هانيبال القذافي ينتقد «صمت قضاة لبنان»

ليبيون يرون أنه «كان طفلاً» وقت اختفاء الصدر

صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
TT
20

هانيبال القذافي ينتقد «صمت قضاة لبنان»

صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق
صورة متداولة لهانيبال القذافي على صفحات أنصار النظام الليبي السابق

انتقد حقوقيون وموالون للنظام الليبي السابق ما أسموه «صمت» القضاء اللبناني في التعاطي مع مستجدات تتعلق بقضية هانيبال نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، يأتي ذلك في أعقاب توجيه الأخير رسالة «لوم» إلى قضاة لبنان بشأن عدم استماعهم إلى شهادة وزير لبناني سابق تتعلق بقضية اختفاء الإمام الشيعي، موسى الصدر.

صورة نشرتها قناة «الجديد» اللبنانية لهانيبال القذافي من محبسه
صورة نشرتها قناة «الجديد» اللبنانية لهانيبال القذافي من محبسه

وهانيبال، معتقل في لبنان منذ قرابة 9 سنوات، بداعي «إخفاء معلومات تتعلق باختفاء مؤسس (المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى)، الإمام موسى الصدر، في أثناء زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب».

وعادت قضية نجل القذافي إلى واجهة الأحداث، بعد تصريح منسوب إلى الوزير اللبناني السابق، وئام وهاب، قال فيها إنه «يملك معلومات بشأن قضية اختفاء الإمام الصدر».

ويرى ليبيون مهتمون بملف قضية هانيبال، في حديثهم إلى «الشرق الأوسط» أن «تغاضي» القضاء اللبناني عن سماع شهادة الوزير وهاب «يُعدّ جزءاً من الظلم الذي يتعرض له المواطن الليبي في محبسه».

ومؤخراً اشتكى هانيبال الموقوف منذ عام 2015، أنه يعاني «وضعاً صحياً مزرياً في زنزانة تحت الأرض»، لكنه بعد حديث وهاب، فضّل أن يتوجّه برسالة كُتبت باللغة الإنجليزية إلى القضاء اللبناني عبر حساب منسوب له على منصة «إكس» لم تخلُ من «لوم وسخرية».

هانيبال القذافي (أ.ف.ب)
هانيبال القذافي (أ.ف.ب)

وقال هانيبال: «حضرات السادة، أنا متأكد أنكم جميعاً استمعتم لما كشف عنه السيد وئام وهاب في لقاء على قناة (الغد)، حيث صرح بأنه يملك معلومات عن مصير الصدر، لكنكم لم تتخذوا أي إجراء ولم تدلوا بأي تصريح».

واستغرب الشيخ علي أبو سبيحة، رئيس فريق سيف الإسلام القذافي لـ«المصالحة الوطنية»، سجن هانيبال، الذي قال إنه كان «طفلاً صغيراً أثناء زيارة الإمام الصدر لليبيا»، موجهاً انتقادات للقضاء اللبناني، ووصفه بأنه «مسيس».

وقال أبو سبيحة لـ«الشرق الأوسط» إن «كل الإجراءات التي تعرّض لها نجل القذافي جاءت مخالفة للقانون اللبناني؛ بداية من طريقة خطفه واقتياده إلى لبنان بطريقة تستوجب التساؤل».

وتحدث أبو سبيحة عن منعه من زيارة هانيبال في محسبه بلبنان من قبل، داعياً القضاء اللبناني إلى «الرجوع للقانونيين، ومعاملة (الكابتن) هانيبال وفقاً لتلك القوانين، ويطلقون سراحه لكونه ليس متهماً، بل مجني عليه».

جانب من زنزانة هانيبال القذافي وفق ما نشرته قناة «الجديد» اللبنانية
جانب من زنزانة هانيبال القذافي وفق ما نشرته قناة «الجديد» اللبنانية

وبشأن تصريحات وهاب، عدّها الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال القذافي، «مبهمة»، وقال: «كنا ننتظر أن يستدعيه القضاء اللبناني للاستماع إليه بشأنها، لعلها تكون مفيدة في الكشف عن مصير الإمام الصدر، إلا أن ذلك لم يحدث إلى الآن على حد علمنا».

ويرى دلهوم في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن وهاب «كشف في تصريح لاحق عن تلك المعلومات التي لطالما وصفها بالخطيرة، ولكن اتضح أنها مجرد كلام في دردشة غير مؤكدة مع القذافي، عجز خلالها وهاب عن تفسير فحوى جملة واضحة، فذهب إلى تأويلها عندما أشار إلى أن القذافي قال له يوماً: إن الإمام موسى الصدر لم يعد موجوداً».

ونوّه دلهوم إلى أن «الإمام موسى الصدر كان وسيظل شخصية وطنية لها مكانتها النضالية التي استحقت من دولته تكريس جهودها من أجل التعاون مع ليبيا وإيطاليا للكشف عن مصيرها بكل جد وإخلاص»، وانتهى إلى أن «بعض سياسيي لبنان ربما لهم مصلحة في استمرار الغموض حول قضية الإمام الصدر».

