مصر تؤكد مواصلة دعم لبنان في مواجهة التحديات

عبد العاطي دعا خلال زيارته لبيروت إلى وقف التصعيد بالمنطقة

مباحثات عبد العاطي وميقاتي في بيروت (الخارجة المصرية)
مباحثات عبد العاطي وميقاتي في بيروت (الخارجة المصرية)
TT

مصر تؤكد مواصلة دعم لبنان في مواجهة التحديات

مباحثات عبد العاطي وميقاتي في بيروت (الخارجة المصرية)
مباحثات عبد العاطي وميقاتي في بيروت (الخارجة المصرية)

شددت مصر على دعمها الكامل لوحدة لبنان وسلامة أراضيه وسيادته. وأكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، «اهتمام مصر البالغ باستقرار لبنان ومواصلة دعمه في مواجهة التحديات المحدقة به». ولفت إلى أن «أمن واستقرار لبنان مصلحة مصرية وعربية، تعمل مصر على الحفاظ عليها».

التأكيدات المصرية جاءت خلال زيارة وزير الخارجية المصري إلى لبنان، الجمعة، في إطار «تقديم الدعم للبنان في خضم الأحداث الجارية التي يمر بها، والعمل على خفض وتيرة التصعيد المتزايدة التي تشهدها المنطقة»، وفق بيان لوزارة الخارجية والهجرة المصرية.

والتقى عبد العاطي في بيروت رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية والهجرة المصرية، أحمد أبو زيد، عبر حسابه الرسمي على «إكس»، إن الوزير عبد العاطي أبرز خلال اللقاء جهود مصر لإقرار التهدئة وخفض التصعيد.

إقرار التهدئة

وأكد ميقاتي أنهم يعولون على الدور المصري المساند للبنان، مشيداً بالجهود المصرية الحثيثة لإقرار التهدئة في المنطقة وخفض التصعيد، وما تتحمله القاهرة من مسؤوليات كبيرة للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة، بالتوازي مع مساعيها لمنع الانجرار إلى فتح جبهة حرب جديدة في لبنان، وذلك بهدف ضمان الصالح الوطني اللبناني، وبما يحفظ أمنه وحقوقه ومقدراته وسلامة شعبه.

في سياق ذلك، أكد عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي على هامش زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت، الجمعة، أن زيارته إلى لبنان تأتي بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي للتأكيد على الوقوف إلى «جانب لبنان حكومة وقيادة وشعباً، وأهمية وقف التصعيد وعدم انجرار المنطقة إلى أتون حرب إقليمية شاملة»، لافتاً إلى إدانة مصر الكاملة لكل السياسات الاستفزازية بما في ذلك انتهاك سيادة لبنان، مشيراً إلى أن «العدوان على الضاحية الجنوبية في بيروت وسياسة الاغتيالات أمران مرفوضان».

وكما شدد الوزير المصري على أن بلاده تبذل الجهود الممكنة لوقف التصعيد، فضلاً عن عملها بقدر الإمكان وبأسرع وقت ممكن للوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة ووقف العدوان الإسرائيلي على القطاع، مشيراً إلى أن مصر لن تألو جهداً في سبيل التوصل لوقف إطلاق النار بعدّه الأساس لوقف التصعيد وتخفيف حدة التوتر.

وزير الخارجية والهجرة المصري خلال لقاء بري في بيروت (الخارجة المصرية)

القضية الفلسطينية

ولفت بدر عبد العاطي إلى أن لب الصراع في المنطقة هو «استمرار القضية الفلسطينية دون حل وعدم حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني على حدود 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، لافتاً إلى أن استمرار العدوان على قطاع غزة واستهداف المدنيين وقتل الأبرياء؛ هي «الأسباب الأساسية وراء التصعيد في المنطقة»، مشدداً على ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في القطاع لوقف التصعيد.

من ناحية أخرى، أكد عبد العاطي أن القاهرة لا تدخر جهداً في اتصالاتها على المستوى الثنائي أو عبر تنسيقها مع الدول أعضاء اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان من أجل «حلحلة أزمة الشغور الرئاسي في أقرب وقت»، مشيراً إلى أن مصر حريصة عبر مشاركتها في اجتماعات اللجنة الخماسية على «ضمان عدم المساس بسيادة لبنان، وأن يكون جهد الخماسية في إطار المساعدة والتيسير وتقريب المواقف بين مختلف الفرقاء اللبنانيين وليس التدخل أو فرض أسماء بعينها، والحفاظ على الملكية الوطنية اللبنانية لتسمية من يتولى منصب الرئاسة».

وعلى هامش الزيارة، التقى وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري. وقال متحدث «الخارجية والهجرة المصرية»: «إن الزيارة التي تأتي في ظروف حرجة، تؤكد على الدعم المصري الثابت والمساندة الدائمة للبنان الشقيق»، موضحاً أن اللقاء «استهدف التشاور حول جهود وقف التصعيد ومساعي إقرار التهدئة وتغليب مصلحة لبنان وشعبه الشقيق».

