«الدعم السريع» تدحض أنباء تقدم للجيش السوداني في سنار

أنصار الإسلاميين يضغطون لرفض مفاوضات سويسرا

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
TT
20

«الدعم السريع» تدحض أنباء تقدم للجيش السوداني في سنار

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)
رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

نشرت مواقع تابعة لـ«قوات الدعم السريع»، الأحد، مقاطع فيديو تؤكد استمرار سيطرتها على مدينة الدندر بولاية سنار في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد، بعد تصريحات أطلقها المتحدث الرسمي باسم «المقاومة الشعبية (المُسْتَنْفَرون)».

وقال عمار حسن، على موقع «فيسبوك»، إنه تمت «استعادة مدينة الدندر»، بيد أنه عاد واعتذر من ذلك، قائلاً إن «عملية التحرير لم تكتمل».

وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأنه لم تحدث اشتباكات بين الطرفين، وبأن قوات الجيش لم تنفذ أي عملية نوعية أو أي تمشيط داخل المدينة، وفق ما يتداوله موالون له في منصات التواصل الاجتماعي.

كما تداول أفراد من «الدعم السريع» تسجيلات مصورة انتشرت بكثافة تدحض ادعاءات دخول الجيش المدينة.

وكانت «غرفة طوارئ الدندر» (منظمة تطوعية) تحدثت عن حصار مطبق تفرضه «قوات الدعم السريع»، فاقم من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، والنقص الكبير في الأدوية.

وأشارت إلى أن عناصر من «قوات الدعم السريع» قاموا «بتدمير المستشفيات ونهب ممتلكات المواطنين... وتفرض حصاراً محكماً من كافة الاتجاهات على مدينة سنار، بعد سيطرتها بالكامل على كل مدن ومحافظات الولاية الواقعة في الجزء الجنوبي الشرقي للبلاد».

من جهة ثانية، عدّ نشطاء مناهضون للحرب الترويج لاسترداد الدندر يأتي «في سياق حملة مكثفة يقودها أنصار النظام المعزول والكتائب الجهادية التي تقاتل في صفوف الجيش، للضغط على قياداته لرفض المبادرة الأميركية لإجراء مفاوضات في سويسرا خلال منتصف أغسطس (آب) المقبل لإنهاء الحرب».

وترفع الحملة شعار «لا تفاوض»، وتدعو إلى إعلان «التعبئة العامة في البلاد» لمواصلة القتال ضد «قوات الدعم السريع».

في موازاة ذلك، يتواصل زخم الحملة التي أطلقتها القوى السياسية والمدنية الرافضة للحرب خلال الأيام الماضية، وتطالب فيها قيادة الجيش بالاستجابة للدعوة الأميركية لوقف الحرب والكارثة الإنسانية التي تهدد الملايين من السودانيين.

ويتيح قادة الجيش المنابر لأنصار الجماعات الإسلامية الموالية له، للتحرك بحرية والتعبئة لحشد المدنيين للانخراط في المعارك، فيما يستمر في التضييق واتخاذ إجراءات في مواجهة دعاة وقف الحرب.

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر بضواحي مدينة أدري التشادية (رويترز)

من جهة ثانية، قال عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان، إن البلاد تعاني من كارثة إنسانية تغطي كل أقاليم السودان، مذكراً بأن التقارير الدولية تفيد بأن «25 مليون سوداني في المرحلة الثالثة من الجوع».

وقال الفكي، رداً على تصريحات وزير الزراعة في حكومة الأمر الواقع في بورتسودان التي نفى فيها وجود مجاعة في البلاد وقال إن المخزون الاستراتيجي من الذرة كافٍ، إن «مثل هذه التصريحات خطيرة جداً، وتجب مساءلة هذا المسؤول على إخفائه الحقائق عن العالم»، مؤكداً أن «المجاعة في السودان أمر واقع، وهنالك وفيات بأعداد كبيرة للمواطنين بسبب نقص الغذاء في أكثر من 10 ولايات».

وقال الفكي: «المطلوب الآن، وعلى نحو عاجل، إعلان السودان منطقة مجاعة، وتقع هذه المسؤولية على حكومة الأمر الواقع»، كما دعا المجتمع الدولي إلى أن «ينهض بمسؤولياته، وألا يستمع لمثل هذه الأكاذيب والتصريحات غير المسؤولة».

وأوضح أن نحو 755 ألف شخص «على وشك الهلاك بعد أن وصلت أوضاعهم إلى المرحلة الرابعة من الجوع، وبالتالي يجب أن تفتح الممرات الإنسانية كافة؛ لأن أطراف الحرب لا تلتزم بالقانون الدولي الإنساني».


