراف الليبية لمعالجة أزمة إدارة المصرف المركزي الذي يشهد تنازعاً على السلطة.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا المنفي خلال لقاء مع الأمين العام للجامعة العربية (المجلس الرئاسي)

​توقعات بحسم أزمة المصرف المركزي الليبي

وسط توقعات بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء أزمة مصرف ليبيا المركزي خلال اجتماع ممثلي مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» برعاية أممية في العاصمة طرابلس

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا بات جُلّ الليبيين يتخوّفون من تغوّل «السوق الموازية» على قدراتهم الشرائية (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوّفون من تغوّل «السوق الموازية» على قدراتهم الشرائية

أغلقت السلطات المحلية سوق المشير، مساء الاثنين الماضي، سعياً للتحكم في سعر صرف الدولار بالسوق الموازية.

جاكلين زاهر (القاهرة)

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة
TT

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

الجيش السوداني يشن هجوماً لاستعادة السيطرة على العاصمة

عاش سكان العاصمة السوداني الخرطوم شللاً مفاجئاً، فيما قال شهود ومصادر عسكرية إن الجيش السوداني شن قصفاً مدفعياً وجوياً في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الخميس، في أكبر عملية لاستعادة العاصمة منذ بداية الحرب المستمرة لنحو17 شهراً بينه وبين «قوات الدعم السريع». وتركز الصراع، يوم الخميس، على ثلاثة جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا». وجاء هجوم الجيش، الذي فقد السيطرة على معظم أنحاء العاصمة في بداية الصراع، قبل كلمة من المقرر أن يلقيها قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

ومنذ اندلاع الحرب في البلاد أبريل (نيسان) 2023 تسيطر «قوات الدعم السريع» بالكامل على مدينة الخرطوم، بما في ذلك المواقع العسكرية والسيادية، وتحاصر مقر القيادة العامة للجيش الواقع شرق المدينة. وذكر شهود أن قصفاً عنيفاً واشتباكات اندلعت عندما حاولت قوات من الجيش عبور جسور فوق نهر النيل تربط المدن الثلاث المتجاورة التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى، وهي الخرطوم وأم درمان وبحري. والجسور الثلاثة التي تركز حولها القصف هي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا».

أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

تحليق الطيران

وقال سكان إن الجيش يقوم بقصف مدفعي عنيف وقصف جوي على منطقتَي الحلفايا وشمبات، في حين يحلق الطيران بكثافة، خاصة في مناطق المزارع المحيطة بجسر الحلفايا من جهة بحري. كما أظهرت مقاطع فيديو دخاناً أسود اللون يتصاعد في سماء العاصمة، وسط دوي أصوات المعارك في الخلفية. وقالت مصادر عسكرية لوكالة «رويترز» إن قوات الجيش عبرت جسوراً في الخرطوم وبحري، في حين قالت «قوات الدعم السريع» إنها أحبطت محاولة الجيش عبور جسرين إلى الخرطوم.

وتأتي الاشتباكات المتجددة في وقت يحتل ملف النزاع المتواصل في السودان مرتبة متقدمة على جدول أعمال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وأزمة اللاجئين.

واستعاد الجيش بعض الأراضي في أم درمان في وقت سابق من هذا العام، لكنه يعتمد في الغالب على المدفعية والغارات الجوية، ولم يتمكن من طرد «قوات الدعم السريع» التي هي أكثر كفاءة على الأرض، من مناطق أخرى من العاصمة.

مستشفى الفاشر من الخارج (صفحة حاكم إقليم دارفور في «فيسبوك»)

مخاوف في دارفور

في غضون ذلك، واصلت «قوات الدعم السريع» إحراز تقدم في أجزاء أخرى من السودان في الأشهر القليلة الماضية في صراع تسبب في أزمة إنسانية واسعة النطاق، ونزوح أكثر من 10 ملايين شخص، ودفع مناطق من البلاد إلى الجوع الشديد أو المجاعة. وتعثرت جهود دبلوماسية تبذلها الولايات المتحدة وقوى أخرى، ورفض الجيش حضور محادثات كانت مقررة الشهر الماضي في سويسرا.

