ليبيا: «تفاقم» الوضع الأمني في معبر «رأس جدير» الحدودي

البعثة الأممية تطالب «النواب» و«الدولة» بـ«مسار واضح» للانتخابات المؤجلة

قوات من حكومة «الوحدة» عند معبر «رأس جدير» (أرشيفية - إدارة إنفاذ القانون)
قوات من حكومة «الوحدة» عند معبر «رأس جدير» (أرشيفية - إدارة إنفاذ القانون)
TT

ليبيا: «تفاقم» الوضع الأمني في معبر «رأس جدير» الحدودي

قوات من حكومة «الوحدة» عند معبر «رأس جدير» (أرشيفية - إدارة إنفاذ القانون)
قوات من حكومة «الوحدة» عند معبر «رأس جدير» (أرشيفية - إدارة إنفاذ القانون)

بينما دعت البعثة الأممية في ليبيا، مجلسَي «النواب» و«الأعلى للدولة» إلى ما وصفته بـ«مسار واضح لإجراء الانتخابات المؤجلة في البلاد»، عاد العمل، الأحد، بشكل طبيعي في الطريق الساحلية المؤدية إلى معبر «رأس جدير» على الحدود المشتركة مع تونس، بعد اندلاع اشتباكات مسلحة مجدداً بين مجموعة مسلحة من زوارة، وقوة تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» (المؤقتة) برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وقالت بعثة الأمم المتحدة، إنها أخذت علماً باجتماع أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في القاهرة، مشيرة إلى ترحيبها بـ«جميع الجهود التي تصبّ في تحقيق توافق ليبي يسهّل عملية سياسية يقودها ويملك زمامها الليبيون، وتفضي إلى إجراء الانتخابات الوطنية». وجددت التأكيد على «ضرورة أن تكون أي خطوات من هذا القبيل شاملة، ومتضمنة مساراً واضحاً نحو الانتخابات».

من أحد اجتماعات البعثة الأممية مع لجنة الاتصال الليبية المكونة من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» (البعثة الأممية)

و⁠شجّعت البعثة، في بيان لها، المشاركين في اجتماع القاهرة، على «البناء على ما تم الاتفاق عليه، وتوخي مقاربة تشمل الأطراف الليبية المعنية الأخرى، حتى تفضي مخرجات اجتماعهم إلى حل قابل للتنفيذ سياسياً». وتعهدت بـ«مواصلة جهودها من أجل التوصّل إلى الاتفاق السياسي، الذي تحتاجه ليبيا لمعالجة القضايا الخلافية جميعها».

إلى ذلك، أكدت مصادر محلية، إعادة فتح الطريق الساحلية بين مدينة زوارة ومعبر «رأس جدير» المشترك مع تونس، بعد ساعات من اشتباكات محدودة، مساء السبت، بين «مجموعة خارجة عن القانون» مع الجهات الأمنية بالمعبر، أسفرت عن إصابة شخص من زوارة، وإغلاق الطريق إلى المعبر لبضع ساعات، وسط توتر أمني.

عناصر أمنية ليبية عند معبر «رأس جدير» (إدارة إنفاذ القانون)

ولم تعلق وزارة الداخلية في حكومة «الوحدة الوطنية» على هذه التطورات، لكن إدارة إنفاذ القانون، التابعة لها، كررت إعلان ضبطها، مساء السبت، كميات من الوقود داخل مركبات المسافرين عبر المنفذ، وبعض المواد الغذائية والسلع الأخرى، في إطار ما وصفتها بـ«جهودها في تأمين المنفذ». وأُعيد افتتاح المعبر في الأول من الشهر الحالي، بعد مرور نحو 3 أشهر على إغلاقه؛ نتيجة لاضطرابات أمنية.

وفي إطار مماثل، أعلنت مصادر محلية، اقتحام قوات تابعة لجهاز «دعم الاستقرار» والـ«555»، التابعَين لحكومة «الوحدة»، منطقة كمون في ضواحي مدينة غريان، لليوم الثاني على التوالي، وسط سماع أصوات رماية كثيفة في أحد الأحياء السكنية في المدينة، الواقعة على بعد 80 كيلومتراً، جنوب العاصمة طرابلس.

وتجاهل الدبيبة، التعليق على هذه التطورات، لكنه افتتح، مساء السبت، في العاصمة طرابلس فعاليات مهرجان «أيام الصيف» الذي يضم عديداً من الأنشطة الثقافية والترفيهية والفنية والرياضية، ومنافسات وبطولات متنوعة تنظم للمرة الأولى في ليبيا. وأكد في كلمة له بالمناسبة، «أهمية مثل هذه المهرجانات في تعزيز السياحة الداخلية، وتوفير فرص الترفيه والتنشيط للمواطنين خلال فصل الصيف»، عادّاً ذلك «مؤشراً إيجابياً على عودة الحياة».