مقالات ذات صلة

الجيش و«الدعم السريع» يتبادلان اتهامات تدمير «مصفاة الجيلي»

شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد من مصفاة الجيلي النفطية خلال المعارك في 15 يناير 2025 (أ.ف.ب)

الجيش و«الدعم السريع» يتبادلان اتهامات تدمير «مصفاة الجيلي»

دمر حريق ضخم مصفاة النفط الرئيسية في البلاد، التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، ويحاول الجيش استردادها منذ عدة أيام.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعمدة دخان متصاعدة خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش السوداني بالعاصمة الخرطوم يوم 26 سبتمبر 2024 (رويترز)

السودان: اتهامات متبادلة بين طرفي الحرب بإحراق مصفاة الخرطوم

تبادل الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» شبه العسكرية الاتهامات، الخميس، بمهاجمة مصفاة نفط الخرطوم بمنطقة الجيلي.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (أرشيفية - مواقع التواصل)

الجيش السوداني يتحدّى «قوات الدعم السريع» باجتياح الفاشر

صعّدت «الدعم السريع»، خلال الأيام الماضية، هجماتها في محور الصحراء، واندلعت مواجهات عنيفة في أطراف خلوية مفتوحة بالقرب من منطقة المالحة في عمق شمال دارفور.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان في حديث سابق إلى السودانيين (صفحة مجلس السيادة السوداني على فيسبوك)

البرهان لم يكلف نفسه قراءة نص العقوبات الأميركية ضده

«هو السيناريو نفسه الذي واجه به الرئيس السابق عمر البشير العقوبات... يتكرر الآن لمصلحة البرهان».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا البرهان وسط مناصريه في مدينة بورتسودان 14 يناير 2025 (أ.ف.ب)

مساعد البرهان يرفض مساواة الجيش السوداني بـ«الدعم السريع»

اعتبر مساعد القائد العام للجيش السوداني إبراهيم جابر أن العقوبات التي فرضتها واشنطن على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا قيمة لها.

وجدان طلحة (بورتسودان)

استقالة مسؤول ليبي تطرح تساؤلات بشأن «شبهات فساد» في تعاقدات النفط

الدبيبة والرئيس المؤقت للمؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان (يمين الصورة) (المؤسسة الوطنية للنفط)
الدبيبة والرئيس المؤقت للمؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان (يمين الصورة) (المؤسسة الوطنية للنفط)
TT
20

استقالة مسؤول ليبي تطرح تساؤلات بشأن «شبهات فساد» في تعاقدات النفط

الدبيبة والرئيس المؤقت للمؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان (يمين الصورة) (المؤسسة الوطنية للنفط)
الدبيبة والرئيس المؤقت للمؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان (يمين الصورة) (المؤسسة الوطنية للنفط)

تفجّر الحديث مجدداً في الأوساط الليبية عن «شبهات فساد»، و«تجاوزات إدارية ومالية» في قطاع النفط، عقب استقالة رئيس مجلس إدارة المؤسسة، فرحات بن قدارة.

وتزامن ذلك مع قرارات مراجعة وتدقيق، شملت حساب شركة نفط حكومية، إلى جانب وقف برنامج حكومي لمبادلة النفط بالوقود.

والتزم الرئيس السابق للمؤسسة الصمت منذ تقديم استقالته إلى رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الأسبوع الماضي، بحجة «ظروف صحية طارئة» ألمّت به، ليصدر بعدها الرئيس الجديد المؤقت للمؤسسة، مسعود سليمان، سلسلة قرارات «تدقيق وحوكمة».

ومن بين القرارات الجديدة لمؤسسة النفط، عقب استقالة بن قدارة، تشكيل لجنة لمراجعة وفحص كافة المعاملات الإدارية والمالية لشركة «الواحة للنفط» (حكومية)، خلال عامَي 2023 و2024 (فترة ولاية بن قدارة)، إثر طرح التساؤلات بشأن «شبهات فساد» في تعاقدات نفطية.

كما قرر رئيس المؤسسة المؤقت تشكيل لجنة لمراجعة وفحص المعاملات المالية التي أجرتها شركة «البحر الأبيض المتوسط» (فرع دبي)، خلال فترة العامين الماضيين، وتقديم تفصيل بـ«أي مخالفات أو اختلالات شابت الأعمال محل الفحص والمراجعة».

ويصف خبير الشؤون الليبية بمعهد «رويال يونايتد سيرفيسز»، جلال حرشاوي، إجراءات الإدارة الجديدة للمؤسسة الوطنية للنفط بـ«السليمة»، متوقعاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هدفها «تفكيك إرث بن قدارة، وإنقاذ المالية العامة الليبية من السياسات» التي وصفها بـ«الكارثية» التي تبنّاها، بعد أن حظي بدعم من عائلتَي الدبيبة، والمشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني في شرق ليبيا، حسب تعبيره.

ويرى رئيس نقابة عمال النفط، سالم الرميح، ضرورة «إعادة النظر في كل معاملات الشركات النفطية ما بين 2023 و2024، وإعادة هيكلتها، وترتيب إداراتها».

مجلس النواب وجّه رسالة إلى بعض السفراء ترفض توقيع اتفاقية شراكة للإنتاج بحقل الحمادة «NC7» (المجلس)

وشملت إجراءات المراجعة في المؤسسة أيضاً قراراً بوقف العمل بنظام المبادلة لتوريد المحروقات المثير للجدل، بداية من شهر مارس (آذار) المقبل.

