«هدنة غزة»: ما تأثير إعلان إسرائيل «مقتل الضيف» على جهود الوسطاء؟

الدوحة والقاهرة وواشنطن تمسكت بمواصلة المحادثات

رجل فلسطيني يحمل طفلاً قرب أنقاض منازل دمرتها غارات إسرائيلية في خان يونس (رويترز)
رجل فلسطيني يحمل طفلاً قرب أنقاض منازل دمرتها غارات إسرائيلية في خان يونس (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: ما تأثير إعلان إسرائيل «مقتل الضيف» على جهود الوسطاء؟

رجل فلسطيني يحمل طفلاً قرب أنقاض منازل دمرتها غارات إسرائيلية في خان يونس (رويترز)
رجل فلسطيني يحمل طفلاً قرب أنقاض منازل دمرتها غارات إسرائيلية في خان يونس (رويترز)

اصطدمت جهود إقرار هدنة ثانية في قطاع غزة، بـ«معضلة جديدة» مع تأكيد إسرائيل، مقتل قائد الجناح العسكري لـ«حماس»، محمد الضيف، غداة إعلان اغتيال رئيس مكتبها السياسي للحركة، إسماعيل هنية، في طهران، وسط تمسك من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«مواصلة الضغط العسكري».

ووفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن إعلان إسرائيل «مقتل الضيف» قد يقود إلى «تعثر في مفاوضات الهدنة»، فترة من الوقت مع استمرار جهود الوسطاء الحريصة على مواصلة تقريب وجهات النظر، وممارسة ضغط أكثر للتوصل لتهدئة، وسط مخاوف من تداعيات التصعيد المستمر من إسرائيل.

وغداة اتهام «حماس» وإيران لإسرائيل باغتيال هنية في طهران، الأربعاء، والتوعد بـ«انتقام»، ذكر الجيش الإسرائيلي، الخميس، أنه في 13 يوليو (تموز) الماضي قصفت طائرات مقاتلة تابعة للجيش منطقة خان يونس، وتأكد بعد تقييم استخباراتي «القضاء على محمد الضيف في الغارة».

وهو ما رد عليه القيادي في حركة «حماس»، عزت الرشق، في بيان، لم يتضمن «تأكيداً أو نفياً» قائلاً: «لا يمكن تأكيد أي خبر من الأخبار المنشورة في وسائل الإعلام أو من قبل أي أطرف أخرى».

فلسطينيون بينهم مصاب خلال عودتهم للجانب الشرقي من خان يونس بعد انسحاب القوات الإسرائيلية (رويترز)

وسبق الإعلان الإسرائيلي، خطاب متلفز، الأربعاء، لنتنياهو، يعلن «قتل إسرائيل قيادياً عسكرياً كبيراً في حزب الله (فؤاد شكر) وتوجيه ضربات ساحقة لوكلاء إيران في الأيام الماضية»، دون إشارة لهنية، مضيفاً: «أوجدنا بالضغط العسكري الظروف التي تتيح إمكانية التوصل لصفقة أسرى».

وأمام تلك الظروف، يعتقد المحلل السياسي الأردني، صلاح العبادي، أن الحديث عن صفقة لإطلاق الرهائن بعد إعلان إسرائيل مقتل محمد الضيف واغتيال إسماعيل هنية «سيكون في غاية الصعوبة» في المرحلة الحالية، خصوصاً أن حركة «حماس»، «ستكون أكثر تشدداً من السابق».

وسيكون خيار مواصلة «حماس» معركتها مع إسرائيل «حاضراً بقوة الفترة المقبلة»، وفق العبادي، الذي يرى أن «سياسة الاغتيالات لا تؤثر على سير العمليات الميدانية». ودلل على ذلك بأن «إسرائيل اغتالت منذ عام 1970 وحتى اليوم عشرات الشخصيات البارزة» على صعيد القضية الفلسطينية، و«لم يؤثر ذلك على نضال الفلسطينيين».

وبالتالي، فإن الأقرب ألا يحدث «تأثير إيجابي» على مسار المفاوضات، و«لن تنهار أيضاً»، بحسب تقدير الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء محمد الغباري، في ظل «حرص نتنياهو على مواصلة الضغوط العسكرية، بجانب إطالة أمد التفاوض، مع استشعاره بتراجع القدرات العسكرية لـ(حماس)، وأنها في موقف ضعيف».

