«الدعم السريع»: لن نسمح بتقسيم السودان وتكرار تجربة الجنوب

رئيس وفده إلى محادثات جنيف تحدث إلى «الشرق الأوسط» عن خياراتهم إذا فشل التفاوض

العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)
العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)
TT

«الدعم السريع»: لن نسمح بتقسيم السودان وتكرار تجربة الجنوب

العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)
العميد عمر حمدان (الثالث من اليمين) خلال لقاء مع ممثلين للسعودية والاتحاد الأفريقي في جنيف (موقع «إكس»)

ما انفض سامر مفاوضات جنيف الخاصة بوقف الحرب في السودان، بدون إحراز تقدم حول «وقف العدائيات»، حتى عادت الهواجس من كل حدب وصوب على السودانيين خوفاً من الأسوأ؛ حيث كانوا يأملون نهاية للحرب، التي دمرت بلادهم وشردتهم في بقاع الأرض، وبات شبح المجاعة يهدد أكثر من نصف السكان.

رئيس وفد «قوات الدعم السريع» إلى مفاوضات جنيف بسويسرا العميد عمر حمدان، لم يُخفِ المخاوف من الخطوة، مشيراً في حوار مع «الشرق الأوسط»، إلى أن قواته كانت تأمل في إنجاز اتفاق وقف العدائيات بآلية مراقبة فعالة، لكن غياب وفد الجيش فوّت هذه الفرصة... مطالباً المجتمع الدولي بالضغط عليهم لإرسال وفد إلى التفاوض، محذراً من أنه في حال فشل التفاوض فإن الخيار العسكري سيكون مطروحاً على الأرض. غير أنه أكد تمسُّكه بمبدأ السودان الواحد، قائلاً إن قواته لن تسمح بالتقسيم ولن تكرر سيناريو جنوب السودان، الذي انفصل بعد حرب دامت 38 عاماً على فترتين مكوناً دولة مستقلة، وفقد السوان إثرها ثلث مساحته وخُمس سكانه و70 في المائة من ثرواته البترولية والطبيعية. ولم يستبعد أيضاً تشكيل حكومة موازية، إذا تعقدت الأمور، لكنه أشار إلى أن هذا الأمر متروك لتقدير القيادة.

وقال حمدان، الذي قاد أيضاً رئاسة وفد «الدعم السريع» لمفاوضات «جدة1» و«جدة»: «إن الجيش السوداني مختطف وقراره عند أمير الحركة الإسلامية»، التي قال إنها اختارت خط الحرب إلى النهاية». وحول الاتهامات بالانتهاكات التي يرتكبها عناصر من الدعم السريع، قال إنها «تصرفات وتفلتات فردية»... وإن قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) سيُصدر توجيهات «استثنائية وصارمة» لوقف مثل هذه الانتهاكات ضد المدنيين.

محادثات جنيف

يقول حمدان عمر، رئيس وفد «قوات الدعم السريع» إلى مفاوضات جنيف، إن المفاوضات لم تلبِّ كل الطموحات، لكنها في الوقت نفسه كانت خطوة كبيرة للأمام، من خلالها أصبح المجتمع الدولي أكثر اتحاداً وجدية في إنهاء الحرب في السودان. وأكد حمدان: «أنجزنا خلال المفاوضات عملاً كبيراً بشأن إيصال المساعدات الإنسانية، عبر معبر أدري الحدودي مع تشاد، الذي يخضع لسيطرة (الدعم السريع) منذ بداية الحرب»، لكن حكومة بورتسودان كما يسميها «حرمت المنظمات الدولية من الدخول عبره بإصدارها قرارات الإغلاق على الورق فقط، كما تم فتح منفذ الدبة في شمال البلاد، وهي خطوة إيجابية كبيرة على الصعيد الإنساني».