عبد العاطي خلال زيارة المستشفى الميداني المصري في بيروت (الخارجة المصرية)

وقف النار

وأعرب بري عن تقديرهم البالغ للدعم المصري للبنان في تلك الظروف الدقيقة، وما تقوم به مصر من دور محوري على المستويات كافة؛ من أجل إيجاد السبل الناجعة لمساعدة الجانب اللبناني حيال كل ما يواجهه من تحديات، والعمل على وقف التداعيات الخاصة باتساع دائرة الحرب، بما يعرض أمن وسلامة لبنان والمنطقة للدخول في مرحلة من عدم الاستقرار.

كما زار عبد العاطي، الجمعة، المستشفى الميداني المصري في بيروت. وقال أبو زيد إن الوزير المصري ثمن دور المستشفى في تقديم الخدمات الطبية لكل من يحتاجه إليها في لبنان. ووصف المستشفى الميداني ببيروت بأنه «صرح طبي مصري على أرض لبنان؛ يؤكد على التضامن بين الشعبين لا سيما خلال اللحظات العصيبة».

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني، عبد الله بوحبيب، أن مصر ولبنان تجمعهما علاقة تاريخية وروابط ممتدة في المجالات كافة. وأضاف وزير الخارجية اللبناني خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري، أن «مصر فتحت أبوابها للبنانيين في الميادين كافة، ولن ننسى مسارعتها إلى تقديم العون للبنان، ونعول على الجهود المصرية لإنهاء العـدوان الإسرائيلي ووقف إطلاق النار في قطاع غزة وخفض التصعيد الإقليمي». ودعا بوحبيب إلى «تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 بشكل شامل للأطراف المعنية كافة وليس لبنان فقط، من أجل عودة الهدوء للجنوب»، مضيفاً: «متمسكون بتمديد ولاية قوات (يونيفيل) عاماً إضافياً، وندعو مجلس الأمن لإقرار ذلك».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»... مقترح أميركي لـ«تقليص الفجوات»

المشرق العربي الرئيس الأميركي يتحدث عن مفاوضات الهدنة في الدوحة في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض أمس (أ/س)

«هدنة غزة»... مقترح أميركي لـ«تقليص الفجوات»

رأى الرئيس الأميركي جو بايدن أن اتفاقاً حول هدنة في غزة بات «أقرب من أي وقت مضى»، رغم أن مفاوضات الدوحة انتهت أمس من دون الإعلان عن اختراق يوقف الحرب

«الشرق الأوسط» (الدوحة - تل أبيب - واشنطن)
المشرق العربي 
لقطة من فيديو بثه «حزب الله» أمس لواحد من أكبر أنفاقه حيث يخزن صواريخه (إعلام «حزب الله» على «تلغرام»)

«حزب الله» يلوّح لإسرائيل بـ«صواريخ الأنفاق»

لوّح «حزب الله» لإسرائيل بصواريخ يخزنها في أنفاقه، وذلك في كشفه عن واحد من أكبر أنفاقه، في مقطع فيديو يُظهر شاحنات محمّلة بصواريخ ضخمة تتجول تحت الأرض،

نذير رضا (بيروت)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي جو بايدن في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض  (ا.ف.ب)

بايدن يحذّر «جميع الأطراف» من تقويض جهود التوصل إلى هدنة في غزة

حذر الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، جميع الأطراف في المنطقة من تقويض جهود التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، قائلاً إن التوصل إلى اتفاق بات قريباً.ً

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي نازحة فلسطينية لجأت إلى المقابر في خان يونس مع طفلها (رويترز)

تسجيل أول إصابة مؤكدة بفيروس شلل الأطفال في غزة

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أنه تم تشخيص إصابة طفل يبلغ عشرة أشهر بشلل الأطفال في قطاع غزة الذي تقول الأمم المتحدة إنه كان خالياً من هذا المرض.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

بلينكن إلى إسرائيل نهاية الأسبوع للضغط من أجل التوصل لهدنة في غزة

يتوجّه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل نهاية الأسبوع من أجل الضغط بغية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل تتخلى التشكيلات المسلحة في ليبيا عن دعم «الرئاسي» و«الوحدة»؟

لقاء سابق يجمع المنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي الليبي)
لقاء سابق يجمع المنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

هل تتخلى التشكيلات المسلحة في ليبيا عن دعم «الرئاسي» و«الوحدة»؟

لقاء سابق يجمع المنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي الليبي)
لقاء سابق يجمع المنفي والدبيبة (المجلس الرئاسي الليبي)

دفع قرار مجلس النواب الليبي إنهاء ولايتي المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى طرح تساؤلات تتعلق بمدى تأثير ذلك على موقف التشكيلات المسلحة بالمنطقة الغربية، وهل يؤدي هذا القرار إلى وقف دعمها لهما أم لا؟

بدايةً، توقع رئيس مؤسسة «السلفيوم» للدراسات والأبحاث الليبي، جمال شلوف، أن يفقد الدبيبة دعم التشكيلات الكبرى، خصوصاً تلك المتمركزة بالعاصمة طرابلس، علماً بأن أغلبها يستمد شرعيته من التبعية لحكومته أو للمجلس الرئاسي.

من جلسة سابقة لمجلس النواب (المجلس)

وكان عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، قد تحدث عن انتهاء آجال المرحلة التمهيدية التي جاءت بالمجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة لإدارة السلطة، عقب اختيارهما من قبل اجتماعات «ملتقى الحوار السياسي» بجنيف في فبراير (شباط) 2021.

ويعتقد شلوف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قادة التشكيلات المسلحة «لن يساعدوا رجلاً مفلساً»، على الرغم من انزعاجهم الكبير من تصريحات صالح بشأن إنهاء مركزية العاصمة وسيطرتها على ثروة البلاد، وضرورة الذهاب لتقسيم الأخيرة على الأقاليم الثلاثة».

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)

ولفت المحلل السياسي والأمني إلى أنه «مع تأكيد البرلمان على شرعية حكومة أسامة حماد فقط؛ تتضاعف الشكوك حول حصول الدبيبة على أي نصيب من الميزانية الموحدة للبلاد، التي أُقرت الشهر الماضي بقيمة (179) مليار دينار، وتحديداً مخصصات الباب الثالث للتنمية، المقدرة بحوالي 40 مليار دينار». (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).

ومنذ مارس (آذار) 2002 تتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا: الأولى حكومة الدبيبة ومقرها طرابلس بالغرب الليبي، والثانية المكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية.

ويرى شلوف أن العديد من التشكيلات بالعاصمة «تحصل على أموال مقابل سيطرتها على بعض المواقع المهمة من موانئ ومطارات؛ مما يجعلها عازفة عن توظيف عناصرها لصالح الدبيبة من دون ثمن».

محمد تكالة (إ.ب.أ)

وانتهى شلوف إلى أن الدبيبة «قد يحصل فقط على دعم سياسي من بعض أعضاء المجلس الأعلى للدولة، خصوصاً من المؤيدين لمحمد تكالة، (ينازع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة)، وبالطبع أنصار المفتي المعزول الصادق الغرياني».

ومنذ إعلان البرلمان قراراته الأخيرة بوقف العمل بـ«اتفاق جنيف» السياسي، وترحيب «الجيش الوطني»، بقيادة خليفة حفتر، بهذه الخطوة، انشغلت منصات التواصل الاجتماعي بعقد أطراف الأزمة الليبية اجتماعات مع قوى مسلحة موالية لها «سواء بشكل علني أو سري».

في هذا الإطار، واستناداً إلى تمتع المجلس الرئاسي بمنصب القائد الأعلى للجيش، ترأس نائبا المجلس، عبد الله اللافي وموسي الكوني، اجتماعاً استثنائياً مع قيادات عسكرية وأمنية بالمنطقة الغربية. كما تم الحديث عن اجتماع آخر غير معلن عُقد بمنزل الدبيبة في العاصمة، ضم عدداً من قيادات التشكيلات بالمنطقة الغربية، يعتقد أنه جاء بهدف التنسيق لشن تحرك يعزز سيطرة حكومة «الوحدة» على بعض المواقع الاستراتيجية.

خالد المشري (الشرق الأوسط)

وخلافاً لرأي شلوف، يعتقد المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن قرارات البرلمان الأخيرة «قد تعيد توحيد الرؤى السياسية، بل والقوى الفاعلة أيضاً بالمنطقة الغربية بدرجة ما». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «مسارعة شخصيات سياسية لرفض قرارات البرلمان، بما في ذلك بعض نوابه، كما رفضها تكالة ومنافسه خالد المشري، المتنازعان حالياً على منصب رئيس الأعلى للدولة».

أما فيما يتعلق بتوزيع الثروة على الأقاليم الثلاثة، التي ألمح إليها صالح في الجلسة الأخيرة لمجلسه، فقد شدد محفوظ على أن تحقيق هذا المسعى «يتطلب تشريعاً دستورياً، وهو أمر مُستبعد تحققه في ظل حالة الانقسام الداخلي الراهن». وعدَّ أن هذا التقسيم «يتطلب أيضاً توافقاً دولياً غير مضمون تحققه، بسبب وجود مصالح لدول أوروبية كبرى بالغرب الليبي».

واستبعد محفوظ أن يُقدِم محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، على صرف الميزانية لحكومة حماد فقط، قائلاً: «الكبير رغم ما يتمتع به من دعم دولي لا يريد اكتساب عداوة التشكيلات بالمنطقة الغربية، كما أن واشنطن لن تسمح له بصرف ميزانية لحكومة مدعومة من الجيش الوطني، المعروف بتقاربه مع خصومها الروس».

وتوسط عضو الأعلى للدولة، سعد بن شرادة، الآراء السابقة بالتأكيد على أن قرارات البرلمان «لن تغير من الوضع الراهن بالساحة كثيراً؛ وسيظل الدبيبة محتفظاً بمؤيديه أنفسهم وخصومه أيضاً».