​ليبيا: نجاة قائد ميليشيا من محاولة اغتيال... وحبس آخر احتياطياً

وسط تصاعد حالة التوتر في الزاوية غرب البلاد

السايح يستقبل الممثلة المقيمة الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا (المفوضية)
السايح يستقبل الممثلة المقيمة الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا (المفوضية)
TT

​ليبيا: نجاة قائد ميليشيا من محاولة اغتيال... وحبس آخر احتياطياً

السايح يستقبل الممثلة المقيمة الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا (المفوضية)
السايح يستقبل الممثلة المقيمة الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا (المفوضية)

تصاعدت حالة من التوتر في مدينة الزاوية غرب ليبيا، على خلفية تعرض الميليشياوي معمر الضاوي، آمر «الكتيبة 55 مشاة»، لمحاولة اغتيال مساء السبت، لكنه نجا منها، بالإضافة إلى حبس قائد ميليشيا آخر احتياطياً، بينما شهدت طرابلس احتجاجات شعبية محدودة ضد حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

وأعلن مكتب النائب العام في العاصمة، حبس محمد بحرون الملقب بـ«الفار»، آمر فرقة الإسناد الأولى، وأحد معاونيه، احتياطياً على ذمة التحقيق في واقعة اغتيال عبد الرحمن سالم ميلاد الشهير بـ«البيدجا» مهرب البشر والوقود، المُعاقب دولياً، مشيراً إلى مواجهتهما بالأدلة والدلائل، التي دلَّلَت على ضلوعهما في ارتكاب الواقعة.

وكان مسلحون استهدفوا الضاوي بإطلاق نار أثناء تقديمه العزاء في «البيدجا» بالزاوية، ما زاد من حالة التوتر بالمدينة التي تعاني من تغول الميليشيات.

في شأن مختلف، بحث رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح، الأحد، مع الممثلة المقيمة الجديدة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) صوفي كيمخدزه، مسار العملية الانتخابية، وسبل دعم المجتمع الدولي للمفوضية من خلال الخبرات المساندة في مجال إدارة وتنفيذ الانتخابات.

ونقل السايح، في بيان عن صوفي، إشادتها بجهود المفوضية في مراحل العملية الانتخابية، التي تم إنجازها، مؤكدة التزام الدول المانحة بتعزيز المسار الديمقراطي، وصولاً لاستكمال الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة.

https://x.com/TaherSonni/status/1832638666776203751

وقبل ساعات من زيارتها إلى ليبيا، بحثت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روزميري ديكارلو، مع الطاهر السني مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، التحديات التي يواجهها المساران السياسي والاقتصادي. وأوضح السني، أنهما بحثا أيضاً أهمية الإسراع في تعيين مبعوث أممي جديد، ودور البعثة الأممية لدعم الليبيين لقيادة وملكية حل سياسي شامل للخروج من حالة الجمود والأزمة الراهنة.

من جهته، قال عبد الله اللافي، عضو «المجلس الرئاسي»، إنه ناقش في العاصمة طرابلس، مع القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، ستيفاني خوري: «سبل تحقيق التوافق بين الأطراف المشاركة في العملية السياسية، من خلال العمل على صياغة مشروع سياسي محكم، يعالج قضايا الخلاف كافة، بالإضافة إلى ملف مصرف ليبيا المركزي، عبر البحث عن صيغة توافقية، تشمل جميع الأطراف، وتفضي إلى تجاوز هذه الأزمة بشكل عاجل».

وكان اللافي، قد تراجع عن رفضه لقرار رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، بتشكيل مجلس إدارة مفوضية للاستفتاء والاستعلام، وحذف مساء السبت، بياناً مقتضباً، كان قد أدان فيه عبر منصة «إكس»، القرار، وعد أن «أي قرار منفرد يصدر عن أي من الأعضاء الثلاثة، سواء من الرئيس أو النائبين بالمجلس، يعد باطلاً ولا يترتب عليه أي أثر قانوني».

اجتماع اللافي مع القائمة بأعمال البعثة الأممية (المجلس الرئاسي)

بدورها، عدت نجوى وهيبة الناطقة باسم «المجلس الرئاسي»، أن أي قرارات لا تنشر على الموقع الرسمي أو الصفحات الرسمية الموثقة للمجلس أو عبرها «غير صحيحة» أو «مزورة»، ولا ينبغي التعامل معها.

من جهة أخرى، سحب مكتب رئاسة مجلس النواب، قراراً بتسمية عطية عبد الكريم، وكيلاً لديوان المحاسبة، وقرر عدّه «كأنه لم يكن»، لافتاً في بيانه، إلى أن تكليف وكلاء الهيئات والأجهزة الرقابية التابعة للسلطة التشريعية، يتم فقط بقرار للمجلس في جلسة رسمية وفقاً لأحكام التشريعات النافذة.

