سلطات شرق ليبيا توسّع انفتاحها على تركيا

سعياً لـ«تكتل مصالح» في مواجهة حكومة طرابلس

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)
TT

سلطات شرق ليبيا توسّع انفتاحها على تركيا

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مستقبِلاً في أنقرة بلقاسم حفتر (صندوق إعادة إعمار ليبيا)

تخلت سلطات شرق ليبيا عن تحفظها السابق في التعامل مع الإدارة التركية، واتجهت لمزيد من التوسّع في العلاقات، بزيارة أجراها، الخميس، بلقاسم نجل المشير خليفة حفتر، والتقى خلالها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في أنقرة.

وتأتي زيارة بلقاسم إلى تركيا غداة تأكيد وزير خارجيتها في مقابلة تلفزيونية، الأربعاء، على «تقدم العلاقات مع شرق ليبيا بشكل جيد للغاية»، في ظل «وجود تواصل مع المشير حفتر وأبنائه».

وأعلن «صندوق إعادة إعمار درنة والمدن والمناطق المتضررة»، الذي يترأسه بلقاسم، الخميس، أنه التقى فيدان بمقر وزارة الخارجية التركية في العاصمة أنقرة، موضحاً أن الطرفين ناقشا سُبل تطوير التعاون الثنائي بين البلدين، لكن سياسيين ليبيين اعتبروا هذا الاجتماع «خطوة باتجاه بناء تكتل مصالح» في مواجهة سلطات طرابلس، التي تربطها علاقات وطيدة مع أنقرة.

بلقاسم حفتر (أ.ف.ب)

وفي مطلع أبريل (نيسان) الماضي، وقّع بلقاسم حفتر عقود عمل مع شركات تركية لتنفيذ مشاريع عدة في مدينة بنغازي، وقالت «لجنة الإعمار» المكلفة من مجلس النواب حينها إن بلقاسم وقّع «مع كبرى الشركات التركية المتخصصة في مجال المقاولات العامة والتجهيزات والبنية التحتية، لمباشرة أعمالها لعدة مشاريع في بنغازي».

وبينما يرى سياسيون ليبيون أن تعامل معسكر شرق ليبيا مع أنقرة «يعزز موقفه سياسياً واقتصادياً»، قال الأكاديمي والباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، إن أنقرة «تحاول في سياساتها الخارجية - لا سيما في الملفات التي تكون منقسمة فيها على نفسها كالمثال الليبي - أن تكون متوازنة في علاقاتها؛ وعليه تحاول اليوم التعاون مع الشرق الليبي بشكل عام».

ويعتقد أوغلو في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن تركيا «ليست مع طرف ضد آخر في ليبيا، بل هي مع الدولة... ويهمها أن تكون ليبيا متحدة»، لافتاً إلى أن الدعم الذي قدمته أنقرة في السابق لغرب البلاد «كان لأسباب أمنية بامتياز، بجانب الحفاظ على الشرعية».

وسبق أن أعلنت أنقرة غير مرة عن قرب افتتاح قنصليتها في مدينة بنغازي، المغلقة منذ عام 2014، وعن عودة مرتقبة للرحلات الجويّة بين تركيا ومطارات المنطقة الشرقية، المتوقفة منذ سنوات.

وبخصوص «المصالح الاستراتيجية»، أشار أوغلو إلى أن تركيا «ترى أنها يجب أن تكون مع شرق ليبيا وغربها على حد سواء، وبشكل متوازن في العلاقات؛ مما ينعكس على تماسك الدولة الليبية»، مبرزاً أن «القفز على الشرق الليبي غير قابل للتحقيق؛ وعليه يجب التعاون معه». غير أن سياسياً ليبياً مقرباً من سلطات غرب ليبيا قال لـ«الشرق الأوسط» إن «حفتر بصفته المسيطر على شرق البلاد، يسعى لمحاصرة حكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، من خلال فتح المجال بشكل أكبر أمام الشركات التركية للعمل في بنغازي، مما يسمح بحدوث تقارب سياسي واقتصادي أوسع مع أنقرة، وهو ما قد يسهم في بناء علاقات جديدة مبنية على المصالح المتبادلة».

