هدنة غزة: تحركات عربية تنعش آمال «المقترح المعدل»

مشروع قرار لوقف الحرب... واجتماع في الأردن... وبلينكن يزور القاهرة

فلسطيني يحمل جثمان أحد أقاربه قُتل في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جثمان أحد أقاربه قُتل في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
TT

هدنة غزة: تحركات عربية تنعش آمال «المقترح المعدل»

فلسطيني يحمل جثمان أحد أقاربه قُتل في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جثمان أحد أقاربه قُتل في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)

أعاد زخم جديد للاتصالات الأمل بشأن إمكانية وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع تقديم مشروع قرار عربي بالأمم المتحدة يطالب بإنهاء الحرب، بالتزامن مع حديث أميركي عن «مقترح معدل» جارٍ إعداده مع الشركاء، وسط زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقاهرة، تشمل بحث مستجدات جهود الوسطاء.

ويُضاف إلى ذلك اجتماع في الأردن للجنة الوزارية العربية الإسلامية المنبثقة من قمة الرياض في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لبحث التحركات لوقف الحرب ضد قطاع غزة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الحالي.

ورأى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الحراك العربي مهم، لا سيما أن توقيته يتزامن مع انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية، وقد يشكل ضغطاً «يعزز فرص وآمال المقترح الأميركي المرتقب»، معتبرين أن زيارة بلينكن الأولى بالشرق الأوسط التي لا تشمل إسرائيل منذ حرب 7 أكتوبر (تشرين الأول)، ستكون أداة ضغط إضافية في مساعي إبرام صفقة جديدة، خصوصاً مع إصرار رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، على إطالة أمد المفاوضات لما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وكشف مندوب الجامعة العربية بالأمم المتحدة، السفير ماجد عبد الفتاح، تقديم مشروع قرار جديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية»، الاثنين.

ومن المرجح أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة (193 عضواً)، الأربعاء، على مشروع القرار الذي قدمته فلسطين، ويطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة» خلال 6 أشهر، وفق ما طالبت به المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز هذا الشهر، وقابله السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون بدعوة الجمعية العامة وقتها إلى «رفض هذا القرار المشين».

طفل فلسطيني خسر أقاربه الذين قُتلوا في غارات إسرائيلية على مخيم البريج (أ.ف.ب)

ويأتي القرار المرتقب الذي يعد غير ملزم، مع زيارة بلينكن لمصر التي تختتم، الخميس، لترؤس الحوار الاستراتيجي بين البلدين، وفق ما أعلنت «الخارجية الأميركية»، الاثنين، بجانب مناقشة الجهود الجارية لوقف إطلاق النار.

وكشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في مؤتمر صحافي، أن الولايات المتحدة لا تزال تعمل مع الوسيطين المصري والقطري «لتقديم اقتراح منقح قادر على دفع الأطراف إلى اتفاق نهائي»، مستبعداً وضع جدول زمني بذلك.

وذكرت «القناة 12» الإسرائيلية أن «كبار المسؤولين في إدارة بايدن أبلغوا عائلات الرهائن الأميركيين أن الإطار الحالي للصفقة لم يعد يعمل، وبناءً على ذلك، تدرس الولايات المتحدة ووسطاء آخرون صيغاً أخرى من شأنها إقناع إسرائيل و(حماس) بالتوصل إلى اتفاق».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، علي الحفني، أن مشروع القرار العربي «أداة إضافية لمواجهة سياسة نتنياهو في تعطيل المفاوضات»، حيث يأمل في وصول دونالد ترمب للبيت الأبيض، لافتاً إلى «توافق مصري أميركي» على ضرورة الدفع باتفاق ووقف الحرب، ومساعٍ من بايدن لإقرار اتفاق قبل الانتخابات بهدف رفع أسهم الديمقراطيين.