من جهته، أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال لقائه، مساء السبت في مدينة القبة، مع عضو الجمعية الوطنية بالنيجر، أحمد الزوي: «ضرورة تعزيز العلاقات الليبية مع دول الجوار الأفريقي من خلال التعاون والتنسيق المشترك في التصدي للتحديات التي من أبرزها مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والظواهر السلبية العابرة للحدود».

كما أكد «ضرورة التركيز في الفضاء الأفريقي خاصة، على الجانب الأمني في ظل الأوضاع غير المستقرة المحيطة بليبيا والنشاط المستمر للجماعات الإرهابية في عدد من الدول»، مثمناً جهود «الجيش الوطني» في تأمين الحدود.

في شأن آخر، رصدت وسائل إعلام محلية، احتجاجات مواطنين في القره بوللي بالعاصمة طرابلس، بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، مشيرة إلى إغلاق المحتجين مخازن توزيع الشركة العامة للكهرباء، وتشغيل خطوط الطاقة، بالقوة، احتجاجاً على ما وصفوه بالتوزيع غير العادل لتخفيف الأحمال.

وكان شهود عيان، أكدوا اندلاع احتجاجات واسعة مساء السبت بسبب انقطاع الكهرباء في منطقة عين زارة بطرابلس، بالإضافة إلى منطقة الحي الإسلامي، التي احتج سكانها على إجراءات حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لإزالة العشوائيات من قبل شركة الخدمات العامة وجهاز الحرس البلدي، بحجة مشاريع عودة الحياة، التي تتبناها الحكومة، وطالبوا بتطبيق قرار الإزالة على مقرات الميليشيات المسلحة وليس على منازل المواطنين.

كما جرى إغلاق تقاطع «طريق أولاد صقر» بالمدينة، احتجاجاً على مقتل أحد عناصر الميليشيات المسلحة المعروفة باسم «الكابوات»، في اشتباكات ضد عناصر تابعة لـ«الفار».

من أحد شوارع طرابلس (أرشيفية - إ.ب.أ)

في المقابل، أعلنت حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد، أنها بتوجيهات مباشرة من القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، شرعت في تسيير قافلة جوية لنقل بعض المساعدات العاجلة إلى تشاد، التي تعرضت في الأيام الماضية لأمطار شديدة تسببت في سيول وفيضانات بالمناطق المأهولة بالسكان، ونتجت عنها أضرار بشرية ومادية، مشيرة إلى نقل المساعدات العاجلة من «مطار بنينا بنغازي» إلى مطار العاصمة إنجامينا للمساهمة في رفع العبء عن المتضررين وبوصفها تدابير ضرورية لمواجهة التداعيات.


مقالات ذات صلة

اشتباكات ليبيا تشير إلى تنامي نفوذ الدبيبة

شمال افريقيا قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)

اشتباكات ليبيا تشير إلى تنامي نفوذ الدبيبة

أدى مقتل قائد إحدى الجماعات المسلحة التي تحظى بالنفوذ في العاصمة الليبية مساء الاثنين إلى اندلاع اشتباكات عنيفة استمرت لساعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصافحة بين الرئيس تبون ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي خلال الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد بتونس (الرئاسة التونسية)

الجزائر تعرب عن «قلقها» من تجدد الاشتباكات المسلحة في العاصمة الليبية

أعربت الجزائر عن قلقها وانشغالها إزاء تجدد الاشتباكات المسلحة بين «الأشقاء الليبيين» في مدينة طرابلس، مشددة على أن «ليبيا أحوج ما تكون اليوم لوحدة جميع أبنائها»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي وتيتيه في لقاء بالعاصمة طرابلس (البعثة الأممية)

هل تنجو خطة الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية من الانقسام؟

يرى ليبيون أن بلدهم في حاجة إلى «حكومة قوية» مدعومة من الأمم المتحدة والدول الفاعلة لإخراجها من حالة الفوضى وتعمل على إجراء الانتخابات المؤجلة.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا الككلي مع الدبيبة الشتاء الماضي (حكومة «الوحدة»)

رحلة صعود وسقوط «غنيوة» أحد أمراء الحرب في طرابلس

في نهاية دراماتيكية، قُتل عبد الغني الككلي، رئيس «جهاز دعم الاستقرار» الموالي لحكومة «الوحدة» الليبية، داخل مقر «اللواء 444» في طرابلس، خلال تبادل إطلاق نار.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا من آثار الحرائق التي اندلعت بعد الاشتباكات المسلحة في طرابلس (أ.ف.ب)

رئيس «الوحدة» الليبية يتحدث عن بسط سلطة الدولة إثر اغتيال الككلي

قال الدبيبة، رئيس الحكومة الليبية المؤقتة بطرابلس، إن ما شهدته العاصمة «يؤكد أن المؤسسات النظامية قادرة على حماية الوطن وحفظ كرامة المواطنين».