واجهة المصرف الليبي المركزي في بنغازي (رويترز)

في شأن آخر مرتبط بـ«طباعة عملة ليبية مزورة في موسكو»، نفت السفارة الروسية لدى ليبيا ما نشرته وكالة «رويترز» للأنباء بشأن طباعة عملات ليبية مزورة في روسيا، وقالت (الخميس) إنه «ليس من المستغرب أن تستمر لندن، على فترات معينة، في طرح موضوع يثير سخرية الليبيين»، مشيرة إلى أن الوكالة «اعتمدت على مصادر لم تسمها»، بالإضافة إلى خبير من معهد الأبحاث البريطاني في فرنسا.

ورأت السفارة الروسية أن التقرير «سمى عنصراً آخر مختلقاً في وكالة الاستخبارات (MI6 ) كمتخصص في هذا الموضوع، ومن أجل التنويع أطلقوا عليه اسم (The Sentry) مع مجموعة قياسية من المهام لفضح الفساد وجرائم الحرب».

وانتهت السفارة الروسية موضحة: «فيما يتعلق بجميع الجهات الرسمية التي لديها معلومات بالفعل، والتي يمكنها فضح هذه الافتراءات، فقد رفضت التعليق على المقال كي لا تحرج وتزعج المؤلفين».

وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة» مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا نيكولیتا جيوردانو (المكتب الإعلامي للوزارة)

في شأن مختلف، بحث وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، بدر الدين التومي، مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نيكولیتا جيوردانو، أزمة النازحين السودانيين إلى بلاده. وطالب التومي بضرورة تقديم المنظمة الأممية الدعم والمساعدة للنازحين السودانيين في الكفرة (جنوب شرقي ليبيا)، بالإضافة إلى دعم البلديات الساحلية المتضررة، بتوفير أكياس حفظ الموتى، ووسائل النقل.

الصديق الصور النائب العام الليبي (مكتب النائب العام)

وفي تحرك لمواجهة الفساد الذي تعانيه البلاد، قال مكتب النائب العام، المستشار الصديق الصور، إن النيابة العامة حركت دعوى جنائية ضد «تشكيل عصابي» تعمد أفراده الاستيلاء على 120 مليون دينار من أحد مصارف بني وليد (شمال غربي) باستعمال صكوك مصرفية مزورة.

وأوضح مكتب النائب العام أن «محصلة البحث أكدت تآمر بعض موظفي الفرع مع آخرين على تزوير القيودات المحاسبية، وتمرير صكوك مصرفية زورت القيم المالية المدونة فيها، ثم إجراء تحويلات مالية إلى حسابات مصرفية، تمكّنوا عقبها من سحب المبلغ محل التتبع».


مقالات ذات صلة

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

شمال افريقيا الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب) play-circle

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، التي كانت تقل رئيس الأركان.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا الحداد خلال حفل تخرج سابق لفوج جديد من الضباط في ثكنة الخمس العسكرية (رويترز)

ما هي تداعيات وفاة رئيس الأركان الليبي وتأثيرها على المؤسسة العسكرية؟

عدَّ المحلل السياسي، فرج فركاش، أن غياب رئيس الأركان الليبي، الفريق أول محمد الحداد، بهذا الشكل المفاجئ «يشكل ضربة قوية للمؤسسة العسكرية في غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا لجنة التحقيق في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقل الحداد ورفاقه (وزارة الداخلية بطرابلس)

نقل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي إلى ألمانيا للتحقيق

توقع مصدر ليبي مقرب من المجلس الرئاسي وصول جثامين ضحايا الطائرة المنكوبة إلى البلاد، السبت، وذلك عقب انتهاء مراسم تأبينهم بقاعدة مرتد العسكرية في أنقرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا شكّل التراجع النسبي لنفوذ «جهاز الردع» محطةً مفصليةً في هذا التحول عززت سيطرة «الوحدة» على العاصمة (الشرق الأوسط)

سقوط قادة ميليشيات يُعيد رسم خريطة النفوذ الأمني في العاصمة الليبية

يرى مراقبون ليبيون أن التحول الأبرز في المشهد المسلح بغرب ليبيا تمثل في مقتل عبد الغني الككلي، رئيس جهاز «دعم الاستقرار»، قبل سبعة أشهر، ثم التخلص من الدباشي.