ويعتقد الحفني أن كل تحرك مطلوب في هذه الفترة لدعم خروج المقترح المعدل للنور، مؤكداً أن زيارة بلينكن تحمل رسائل داعمة للهدنة، غير أن «تعنت نتنياهو يقلل أي فرص لتمرير الصفقة قريباً».

واستمرار واشنطن في تقديم مقترح يعكس بحسب المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، «حرص الولايات المتحدة على إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة قبيل انتخابات الرئاسة»، مؤكداً أن أي مقترح لن يحدث أي تغيير في المفاوضات إذا لم ينص على انسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا الذي احتلته في مايو (أيار) الماضي.

ويأتي المشروع العربي، وفق العبادي، ضمن «تحرك عربي جيد، سيعزز، الأربعاء، باستضافة الأردن اجتماعاً للجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة»، ويرى أن «زيارة بلينكن لن تغير بمجريات الأحداث السياسية على صعيد المنطقة أو مسار الهدنة غير أنها تشكل زخماً مطلوباً في مسار الضغط».

ومع زخم دعم مسار الهدنة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رفضهما التام تصفية القضية الفلسطينية، أو تحويل الأراضي الفلسطينية إلى مناطق غير قابلة للحياة بهدف تهجير الفلسطينيين، مشددين على ضرورة وقف الحرب بشكل فوري، كما حذرا من خطورة استمرار الحرب في غزة، واتساع نطاق الانتهاكات التي تشهدها الضفة الغربية، بما يدفع نحو توسع الصراع بالمنطقة، وذلك خلال اتصال هاتفي بين الجانبين، وفق إفادة للرئاسة المصرية، الثلاثاء.


مقالات ذات صلة

بلينكن يصل إلى القاهرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة

شمال افريقيا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلوِّح من سلَّم الطائرة التي تحمله إلى القاهرة (رويترز)

بلينكن يصل إلى القاهرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن صباح اليوم إلى القاهرة، في زيارة خاطفة يبحث خلالها خصوصاً الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة لجنود إسرائيليين قُتلوا في غزة أمس (الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل 4 من جنوده في غزة

قال الجيش الإسرائيلي إن 4 من جنوده قُتلوا في جنوب قطاع غزة أمس.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
منشأة تخزين الاحتياطي النفطي الاستراتيجي في تكساس... وهي واحدة من 4 مواقع تشكل احتياطي النفط في أميركا (رويترز)

استقرار أسعار النفط مع تركيز المستثمرين على قرار «الفيدرالي»

استقرت أسعار النفط يوم الأربعاء، بعد ارتفاعها في الجلستين السابقتين، مع انتظار المستثمرين خفض أسعار الفائدة المتوقع من جانب «الاحتياطي الفيدرالي».

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
المشرق العربي الشرطة التايوانية لحظة وصولها إلى مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه صباح اليوم (رويترز)

«غولد أبولو» التايوانية: أجهزة «حزب الله» التي انفجرت صنّعتها شركة في أوروبا

قال هسو تشينج كوانج مؤسس شركة «غولد أبولو» التايوانية، اليوم (الأربعاء)، إن أجهزة المناداة (البيجر) التي انفجرت في لبنان أمس الثلاثاء ليست من تصنيع الشركة.

«الشرق الأوسط» (تايبه)
أوروبا أرشيفية لطائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية في مطار شارل ديغول شمال باريس (إ.ب.أ)

«الخطوط الفرنسية» تعلق رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب

قالت الخطوط الجوية الفرنسية، الثلاثاء، إنها ستعلق رحلاتها من مطار شارل ديغول بالعاصمة الفرنسية لكل من بيروت وتل أبيب بسبب تصاعد المخاوف الأمنية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مصير غامض لـ«تخفيف الأحمال» في مصر

عانت مصر مع بداية الصيف من انقطاعات متكررة في الكهرباء (أ.ف.ب)
عانت مصر مع بداية الصيف من انقطاعات متكررة في الكهرباء (أ.ف.ب)
TT