«وسطاء جنيف» قالوا إن غياب الجيش السوداني أعاق محاولات وقف إطلاق النار (إ.ب.أ)

وأضاف حمدان: «في المقابل لم تحقق المحادثات هدفها الرئيسي وهو وقف العدائيات، وهي القضية الرئيسية التي كان ينتظرها الشعب السوداني، بسبب تمترس ورفض قادة الجيش المختطفين من قبل الإسلاميين الذين لم يمكنونا من إنجاز الاتفاق بآلية مراقبة فعالة». وأوضح حمدان: «أجرينا في جنيف مناقشات مفيدة مع الوسطاء والمنظمات الأممية في شأن إيصال المساعدات وحماية المدنيين، على الأقل في مناطق سيطرتنا من خلال قوة حماية المدنيين (تم تشكيلها أخيراً) وسيصدر قائد (قوات الدعم السريع) الفريق محمد حمدان دقلو توجيهات استثنائية صارمة بعدم التعرض للمدنيين».

ولم يستبعد العميد حمدان عقد جولة مفاوضات أخرى، مشيراً إلى أن الوسطاء والشركاء تحدثوا بوضوح وأكدوا أنهم سيواصلون جهودهم مع الأطراف لعقد جولات أخرى، «ومن جانبنا فإن التفاوض مسألة مبدئية كما ذكر ذلك قائد الدعم السريع مراراً وتكراراً منذ بداية الحرب، ومتى ما دُعينا إلى تفاوض ينهي معاناة شعبنا فسنكون أول المستجيبين، وهي قضية استراتيجية بالنسبة لنا وليست تكتيكية».

أسباب غياب وفد الجيش

وحول أسباب غياب وفد الجيش واستبداله بوفد حكومي، قال حمدان: «هذه مبررات واهية ومضحكة... كل المفاوضات السابقة في (جدة 1) و(جدة 2) ومفاوضات المنامة والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) وجنيف الأولى، كانت تتم بين وفدين من (الدعم السريع) والقوات المسلحة، وحتى اتفاق إعلان مبادئ جدة الذي يرفعونه كفزاعة، موقع بين الطرفين؛ لذا فإن شرطهم بالمشاركة بوفد يمثل الحكومة لم يكن منطقياً».

البرهان لم يرسل وفده إلى جنيف... وعد المفاوضات «تبييض جانب الدعم السريع» وفي الصورة مع قواته قاعدة جبيت العسكرية (أرشيفية - رويترز)

وأضاف: «إجراءات وقف العدائيات وإيجاد آلية للمراقبة والتحقق على ما اتفق عليه، وتنفيذ إعلان جدة ومقررات المنامة، يستدعي وجود وفد القوات المسلحة على طاولة المفاوضات؛ لمعرفة من الذي يحتل منازل المواطنين، ومن يقصف المدنيين بالطيران دون التمييز بين الأعيان المدنية والعسكرية». وتابع قائلاً: «المبررات التي ذكروها غير منطقية ولا موضوعية، والمبرر الوحيد من وجهة نظرنا هو أن الحركة الإسلامية التي اختطفت القوات المسلحة تمنعهم من الحضور... نحن نعلم يقيناً أن الحركة الإسلامية اختارت خط الحرب إلى النهاية، والقوات المسلحة مختطفة وليس لها قرار».

وحول حديث قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بأنهم لن يحضروا إلى جنيف، وسيحاربون لـ100 عام، قال: «الحركة الإسلامية هي صاحبة اليد العليا على الجيش، لكن المجتمع الدولي لديه آليات ضغط، وإذا مارس الضغوط اللازمة يمكن أن يجبر الحركة الإسلامية وجيشها وكل توابعها على اختيار طريق السلام. الآن هناك مجاعة في السودان، ولا يمكن للعالم أن يشاهد هذه المأساة الإنسانية الأسوأ ويتفرج عليها، لذلك لا بد من ضغوط دولية قوية لإجبارهم على السير في طريق وقف الحرب».

الضغوط الدولية لم تفلح

ولكن ضغوط المجتمع الدولي لم تفلح في عهد الرئيس المعزول عمر البشير؛ لإجباره على تغيير مواقفه، فهل تنجح حالياً؟ في هذا الإطار يقول حمدان: «صحيح أن حكومة الإنقاذ كان لها تجربة في تحدي المجتمع الدولي، لكن الوضع في ذلك الوقت كان مختلفاً، كانت تحكم بحزب واحد يتحكم بكل مفاصل الدولة، وكان يجد دعماً دولياً؛ لذلك استمر في العناد، لكن (مجموعة بورتسودان) يوجدون في أقل من 30 في المائة من أرض السودان، ونحن سيطرنا على التصنيع الحربي والكثير من المفاصل؛ لذلك هم في أوهن حالاتهم، وليست لديهم القدرة للعناد والصمود، وأعتقد أنهم سيجبرون على التفاوض».

