حذر المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو من احتمالات اتساع رقعة الحرب لتهدد أمن واستقرار كامل الإقليم، مؤكداً عدم قدرة أي طرف في حسم النزاع عسكرياً. وحمّل استمرار الحرب لـ«قوى سياسية سلبية» في السودان، يقودها رموز النظام السابق وعناصر حزب المؤتمر الوطني (الحاكم في عهد الرئيس المعزول عمر البشير)، تمارس الضغوط على مجلس السيادة للاستمرار في الحرب من أجل العودة للحكم مجدداً، لضعف شعبيتهم.
وقال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان «توم بيرييلو» في إيجاز إلكتروني لصحافيين حول العالم، الخميس، إن توسع رقعة الحرب واستمرارها يهددان أمن واستقرار الإقليم بأكمله، وإن الجميع سيخسرون حال استمرارها وتصعيدها، وحث كلاً من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على وقف الحرب والعودة للتفاوض السلمي، بقوله «لا يمكن لأحد الفوز في هذه الحرب عسكرياً».
قوى سلبية وراء استمرار الحرب
وأشار إلى ما سماه «قوى سلبية»، وقال إن لها مصلحة في استمرار الحرب، وتابع: «هناك لاعبون سلبيون في الداخل يحتاجون إلى استمرار هذه الحرب... لقد رأينا بعض القوى السياسية، مثل المسؤولين من النظام السابق، ومن حزب المؤتمر الوطني، من الذين يعرفون أنهم لا يملكون دعم الشعب، لذلك يحتاجون إلى الحرب، للاستمرار في محاولة تأمين السلطة الحكومية أو السياسية».
واتهم بيرييلو مسؤولين في «نظام الإسلامويين» السابق، وقادة بحزب المؤتمر الوطني بـ«القيام بكثير من الأعمال السلبية، لتقويض (سلطة) البرهان والمجلس السيادي»، وأضاف: «هناك أيضاً من يحقق أرباحاً من الحرب، وهم يحتاجون إلى استمرارها لتحقيق الربح منها، بينما نرى المزيد من المقاتلين الأجانب ينضمون إلى قوات الدعم السريع، وهم لا يملكون أي اهتمام أو مصلحة في استقرار السودان».
وحذر من دور من سماهم اللاعبين السلبيين وخطرهم على استقرار الإقليم بقوله: «هؤلاء اللاعبون السلبيون يجعلون من المرجح أن تتحول هذه الحرب لمصدر لعدم الاستقرار الإقليمي، بجانب بعض اللاعبين الخارجيين السلبيين سيمثلون تهديداً طويل الأمد للمدنيين في المنطقة»، وتابع: «هم يعيقون عمل مجلس السيادة، ويعطلون إيصال الأدوية والمساعدات للناس».
اتهامات للإعلام بالتجاهل
وقال بيرييلو إن معاناة السودانيين حظيت باهتمام محدود في وسائل الإعلام الغربية، ووجه حديثه للصحافيين، قائلاً: «نحن نلفت انتباهكم للمعاناة البشعة التي يعيشها شعب السودان، وننقل لكم كل أخبار جيدة، فمبادرة (متحدون) التي تشكلت في جنيف من الدول والمنظمات الدولية من أجل السلام في السودان، أفلحت في إقناع طرفي الحرب بتقليل معاناة الناس، والرئيس الأميركي جو بايدن والوزير أنتوني بلينكن يتابعان جهودنا لإحراز تقدم فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية، والحد من الأعمال العدائية».
وتضم مبادرة «متحدون» الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي والهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا «إيغاد» والولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر وسويسرا.
وأشار المسؤول الأميركي إلى ما سماه غياب الإرادة السياسية لدى طرفي الحرب، وقال: «إنهم يسعون لجمع الأطراف لمواجهة الأزمة الإنسانية، وحث الطرفين على (احترام حياة المدنيين حتى في الحرب)»، مشيراً إلى ما سماه «قرارات بديلة» قد تتخذ في المستقبل للحد من الأعمال القتالية في السودان.
وتعهد بيرييلو بدعم تطلعات السودانيين إلى بناء سوداني ديمقراطي، وإتاحة الفرصة لهم ليحددوا مستقبلهم بأنفسهم، وذلك بمشاركة بعض الأطراف الفاعلة، وإجراء مفاوضات مباشرة مع الدول الشريكة والدول الأخرى.
ترتيبات لمحادثات أخرى
وكشف عن تواصل مستمر مع قادة الجيش السوداني وقادة قوات الدعم السريع بقوله: «مرة أخرى نحن نعتقد بدء محادثات مباشرة، وعلى المجتمع الدولي والولايات المتحدة دعمها»، وتابع: «ندرك مدى الحاجة الملحة لمواصلة البناء على النجاحات التي تحققت في جنيف، من أجل الحد من المجاعة وإيصال المساعدات، ووقف الأعمال العدائية».
وأشاد بيرييلو بدور الحكومة المصرية واستضافتها لأكثر من مليون لاجئ، وإدراكها جدية الأزمة في السودان، والدور المطلوب منها في حل الأزمة، مجدداً التأكيد على مرجعية «إعلان جدة الإنساني» بقوله: «في سويسرا حاولنا إقناع طرفي النزاع (الدعم السريع والجيش) بالتواصل فيما بينهم، وأعلنا تبنينا لإعلان جدة، لكن هناك من يتخلون عن التزاماتهم، ونعمل على إقناعهم بالالتزام بما جاء في الإعلان».
ودعا دول العالم والإقليم لوقف تسليح طرفي القتال في السودان وقال: «نطلب من الدول المساعدة في وقف إطلاق النار في السودان، وقف نقل الأسلحة إلى الطرفين» وتابع: «بعض الفاعلين مهمون جداً لإنفاذ جهود الحد من تدفق الأسلحة من الدول المعنية»، محذراً من أن «تدفق السلاح إلى الطرفين قد يؤدي لتشظي السودان، لذلك نطلب منهم وقفه، ونطلب منهم كذلك المساعدة في إعادة إعمار السودان».
وتعهد الموفد الأميركي بالعمل على تحقيق رغبة السودانيين في إعادة بناء بلدهم، واستعادة الحكم المدني، وبناء جيش وطني محترف، بقوله: «نحن نأمل في أن نرى السودان موحداً وشعبه متحداً لإنهاء الحرب، وأن نرى سوداناً مدنياً مستقلاً لديه جيش وطني محترف، فما يحدث في هذا البلد هو الأزمة الإنسانية الكبرى، التي قد تهدد استقرار المنطقة بكاملها».