مصير غامض لـ«تخفيف الأحمال» في مصر

عانت مصر مع بداية الصيف من انقطاعات متكررة في الكهرباء (أ.ف.ب)
عانت مصر مع بداية الصيف من انقطاعات متكررة في الكهرباء (أ.ف.ب)

لم يستطع ماركو سعيد الذي يقطن في حي إمبابة (شمال الجيزة)، الأحد الماضي، مغادرة منزله في الموعد الذي حدده سلفاً. فجأة انقطع التيار الكهربائي، فأربك خططه في الاستعداد للخروج، جلس يتصفح هاتفه على أمل أن يعود التيار سريعاً. نصف ساعة وتحقق أمله، تجهز جزئياً، لكن التيار انقطع مرة أخرى. فتذكر زمن جدول انقطاع التيار الذي كان يمتد في منزله لنحو ساعتين يومياً.

فسر سعيد لـ«الشرق الأوسط»، ما حدث على أنه عودة لتخفيف الأحمال، وعزز ذلك عنده شكاوى سمعها من محيطين وقرأها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن انقطاعات مماثلة، رغم أن الحكومة لم تعلن رسمياً عودة تخفيف الأحمال.

وتعاني مصر منذ عدة سنوات أزمة في الكهرباء، خصوصاً في فصل الصيف حين تشتد درجات الحرارة، ويرتفع الضغط على الشبكة المغذية، فتزداد فترات الانقطاع، لكن ذلك انحسر على نحو لافت منذ شهرين، مع استيراد الحكومة كميات إضافية من الغاز والمازوت.

وسعيد ليس الوحيد الذي يسيطر عليه قلق عودة الانقطاعات الطويلة، تشاركه فيه وئام محمود وهي سيدة ثلاثينية وأم لطفلتين، تقطن منطقة فيصل التي تبعد نحو 10 كيلومترات عن ميدان التحرير. تقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الكهرباء رجعت تقطع كل يوم نص ساعة».

سريعاً تعود وئام بالذاكرة إلى ما قبل الشهرين الماضيين، حين كانت الكهرباء تنقطع لساعتين على الأقل، تتجنب أسرتها قبلهما ركوب المصعد، ومن ثم مغادرة المنزل إذا كانوا داخله أو العودة إليه إن كانوا في الخارج.

وطبقت الحكومة لأول مرة جدولاً ينظم انقطاع التيار الكهربائي بمتوسط ساعتين يومياً، ويعمل بالتناوب بين المناطق، في أغسطس (آب) 2023. وأحياناً كانت تمتد فترات الانقطاع لثلاث ساعات، حتى أعلن رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي في 17 يوليو (تموز) الماضي وقف خطة تخفيف الأحمال حتى منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي، لحين تحسُن درجات الحرارة.

الحكومة المصرية لجأت في وقت سابق إلى «تخفيف الأحمال» للحفاظ على الكفاءة التشغيلية لشبكة الكهرباء (إ.ب.أ)

الحكومة تنفي

ورغم أن الإعلان الحكومي فتح الباب ضمنياً لعودة العمل بخطة تخفيف الأحمال بداية من النصف الثاني من سبتمبر، فإن المتحدث باسم مجلس الوزراء المستشار محمد الحمصاني، نفى هذه العودة.

ورد الحمصاني على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما تداولته بعض المواقع المحلية عن استئناف العمل بتخفيف الأحمال حتى نهاية العام، فضلاً عن شكاوى مواطنين من عودة تخفيف الأحمال، قائلاً: «غير صحيح وأرجو الرجوع لوزارة الكهرباء».

النفي نفسه أكده مصدر مسؤول في الوزارة تحدث لـ«الشرق الأوسط»، وطلب عدم ذكر اسمه، قائلاً: «طول ما رئيس مجلس الوزراء ما أعلنش (لم يعلن) عن خطة تخفيف الأحمال يبقى مفيش تخفيف أحمال».