واشتدت المعركة هذا الشهر للسيطرة على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب السودان. وتحاول «قوات الدعم السريع» التقدم من مواقع تحيط بالمدينة لمواجهة الجيش وجماعات متمردة سابقاً متحالفة معه. والفاشر هي آخر معاقل الجيش في دارفور حيث تقول الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إن الوضع الإنساني حرج جداً، وهي واحدة من 5 عواصم ولايات في إقليم دارفور والوحيدة التي لم تسقط في أيدي «قوات الدعم السريع». وطالب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والأمين العام للمنظمة أيضاً بإنهاء حصار الفاشر، حيث يعيش أكثر من 1.8 مليون من السكان والنازحين. وفي سبتمبر (أيلول) أعلنت منظمة الصحة العالمية أن عدد القتلى لا يقل عن 20 ألف شخص منذ بداية الصراع، لكن بعض التقديرات تصل إلى 150 ألف ضحية، وفقاً للمبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو. كما نزح أكثر من 10 ملايين شخص؛ أي نحو 20 في المائة من السكان، بسبب القتال، أو أُجبروا على اللجوء إلى دول مجاورة. وتسبّب النزاع في أزمة إنسانية هي من الأسوأ في التاريخ الحديث، بحسب الأمم المتحدة.

الدخان يتصاعد قرب جسر الحلفايا في العاصمة السودانية (أرشيفية -رويترز)

جسور العاصمة المثلثة

يقسّم نهر النيل ورافداه؛ النيل الأزرق والنيل الأبيض، العاصمة السودانية الخرطوم إلى ثلاث مدن؛ الخرطوم وتقع إلى الجنوب بين نهرَي النيل الأزرق والنيل الأبيض، وملتقى النهرين عند منطقة المقرن، ليكونا بداية نهر النيل، وهي العاصمة الإدارية ومقر الحكومة والمركز التجاري والاستثماري، بينما تنحصر مدينة أم درمان بين نهر النيل والنيل الأبيض من جهتَي الشرق والغرب، وتمثل العاصمة الوطنية القديمة، أما مدينة الخرطوم بحري فتنحصر بين نهر النيل ونهر النيل الأزرق من جهتي الجنوب والخرطوم، وهي المدينة الصناعية. وترتبط مدن الخرطوم الثلاث بعشرة جسور، تَعبر الأنهر الثلاثة وتشكل وسائط التواصل؛ ليس بين مدن العاصمة فحسب، بل ببقية أنحاء السودان.

ومنذ بدأت الحرب تَقاسم كل من الجيش وقوات «الدعم السريع» السيطرة على الجسور والتحكم فيها، كلياً أو جزئياً. وفقَدَ الجيش السيطرة من الجهتين على كل جسور المدينة، ما عدا جسر النيل الأزرق، الذي يربط بين الخرطوم والخرطوم بحري، بينما سيطرت قوات «الدعم السريع» على جسور سوبا، والمنشية، والمك نمر، وخزان جبل أولياء، وتوتي.

ويتقاسم الطرفان السيطرة على جسور الفتيحاب والنيل الأبيض، الجيش من جهة أم درمان، وقوات «الدعم السريع» من جهة الخرطوم. وأيضاً جسر الحلفايا، الجيش من جهة أم درمان، وقوات «الدعم السريع» من جهة الخرطوم بحري. أما جسر شمبات فقد خرج من الخدمة على أثر تفجيره في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وكان وقتها تحت سيطرة قوات «الدعم السريع»، وتبادل الطرفان الاتهامات بتفجيره.

كذلك جسر خزان جبل أولياء، الذي قصفه طيران الجيش، لكن قوات «الدعم السريع» أفلحت في إعادته للخدمة مجدداً، وهو الجسر الوحيد الذي يربط بين قواتها من أم درمان حتى دارفور، وهو بطبيعته جسراً على السد، فإن تدميره كلياً قد يتطلب تدمير السد الذي يُنظم جريان المياه لصالح السد العالي في مصر.