ليبيا: استئناف الإنتاج بحقول نفطية بضغط أميركي

تصاعد النزاع بين تكالة والمشري حول رئاسة «مجلس الدولة»

صورة لحقول نفط تم إعادة تشغيلها في ليبيا (القوات البرية بـ«الجيش الوطني»)
صورة لحقول نفط تم إعادة تشغيلها في ليبيا (القوات البرية بـ«الجيش الوطني»)
TT

ليبيا: استئناف الإنتاج بحقول نفطية بضغط أميركي

صورة لحقول نفط تم إعادة تشغيلها في ليبيا (القوات البرية بـ«الجيش الوطني»)
صورة لحقول نفط تم إعادة تشغيلها في ليبيا (القوات البرية بـ«الجيش الوطني»)

استمرت أزمة مصرف ليبيا المركزي، بينما تم استئناف إنتاج النفط من حقول نفطية كانت مغلقة، وتصاعد النزاع مجدداً بين الرئيسين الحالي والسابق لـ«المجلس الأعلى للدولة» في العاصمة طرابلس.

وأعلن محمد تكالة الرئيس السابق للمجلس، استلامه المقر الجديد له، في مبنى كان يتبع في السابق وزارة السياحة، بطريق الشط في العاصمة طرابلس، ومباشرة مهامه منه رسمياً.

خالد المشري (مجلس الدولة)

ولم يعلّق خالد المشري الرئيس الحالي لـ«مجلس الدولة»، على هذه الخطوة التي تعني استمرار النزاع مع تكالة حول أحقية كل منهما برئاسة المجلس.

والتزم مجلس النواب الصمت حيال تصريحات لبعض أعضائه، بوجود اتصالات لعقد اجتماع وشيك بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشري؛ للتوصل إلى توافق لحل أزمة المصرف المركزي.

وأكّد المصرف تحت إدارته الجديدة، المكلَّفة من «المجلس الرئاسي»، أنه يواصل ما وصفه بعمله الدؤوب؛ لمعالجة آثار أزمة السيولة المتراكمة من الفترات السابقة التي تتطلب بعض الوقت لحلها بشكل كامل، لافتاً إلى أن هذه الجهود في إطار التزام المصرف بصرف مرتبات شهر أغسطس (آب) للقطاعات المموّلة من الخزانة العامة للدولة كافةً، بالتزامن مع التعليمات الصادرة لإدارة الإصدار بتوجيهات استكمال توزيع السيولة النقدية على كل المصارف التجارية.

صورة نشرتها وسائل إعلام محلية لأول اجتماع لتكالة في مقره الجديد بطرابلس

وشدّد المصرف على أن أولوياته الحالية تتركّز في إنجاز استحقاقات المواطنين الأساسية، مؤكداً أن «إدارته مكتملة، وستباشر اختصاصاتها مستقبلاً للنظر في المسائل الاستراتيجية، وتطوير السياسات المالية والنقدية، بما يتماشى مع تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد».

ومع هذا، فقد طلب الصديق الكبير، المحافظ السابق للمصرف، من رئيس مجلس النواب، اعتماد الأسماء المقترحة لعضوية مجلس الإدارة الجديد للمصرف.

من جهة أخرى، قال مهندسون إن 3 حقول نفط ليبية - السرير ومسلة والنافورة - تلقّت تعليمات باستئناف الإنتاج، فيما قال منسق «حراك فزان في ليبيا»، بشير الشيخ، إنه تم استئناف إنتاج النفط في بعض حقول الجنوب الشرقي «بضغط أميركي».

ووفقاً لما أعلنته القوات البرية بـ«الجيش الوطني» التي يقودها الفريق صدام، نجل قائده العام المشير خليفة حفتر، فقد نفّذت «الكتيبة 672 مشاة» دورية أمنية انطلقت من مقر الكتيبة بمدينة أم الأرانب باتجاه الحقول النفطية في مرزق ووادي عتبة، مروراً بمشروعي مكنوسة وبرجوج الزراعي.

مستودع الزاوية النفطي بغرب ليبيا (شركة البريقة لتسويق النفط)

كما شملت الدورية حقل الفيل النفطي بحوض مرزق، حيث كُلّفت الكتيبة بحمايته وتأمينه، وصولاً إلى المرور بالشريط الحدودي بين ليبيا والجزائر قبل العودة إلى أم الأرانب.