الدبيبة خلال افتتاح «مهرجان الصيف» في طرابلس (حكومة الوحدة)

إلى ذلك، قال رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، إنه بحث مساء السبت في أكرا، مع الأمين العام الجديد لاتحاد المغرب العربي، طارق بن سالم، «التكامل بين الاتحاد الأفريقي واتحاد المغرب العربي وبقية المجموعات الاقتصادية الإقليمية، وإعادة تفعيل اللجان الوزارية القطاعية ومؤسسات وهيئات الاتحاد».

كما ناقش المنفي، مع عضوة اللجنة التوجيهية لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء بالوكالة الأفريقية للتنمية (نيباد)، ناردوس بيكيلي، نتائج زيارة وفد اللجنة في أبريل (نيسان) الماضي إلى ليبيا، مشيراً إلى أن بيكيلي أطلعته على مقترح مشروع الشراكة الاستراتيجية بين ليبيا و«نيباد»، الذي يهدف لتقديم الدعم الفني والمشورة للقطاعات المعنية بالبنية التحتية، والتعليم، والأمن الغذائي، والاقتصاد، والمشروعات الصغرى والمتوسطة.

من جهته، استغل القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، اجتماعه في بنغازي بشرق البلاد، مع وفد من مشايخ وأعيان ومثقفي «قبيلة الحساونة»، للتأكيد على «أهمية التشاور والتنسيق بين مختلف مكونات المجتمع الليبي؛ للوصول إلى المصالحة الوطنية الشاملة وتحقيق الاستقرار الدائم». ونقل عن أعضاء الوفد «اعتزازهم وتقديرهم لمواقفه تجاه وحدة ليبيا واستقرارها». وأشادتهم بـ«الدور الرئيسي للجيش في حفظ أمن الوطن واستقراره».

حفتر خلال لقاء وفد «قبيلة الحساونة» في بنغازي (الجيش الوطني)

في غضون ذلك، أكد وزير الداخلية بحكومة «الاستقرار»، عصام أبو زريبة، خلال اجتماع (الأحد)؛ لمناقشة الوضع الأمني في مدن ومناطق المنطقتين الشرقية والجنوبية، «ضرورة تطوير الأداء الأمني داخل مديريات الأمن، من خلال تشكيل غُرف أمنية تتولى مسؤولية بسط الأمن ومكافحة الظواهر السلبية». كما شدد على أهمية التنسيق والتكامل بين مختلف الأجهزة الأمنية، «بما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة، والتصدي للتحديات الراهنة».


مقالات ذات صلة

سلطات «شرق ليبيا» تحقق مع تشكيل عصابي بتهمة تعذيب «مهاجرين»

شمال افريقيا مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات «شرق ليبيا» تحقق مع تشكيل عصابي بتهمة تعذيب «مهاجرين»

كشفت أجهزة أمنية بشرق ليبيا عن عملية تعذيب «وحشية» لمهاجرين قالت إنها «تحمل صورة من صور الإرهاب» بعد تجويعهم والتنكيل بهم لإجبار ذويهم على دفع أموال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة ووزير الدولة البريطاني هاميش فولكنر يوم الاثنين (حكومة الوحدة)

الدبيبة يبحث مع مسؤول بريطاني التطورات السياسية في ليبيا

شدد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، خلال لقائه مسؤولاً بريطانياً رفيعاً على أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي والتعليمي بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس في أبريل 2021 (حكومة الوحدة)

ليبيا تجدد رفضها تنقيب اليونان عن الغاز جنوبي كريت

رفضت ليبيا رسمياً تحركات اليونان «جنوبي كريت» وذلك عبر مذكرة تقدمت بها بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة معبرة عن «قلقها العميق» إزاء التطورات في شرق المتوسط.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة يفتتح عدداً من الأقسام الطبية الجديدة في مصراتة (حكومة الوحدة)

دعوات لوقف التصعيد في العاصمة الليبية

حذَّرت قيادات محلية ليبية في بلديات سوق الجمعة وطرابلس المركز وعين زارة، من «الوضع الخطير الذي تمر به العاصمة»، وقالوا إن «الخلافات السياسية لا تعالج بالحرب».

خالد محمود (القاهرة)
تحليل إخباري أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (الحكومة)

تحليل إخباري ما دوافع حكومة حماد وراء إلغاء زيارة وفد أوروبي إلى بنغازي؟

برزت تفسيرات متباينة لإقدام حكومة أسامة حمّاد المكلفة من مجلس النواب في شرق ليبيا مؤخراً على إلغاء زيارة وفد أوروبي إلى بنغازي.