وسيبقى هدف القضاء على قيادات «حماس» حاضراً ضمن بنك أهداف نتنياهو، المتمسك باستمرار الحرب، وفق الغباري، لافتاً إلى أنه كلما حقق هدفاً، زادت ضغوطه بشكل أكبر على طاولة المفاوضات، واستمر في المماطلة كما يحدث حالياً.

الدخان تصاعد في وقت سابق فوق وسط قطاع غزة بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

وينبه المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، إلى احتمال أن تكون «معلومة مقتل الضيف غير صحيحة»، مع عدم تأكيد «حماس» لها، وتكون «ضمن الحرب النفسية» الإسرائيلية لاستدراج الضيف لظهور اضطراري ما يسهل استهدافه». وأضاف: «لو صح مقتل الضيف، فسوف يؤثر على مسار المفاوضات لأسابيع إن لم يكن شهوراً.

ووسط تلك المتغيرات، ظل الوسطاء قطر ومصر والولايات المتحدة متمسكين باستكمال مفاوضات غزة. وقال وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي، ميهول مارتن، الخميس، إن بلاده «مستمرة في جهودها مع الجانب الأميركي وطرفي الصراع للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في أقرب فرصة ممكنة، وإطلاق سراح الرهائن»، وفق بيان لوزارة الخارجية والهجرة المصرية.

ذلك التأكيد المصري يتكامل مع إعلان الطرفين الآخرين بالوساطة، قطر والولايات المتحدة، «التأكيد على أهمية مواصلة العمل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة»، وذلك خلال اتصال هاتفي، الأربعاء، بين رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ونظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، وفق بيان لـ«الخارجية القطرية». وسبق ذلك تأكيد البيت الأبيض «دعمه مواصلة مفاوضات الهدنة».

الصورة تظهر القوات العاملة في منطقة البريج وسط قطاع غزة خلال وقت سابق (أ.ف.ب)

وبحسب الغباري، فإنه ليس أمام الوسطاء إلا «مواصلة الضغط» على إسرائيل أكثر، بوصفها في هذه المرة حققت ما تريد من نقاط أهدافها، وأنه حان وقف حربها في أقرب فرصة. إلا أن «جهود الوسطاء خلال المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة من السابق مع تراجع الضغوط على نتنياهو، ومواصلة مساره العسكري»، بحسب العبادي.

فيما يرى الرقب أن «ملف الهدنة لن يفتح مرة أخرى بشكل جاد على طاولة المفاوضات، إلا بعد أسابيع على أقل تقدير»، إذ لن يقبل من يقود «حماس» بعد هنية أن يخوض المحادثات فوراً، وكأنه يعطي ذريعة لإسرائيل لتقول إن «إسماعيل هنية هو من كان يعيق مسار المباحثات»، كما أن نتنياهو ليس في عجلة من أمره، بعد أن رفع أسهمه داخل تل أبيب بعد تلك الاغتيالات، وتراجع ضغوط الخارج والداخل عليه شيئاً فشيئاً.

وفي الداخل الإسرائيلي، بدأت الإجازة الصيفية للكنيست، الخميس، وذلك لمدة 3 أشهر، وفق الرقب، ولن يستطيع أحد تهديد نتنياهو بحل حكومته في غياب انعقاده، وخارجياً الإدارة الأميركية منشغلة أكثر بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وتستخدم مساعي الهدنة ضمن خطط انتخابية لإرضاء الرافضين لاستمرار الحرب».