وأدرجت القوات البرية في بيان لها، الأحد، هذه الدوريات ضمن «خطة تأمين المواقع الحيوية والاستراتيجية في الدولة، بهدف حماية البلاد من أي خروقات أمنية».

ونقلت وكالة «رويترز»، عن مهندسين في الحقول النفطية، أنها تلقّت تعليمات «باستئناف الإنتاج من قِبل مشغّل الحقول (شركة الخليج العربي للنفط) التي لم تقدِّم أي أسباب لذلك، وفقاً للمهندسين».

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر صدور تعليمات لاستئناف تشغيل الحقول الثلاثة؛ «لضمان استمرار تشغيل محطات الكهرباء وتوفير الوقود»، نافيةً صدور تعليمات، حتى الآن، لتشغيل بقية الحقول، موضحةً أن «ما تم تشغيله فقط لضمان استمرار إنتاج الكهرباء من محطة السرير»، لكن مصادر أخرى توقعت «فتح كل الحقول والموانئ النفطية المقفلة تباعاً».

واجهة مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)

وأدى الصراع على مصرف ليبيا المركزي إلى اندلاع حصار على إنتاج النفط، وتفجّر النزاع عندما تحرّك المجلس الرئاسي للإطاحة بمحافظ المصرف المخضرم الصديق الكبير، وتعيين مجلس منافس، ما دفع المنافسين المعترضين على هذه الخطوة إلى إغلاق جميع إنتاج النفط.

وكان ميناء الحريقة لتصدير النفط قد توقف عن العمل بسبب نقص إمدادات الخام، بعد الإغلاق شبه الكامل لحقل السرير النفطي، وهو المورّد الرئيسي للميناء، وفقاً للمهندسين في المحطة.

وعادةً ما ينتج حقل السرير حوالي 209 آلاف برميل يومياً، وقد ضخّت ليبيا حوالي 1.18 مليون برميل يومياً في شهر يوليو (تموز) الماضي بشكل إجمالي.

وطبقاً لما أعلنته المؤسسة الوطنية للنفط، فقد تسبّب إغلاق حقول النفط مؤخراً، في خسارة حوالي 63 في المائة من إجمالي إنتاج النفط في البلاد، بعد إعلان «حكومة الاستقرار» الموازية المكلّفة من مجلس النواب حالة «القوة القاهرة» على قطاع النفط بالكامل، وتوقف الإنتاج والتصدير، رداً على تعيين «المجلس الرئاسي» إدارةً جديدة للبنك المركزي بدلاً من المحافظ الصديق الكبير.

وفي شأن آخر، دعت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» المواطنين إلى عدم الانجرار وراء شائعات نقص الوقود بمستودعات «شركة البريقة لتسويق النفط والغاز»، وحثّت على الابتعاد عن الازدحام أمام محطات الوقود، والتحلّي بروح المسؤولية، وأكّدت أنها تتابع عن كثب عملية التوزيع، وأن الكميات المتوفرة كافية لتلبية كل الاحتياجات دون الحاجة للقلق.

وأكّد مدير أمن منفذ ميناء طرابلس البحري وصول ناقلة تحمل على متنها كمية من الوقود تقدّر بـ25 مليون لتر، وأوضح أن عملية توزيع الوقود على المحطات تسير بشكل طبيعي ومنظّم دون أي مشاكل تُذكَر.

الدبيبة في مهرجان بمصراتة (حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة)

بدوره، استغل عبد الحميد الدبيبة رئيس «حكومة الوحدة» المؤقتة مشاركته، مساء السبت، في حفل تأبين بمصراتة غرب البلاد، لتأكيد دعمه الكامل لاستعادة حقوق المهاجرين، وعدّ أنه «لا مبرّر لإخراج الناس من بيوتهم ومصادرة أرزاقهم»، معرِباً عن رفضه لأي «ضغوط أو مساومات في هذه القضية»، وأوضح أن المصالحة الوطنية «تبدأ برد المظالم وجبر الضرر، وأن استمرار الظلم لن يكون سبيلًا لتحقيق الوحدة».