اتهامات في مواجهة «الدعم السريع»

وحول الاتهامات بوجود «قوات الدعم السريع» في منازل المدنيين، ومطالبة الجيش لهم بخروجهم منها كشرط للعودة إلى المفاوضات، يقول مفاوض «الدعم السريع»: «حرب 15 أبريل (نيسان) دارت في المدن والقرى السودانية، ولم تكن حرباً في الفضاء، وبالتالي فإن الخسائر عادة تكون كبيرة، خصوصاً أن معسكرات الجيش توجد في داخل الأحياء. الحرب أجبرت الملايين على الخروج من منازلهم فراراً من ويلاتها، فهل يُعقل أن تكون قواتنا موجودة في كل تلك المنازل؟ هم في الحقيقة يعنون أنهم يريدوننا أن نخرج من المناطق والمواقع التي سيطرنا عليها، ومن شروطهم أن تخرج (قوات الدعم السريع) من ولاية الجزيرة (وسط البلاد)، ولا يمكن أن نخرج من مناطق سيطرنا عليها بقوة السلاح من دون أن نصل إلى اتفاق نهائي. وحديثهم عن الخروج من منازل المدنيين هو فقط لـ(دغدغة مشاعر المواطنين السودانيين)».

محمد حمدان دقلو (حميدتي) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»

وأضاف: «إعلان جدة يتحدث عن جانبين، هما المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، ولم تكن به آليات للتنفيذ، ونص على التمييز بين الأعيان المدنية والمواقع العسكرية، والقوات المسلحة تقوم بقصف المستشفيات والكباري ومصفاة الجيلي، وتدمر كل البنية التحتية في السودان. ومن وجهة نظرنا، يجب أن نجلس للتفاوض للاتفاق على وقف العدائيات عبر آلية مراقبة فعّالة لمعرفة من الذي يحتل منازل المواطنين ويخل بالاتفاقيات ولا عهد له».

الحسم العسكري وارد

وبشأن السيناريوهات المحتملة إذا فشلت المفاوضات، قال عمر حمدان: «أمامنا خياران إذا فشلت جهود المفاوضات والحوار: الأول أن يمارس المجتمع الدولي الضغط لإجبار القوات المسلحة على الحضور إلى طاولة المفاوضات وإنهاء الحرب، أو أننا سنواصل تحرير ما تبقى من أرض البلاد، ونخلّص السودانيين من تجار الدين والحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني وأذيالهم».

وأكد حمدان أن «الدعم السريع يستطيع حسم المعركة عسكرياً، وهو السيناريو الأغلى تكلفة وغير محبذ لنا. نحن نشعر بالجحيم الذي يعيشه السودانيون، لكن إذا أصر البرهان ومجموعته على مواصلة القتال، فسنخلص السودانيين منهم عسكرياً، وهناك تجارب شبيهة للحسم العسكري إقليمياً كما تم في رواندا، وهو وارد جداً».

إعلان حكومة موازية وارد

وحول الخيارات التصعيدية التي أشار إليها قائد «الدعم السريع»، يقول حمدان: «هي كثيرة ومفتوحة، وقائد (الدعم السريع) لم يحدد خياراً بعينه».

وحول ما إذا كان من بين الخيارات إعلان حكومة موازية في السودان أو دارفور، قال: «الدعم السريع مع وحدة السودان، ولن يسمح بالتقسيم، ولدينا حكومات وإدارات مدنية في المناطق التي نسيطر عليها، وأخيراً وافق القائد على تشكيل إدارات مدنية في الولايات؛ لأن هناك حاجة ماسة لتقديم الخدمات للمواطنين في مناطق سيطرتنا. أما تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان فهي مسألة أخرى متروكة لتقديرات القيادة.