مقالات ذات صلة

بايدن يبحث مع نتنياهو ناقشا نشر عسكري أميركي لدعم إسرائيل

الولايات المتحدة​ الرئيس جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في واشنطن (أرشيفية - أ.ب)

بايدن يبحث مع نتنياهو ناقشا نشر عسكري أميركي لدعم إسرائيل

ناقش الرئيس الأميركي جو بايدن، في اتصال هاتفي اليوم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عمليات نشر عسكري دفاعي أميركي جديدة لدعم إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيسان الأميركي جو بايدن والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في قمة «الناتو» 11 يوليو 2023 (رويترز)

إردوغان لبايدن: إسرائيل تسعى لتوسيع نطاق حرب غزة

قالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب إردوغان أبلغ نظيره الأميركي جو بايدن بأن إسرائيل تحاول توسيع نطاق حرب غزة ولا تريد وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي نظام القبة الحديدة يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (أ.ف.ب)

«القبة الحديدية» الإسرائيلية تعترض «وابلاً» من صواريخ «حزب الله»

أعلن «حزب الله» أنه أطلق وابلا من الصواريخ على شمال إسرائيل، الخميس، «ردا» على غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان، في أول هجوم يشنه بعد مقتل أحد قيادييه الكبار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الشرق الأوسط)

فيصل بن فرحان وبلينكن يناقشان تطورات المنطقة

ناقش وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن تطورات المنطقة ومستجدات السودان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي يحيى السنوار (الثاني من اليمين) وإسماعيل هنية (يسار) خلال فعالية بقطاع غزة في عام 2017 (أ.ف.ب)

بعد الاغتيالات الأخيرة... من هم كبار قادة حركة «حماس» حالياً؟

زعمت إسرائيل، الخميس، أنها قتلت محمد الضيف قائد الجناح العسكري لحركة «حماس» في أحدث حلقات مسلسل عمليات استهداف قادة الحركة التي تعهّد نتنياهو بالقضاء عليها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

رفع أسعار مترو الأنفاق والقطارات يُربك أسراً مصرية

أسعار تذاكر «مترو الأنفاق» ارتفعت اعتباراً من الخميس (وزارة النقل)
أسعار تذاكر «مترو الأنفاق» ارتفعت اعتباراً من الخميس (وزارة النقل)
TT

رفع أسعار مترو الأنفاق والقطارات يُربك أسراً مصرية

أسعار تذاكر «مترو الأنفاق» ارتفعت اعتباراً من الخميس (وزارة النقل)
أسعار تذاكر «مترو الأنفاق» ارتفعت اعتباراً من الخميس (وزارة النقل)

تلقت العشرينية سالي محمد، التي تعمل في إحدى شركات القطاع الخاص بمصر، «صدمة» عقب علمها بزيادة سعر تذكرة «مترو أنفاق القاهرة» خلال توجهها إلى عملها من منطقة حلوان (جنوب القاهرة) إلى ضاحية المهندسين بمحافظة الجيزة، صباح الخميس، حيث فوجئت بزيادة التذكرة من 15 إلى 20 جنيهاً (الدولار يساوي 48.70 في البنوك المصرية) عند طلبها التذكرة من موظف شباك المترو، فيما كانت لافتة الأسعار الجديدة للتذاكر يجري تغييرها بوضع الأسعار الجديدة.

وطبقت الحكومة المصرية، الخميس، زيادات على أسعار تذاكر المترو وقطارات السكك الحديدية بنسب ما بين 25 إلى 33 في المائة بعد أسبوع من قرار زيادة أسعار الوقود (بنزين وسولار)، وذلك ضمن مجموعة من القرارات الاقتصادية التي «تتضمن زيادة أسعار الخدمات المقدمة حتى نهاية العام المقبل»، بحسب تصريحات متكررة لرئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، الشهر الماضي.

وشملت الزيادات الجديدة أسعار تذاكر القطارات التي تنقل أكثر من 420 مليون راكب سنوياً، بحسب إحصائيات «وزارة النقل المصرية»، فيما جاءت نسب الزيادة الأعلى على القطارات الأرخص سعراً والتي تحمل اسم «تحيا مصر» لتكون بواقع 25 في المائة، مع زيادة أسعار القطارات الروسية المكيفة وذات التهوية بالدرجة الثالثة والقطارات المكيفة بنسبة 12.5 في المائة.

سالي ترى أن «الزيادة في سعر تذكرتها بالمترو وصلت إلى الثلث تقريباً بسبب طول المسافة التي تقطعها من منزلها إلى مكان عملها، ما سيجعلها تتكبد 10 جنيهات إضافية يومياً».