كما عدّ الدبيبة، خلال حضوره ختام مهرجان مصراتة، أهمية مثل هذه المهرجانات «في تعزيز السياحة الداخلية، وتوفير فرص للترفيه والتنشيط للمواطنين خلال فصل الصيف».


مقالات ذات صلة

تباين ليبي حيال التعامل مع الإدارة السورية الجديدة

شمال افريقيا جانب من زيارة سابقة لوفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى دمشق (حكومة «الوحدة»)

تباين ليبي حيال التعامل مع الإدارة السورية الجديدة

يرى سياسيون ليبيون أن زيارة وفد حكومة «الوحدة» إلى سوريا وإن كان عنوانها الترحيب ودعم الإدارة الجديدة بقيادة الشرع، فإنها تسلط الضوء على التباين السياسي.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع صدام حفتر مع وفد قبيلة المزاوغة (رئاسة أركان القوات البرية بالجيش الوطني)

توتر عسكري جنوب ليبيا بعد سيطرة قوات حفتر على معسكر لـ«الرئاسي»

سادت حالة من التوتر العسكري بجنوب ليبيا، إثر تقارير تتحدث عن سيطرة قوات «الجيش الوطني» بقيادة المشير حفتر على معسكر تابع للمجلس الرئاسي، وسط صمت من الجانبين.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا أحمد الشرع مستقبلاً وليد اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة السبت الماضي (أ.ب)

مسؤول عسكري ليبي ينفي «هروب» 60 ضابطاً سورياً إلى بنغازي

نفى مسؤول عسكري ليبي ما يتردد بشأن «هروب» ضباط سوريين من حميميم إلى بنغازي، في وقت قال فيه مسؤول عسكري ليبي سابق أيضاً، إن بلده «لن تكون ملاذاً للفارين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لقاء سابق يجمع الدبيبة بعدد من أعضاء هيئة صياغة الدستور (حكومة «الوحدة»)

ليبيا: انقسام بين أعضاء «تأسيسية الدستور» بشأن «المواد الخلافية»

وسط مساعٍ يبذلها رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، للدفع قدماً نحو الاستفتاء على الدستور، يسود انقسام بين بعض أعضاء الهيئة التأسيسية بشأن بعض مواده.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع السفير البريطاني لدى ليبيا (حكومة الوحدة)

ليبيا: «الوحدة» تطالب بـ«الانتخابات»... وصالح يتمسك بتشكيل «حكومة جديدة»

 جددت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة عبر وزيرها للدولة للاتصال والشؤون السياسية ضرورة الذهاب المباشر للانتخابات بهدف إنهاء المراحل الانتقالية.

خالد محمود (القاهرة)

تباين ليبي حيال التعامل مع الإدارة السورية الجديدة

جانب من زيارة سابقة لوفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى دمشق (حكومة «الوحدة»)
جانب من زيارة سابقة لوفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى دمشق (حكومة «الوحدة»)
TT

تباين ليبي حيال التعامل مع الإدارة السورية الجديدة

جانب من زيارة سابقة لوفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى دمشق (حكومة «الوحدة»)
جانب من زيارة سابقة لوفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى دمشق (حكومة «الوحدة»)

تباينت ردود فعل جبهتي شرق ليبيا وغربها حيال التعامل مع الإدارة السورية الجديدة، خصوصاً بعد أن أنهى وفد حكومة «الوحدة الوطنية»، الذي ترأسه وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، وليد اللافي، زيارة إلى دمشق، أثارت بعض الجدل داخلياً، في حين لا تزال سلطات شرق ليبيا تترقب تطورات الأمور.

ووفقاً لرؤية نخب سياسية، فإن زيارة وفد حكومة «الوحدة» إلى سوريا، وإن كان عنوانها الترحيب ودعم الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، فإنها تنبئ عن محاولة لتسليط الضوء على التباين السياسي في المواقف بين الحكومتين المتنازعتين على السلطة حيال قادة دمشق الجدد.

بداية، يرى عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، «يحاول إيصال رسالة تفيد بأنه وحلفاءه الأتراك اصطفوا مبكراً مع الفريق المنتصر في سوريا»، كما يرى أنه «انضمام لمواقف أنقرة الداعم الأبرز للقيادة السورية الجديدة».