عمر حمدان (الثاني من اليمين) مع أعضاء وفده إلى محادثات جنيف (موقع الدعم السريع)

لكن كل الخيارات مفتوحة وواردة، نحن لن نسمح بتقسيم السودان إطلاقاً، بل نرى أن السودان يجب أن يظل موحداً، ولن نسمح بالتجربة القاسية لنظام البشير بفصل الجنوب وهو جزء عزيز من أرض السودان، والآن أصبح دولة جديدة». وتابع قائلاً: «في إعلان جدة واتفاق المنامة أكدنا بوضوح على أن يظل السودان واحداً موحداً، ولدينا سرطان اسمه الحركة الإسلامية يجب القضاء عليه».

اتهامات بالفشل في إدارة مناطقها

ورداً على اتهامات بفشل «قوات الدعم السريع» في تقديم الخدمات لمناطق سيطرتها، يقول حمدان: «هناك معاناة سببها أن مجموعة بورتسودان قطعت خدمات الإنترنت والمياه في كل مناطقنا بالخرطوم وأم درمان والجزيرة، وأقفلوا الحسابات النقدية للمواطنين، وحرموا السودانيين من الحصول على الأوراق الثبوتية. الآن شكلوا لجاناً لنزع الأوراق الثبويتة من السودانيين. في المقابل، نبذل مجهودات كبيرة عبر الإدارات المدنية لكي تقوم بدروها، وسنقدم كل ما نستطيع لهم، وسنعمل على إشراك المجتمع الدولي في تقديم المساعدات الإنسانية في مناطقنا».

انتهاكات «الدعم»

ورداً على سؤال حول الاتهامات بقصف المدنيين في كرري والفاشر وأم درمان، يقول العميد حمدان: «نحن لا نستهدف إطلاقاً المناطق المدنية، بل نستهدف المواقع العسكرية. لكن هناك وحدات عسكرية في وسط الأحياء السكنية مثلما في كرري ووادي سيدنا، وكذلك سلاح الذخيرة في حي الشجرة، وسلاح الأسلحة في الكدرو. أما بالنسبة للفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور فإن عناصر (الارتزاق المسلح)، بقيادة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم، موجودون داخل المستشفيات ونشروا القناصين في المساجد، وسبق أن قدمنا مبادرة بإخلاء الفاشر من القوات المسلحة وتركها للحركات المسلحة المحايدة، لكن للأسف الجيش رفض هذه المبادرة».

مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور أكثر مدن دارفور تأثراً بالحرب على مدى السنوات الماضية وحالياً (أ.ف.ب)

وأضاف حمدان: «قمنا بتشكيل قوة حماية المدنيين لمساعدة الإدارات المدنية في مناطق سيطرتنا على إنفاذ القانون، بجانب قوات الشرطة العسكرية والاستخبارات والشرطة ووكلاء النيابة والمستشارين القانونيين، وهذه القوة تتلقى جرعات إضافية في التدريب على احترام القانون الدولي الإنساني والتعامل مع الجمهور، رغم حاجتنا الماسة لهذه القوات في القتال. الآن بدأت قوة حماية المدنيين في الخرطوم والجزيرة وستتمدد للمناطق الأخرى، وتتكون كل مجموعة من 27 عربة قتالية».

نعم للحكم المدني ولا لعودة الإطاري

وحول المخاوف التي يبديها كثير من المراقبين من أن تقوم «قوات الدعم السريع» في حال سيطرتها على كل مناطق السودان بإقامة حكومة عسكرية، والتخلي عن الشعارات التي يطلقها بعودة الحكم المدني الديمقراطي، يذكِّر حمدان بأن «قوات الدعم السريع» انحازت لخيارات الشعب السوداني في الانتقال الديمقراطي، «وهذا كان موقفنا قبل اندلاع الحرب، ووقفنا مع الاتفاق الإطاري الذي قبله البرهان، ثم غدر بنا وتراجع عن الاتفاق». والحرب قامت لأننا قمنا بالدفاع عن الحكم المدني ووقعنا الاتفاق الإطاري.

ويضيف: «نحن أكثر إصراراً على تسليم السلطة للمدنيين، وكانت هذه المسالة واضحة في اتفاق المنامة. نحن لسنا طلاب سلطة، ومع التحول المدني الديمقراطي في البلاد، ولا بد من إنهاء الحرب وكسر الدورة الشريرة للانقلابات العسكرية التي تنقلب على الأنظمة المدينة الديمقراطية».

