بينما وصف عضو المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، بلاده بأنها «دولة محتلة»، واعتبر أن سلطة المجلس الرئاسي «شكليّة فقط»، استعرض رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، الخسائر البشرية والمادية خلال «حرب طرابلس».
وقال الكوني في كلمة أمام مؤتمر نظمه مجلس العلاقات الأميركية - الليبية في واشنطن، مساء الجمعة، إن ليبيا في الوقت الراهن «دولة محتلة بمعنى الكلمة»، مشيراً في هذا السياق إلى منع طائرته لدى عودته من الطيران فوق قاعدة براك الجوية، التي تسيطر عليها قوات روسية.
وأضاف الكوني أن «القوات المحتلة الروسية تمنع رئيس الدولة الليبية من الطيران فوق أحد مطارات ليبيا، وليس لدينا سيادة على أراضينا، ولا نستطيع إصدار أوامر لهم»، موضحاً أن «هناك قواعد عسكرية عديدة في ليبيا، منها الخادم والجفرة وبراك والقرضابية، وتمنهنت والسارة، وفيها قوات روسية لا أحد يعلم ما الذي تقوم به أو ماذا تفعل... كما أن هناك قوات تركية في قاعدتي الخمس والوطية».
وخلص الكوني إلى أن سلطة المجلس الرئاسي «شكليّة فقط»، وأن القوى العسكرية «هي من تحكم في الواقع»، مدللاً على ذلك بأن صدام، نجل المشير خليفة حفتر، يحكم في العاصمة طرابلس أكثر ما يحكم فيها عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، على حد تعبيره.
في غضون ذلك، قال الدبيبة في بيان، مساء الجمعة، إن آلة الحرب على العاصمة طرابلس، مقر الشرعية، «حملت بعد 14 شهراً من القصف والتشريد والدمار، ثمناً إنسانياً واقتصادياً فادحاً لا تزال ليبيا تدفعه حتى اليوم»، مشيراً إلى أن البلاد فقدت أكثر من 4300 قتيل، بينهم مئات المدنيين من النساء والأطفال، وكذلك آلاف الجرحى والمصابين، كما اضطر أكثر من 340 ألف مواطن إلى ترك منازلهم قسراً، في واحدة من أكبر موجات النزوح.
وأوضح الدبيبة أن التكلفة الاقتصادية والمادية للحرب، «فادحة بكل المقاييس، والخسائر المباشرة في البنية التحتية خلال فترة الحرب تقدر ما بين 30 و42 مليار دولار أميركي. كما تم تدمير، أو تضرر 227 مدرسة و30 مرفقاً صحياً، وتعطيل مطار معيتيقة الدولي نتيجة القصف المتكرر».
كما تحدث الدبيبة عن خسارة ما يزيد على 9 مليارات دولار من إيرادات النفط خلال عام 2020، نتيجة الحصار المفروض على الموانئ والحقول، وانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 41 في المائة خلال العام نفسه، وارتفاع الدين العام المحلي إلى أكثر من 100 مليار دينار ليبي، وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
من جهتها، نفت حكومة الوحدة إصدارها قراراً بإعادة تشكيل مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، وقالت منصة «تبيان»، التابعة للحكومة، إن «ما تم تداوله لا أساس له من الصحة، ولم يصدر عن أي جهة رسمية»، داعية إلى عدم الانسياق وراء الشائعات، التي قد تُحدث بلبلة في الرأي العام، خاصة فيما يتعلق بالملفات الاقتصادية الحساسة.
وكان رئيس المؤسسة المكلف، مسعود سليمان، اعتبر أن ما يُنشر بشأن الإيرادات النفطية، «مجرد تقارير مغلوطة»، تعتمد على تحليلات غير مهنية للبيانات المالية، مما يشكل استهدافاً صريحاً لسمعة البلاد لأهداف مجهولة.
في المقابل، التزمت حكومة الوحدة وأجهزتها الأمنية الصمت حيال اندلاع اشتباكات مسلحة، السبت، بالقرب من المصفاة النفطية، بمدينة الزاوية، الواقعة على بعد 45 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس.
ورصدت وسائل إعلام محلية سقوط عدد غير معلوم من القتلى والجرحى، من بينهم أحد عناصر جهاز مكافحة التهديدات الأمنية، كما أظهرت لقطات مصورة سيطرة الميليشيات المعروفة باسم «القصب» على المصفاة، بعد انسحاب القوة المشتركة، التابعة لمنطقة الساحل الغربي العسكرية المكلفة بتأمينها.
وبحسب شهود عيان، فقد أدت الاشتباكات التي دارت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة حول طريق المصفاة النفطية، وداخل الأحياء السكنية، إلى إلحاق أضرار بمنازل ومحلات المواطنين.
وذكرت مديرية أمن صبراتة أن اجتماعاً عقد، مساء الجمعة، بمقرها بحضور أعضاء مجلس الحكماء والأعيان ورؤساء مجلسي شيوخ ليبيا واتحاد القبائل، وممثلي أطراف الاشتباكات التي شهدتها المدينة، بحث الخطوات التي تكفل استمرار توقف إطلاق النار، ومعالجة ما ترتب من أضرار بشرية ومادية.
كما أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»، السبت، مواصلة الدوريات التابعة للقطاع الأمني الحدودي نالوت، تنفيذ مهامها في تأمين الشريط الحدودي مع تونس، في إطار خطتها لتعزيز السيطرة الأمنية على الحدود.
وكانت إدارة إنفاذ القانون، المكلفة بتأمين منفذ «رأس جدير» على الحدود المشتركة مع تونس، قد نشرت، مساء الجمعة، لقطات من داخل غرفة السيطرة، مشيرة إلى أن دورياتها المكثفة قد أسفرت عما وصفته بـ«تراجع كبير في عمليات التهريب عبر المنفذ، مسجلة بذلك انخفاضاً ملحوظاً، يعد من الأعلى منذ فترة طويلة».