حرب غزة وأزمات ليبيا والسودان تتصدر المباحثات المصرية الصربية

السيسي أكد رفض توظيف معبر رفح أداة لإحكام الحصار على الفلسطينيين

الرئيسان المصري والصربي بحثا المستجدات الدولية والإقليمية (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والصربي بحثا المستجدات الدولية والإقليمية (الرئاسة المصرية)
TT

حرب غزة وأزمات ليبيا والسودان تتصدر المباحثات المصرية الصربية

الرئيسان المصري والصربي بحثا المستجدات الدولية والإقليمية (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والصربي بحثا المستجدات الدولية والإقليمية (الرئاسة المصرية)

تناولت مباحثات مصرية - صربية في القاهرة، مستجدات الأوضاع في السودان وليبيا، وحرب غزة. وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، (السبت) في القاهرة، «رفض بلاده توظيف معبر رفح البري ليكون بمثابة أداة لإحكام الحصار على الفلسطينيين في قطاع غزة». وتبذل مصر جهوداً «مكثفة»؛ سعياً لمنع اتساع رقعة الصراع في منطقة الشرق الأوسط، بموازاة مساعٍ مستمرة للاتفاق على هدنة في قطاع غزة بعد أكثر من 9 أشهر من الحرب.

واستقبل السيسي نظيره الصربي في قصر الاتحادية الرئاسي بشرق القاهرة. ووفق إفادة لمتحدث الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، فإن المباحثات أكدت «أهمية الالتزام بتعزيز العلاقات طويلة الأمد في جميع المجالات، وذلك من خلال تفعيل الاتفاقات التي تم توقيعها، (السبت)، لا سيما اتفاقية التجارة الحرة التي ستسهم في دفع معدلات التعاون الاقتصادي والتجاري بشكل كبير بين البلدين، إضافة إلى أهمية الانعقاد الدوري لآليات التعاون الثنائي، وعلى رأسها (لجنة المشاورات السياسية)، و(اللجنة المصرية - الصربية المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني)، بما يسفر عن دفع وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين، خصوصاً في قطاعات الاستثمار، والزراعة، والسياحة، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات».

جانب من مباحثات السيسي وفوتشيتش في القاهرة (الرئاسة المصرية)

رفض التهجير

كما تناولت المباحثات تبادل الرؤى بشأن القضايا الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، حيث أكدت مصر «ضرورة تحقيق السلام في أقرب وقت ممكن». أيضاً تناولت المباحثات تطورات الأوضاع في السودان وليبيا، إضافة إلى الأزمة الراهنة في قطاع غزة. وأكد السيسي الموقف المصري القائم على «حتمية تحقيق وقف إطلاق نار فوري وشامل في أقرب وقت ممكن، ورفض مصر القاطع للتهجير بصوره كافة، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية، وضرورة وقف استهداف المدنيين وعنف المستوطنين».

وتقوم مصر إلى جانب الولايات المتحدة وقطر بدور الوسيط في مفاوضات غير مباشرة، تستهدف الاتفاق على هدنة في قطاع غزة، يتم خلالها تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة «حماس».

وبحسب «الرئاسة المصرية» تناولت مباحثات السيسي وفوتشيتش، (السبت)، تطورات الأوضاع في منطقة غرب البلقان. وأكد الرئيس المصري أهمية الدور الصربي في إرساء الاستقرار وتعزيز التعاون في منطقة غرب البلقان، في ظل دور صربيا البارز في تفعيل «مبادرة البلقان المفتوح» بما يُعزز من فرص التقارب بين دول منطقة غرب البلقان، ويرسخ قواعد الاستقرار الإقليمي.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، شدد السيسي، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الصربي، على «ضرورة بذل المساعي كافة نحو تهدئة التوتر الإقليمي». وأكدا حينها «متانة العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر وصربيا، والارتياح للتقدم الكبير الذي أحرزته العلاقات بين البلدين، في أعقاب زيارة السيسي إلى صربيا في يوليو (تموز) 2022»، بحسب «الرئاسة المصرية». كما شدد الرئيسان وقتها على «أهمية تعزيز آليات التعاون الثنائي في المجالات كافة».

الرئيس المصري خلال استقبال نظيره الصربي في قصر الاتحادية الرئاسي (الرئاسة المصرية)

تعزيز الصداقة

وأعرب السيسي، (السبت)، عن سعادته باستقبال الرئيس الصربي في مصر، خلال زيارته التي تعد الأولى من نوعها منذ 15 عاماً. وقال الرئيس المصري إن «الزيارة تعكس رغبة مشتركة في تعزيز الصداقة التاريخية بين البلدين، الممتدة منذ بدء علاقاتهما الدبلوماسية عام 1908، والتعاون الممتد في الأطر متعددة الأطراف من خلال دورهما البارز في تأسيس حركة عدم الانحياز». وتطلع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التعاون والتنسيق بين مصر وصربيا، بما يُسهم في تعميق علاقات التعاون وتوطيد أواصر الصداقة الممتدة التي تجمع البلدين.

وقال الرئيس الصربي، خلال المؤتمر الصحافي مع السيسي، (السبت)، «تم توقيع اتفاقات عدة سوف تسهم في توثيق أواصر التعاون التجاري والاقتصادي والصناعي بين البلدين»، منوهاً بأن ما يحدث الآن هو «بمثابة إعجاز في العلاقات الدولية بين البلدين، خصوصاً فيما يتعلق بمجال السلام؛ لأن في عالمنا اليوم يوجد كثير من الدول، للأسف، التي لا تدعو إلى السلم؛ بل تدعو إلى عكسه».

أبو الغيط خلال لقاء الرئيس الصربي بمقر جامعة الدول العربية (الجامعة)

جامعة الدول العربية

في سياق ذلك، زار الرئيس الصربي مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة، (السبت)، والتقى الأمين العام، أحمد أبو الغيط. وذكر المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، جمال رشدي، أن أبو الغيط أشار خلال اللقاء إلى «العلاقات المميزة التي تربط بين صربيا والعالم العربي في المجالات السياسية والاقتصادية، وكذا آليات التعاون والتنسيق المهمة التي تجمع بين صربيا ودول عربية عدة إزاء القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وتناول اللقاء، بحسب رشدي، عدداً من القضايا الإقليمية والدولية المهمة، في مقدمتها التطورات الأخيرة بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتطورات الأوضاع في السودان، والأزمة المتعلقة بليبيا، وكذلك رؤية صربيا لتداعيات الوضع الخاص بأوكرانيا على المستويين الدولي والأوروبي.

من جانبه أعرب الرئيس الصربي عن تثمينه للعلاقات الصربية - العربية، مؤكداً أن زيارته إلى مقر «الجامعة» تعكس «حرص بلاده على تعزيز أواصر العلاقات والروابط مع العالم العربي».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».