ولطالما دافع الرئيس السابق للمؤسسة عن برنامج «مبادلة المحروقات» الذي أقرته حكومة غرب ليبيا في عام 2021، بعد تعثر توفر ميزانية توريد الوقود وقتذاك، بحيث توضع الإيرادات المالية النفطية بعد 30 يوماً من شحن النفط في حساب «المقاصة» لدى مصرف ليبيا المركزي.

وفي معرض دفاعه عن هذا البرنامج، قال بن قدارة في تصريحات إعلامية سابقة إن مؤسسة النفط تطلب توريد المحروقات من زبائنها، على أن تتم التسوية المالية معهم (الزبائن) بعد شهر خصماً من قيمة النفط الخام الذي يشترونه من المؤسسة. لكن تقريراً رقابياً حديثاً لديوان المحاسبة كشف أن جميع الشركات المتعامل معها بنظام مبادلة المحروقات «حديثة النشأة، ولا تاريخ يُذكر لها في مجال الصناعة النفطية حول العالم، وليست من مالكي مصافي التكرير»، بل ذهب ديوان المحاسبة إلى القول إن «المؤسسة الوطنية للنفط تكبدت تكاليف إضافية نتيجة هذا النظام».

ومن غير المستبعد أن تواجه فترة تولي بن قدارة قيادة مؤسسة النفط تحقيقات في ملفات أخرى، وفق ما توقع الباحث حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

وفي هذا السياق، طلب ديوان المحاسبة، الاثنين الماضي، من المؤسسة الوطنية للنفط وقف جميع الإجراءات المتعلقة بمشروع تطوير حقول النفط والغاز في القطعة «NC7» بمنطقة الحمادة. واستند الجهاز الرقابي في طلبه إلى «إسناد مشروع حقل الحمادة إلى ائتلاف شركات أجنبية، دون الالتزام بالإجراءات القانونية بشأن عرض المشروع في عطاء عام»، فضلاً عن «طلب إحدى الشركات الأجنبية، غير المعروفة في هذا المجال، تزويدها بصورة من الاتفاقية، تمهيداً لانضمامها للائتلاف المذكور».

ولقي الطلب السابق من جانب الجهاز الرقابي تفهماً من المستشار بالمؤسسة الوطنية للنفط، يوسف الشتيوي، الذي عدّه «جزءاً من دور الرقابة لضمان جدوى المشاريع وكفاءتها». وقال الشتيوي لـ«الشرق الأوسط» بهذا الخصوص: «نتعاون مع الجهات الرقابية لمعالجة أي تحديات بطريقة توازن بين الإصلاح والإنتاج، بما يحافظ على استمرارية العمليات، وضمان تحقيق الإيرادات المستهدفة».

وينتج «حقل الحمادة الحمراء» النفطي التابع لـ«شركة الخليج العربي للنفط»، نحو 8 آلاف برميل يومياً، يتم تكريرها في مصفاة الزاوية (غرب العاصمة طرابلس)، عبر خط لنقل الخام يصل طوله إلى 380 كيلومتراً.

ليبيا تنتج 1.4 مليون برميل نفط يومياً (الشرق الأوسط)

وفي الربع الأول من العام الماضي، وجّه مجلس النواب رسالة إلى سفراء دول فرنسا وتركيا والإمارات، ترفض توقيع اتفاقية شراكة للإنتاج بحقل الحمادة «NC7»، وهو الرفض أيضاً الذي حمله بيان موقّع من 42 عضواً في «المجلس الأعلى للدولة».

وسبق أن أثار بن قدارة الذي تولى رئاسة المؤسسة منذ يوليو (تموز) 2022، الجدل في صيف العام الماضي، بشأن حمله جنسية أجنبية بعد حكم يُعتقد أنه صادر عن محكمة استئناف طرابلس في هذا الشأن، وهو ما نفته المؤسسة الوطنية للنفط حينذاك.

وتنتج ليبيا 1.4 مليون برميل نفط يومياً، علماً أن المؤسسة الوطنية للنفط هي شركة حكومية تدير قطاع النفط والغاز في البلاد، ومسؤولة عن استكشاف وإنتاج وتصدير الموارد النفطية، وتعد العمود الفقري للاقتصاد الليبي.

محمد عون الذي كان يرأس وزارة النفط (الشرق الأوسط)

ويشير محمد عون الذي كان يرأس وزارة النفط قبل أن يكلف الدبيبة وزيراً بدلاً منه، إلى «تعنت رئيس المؤسسة السابق، وعدم احترامه وتقيّده بالقوانين والتشريعات النافذة؛ مما أدى إلى فساد كبير وغير مسبوق في قطاع النفط الليبي».

وسبق أن تقدم محمد عون بشكوى إلى الرقابة الإدارية عام 2023، متهماً المؤسسة الوطنية للنفط بارتكاب ما وصفها بـ«مخالفة مالية صريحة».