وكانت السلطتان الليبية واللبنانية قد تواصلتا في يناير (كانون الثاني) الماضي بشأن هانيبال، وزار وفد مكون من ثلاثة موظفين كبار من وزارة العدل بحكومة «الوحدة» العاصمة بيروت لمتابعة الملف، وتم الاتفاق على التعاون في قضتيه.

وكان مقرراً أن يعود الوفد الليبي إلى بيروت في فبراير (شباط) الماضي، لاستكمال التباحث حول هذه القضية، لكنه لم يحدد، بحسب مصادر بالوزارة، موعداً جديداً، وهو ما أبقى ملف القضية دون تقدم حتى الآن.

واعتبر الحقوقي الليبي جمال مبروك، رئيس «منظمة التعاون والإغاثة العالمية»، أن ما يتعرض هانيبال، في محسبه «يتنافى مع حقوق الإنسان»، وقال في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن نجل القذافي، الذي كان طفلاً عندما تفجّرت قضية الإمام الصدر، يعد مخطوفاً قسرياً؛ إذ لم يخضع لمحاكمة عادلة منذ توقيفه قبل قرابة 9 أعوام».

وتفاعل الحقوقي الليبي مع رسالة هانيبال، وقال لقضاة لبنان: «اتقوا الله (...) فما يحدث للمواطن الليبي هانيبال المحتجز، لجهة حرمانه من الدعم الصحي والنفسي، ومنعه من الاتصال بذويه، يتعارض مع كل المواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بالسجناء».

وكان القاضي اللبناني، حسن الشامي، مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الصدر، قد تحدث عن «اعتراف» سابق منسوب لهانيبال، وقال إنه «أدلى بمعلومات عن عملية إخفاء الصدر، من بينها تحديد إقامته في مكان سري بمدينة جنزور، ما بين عامي 1978 و1982». ونفى محامي هانيبال في حينه ما وصفه بـ«الادعاءات»، وقال إن الأخير «أُجبِر على توقيع الوثيقة تحت الإكراه، ودون حضور محامٍ».


مقالات ذات صلة

الكوني: ليبيا دولة محتلة... وسلطة «الرئاسي» شكليّة فقط

شمال افريقيا اجتماع الكوني مع الدبيبة والمنفي بطرابلس (أرشيفية)

الكوني: ليبيا دولة محتلة... وسلطة «الرئاسي» شكليّة فقط

وصف عضو المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، بلاده بأنها «دولة محتلة»، واعتبر أن سلطة المجلس الرئاسي «شكليّة فقط».

خالد محمود (القاهرة )
تحليل إخباري من عملية توزيع السلال الغذائية على السودانيين في الكفرة الليبية (أرشيفية - بلدية الكفرة)

تحليل إخباري هل تدفع انتصارات الجيش السودانيين الفارين إلى ليبيا للعودة إلى بلادهم؟

فرضت أوضاع السودانيين الموجودين في ليبيا نفسها على الساحة، في ظل ما يُمثله ذلك من ضغوط على بلدية الكفرة التي تستضيف الآلاف منهم.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة)

محللون: تعليق منظمات غير حكومية في ليبيا صرف الانتباه عن المشاكل الفعلية

يعكس تعليق أنشطة 10 منظمات غير حكومية أجنبية في ليبيا تشدد الموقف تجاه آلاف المهاجرين الأفارقة، لكنه يسمح للسلطات في غرب البلاد بصرف الانتباه عن مشاكلها.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي يتوسط نائبَيه عبد الله اللافي وموسى الكوني في وقت سابق (المجلس الرئاسي)

«الرئاسي» الليبي يحذر من تحرك مفاجئ لميليشيا مصراتة

تصاعد التوتر في غرب ليبيا على وقع تحركات مسلحة نفذتها إحدى ميليشيات مدينة مصراتة باتجاه العاصمة طرابلس، الجمعة، تبعتها اشتباكات بين تشكيلين مسلحين في صبراتة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا رجل إطفاء خلال عمليات احتواء حريق في الأصابعة الليبية (أرشيفية-هيئة السلامة الوطنية)

«الوحدة» الليبية تدافع عن قرار إغلاق مقرات منظمات دولية غير حكومية

عادت إلى الواجهة أزمة «الحرائق الغامضة» في مدينة الأصابعة الليبية، عقب اشتعال النيران بأربعة منازل، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

مؤيد للرئيس الجزائري ينتقد «عدم التوازن» في اتفاق التهدئة مع فرنسا

سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» (الشرق الأوسط)
سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» (الشرق الأوسط)
TT
20

مؤيد للرئيس الجزائري ينتقد «عدم التوازن» في اتفاق التهدئة مع فرنسا

سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» (الشرق الأوسط)
سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» (الشرق الأوسط)

انتقد رئيس حزب «جيل جديد» في الجزائر، المؤيد لسياسات الرئيس عبد المجيد تبون، «اتفاقاً غير متوازن» مع فرنسا بخصوص مسار التسوية، الذي يسير فيه الجانبان حالياً لطي التوترات، وذلك قبل ساعات من زيارة يقوم بها وزير الخارجية الفرنسية، جان نويل بارو، إلى الجزائر غداً (الأحد)، بهدف ترسيم المصالحة، وأولويات الاتفاق الذي عقده الرئيسان عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون.