جاكلين زاهر (القاهرة)
تحليل إخباري من مراسم توقيع اتفاق مشترك بين «الوطني الليبي» والجيش الباكستاني بحضور صدام حفتر وعاصم منير (إعلام القيادة العامة)

تحليل إخباري مقاتلات «JF-17» إلى بنغازي... هل انتهى مفعول «حظر السلاح» الأممي؟

يرى محللون ليبيون أن صفقة تسليح محتملة بين «الجيش الوطني» الليبي وباكستان من شأنها أن تُسهم في تعزيز القدرات العسكرية لقواته في شرق ليبيا، لكنها تثير تساؤلات.

علاء حموده (القاهرة)

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، اليوم (الجمعة)، أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، التي كانت تقل رئيس الأركان محمد الحداد ومرافقيه، لعدم توفر الإمكانات الفنية اللازمة للتعامل مع هذا النوع من الطائرات.

وأكدت الوزارة، في بيان على موقع «فيسبوك»، أنه تم الاتفاق مع تركيا على اختيار بريطانيا كجهة «محايدة» لاستكمال الإجراءات الفنية اللازمة بشأن الطائرة التي تحطمت يوم الثلاثاء، بعد نصف ساعة من إقلاعها من مطار أنقرة.

وقالت الوزارة إنه تقرر نقل جثامين القتلى صباح غد إلى مدينة طرابلس.

كانت الطائرة تقل رئيس الأركان محمد الحداد وعدداً من مرافقيه، وكانت قد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الاتفاق مع السلطات التركية على إرسال الصندوق الأسود للطائرة إلى ألمانيا لضمان التحليل الفني الدقيق.


ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
TT

ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

في خطوة لافتة تحمل أبعاداً تتجاوز بعدها الدبلوماسي، جاء اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«جمهورية أرض الصومال» دولة مستقلة وذات سيادة، ليُشعل تساؤلات واسعة حول توقيته ودلالاته، خاصة في ظل الصراع المحتدم بين إسرائيل وجماعة الحوثي، والتوتر المتصاعد في البحر الأحمر.

هذا الاعتراف، الأول من نوعه على هذا المستوى، عدّه محللون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، رسالة ضغط مباشرة وطوقاً دبلوماسياً على رقاب الحوثيين، ومحاولة لإعادة رسم خرائط النفوذ قرب واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم، وسط تباين في تقدير مآلاته بين من يحذّر من ترتيبات أمنية وعسكرية جديدة، ومن «يقلّل من فرص تحول الخطوة إلى مواجهة مفتوحة».

وأرض الصومال هو إقليم أعلن استقلاله من جانب واحد 1991، ولم تعترف به أي دولة، وتعارض الحكومة الصومالية مطلب استقلال أرض الصومال عنها، وعلى مدار عام 2024، نشبت أزمة بين أديس أبابا ومقديشو بسبب مساعي إثيوبيا لإبرام اتفاق للوجود على المنفذ البحري لأرض الصومال، وسط رفض مصري وعربي، وتدخلت تركيا بوساطة لإيقاف إثيوبيا عن هذا المسار.

تطويق للحوثيين

ويُعد أرض الصومال منطقة جوار لليمن، حيث تقع على الضفة المقابلة لخليج عدن، وتطل على مضيق باب المندب، وهو ممر مائي عالمي حيوي لعبور الملاحة الدولية بين آسيا وأوروبا، وهذا الممر شهد هجمات صاروخية وطائرات دون طيار من الحوثيين في السنوات الأخيرة، مما أثر على التجارة العالمية وأمن الملاحة، وفق ما يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، مؤكداً أن الاعتراف مهم وله دلالات.

ويعطي الاعتراف إسرائيل «طوقاً دبلوماسياً في موقع جغرافي يمكن أن يكون بديلاً أو مكملاً لعملياتها في البحر الأحمر، خصوصاً إذا زاد الحوثيون هجماتهم على سفن أو طرق الملاحة»، وفق تقدير بري، موضحاً أن «إسرائيل ترى ذلك ليس فقط فرصة دبلوماسية، بل ركيزة استراتيجية لمراقبة الممرات المائية والإسهام في أمنها، وتعزيز تموضعها ضد النفوذ الإيراني والحوثي والضغط عليهما وتقليل قدرة الحوثيين على تهديد المصالح البحرية الإسرائيلية».

ويؤكد الباحث اليمني، أشرف المنش، ذلك، موضحاً أن اعتراف نتنياهو يأتي في سياق بحث إسرائيل عن قاعدة عسكرية قبالة اليمن لمواجهة ميليشيات الحوثي واعتراض تهديداتها لخطوط الملاحة، وذلك نظراً إلى تمتع «أرض الصومال» بموقع استثنائي يمتد على ساحل بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، وموقع استراتيجي عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي.