جاكلين زاهر (القاهرة)

سلطات «شرق ليبيا» تحقق مع تشكيل عصابي بتهمة تعذيب «مهاجرين»

مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

سلطات «شرق ليبيا» تحقق مع تشكيل عصابي بتهمة تعذيب «مهاجرين»

مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
مهاجرون بعد «تحريرهم» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

أخضعت السلطات الأمنية في شرق ليبيا تشكيلاً عصابياً للتحقيق، لاتهامه باحتجاز وتعذيب مهاجرين غير نظاميين بغرض «بيعهم بالعملة الصعبة لتجار البشر، أو مساومة أسرهم على دفع فدية».

وقال مصدر أمني في مديرية أمن أجدابيا إن جهات التحقيق بدأت، الاثنين، استجواب التشكيل «للوقوف على أبعاد جريمة أفراده التي خلت من كل إنسانية، وكشف المتعاونين معهم من خارج ليبيا»، لافتاً إلى أن التشكيل، الذي وصفه بأنه «خطير»، يضم سودانيين، ومصرياً، وأربعة ليبيين.

مهاجرون «محرَّرون» من قبضة تشكيل عصابي في أجدابيا شرق ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

وتحدث المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «هذه الجريمة ستُسهل على الأجهزة الأمنية الوصول إلى جرائم أخرى مشابهة»، مشيراً إلى «توسيع عمليات المطاردة في شرق ليبيا لعصابات الاتجار بالبشر».

وكشفت مديرية أمن أجدابيا بشرق ليبيا عن قضية قالت إنها «تحمل في طياتها صورة من صور الإرهاب بأعمالها الوحشية وتصرفاتها القمعية»، بعدما عرضت مقاطع مصورة «مروعة» لتشكيل عصابي وهو يعذب محتجزين.

عشرات المهاجرين عثرت عليهم الأجهزة في شرق ليبيا بعد تعرضهم للتعذيب (جهاز مكافحة الهجرة)

وأوضحت أن الأجهزة الأمنية داهمت «مزرعة كان يُحتجز فيها أكثر من مائة مهاجر غير شرعي من جنسيات مختلفة، ذكوراً وإناثاً، في دهاليز مظلمة ضيقة يصعب فيها التنفس، وقد كانوا متكدسين بعضهم فوق بعض، وهم على أعتاب الموت»، مشيرة إلى أن غالبية المحتجزين كانوا «في حالة صحية سيئة جداً، ويعانون من العطش والألم والخوف والجوع».

كما كشفت أنها عثرت على بعضهم مكبلي الأيدي والأقدام وقد تعرضوا للجلد، وكانت أجسادهم تنزف دماً.

وأشارت إلى أن الغرض من احتجازهم كان «إما بيعهم بالعملة الصعبة لتجار البشر الذين يديرون مراكب الموت وعمليات التهريب عبر البحر، أو تصويرهم وهم يتعرضون للجلد والتعذيب، ثم إرسال تلك المقاطع إلى ذويهم عبر تطبيقات التواصل لابتزازهم بطلب الفدية مقابل إطلاق سراحهم».

الهجرة غير النظامية

في سياق متصل، بحث فتحي التباوي، وزير الدولة لشؤون الهجرة غير المشروعة في حكومة شرق ليبيا، مع مستشار المجلس الأمني القومي المستشار إبراهيم بوشناف، في مستجدات ملف الهجرة غير النظامية.

وقالت الوزارة إنه تم استعراض التحديات التي تواجهها الدولة الليبية في ملف الهجرة غير النظامية، والآليات المقترحة لتعزيز التنسيق بين الجهات المختصة، بما يحقق الأمن القومي ويحفظ السيادة الوطنية، مع مراعاة الجوانب الإنسانية المرتبطة بالهجرة.

وأكد الطرفان أهمية «التكامل المؤسسي وتوحيد الجهود للتعامل مع هذه الظاهرة بفعالية، وضرورة تبني استراتيجية وطنية شاملة تعالج الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية، وتدعم جهود الدولة في ضبط الحدود والتعاون الإقليمي والدولي في هذا الملف».

وتؤكد السلطات في شرق ليبيا وغربها أنها تعمل على مكافحة تهريب المهاجرين غير النظاميين، والتوسع في عمليات إعادتهم مرة أخرى إلى بلدانهم.

وتُعد الرحلة من ليبيا إلى إيطاليا أحد أكثر المسارات المستخدمة في الهجرة عبر البحر.

وبموجب القانون الدولي الإنساني، لا يجوز إعادة المهاجرين قسراً إلى بلدان يواجهون فيها إساءة معاملة خطيرة، وقد وُثقت حالات كثيرة من إساءة معاملة المهاجرين على نطاق واسع في ليبيا.

وأشارت «وكالة الأنباء الليبية» إلى أن الأجهزة الأمنية بشرق ليبيا رحَّلت 1700 مهاجر هذا الشهر حتى الآن.