يُنتظر أن تشهد مدينة جدة السعودية مباحثات سودانية أميركية للتشاور بشأن مشاركة الجيش في مفاوضات جنيف بسويسرا، الأربعاء المقبل، مع قوات «الدعم السريع»، وفقاً لمبادرة أميركية ترمي لوقف الحرب. وتُعقَد المباحثات استجابةً لطلب من بورتسودان (العاصمة السودانية المؤقتة) إجراء مشاورات قبل مشاركة الجيش في جنيف.
وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان صحافي مقتضب، إن «الحكومة» قررت إرسال وفد، برئاسة وزير المعادن، محمد بشير عبد الله، إلى مدينة جدة، للتشاور مع حكومة الولايات المتحدة حول الدعوة المقدَّمة منها لحضور مفاوضات جنيف، يوم 14 أغسطس (آب) الحالي، وشروط مشاركة الحكومة السودانية في المفاوضات. وفي نهاية يوليو (تموز) الماضي، دعت واشنطن الجيش وقوات «الدعم السريع» إلى هذه المفاوضات؛ من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وفي مقابل الموافقة السريعة لقوات «الدعم السريع»، على الدعوة الأميركية، شدّدت وزارة الخارجية على «ضرورة التشاور المسبق مع الحكومة السودانية حول شكل وأجندة أي مفاوضات». وقال دبلوماسي سوداني، مقرُّه في السعودية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الوفد وصل إلى جدة؛ «ليبحث مع مسؤولين أميركيين شروط مشاركة الحكومة في مباحثات جنيف».
وأوضحت واشنطن، في وقت سابق، أن مفاوضات جنيف، التي ترعاها السعودية، ستضم الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة «مراقبين».
ووفقاً لمعلومات سابقة، فإن الوفد سيبحث مع الوفد الأميركي «مصير إعلان جدة الإنساني»، وسيعلن اعتراضه على مقترح مشاركة دول بعينها في قائمة المراقبين بالمباحثات المنتظرة.
ويضم الوفد وفد الجيش إلى مفاوضات جدة، والذي كان يتكون من: الفريق محجوب بشري رئيساً، واللواء أبو بكر فقيري، والمقدم طلال سليمان، والسفير عمر صديق، ويُنتظر أن يشارك في المباحثات سفير السودان لدى الرياض، دفع الله الحاج.
ترحيب «الدعم»
من جهته، أعلن قائد قوات «الدعم السريع» ترحيبه بالمباحثات منذ الدعوة إليها، وأبلغ واشنطن بمشاركته الرسمية في المحادثات بوفده السابق إلى مفاوضات جدة، ويرأسه العميد عمر حمدان، ويضم المستشارين محمد المختار وعز الدين الصافي، وآخرين.
ووجّهت «الخارجية» الأميركية، الشهر الماضي، الدعوة لطرفي الحرب في السودان للمشاركة في مفاوضات جنيف، بمشاركة المملكة العربية السعودية، وحضور الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ودولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، بصفة «مراقبين».
من جانبه، قال مجلس السيادة الانتقالي إن إرسال وفده إلى جدة ينطلق من حرص «حكومة السودان» على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في البلاد، ورفع المعاناة الناتجة عن الحرب.
وقال رئيس الوفد السوداني، في تصريح على حسابه بمنصة «فيسبوك»، إن أولويات وفده تتلخص في بحث معاناة الوطن والمواطن جرّاء الحرب وانتهاكات «الميليشيا المتمردة»، وصمت المنظمـات الحقوقيـة والمجتمـع الدولـي.
واشترطت حكومة بورتسودان، يوليو (تموز) الماضي، من بين الأولويات التشاور المسبق حول أجندة وأطراف التفاوض، وتنفيذ إعلان جدة، ووقف توسع قوات «الدعم السريع».
ونصَّ إعلان جدة الإنساني، الموقَّع بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، بعد نحو شهر من اندلاع الحرب بينهما، على «اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة، لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق المدنيين، وإخلاء المراكز الحضرية، بما فيها مساكن المدنيين، ورفض استخدام المدنيين دروعاً بشرية»، وهو النص الذي عدَّه الجيش انسحاباً لقوات «الدعم السريع»، واشترط تنفيذه قبل أي مفاوضات جديدة مع «الدعم السريع».
من جانبه، عدَّ رئيس «حزب الأمة»، مبارك المهدي، في حسابه على منصة «إكس»، لقاء الوفدين خطوة صحيحة، وقال إن لقاء الوفد الأميركي كان من الأكرم للجيش أن يجري على أرض سودانية؛ في إشارة لرفض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لقاء المبعوث الأميركي في مطار بورتسودان لتقديرات أمنية أميركية.
وانتقد المهدي إيكال رئاسة الوفد إلى وزير المعادن بقوله: «كان يجب أن يرأس الوفد وزير الخارجية وفق الاختصاص، وهو دبلوماسي محترف ووكيل وزارة الخارجية». وعدَّ تسمية وزير المعادن رئيساً للوفد «خطأ كبيراً»، بوصفه وزيراً تابعاً للحركات المسلَّحة التي أتت للحكومة وفقاً لاتفاق جوبا لسلام السودان، ووصفها بأنها قاتلت بأجر في ليبيا وجنوب السودان، وأن ذلك قد يلقي بظلاله على جدية الفريق البرهان.