ويرى مراقبون أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» سيكون له تأثير على باب المندب، وقد يقيّد أي إمدادات تأتي إلى الحوثيين، لكن في المقام الأول سيهدد الملاحة والأمن في البحر الأحمر وسيزيد التوتر.

رئيس أرض الصومال يهاتف نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

وتسعى إسرائيل لخلق ما يشبه «كماشة» أمنية لمحاصرة النشاط العسكري الحوثي من جهة الشرق الأفريقي، وذلك بعد تحول السواحل الصومالية قبالة اليمن إلى نقاط تهريب نشطة للحوثيين ساعدهم في ذلك تحالفهم الوثيق مع «حركة الشباب الإرهابية» برعاية من «الحرس الثوري» الإيراني، وفق الخبير اليمني أشرف المنش.

ويعتقد رئيس مركز «جهود للدراسات» في اليمن، عبد الستار الشميري، أن الاعتراف من إسرائيل محاولة لوجود أكبر في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، والتموضع على ضفة القرن الأفريقي من خلال أرض الصومال وأيضاً الضفة اليمنية من خلال مهاجمة الحوثيين، وهذا سينعكس سلبياً على البحر الأحمر.

في المقابل، قلّل المحلل السياسي من أرض الصومال، عبد الكريم صالح، من المخاوف من العلاقات بين هرغيسا وتل أبيب، مؤكداً أن الاعتراف لن يؤثر على الصراع مع الحوثيين؛ إذ تربط إسرائيل علاقات دبلوماسية بالعديد من الدول العربية والإسلامية والدولية ولم يحقق ذلك شيئاً، مؤكداً أن الاعتراف مهم في سلسلة الاعترافات الدولية ليس أكثر من ذلك.

ورغم أن الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين بدأت في يوليو (تموز) 2024، فإن عام 2025 شهد زخماً أكبر من الاستهداف في عام 2025، بـ14 استهدافاً على الأقل، وقصف متكرر لميناء الحديدة، قبل الهجوم الكبير الذي استهدف حكومة الحوثي وقيادات عسكرية بارزة لديها في أغسطس (آب) الماضي.

إنشاء القواعد

وفي ضوء ذلك الاعتراف وهذا التصعيد الإسرائيلي ضد الحوثيين، لا يستبعد بري أن يتم احتمالات تعاون أمني، وبحث أفكار حول قاعدة أو تعاون عسكري في المستقبل، وهو بمثابة جزء من استراتيجية مواجهة تهديدات الحوثيين.

ويخلص إلى أن وجود عسكري إسرائيلي طويل المدى في أرض الصومال ليس مؤكداً اليوم، لكن القاعدة قد تتوسع إلى تعاون أمني أقوى إذا رأى الطرفان فائدة استراتيجية من ذلك، خصوصًا في مواجهة الحوثيين مقابل زخم الاعترافات.

وعن توقعاته لردود فعل الحوثيين، يعتقد بري أن التهديدات والهجمات من الحوثيين قد تتصاعد بوصفها رد فعل على أي شكل من أشكال وجود عسكري أو تعاون أمني مع إسرائيل قرب السواحل اليمنية، مستدركاً: «لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية من الحوثيين على كيفية ردهم مباشرة على الاعتراف الصوري فقط الذي لم يشمل التوسيع العسكري بإقليم مثل أرض الصومال».

بنيامين نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

ولا يستبعد أشرف المنش أيضاً -في ضوء التقاء المصالح بين إقليم أرض الصومال الساعي للحصول على اعتراف دولي وإسرائيل- أن تتجه المصالح الإسرائيلية إلى بناء منشأة عسكرية واستخباراتية لـ«تعزيز العمق الاستراتيجي» في القرن الأفريقي.

بينما يؤكد مراقبون أن وجود إسرائيل في الإقليم الانفصالي سيترتب عليه وجود عسكري لا محالة، لأن أي علاقات تسمح بمذكرات تفاهم تشمل نشر قواعد عسكرية وما شابه.

في المقابل، يرى عبد الكريم صالح أن المحادثات والوثائق المتبادلة بين الجانبين لم تتطرق إلى أي مسائل عسكرية. وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنهم سيتعاونون بشكل مكثف مع أرض الصومال في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، دون أي حديث عن تعاون عسكري أو استخباراتي.