وزير خارجية فرنسا (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
وزير خارجية فرنسا (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكتب جيلالي سفيان، رئيس «جيل جديد» في موقع الحزب، اليوم (السبت)، عن «البيان المشترك»، الذي أصدرته الرئاستان الفرنسية والجزائرية في 31 مارس (آذار) 2025، وتضمن تواصلاً بالهاتف بين الرئيسين، وحمل انفراجة في العلاقات، بعد عواصف خطيرة واجهتها منذ الصيف الماضي، مؤكداً أنه «غير متوازن»، وأن ما تم الاتفاق عليه «غير منصف للجزائر». وقال إنه «يتساءل: لماذا لم يتطرق البيان إلى مطالب الجزائر المشروعة، مثل قضية ضحايا التجارب النووية أو مسألة الصحراء؟ في حين ورد فيه اسم مجرم مدان أمام القضاء الجزائري هو بوعلام صنصال».

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وفي كلام رئيس الحزب، الذي كان من أشد المعارضين للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، إشارة إلى منشأ التوترات مع فرنسا، التي اندلعت في نهاية يوليو (تموز) 2024 بإعلان فرنسا انحيازها للمغرب في نزاع الصحراء، وسخط الجزائر من هذا الموقف، موضحاً أن هذا الخلاف كان أحد الأسباب الرئيسية للأزمة بين البلدين، وقد تم تغييبه، حسبه، من اتفاق الصلح.

كما انتقد سفيان الموقف الفرنسي، عادّاً أنه «منح أرضاً لا يملكها لدولة أخرى». وبكلام آخر، يرى جيلالي أن فرنسا عقدت صلحاً مع الجزائر، من دون أن تعود إلى حيادها من مسألة الصحراء.

صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)
صورة لأحد التفجيرات النووية في الجزائر (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

وكان الرئيس الجزائري قد أكد في سياق حديثه عن «ملف التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر»، بخطاب ألقاه نهاية العام الماضي، بينما كانت الأزمة مع فرنسا على أشدها، أنه «على دولة المستعمر سابقاً أن تنظف المواقع، التي أجرت فيها التجارب من الإشعاعات السامة»، علماً بأنه مرّ على آخر تفجير نووي فرنسي في صحراء الجزائر 58 سنة، وأن عدد التجارب وصل إلى 27 تجربة، تمت بين 1962 و1967، وخلفت حسب الحكومة الجزائرية تشوهات خلقية، طالت أجيالاً في الصحراء ولدوا بعد الاستقلال، كما ألحقت ضرراً، حسبها، بالطبيعة، خصوصاً بالمياه الجوفية.

يشار إلى أن رئيس «جيل جديد» كان من أبرز داعمي الرئيس تبون في بداية ولايته الأولى (2019 - 2024)، مما جلب له انتقادات شديدة من طرف الحراك الشعبي، الذي عارض تنظيم الانتخابات الرئاسية التي أوصلت تبون إلى الحكم.

أعضاء لجنة الذاكرة الجزائريين مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)
أعضاء لجنة الذاكرة الجزائريين مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

واتفق تبون مع ماكرون على استئناف التعاون في عدة مجالات، منها عودة اجتماعات «لجنة الذاكرة»، والتعاون في مجال الهجرة غير الشرعية، والتنسيق الأمني في ميدان محاربة الإرهاب.

وينتظر أن يصل جان-نويل بارو، وزير الشؤون الخارجية الفرنسي، إلى الجزائر غداً (الأحد)، لوضع أجندة مع نظيره الجزائري، أحمد عطاف، لتجسيد اتفاق الرئيسين. ووفق مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» حول الزيارة، فإن بارو سيبحث 3 قضايا رئيسية مع المسؤولين الجزائريين: مشكلة المهاجرين غير النظاميين محل أوامر إبعاد من فرنسا، الذين ترفض الجزائر دخولهم، واستئناف التعاون بين جهازي الأمن الداخلي الجزائري والفرنسي. أما الموضوع الثالث فهو «قضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال»، الذي ناشد ماكرون نظيره الجزائري الإفراج عنه «نظراً لسنه وحالته الصحية»، والذي دانه القضاء بالسجن 5 سنوات مع التنفيذ، بتهمة «المس بالوحدة الوطنية».