ونوه التكبالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حكومة الدبيبة «تعتقد أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يبارك ما يجري في دمشق؛ وهو ما يعني أن واشنطن قد لا تمانع مستقبلاً بقاءها على رأس السلطة في طرابلس».

ويرى التكبالي أن «قيادات شرق ليبيا السياسية والعسكرية تكتفي حالياً بمراقبة ما يحدث من تطورات بالمنطقة»، بجانب الأوضاع في سوريا.

وكان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قد التقى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في فبراير (شباط) 2023، ضمن زيارة قام بها اتحاد البرلمان العربي إلى دمشق.

وأشار التكبالي إلى أن ما يتردد عن «تعهد حكومة الدبيبة بتقديم 50 مليون دولار لسوريا أشعل الانتقادات بمواجهتها على منصات التواصل الاجتماعي».

جانب من زيارة سابقة لوفد حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة إلى دمشق (حكومة «الوحدة»)

وبشأن إمكانية ترحيل «المرتزقة السوريين» من غرب ليبيا، قال التكبالي إن «كثيراً من النخب السياسية تستبعد أن تثمر هذه الزيارة عن ترحيل هذه العناصر التي جلبتها تركيا إلى طرابلس بداية عام 2020، بهدف دعم قوات حكومة (الوفاق الوطني) خلال الحرب على العاصمة، ومن المعلوم أن هؤلاء لن يغادروا إلا بأوامر أنقرة».

وعبر منصات التواصل الاجتماعي، رحّب البعض بزيارة وفد «الوحدة» إلى دمشق، بوصفها دعماً لإرادة الشعب السوري، في حين طالبت أصوات أخرى بالتركيز على الأوضاع الداخلية في ليبيا، وحل مشكلة السيولة وتحسين البنية التحتية.

من جهته، عدّ وكيل وزارة الخارجية الأسبق، السفير حسن الصغير، زيارة اللافي إلى دمشق بأنها «مجاملة من حكومة الدبيبة لحليف أنقرة الجديد»، وأشار إلى أن «ما سيحدد العلاقة بين الشرق الليبي وتلك الإدارة الجديدة هو الموقف التركي».

وقال الصغير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت علاقة سوريا جيدة مع شرق ليبيا فستكون المعاملة بالمثل، والعكس صحيح؛ فالقرار في أنقرة وليس بدمشق».

وشهدت العلاقات بين أنقرة وشرق ليبيا تقدماً كبيراً خلال العامين الماضيين، تمثلت في زيارة صالح إلى أنقرة أكثر من مرة، وأيضاً زيارات نجلي حفتر صدام وبالقاسم، كما عقدا لقاءات مع كبار المسؤولين بالحكومة التركية.

ولم يستبعد الصغير «عودة بعض أعضاء التنظيمات المتطرفة الليبية»، إلى البلاد، التي قال إنها «انضمت لتنظيمات متطرفة سورية خلال صراعها مع نظام الأسد في 2012 و2013».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرّاً لها، والثانية مكلفة من البرلمان بقيادة أسامة حماد، وتحظى بدعم «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

من جهته، عدّ عضو مجلس النواب الليبي، صالح افحيمة، زيارة وفد «الوحدة» «مناكفة سياسية» لمنافستها حكومة حماد، وقال في إدراج له إن توقيت الزيارة «يعكس سعياً لاستباق أي تحركات دبلوماسية من قبل حكومة حماد تجاه سوريا، وبناء علاقات مع الإدارة الجديدة، إلى جانب محاولة الوجود بالساحة الإقليمية باستغلال الزخم الحالي حول دمشق».

في المقابل، ذهب المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش إلى أن زيارة وفد «الوحدة» لدمشق تعد مماثلة لزيارات أخرى أجرتها وفود من دول عدة، للتعرف على الإدارة الجديدة، وإعلان الدعم للشعب السوري.

واستبعد فركاش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ما يردده البعض عن احتمالية «سعي حكومة الدبيية لتدشين تحالف سوري - ليبي في مواجهة التمدد الروسي في المنطقة»، لافتاً إلى أن الدبيبة طلب من موسكو توضيحات بشأن الأنباء المتداولة عن نقل عتادها العسكري إلى الشرق الليبي.