وبعد شائعات نفاها إقليم أرض الصومال في 2025، بشأن أن يكون الإقليم إحدى البقاع التي تستقبل الفلسطينيين من غزة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في حسابه على منصة «إكس»، الجمعة، إنه خلال العام الماضي، وعلى أساس حوار شامل ومتواصل تشكّلت العلاقات بين إسرائيل وأرض الصومال. وأضاف: «عقب قرار رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ورئيس جمهورية أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله، وقّعنا على اعتراف متبادل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، تشمل أيضاً تعيين سفراء وافتتاح سفارات»، مؤكداً أن إسرائيل ستكثّف التعاون مع أرض الصومال في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والزراعة والصحة.


مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

رفضت مصر إعلان الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة. كما عبّرت عن رفضها «أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية».

وجاء الموقف المصري في اتصالات لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، الجمعة، مع نظرائه في الصومال وتركيا وجيبوتي. وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الوزراء «الدعم الكامل لوحدة الصومال وسيادته»، إلى جانب «دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية».

الرفض المصري المدعوم بمواقف دول أخرى، جاء بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، اعتراف إسرائيل رسمياً بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة ذات سيادة، وهي أول دولة تعترف بـ«الإقليم الانفصالي» في الصومال دولة مستقلة.

وقال بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، الجمعة، إن الوزير عبد العاطي تلقى اتصالات من نظرائه: الصومالي عبد السلام عبدي، والتركي هاكان فيدان، والجيبوتي عبد القادر حسين عمر، وشددوا على «الرفض التام وإدانة اعتراف إسرائيل»، إلى جانب «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية».

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، يعتقد أن دعم إسرائيل «أرض الصومال» «سيفتح الباب لدول أخرى للاعتراف بهذا الإقليم». ورجح أن «تلجأ إثيوبيا إلى تفعيل اتفاقها مع (أرض الصومال)، للحصول على منفذ بحري لها، مقابل الاعتراف الرسمي به دولة».

وسيؤثر الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» استراتيجياً على مصالح الدولة المصرية في جنوب البحر الأحمر، وفق حليمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود إسرائيل في هذه المنطقة سيعني حصولها على موضع قدم في جنوب البحر الأحمر وشماله في إيلات»، مشيراً إلى أن هذا التحرك «سيلقى معارضة شديدة من الدول العربية والأفريقية؛ لأن من مبادئ الاتحاد الأفريقي احترام حدود الدول وعدم المساس بها».

وسبق أن عارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع «إقليم أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي بعد توقيع اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» في القاهرة يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

وأكد عبد العاطي، الجمعة، أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول «سابقة خطيرة، وتهديد للسلم والأمن الدوليين ولمبادئ القانون الدولي»، وقال إن «احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الدول يمثّل ركيزة أساسية لاستقرار النظام الدولي».

كما شدد على «الرفض القاطع لأي مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني خارج أرضه»، وقال إن «هذا المخطط ترفضه الغالبية العظمى لدول العالم بشكل قاطع».

ولن يغيّر الاعتراف الإسرائيلي الوضعية القانونية لـ«إقليم أرض الصومال» بعدّه جزءاً من أرض الصومال، وفق عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، عصام هلال، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما اتخذته إسرائيل خطوة أحادية تخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي».

ويرى هلال أن الدعم الإسرائيلي للإقليم الصومالي «يعدّ تحولاً دبلوماسياً، سينعكس على توازن القوى في منطقة القرن الأفريقي». وأكد ضرورة «تكثيف الجهود الدبلوماسية لحماية الأمن والاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة».

ودائماً ما تؤكد مصر أن «أمن البحر الأحمر قاصر فقط على الدول المتشاطئة وليس مقبولاً أي وجود عسكري به»، وتكررت هذه التصريحات بعد أن أعلنت إثيوبيا طموحها لإيجاد منفذ بحري على ساحل البحر الأحمر.

و«إقليم أرض الصومال»، الذي يملك ساحلاً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، يحتل موقعاً استراتيجياً عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، ولا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991.

ووقّع نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ورئيس «إقليم أرض الصومال»، عبد الرحمن محمد عبد الله، إعلاناً مشتركاً، وقال إن «إسرائيل تخطط لتوسيع علاقاتها مع الإقليم من خلال تعاون واسع في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد».