​ترقب ليبي لإنهاء أزمة «المركزي» وتشغيل النفط لمواجهة «تردٍّ معيشي»

«المجالس الثلاثة» لم تحسم صراعها بشأن إدارة المصرف

عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
TT

​ترقب ليبي لإنهاء أزمة «المركزي» وتشغيل النفط لمواجهة «تردٍّ معيشي»

عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)
عملاء ينتظرون دورهم في أحد البنوك بمدينة مصراتة غرب ليبيا (أ.ف.ب)

وسط سيطرة «المجلس الرئاسي» الليبي، على إدارة المصرف المركزي بطرابلس العاصمة، والتغاضي عن رفض سلطات بنغازي للأمر، تترقب الأوساط الليبية اجتماعاً لممثلي «المجالس الثلاثة» (الرئاسي والنواب والأعلى للدولة) برعاية أممية، علّه ينهي الصراع على المصرف ويُعيد تشغيل النفط، وذلك للحد من الأزمات المعيشية.

لقاء سابق بين المنفي والكبير (المجلس الرئاسي الليبي)

وسبق للبعثة الأممية أن رعت اجتماعين لممثلي المجالس الثلاثة الأسبوع الماضي بقصد التوصل إلى حل يضع حداً للصراع على رئاسة المصرف.

وقالت البعثة إن ممثليْ مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» طلبا مهلة إضافية من خمسة أيام لاستكمال مشاوراتهما، والتوصل إلى توافق نهائي بشأن الترتيبات اللازمة لإدارة المصرف إلى حين تعيين محافظ جديد ومجلس إدارة. ويُنتظر الرد خلال الساعات المقبلة.

ورهنت سلطات شرق ليبيا، النفط (إنتاجاً وتصديراً) بالإبقاء على محافظ «المركزي» الصديق الكبير، في موقعه، لكن «المجلس الرئاسي» تجاهل ذلك، وعين بديلاً عنه عبد الفتاح عبد الغفار محافظاً مؤقتاً، ما أبقى الأزمة على حالها، وسط مخاوف ليبيين من تأثيرات استمرار توقف إنتاج وتصدير النفط بصفته المورد الرئيسي على حياتهم المعيشية.

وفي الأيام الأولى للأزمة توقف أكثر من نصف إنتاج ليبيا من النفط، أو نحو 700 ألف برميل يومياً، وتجاوز راهناً هذا الرقم بكثير، لكن «المؤسسة الوطنية للنفط» لم تصدر بياناً حتى الآن، وكانت ليبيا تنتج نحو 1.18 مليون برميل يومياً في يوليو (تموز) الماضي.

ويرى اقتصاديون أنه في «حال عدم توصل الأطراف المتنازعة على إدارة المصرف المركزي إلى اتفاق يسمح بإعادة تشغيل النفط بكامل طاقته مرة ثانية وسريعاً، فإن ذلك سينعكس بالسلب على الأوضاع المعيشية للمواطنين ويزيدها تردياً»، مشيرين إلى أن «طبقات ليبية كثيرة تضررت خلال الأشهر الماضية، وتراجعت دخولها بسبب الزيادة في الأسعار أمام ضعف رواتبها».

وتأتي أزمة «المركزي» وإغلاق حقول وموانئ النفط، لتُضاف إلى مشكلات قائمة بالفعل؛ إذ تعاني ليبيا من نقص في السيولة منذ سنوات، مع صعوبة الحصول على الأوراق النقدية من الدينار والدولار، حتى بالنسبة لمن يملكون كثيراً من الأموال في حساباتهم البنكية.

وأُدخل النفط مجدداً على مسار الأزمة السياسية، عندما أعلنت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، في 26 من أغسطس (آب) الماضي، حالة «القوة القاهرة» على جميع الحقول والموانئ، وإيقاف إنتاج وتصدير النفط، رداً على تغيير الكبير من قبل سلطات طرابلس.

ويرى تاجر الزيوت الليبي بطرابلس عبد الرؤوف الزادي، أنهم «ضاقوا ذرعاً من كثرة الأزمات، واستخدام النفط وسيلة للضغط بين المتنفذين في البلاد»، وقال: «إدارة المركزي الجديدة تقول للناس اطمئنوا، لكننا نعاني طوال الوقت وخصوصاً في الأعياد من نقص السيولة وارتفاع أسعار السلع والغذاء».

الإدارة الجديدة للمصرف المركزي برئاسة المحافظ المؤقت عبد الفتاح عبد الغفار (المصرف المركزي)

وتشير تقارير دولية، إلى أن استعادة ليبيا كامل إنتاجها النفطي المعطل، قد يستغرق وقتاً بالنظر إلى أن توقفه يصيب منظومة ضخه بالعطب ويلحق بها أضراراً تتطلب صيانة بحسب «المؤسسة الوطنية للنفط».