وفسر المصدر الانقطاعات في بعض المناطق بأنها «أعمال صيانة طبيعية، خصوصاً أننا خارجون من فصل الصيف»، مؤكداً أن «مفيش تخفيف أحمال حتى حين». وأوضح: «طالما البترول بتوفر غاز ومازوت لينا هيبقى في كهربا، موفرتليش غاز ومازوت مش هيبقى في كهربا، وإزاي توفره دي قضية مجلس الوزراء».

الحكومة المصرية توسعت خلال السنوات الماضية في إنشاء المحطات الكهربائية (مجلس الوزراء المصري)

وتحتاج مصر إلى استيراد ما قيمته نحو 1.18 مليار دولار من زيت الوقود والغاز الطبيعي من أجل التخفيف من انقطاع التيار الكهربائي من أجل تجاوز فترة الصيف الحالية، وفق ما صرح به رئيس الحكومة في يونيو (حزيران) الماضي.

وإلى جانب محافظة الجيزة (جنوب العاصمة) رصدت «الشرق الأوسط» شكاوى من عودة الانقطاعات في بعض المناطق بالإسكندرية شمالاً، وإلى جوارها حيث محافظة البحيرة (غرب الدلتا)، التي تعد أقل حظاً، إذ لم تختفِ انقطاعات الكهرباء فيها حتى خلال فترة وقف تخفيف الأحمال.

يقول المهندس محمود دبدوب لـ«الشرق الأوسط»، وهو يقيم في مدينة كوم حمادة: «الانقطاع مستمر يومياً لمدة تصل إلى ساعة في الصباح»، مشيراً إلى أن ذلك ينطبق على «كل مراكز ومدن المحافظة».

وعلى خلاف ماركو ووئام اللذين نسيا فترات الانقطاعات ويخشيان عودتها، يقول دبدوب: «الناس عندنا اتعودت».

وسبق أن تقدمت النائبة مها عبد الناصر، في 4 يوليو (تموز) الماضي، بطلب إحاطة إلى مجلس النواب (البرلمان)، ضد كل من رئيس الحكومة، ووزيري الكهرباء والبترول حينئذ محمد شاكر وطارق الملا، بسبب «الخسائر والآثار السلبية الكبيرة التي تعصف بقطاع المشروعات الصغيرة وأصحاب الأعمال الحرة عن بُعد بسبب خطة تخفيف الأحمال».

زيادة الفاتورة

يأتي التركيز على الانقطاعات مؤخراً ليس فقط في ظل القلق من الإعلان عن عودة خطة تخفيف الأحمال، لكن أيضاً في أنها أعقبت زيادة في الفواتير.

وطبقت الحكومة زيادة متدرجة على فواتير الكهرباء بدءاً من فاتورة أغسطس (آب) التي جرى تحصيلها أول سبتمبر (أيلول) الحالي، وتفاوتت الزيادات بين نسب 17 في المائة إلى 50 في المائة، وفق شريحة الاستهلاك.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ألمح في مايو (أيار) الماضي إلى ضرورة قطع التيار الكهربائي في ظل زيادة تكلفتها، قائلاً: «أنا لو أخدت ثمن الكهرباء الحقيقية هضاعف ثمنها مرتين، طيب الغلبان هيروح مني فين؟، أقطع الكهرباء ولا أغليها؟».

لا يبدي ماركو الذي يعمل محاسباً في شركة عقارية، استغراباً من استمرار الانقطاعات وزيادة الفاتورة، عادّاً الوعود السابقة باستقرار التيار وانحسار الانقطاعات، لم تكن سوى غطاء يسمح برفع سعر الكهرباء، ثم يعود كل شيء لسابق عهده.

لم يختبر ماركو عودة تخفيف الأحمال نهار الاثنين، إذ كان خارج المنزل، لكن بعد عودته، وحتى مغادرته اليوم التالي: «النور مقطعش»، يقول لـ«الشرق الأوسط» بارتياح مرحلي يترقب أن يقطعه إعلان خلاف ذلك في أي لحظة.