خالد محمود

اشتباكات ليبيا تشير إلى تنامي نفوذ الدبيبة

قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)
قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)
TT

اشتباكات ليبيا تشير إلى تنامي نفوذ الدبيبة

قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)
قوات الأمن عززت وجودها في العاصمة بعد الاشتباكات الدامية (إ.ب.أ)

أدى مقتل قائد إحدى الجماعات المسلحة، التي تحظى بالنفوذ في العاصمة الليبية، مساء الاثنين، إلى اندلاع اشتباكات عنيفة استمرت لساعات، وطرد جماعته من معقلها الرئيس، وهو ما قد يؤدي إلى تعزيز نفوذ جماعات مسلحة متحالفة مع حكومة طرابلس. ويمكن أيضاً أن يكون لمقتل عبد الغني الككلي، الذي كان يسيطر على مساحات شاسعة من طرابلس على مدى سنوات، تداعيات على استقرار نطاق أوسع من المنطقة، خصوصاً أن الككلي، المعروف باسم غنيوة، كان رئيساً لجهاز دعم الاستقرار، وهو من الجماعات المسلحة القوية في طرابلس المتمركزة في منطقة أبو سليم، المكتظة بالسكان.

وليبيا من البلدان الرئيسة المصدرة للطاقة، وتشهد انقساماً منذ فترة طويلة بين فصائل شرقية وغربية متنافسة، وهي نقطة انطلاق للمهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط إلى أوروبا، وساحة معارك لقوى متنافسة في المنطقة. وبعد مقتل الككلي، أعلنت حكومة «الوحدة» الوطنية استكمال عملية أمنية ضد ما سمّاه رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة جماعات مسلحة غير نظامية. وأدار المسلحون الموالون للككلي سجوناً، وشغلوا مناصب في وزارات ومؤسسات مالية حكومية.

وقال طارق المجريسي، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: «كان غنيوة ملك طرابلس بحكم الأمر الواقع، إذ سيطر بعض أتباعه على جهاز الأمن الداخلي، بينما سيطر أتباع آخرون على توزيع التحويلات النقدية من البنك المركزي. كما كانوا يسيطرون على كثير من الشركات العامة والوزارات». ومن شأن توطيد السلطة في طرابلس أن يعزز قوة الدبيبة، حليف تركيا ورئيس حكومة «الوحدة» الوطنية، بعد محاولات متكررة لاستبداله بالقوة على مدى السنوات الماضية، ويدعم أيضاً موقفه في المواجهة الشاملة مع فصائل شرق ليبيا.

وبعد تصاعد التوتر بين فصائل مسلحة في ساعة متأخرة من مساء أمس الاثنين، انتشرت صور على الإنترنت تظهر جثة الككلي ملطخة بالدماء، ومسدساً إلى جانبها. ولم يتسن لوكالة «رويترز» التحقق من ملابسات مقتل الككلي، أو التحقق من الصور التي تظهر جثته. لكنّ كثيرين تعرفوا عليها، واندلع القتال في أنحاء طرابلس بعد فترة وجيزة من نشرها. وتمكنت فصائل تابعة لحكومة «الوحدة» الوطنية، بقيادة الدبيبة، من الاستيلاء سريعاً على الأراضي والقواعد التي سيطرت عليها جماعة «جهاز دعم الاستقرار»، برئاسة الككلي منذ فترة طويلة. ومن بين الأراضي منطقة أبو سليم، معقل الجماعة.

ومع سقوط الككلي، ربما تكتسب الفصائل التي تنضوي تحت لواء وزارة الدفاع والمتحالفة مع الدبيبة دوراً أكبر، ولا سيما «اللواء 444» بقيادة محمود حمزة، و«اللواء 111»، وقوة العمليات المشتركة من مصراتة. وربما يؤدي توحيد حلفاء الدبيبة إلى أن يصبح غرب ليبيا أشبه بالشرق، حيث استولى المشير خليفة حفتر على السلطة قبل عشر سنوات، بعد أن قضى على منافسيه، وأجبر الجماعات الأخرى على الخضوع لسيطرته. وقال عماد الدين بادي، الباحث في المجلس الأطلسي: «هذا الوضع يمهد الطريق لمستويات غير مسبوقة من السيطرة على الأراضي في طرابلس، والحد من عدد الجماعات المسلحة».