والبعثة الأممية التي تنتظر رداً من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، سبق لها تحذير الأطراف الليبية كافة من «التأثيرات السلبية» لاستمرار أزمة «مصرف ليبيا المركزي» على الحياة اليومية للمواطنين، وعلى ثقة المؤسسات المالية الدولية بالنظام المصرفي الليبي.

ودعت البعثة الأطراف كافة «إلى الوفاء بالتزاماتها، والامتناع عن أي قرارات وإجراءات أحادية الجانب، والحرص على تكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق دون تأخير».

وفي مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي، أعلنت السلطات المحلية وبعض الاختصاصيين بقطاع النفط، عن تشغيل ثلاثة حقول نفطية، ما عدّه كثير من الليبيين انفراجة على مسار الأزمة، لكن بعد ثلاثة أيام أعلنت «المؤسسة الوطنية للنفط» حالة «القوة القاهرة» بحقل الفيل، وسط ضبابية المشهد السياسي العام.

ولم يعرف جُل الليبيين الأسباب التي أدت إلى تشغيل الحقول الثلاثة، ولا مصير باقي الحقول، لكن مصادر محلية بررت عملية التشغيل حينها «بضمان استمرار تشغيل محطات الكهرباء وتوفير الوقود»، وتوقعت «إعادة تشغيل الحقول والموانئ النفطية المغلقة كافة تباعاً».

بموازاة ذلك، تطمئن الإدارة الجديدة المؤقتة للمصرف المركزي، بأن الأمور «تسير نحو الأفضل»، مفندة أخباراً تم تداولها خلال الأيام الماضية عبر بعض منصات التواصل الاجتماعي، حول توقف مصارف أجنبية التعامل مع المصرف.

وأكد «المصرف المركزي» بطرابلس: «استمرار التواصل الوثيق مع جميع المصارف المراسلة المعتمدة لديه في الخارج، وأن الإجراءات المتبادلة تسير بشكل طبيعي، ووفق العمل المتفق عليه»، مشدداً على أنه «سيُكثف جهوده خلال الأسبوع المقبل، لاستعادة الدينار الليبي قيمته بعد إضعافه من قبل الإدارة السابقة بإجراءات مخالفة للقانون». (الدولار يساوي 7.21 دينار في السوق الموازية، بينما يبلغ سعره في السوق الرسمية 4.76).


مقالات ذات صلة

كيف ينعكس التقارب المصري - التركي على الملفات الإقليمية الساخنة؟

تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة (الرئاسة المصرية)

كيف ينعكس التقارب المصري - التركي على الملفات الإقليمية الساخنة؟

تشهد مصر وتركيا تقارباً ملحوظاً بعد سنوات من التوتر، وتتّجه أنظار العالم إلى هذه الشراكة الناشئة، وتأثيرها المحتمل على الملفات الساخنة في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السايح يستقبل الممثلة المقيمة الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا (المفوضية)

​ليبيا: نجاة قائد ميليشيا من محاولة اغتيال... وحبس آخر احتياطياً

تشهد مدينة الزاوية غرب ليبيا حالة من التوتر الأمني بعد تعرض الميليشياوي معمر الضاوي آمر «الكتيبة 55 مشاة» لمحاولة اغتيال وحبس «الفار» احتياطياً

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع لجنة «5+5» العسكرية الشهر الماضي في سرت (أرشيفية)

لجنة «5+5» الليبية تجتمع مجدداً بسرت... والتوتر يعود إلى الزاوية

بينما اجتمعت اللجنة العسكرية الليبية «5+5» في سرت مجدداً، عاد التوتر الأمني إلى مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس عقب اشتباكات بين الميليشيات المسلحة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا حماد يوقع على اتفاق «هدنة المصالحة» (القيادة العامة)

سلطات شرق ليبيا تتوسع جنوباً على حساب جبهة طرابلس

بتدشين مشروعات، وتوقيع «هدنة المصالحة» بمدينة مرزق، تكرس سلطات شرق ليبيا من تمديد نفوذها باتجاه مدن الجنوب «المنسية» بمواجهة غريمتها في طرابلس العاصمة

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من جريان السيول في غات جنوب ليبيا (من مقطع فيديو)

«الوحدة» الليبية تشكّل لجنة طوارئ لمواجهة مخاطر سيول «متوقعة»

وضعت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة خطة طوارئ لمجابهة التحديات التي قد تنجم عن جريان الأودية والسيول جراء التقلبات الجوية التي تشهدها بعض المناطق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

فرز الأصوات يظهر فوزاً عريضاً للرئيس تبون... وترقب لنسبة المشاركة

فرز الأصوات في أحد مراكز الاقتراع بالجزائر بعد انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)
فرز الأصوات في أحد مراكز الاقتراع بالجزائر بعد انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)
TT