وحول ما إذا في الإمكان العودة إلى وثيقة الاتفاق الإطاري مرة أخرى، قال: «بعد مرور 16 شهراً على الحرب، يصعب العودة للاتفاق الإطاري؛ لأنه يتحدث حول قضايا محددة، منها الإصلاح الأمني العسكري، والآن لا بد من النظر بعمق أكبر للأمور؛ إذ لا يمكن إصلاح مؤسسة مختطفة، قرار قائدها من أمير الحركة الإسلامية، وقادتها تحقق معهم سناء حمد (قيادية في الحركة الإسلامية)، ولا يمكن أن نعود لإصلاح مثل هذه المؤسسة، وهذا يعني إعادة الحرب في السودان».

نتفق مع «تقدم»

وحول الاتهامات التي تطول تنسيقية «تقدم» التي يقودها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، يقول حمدان: «(تقدم) تدعو بوضوح إلى وقف الحرب العبثية منذ بداية اندلاعها، ونحن نتفق معها في ذلك، كما تتحدث أيضاً عن ضرورة التحول المدني الديمقراطي ونحن مع ذلك. أما الحديث عن اتهامات لهم بأنهم عملاء، فهذه فرية يستخدمها نظام الإنقاذ ضد كل من يعارضه، ويصفه بالعميل وغير الوطني وأنه قادم من تشاد أو النيجر، وهي الاتهامات ذاتها التي كان يدمغ به الدكتور جون قرنق، ويشكك في أصوله السودانية قبل الاتفاق معه. في المقابل، هم يرتمون في أحضان إيران، والآن بصدد بيع أرض السودان وساحل البحر الأحمر لإيران».

«فلول» في «الدعم»

وحول الاتهامات بوجود ما يُطلق عليهم «فلول» النظام السابق بين عناصر «الدعم السريع»، يرد حمدان بالقول: «نعم، قد يكون هناك أشخاص كانوا جزءاً من نظام الإنقاذ وأدركوا خطأهم وتخلوا عنه. مثلاً (المؤتمر الشعبي) الآن هو مع التحول الديمقراطي. لا يمكن أن نأخذهم بهذه الجريرة مدى الدهر».

ورداً على سؤال عن أسباب تخليه عن الجيش السوداني وانضمامه إلى «الدعم السريع»، يقول حمدان: «أنا التحقت بـ(قوات الدعم السريع) قبل 8 سنوات، وتم انتدابي لها من قبل الجيش نفسه، أما موقفي في خوض الحرب مع (الدعم السريع) فهو لأنني أرى أن الجيش استُخدم بطريقة سيئة، فهو ثاني جيش يخوض حروباً ضد شعبه، بعد جيش ميانمار الذي لديه تجربة 60 عاماً في هذا المجال. الجيش استُخدم بشكل سيئ جداً كعصا غليظة لتركيع السودانيين، وهناك نخب سيئة جداً استغلت الجيش في فرض إرادتها في قتل الشعب السوداني؛ لذلك أنا مع خروج المؤسسة العسكرية من السياسة إلى الأبد، وأن ترجع القوات المسلحة إلى واجبها الأساسي في حماية الوطن والمواطن وليس حماية الأنظمة الحاكمة».


مقالات ذات صلة

​ما سر خلاف الجيش السوداني و«الدعم السريع» حول معبر «أدري»؟

شمال افريقيا سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات بمدينة أدري التشادية بعد فرارهن من دارفور (رويترز)

​ما سر خلاف الجيش السوداني و«الدعم السريع» حول معبر «أدري»؟

أعلنت الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان الساحلية عاصمة مؤقتة الاستجابة لمطلب تمديد فتح معبر «أدري» الحدودي مع تشاد

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أفريقيا مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

اتهمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حلفاء القوى المتحاربة في السودان بـ«تمكين المجازر» بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
شمال افريقيا مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط مجلس الأمن في نقاشات حول مشروع قرار بريطاني لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال فوراً والسماح بتسليم المساعدات الإنسانية.