زادت أسعار قطارات «تحيا مصر» بنسبة كبيرة (وزارة النقل)

ومنذ عام 2017 بدأت مصر في زيادة أسعار «مترو أنفاق القاهرة» بعد ثبات سعر التذكرة على مدار 11 عاماً ليرتفع سعر التذكرة حينها من جنيه إلى جنيهين، ثم عدلت الأسعار عدة مرات من 2020 وحتى الآن، مع تقسيم التذاكر ليكون تسعيرها مرتبطاً بعدد المحطات.

وبحسب سالي فإن «الزيادة الجديدة في أسعار انتقالها لمكان عملها لن تقابلها زيادة في الراتب الذي تتقاضاه»، مبدية تخوفها من «عدم قدرتها على شراء باقي مستلزماتها المعيشية».

سالي لم تكن الوحيدة التي أصابتها «صدمة» جراء زيادة أسعار المترو، حيث ارتفعت الأصوات «الرافضة» على «السوشيال ميديا» للزيادة الجديدة، خصوصاً مع تدوينات على «إكس» انتقد أصحابها تكرار زيادة أسعار تذاكر المترو في السنوات الأخيرة.

كما عبر عدد من المتابعين عن صدمتهم من الزيادة المفاجئة.

بينما شارك آخرون تدوينات ساخرة، متسائلين عن القرار القادم الخاص برفع الأسعار؟

وتعتبر هذه الزيادة الثانية هذا العام في أسعار تذاكر «مترو الأنفاق» بعد الزيادة التي طبقت في يناير (كانون الثاني) الماضي، ووصلت إلى 20 في المائة، علماً بأن «عدد مستخدمي المترو يومياً يصل إلى 4.5 مليون راكب»، بحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة النقل.

«الزيادات الجديدة ضرورة حتمية (أي المترو والقطارات والوقود)»، وفق وكيل «لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب ياسر عمر، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «توقيتها مرتبط بالرغبة في استمرار تقديم الخدمات للمواطنين بصورة جيدة وتحسينها، في ظل زيادات عالمية كبيرة». وأضاف أن الزيادات تأتي في إطار تحرك حكومي «مدروس» يستهدف «الحفاظ على تراجع معدلات التضخم والحد من الآثار الاقتصادية لما يحدث عالمياً على المواطنين المصريين»، مشيراً إلى أن «الزيادات بهدف تقليل الخسائر التي تتكبدها وزارة النقل نتيجة الفارق الكبير بين تكلفة تقديم الخدمة وما يدفعه المواطن في التذكرة».

وزير النقل والصناعة المصري كامل الوزير خلال تفقده «مترو أنفاق القاهرة» في وقت سابق (وزارة النقل)

لكن عضو مجلس النواب، النائبة إيرين سعيد، وصفت القرار بـ«السلبي» الذي لم يكن من المفترض تطبيقه، في ظل تضرر الفئات الأقل دخلاً منه، الأمر الذي سيزيد من الضغوط على المواطنين بصورة كبيرة من دون أن يلمسوا أي أثر إيجابي للإصلاح الاقتصادي الذي تتحدث عنه الحكومة.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن تفهم الضغوط الاقتصادية على الحكومة «لا يعني دعم مثل هذه القرارات التي تضر الفئات الأقل دخلاً، والأمر كان يستوجب البحث عن بدائل خصوصاً أن الزيادات تطال اشتراكات الطلبة والموظفين الذين لن يستطيعوا تقليل رحلات استقلالهم للمترو».

أما عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، محمد أنيس فاعتبر أن الزيادات الجديدة «ستؤدي إلى تآكل المدخرات للأسر المصرية خصوصاً المدخرات التي يتم توظيفها في الاقتصاد غير الرسمي، من خلال اضطرار الأسر للإنفاق من مدخراتها لتعويض الفارق بين احتياجاتها الضرورية في الإنفاق والعائد الذي يتم الحصول عليه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الزيادات بجانب زيادة أسعار البنزين الأسبوع الماضي «ستدفع نحو عودة زيادة معدلات التضخم خلال الأشهر المقبلة بنسبة قد تصل إلى 5 في المائة»، متوقعاً «عدم حدوث تغيير جوهري في نمط الاستهلاك».