فرز الأصوات يظهر فوزاً عريضاً للرئيس تبون... وترقب لنسبة المشاركة

فرز الأصوات في أحد مراكز الاقتراع بالجزائر بعد انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)
فرز الأصوات في أحد مراكز الاقتراع بالجزائر بعد انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

بينما يترقب المتابعون ووسائل الإعلام في الجزائر، منذ السبت، النتائج النهاية لانتخابات الرئاسة، احتجّ المرشح الإسلامي عبد العالي حساني على «ضغوط» تعرّض لها أنصاره في مكاتب التصويت «بغرض تضخيم النتائج»، من دون ذكر لمصلحة مَن. ويفهم من ذلك، أن الأمر يتعلق بالرئيس المرشح عبد المجيد تبون، فيما يترقب إعلان نسبة المشاركة.

وأجمعت كل تقارير الصحافة عبر الولايات الـ58، على أن نتائج الفرز في مكاتب الاقتراع، أعطت تبون فوزاً في معظمها، أمام مرشح «جبهة القوى الاشتراكية» المعارض يوسف أوشيش، ومرشح «حركة مجتمع السلم» الإسلامية حساني.

المرشح الإسلامي عبد العالي حساني في اجتماع مع كادر الحملة بعد انتهاء التصويت (حملة المرشح)

وكان رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»، محمد شرفي، قد أعلن بعد منتصف ليل السبت/الأحد، أن «مُعدَّل التصويت» بلغ 48.03 في المائة، تاركاً انطباعاً بأن النتيجة أولية، على أن يقدم الأرقام النهائية في اليوم التالي.

ولاحظ متابعون لمجريات الانتخابات، أن شرفي لم يكشف عن عدد المصوتين، الذي يسمح لهم بالتعرّف على نسبة المشاركين، بقسمته على عدد الناخبين الذين تضمهم اللائحة الانتخابية (يقترب من 24 مليوناً).

وما قدَّمه شرفي، هو قسمة نسبة المشاركة في كل ولاية على العدد الإجمالي للولايات، وهو 58، ومنه تحدّث عن «معدل نسبة التصويت» الذي لا يمكن التعامل معه بوصفه إحصائية تدل حقيقة على النتيجة التي آل إليها سابع اقتراع رئاسي تعرفه البلاد.

وقد أحدث هذا التصرف التباساً كبيراً، وهو يعكس على ما يبدو حرجاً لدى الجهات المنظمة، من الإقبال الضعيف على صناديق الاقتراع، بعكس ما كانت تتوقعه السلطات العمومية.

رئيس هيئة مراقبة الانتخابات (الشرق الأوسط)

واحتجت مديرية حملة المرشح عبد العالي حساني، في بيان نشرته الأحد بحسابها بالإعلام الاجتماعي، على «عودة ممارسات قديمة، كان من الممكن تجاوزها»، منددة بـ«الضغط على بعض مؤطري مكاتب التصويت، لتضخيم النتائج، وعدم تسليم محاضر فرز الأصوات لممثلي المرشحين، زيادة على التصويت الجماعي بالوكالات».

ولفت بيان مديرية المرشح حساني، إلى أن «روح المسؤولية السياسية والالتزام الوطني، الذي ميّز الأداء السياسي المحترف للمترشح حساني شريف عبد العالي، منذ أن قرر مجلس الشورى الوطني (لحزبه حركة مجتمع السلم) ترشيحه للانتخابات الرئاسية؛ أعطى صورة تنافسية راقية لهذا الاستحقاق الوطني المهم، رغم ما رافقه من ممارسات إدارية غير مقبولة من السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، تتعلق بمرحلة التوقيعات (يشترطها القانون للمترشحين) ولا سيما عند إعلان نتائج جمع استمارات الاكتتاب للمواطنين أمام الرأي العام، أو ما رافق الحملة الانتخابية من عدم ضبط وتحكم في التغطية الإعلامية للمرشحين».

سيدة جزائرية تظهر علامات الحبر على يدها عقب الإدلاء بصوتها في الانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

وأضاف البيان بأن حساني والكادر السياسي الذي يشتغل معه، «سيتحملان مسؤولياتهما أمام الناخبين في المقام الأول وأمام المناضلين في المقام الثاني؛ لتوضيح كامل الظروف والملابسات التي أحاطت بالعملية الانتخابية ونتائجها المحتملة، وإعلان الموقف المناسب منها».

وكتب حبيب براهمية، القيادي في حزب «جيل جديد» الذي لم يشارك في الانتخابات، بحسابه بمنصة «إكس»: «دقائق قبل أن تقدم السلطة أرقام الاقتراع الأولية، اتضح أن العملية فشلت في تحقيق أهدافها».