علي بردى (واشنطن) محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

مصدر مصري مسؤول قال لـ«الشرق الأوسط» إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة ضمن آلية رباعية لتنسيق مساعٍ لحلحلة الأزمة السودانية»

أحمد إمبابي (القاهرة)

كيف تنعكس انتخابات «أرض الصومال» على توترات «القرن الأفريقي»؟

التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)
التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

كيف تنعكس انتخابات «أرض الصومال» على توترات «القرن الأفريقي»؟

التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)
التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)

أجرى إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، الأربعاء، انتخابات رئاسية في ظل تساؤلات حول تأثير نتائجها على توترات منطقة القرن الأفريقي، خصوصاً الخلاف الصومالي - الإثيوبي، المتعلق بمساعي أديس أبابا للحصول على ميناء بحري بالإقليم، مقابل الاعتراف باستقلاله عن مقديشو.

وبينما تنافس في الانتخابات ثلاثة مرشحين، بينهم الرئيس الحالي للإقليم، موسى بيحي عبدي، لم يعول المراقبون كثيراً على تأثير جذري للنتيجة على أزمة «الاتفاق الإثيوبي»، في ظل دعم الثلاثة للاتفاق، وإن اختلفت رؤيتهم حول كيفية إدارة الأزمة مع جمهورية الصومال.

ويقع «أرض الصومال»، في الجزء الشمالي الغربي للصومال، بمنطقة استراتيجية عند التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر. وأعلن الإقليم انفصاله بشكل منفرد عن مقديشو، في مايو (أيار) 1991، من دون أي اعتراف دولي.

وتوجّه الناخبون في «أرض الصومال»، الأربعاء، إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد لإدارة الإقليم لمدة 5 سنوات، وسط إجراءات أمنية مشددة؛ لضمان التصويت بشكل سلمي، حسب «وكالة الأنباء الصومالية».

وتعدّ الانتخابات هي الرابعة بالإقليم، منذ إعلان انفصاله عام 1991، وكان من المقرر أن تجري عام 2022، غير أن لجنة الانتخابات الوطنية، قامت بتأجيلها إلى نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مع تمديد ولاية الرئيس الحالي للإقليم، الذي يتولى الرئاسة منذ 2017، بداعي «قيود زمنية وتقنية ومالية».

ويسعى ثلاثة مرشحين للفوز برئاسة الإقليم، بينهم الرئيس الحالي عبدي، الذي ينتمي إلى حزب «السلام والوحدة والتنمية»، إلى جانب مرشح حزب «واداني»، عبد الرحمن عبد الله، المعروف بـ«إرو»، ومرشح حزب «العدالة والتنمية»، فيصل ورابي.

وتنظر حكومة مقديشو للإقليم باعتباره إدارة محلية ضمن جمهورية الصومال الفيدرالية... وفي تعليقها على العملية الانتخابية، دعت وزارة الداخلية الصومالية، إلى انتخابات «حرة في المحافظات الشمالية بالبلاد (أرض الصومال)»، وحثت في إفادة لها، الأربعاء، لجنة الانتخابات على «ضمان شفافية الانتخابات ونزاهتها».

وتجرى الانتخابات، وسط تصاعد التوتر بين الصومال وإثيوبيا، إثر توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم، مع «أرض الصومال» بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، مقابل الاعتراف بالإقليم بصفته دولةً مستقلة، وهو ما عدّته الحكومة الصومالية «اعتداءً على سيادتها وأراضيها».

ويقلل أستاذ العلاقات الدولية في المعهد العالي للدراسات الأمنية بالصومال، حسن شيخ علي، من وزن الانتخابات الرئاسية في «أرض الصومال»، ويرى أنها «إجراء داخلي بإقليم، جزء من الدولة الصومالية»، مشيراً إلى «وجود انقسام بين النخب السياسية في منطقة أرض الصومال، وبين رؤى وأفكار المرشحين بالانتخابات».

وأوضح شيخ علي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانتخابات يتنافس بها، ثلاثة أطياف للقوى السياسية بالإقليم»، مشيراً إلى أن «الفريق الأول، انفصالي متشدد، ويمثله الرئيس الحالي للإقليم»، أما «الفريق الثاني، فيدعم الانفصال، لكنه يرى ضرورة الحوار مع الحكومة الفيدرالية»، بينما الفريق الثالث «ضد الانفصاليين، غير أنه أقل تأثيراً».

وتستهدف برامج المرشحين الثلاثة، وفق تعهدات في مقابلات بإذاعة «صوت أميركا»، العمل على «تعزيز الديمقراطية، والنمو الاقتصادي، والحصول على الاعتراف الدولي».

وفي وقت وعد الرئيس الحالي للإقليم، بتنفيذ الاتفاق البحري مع إثيوبيا، قال أقرب منافسيه، المرشح «إرو»، الذي كان رئيساً لمجلس النواب بالإقليم، إنه «سيعمل على استئناف المحادثات مع حكومة مقديشو، للاعتراف باستقلال الإقليم»، في حين تعهد المرشح «ورابي»، بتشكيل حكومة وحدة وطنية، حال انتخابه.

واعتبر شيخ علي، أن «الحكومة الصومالية، تعول على فوز الجناح المعتدل، بالإقليم، أملاً في الوصول لحل توافقي يرضي الجميع، ويضمن سيادتها على المنطقة»، مشيراً إلى أن «نتائج الانتخابات، قد تزيد التوتر بين مقديشو وأديس أبابا، حال الإصرار على تنفيذ إثيوبيا مذكرة التفاهم مع أرض الصومال».

وتدهورت علاقات الصومال مع إثيوبيا؛ بسبب تلك المذكرة، وقام بحشد دعم دولي وإقليمي، لمواقفه، ضد المساعي الإثيوبية، وأبرم اتفاقيات تعاون دفاعي واقتصادي مع تركيا في فبراير (شباط) الماضي، كما وقَّع بروتوكول تعاون عسكري مع مصر، في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة، مساعدات عسكرية لمقديشو.

وأعلن وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، السبت، أن «إثيوبيا لن تشارك في مهمة جديدة للاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال ابتداءً من يناير (كانون الثاني) المقبل».

ويفرّق خبير الشؤون الأفريقية بمصر، رامي زهدي، بين نظرة الصومال وإثيوبيا، للانتخابات في (أرض الصومال)، وقال إن «مقديشو، ترى في الاقتراع، إجراءً قانونياً شرعياً، قد ينتج منه فوز مرشح المعارضة؛ ما يعزز فرص الحوار مع الإقليم».

في مقابل «رؤية أديس أبابا، للانتخابات خطوةً جديدة، تدعم انفصال الإقليم»، بحسب زهدي الذي أشار إلى أن «الحكومة الإثيوبية، تراهن على دعم قدرات إقليم أرض الصومال، لدعم استقلاله، بما يخدم مصالحها».

ويعتقد زهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن نتيجة الانتخابات الرئاسية «لن تغير موقف حكومة أرض الصومال، من الاتفاق مع إثيوبيا»، ودلل «بإجماع المرشحين على رغبتهم في الحصول على اعتراف دولي بانفصال الإقليم»، مشيراً إلى أن «التغيير الذي يمكن أن تحدثه نتيجة الانتخابات، سيكون داخلياً»، وقال إن «أديس أبابا، استخدمت مؤخراً لهجة التهدئة، لكنها تتمسك بتنفيذ اتفاقها مع (أرض الصومال)».

وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن «بلاده تسعى للوصول السلمي إلى البحر الأحمر»، وقال في كلمه له أمام برلمان بلاده نهاية أكتوبر (تنشرين الأول) الماضي، إن «حكومته لا تريد الحرب أو القوة لتحقيق هدفها».

ورجح خبير الشؤون الأفريقية، مزيداً من التصعيد في قضية انفصال «أرض الصومال»، مشيراً إلى أن «بعض القوى السياسية في الإقليم، تعول على إجراء حوار مع الإدارة الرئاسية الجديدة بأميركا، برئاسة دونالد ترمب، على أمل تخلي واشنطن عن سياستها الثابتة، في دعم وحدة الصومال، بالاعتراف باستقلال الإقليم».

ودفع توتر العلاقات في منطقة القرن الأفريقي بين مقديشو وأديس أبابا، إلى مزيد من التقارب بين الصومال وكل من مصر وإريتريا. واستضافت العاصمة الإريترية أسمرة، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قمة ثلاثية، جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيريه الصومالي حسن شيخ محمود، والإريتري إسياس أفورقي، أكدت في بيانها الختامي «تعميق التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث من أجل تعزيز إمكانات مؤسسات الدولة الصومالية لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية».