​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

بعد حديث «الجنائية الدولية» عن استكمال التحقيقات

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
TT
20

​ليبيون يأملون في إخضاع المتورطين بـ«جرائم حرب» للمحاكمة

صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)
صلاة جنازة على اثنين من ضحايا المجازر الجماعية في ترهونة غرب ليبيا) (رابطة ضحايا ترهونة)

يأمل ليبيون في إخضاع متهمين بـ«ارتكاب جرائم» خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إلى «محاكمة عادلة وسريعة».

وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تحدث ضمن إحاطة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي، عن «خريطة طريق» لمحاكمة المتهمين في ليبيا من بينهم المتورطون في «المقابر الجماعية» في ترهونة (غرب البلاد).

وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)
وقفة احتجاجية لعدد من أهالي ضحايا ترهونة بغرب ليبيا (رابطة ضحايا ترهونة)

ورغم تعهد خان في إحاطته، بالعمل على «قدم وساق لتنفيذ خريطة طريق لاستكمال التحقيقات في جرائم حرب حتى نهاية 2025»، فإنه لم يوضح تفاصيلها، إلا أن عضو «رابطة ضحايا ترهونة» عبد الحكيم أبو نعامة، عبّر عن تفاؤل محاط بالتساؤلات على أساس أن «4 من المطلوبين للجنائية الدولية في جرائم حرب وقعت بالمدينة منذ سنوات لا يزالون خارج قبضة العدالة».

ويقصد أبو نعامة، في تصريح إلى «الشرق الأوسط» قائد الميليشيا عبد الرحيم الشقافي المعروف بـ«الكاني»، إلى جانب فتحي زنكال، ومخلوف دومة، وناصر ضو، فيما يخضع عبد الباري الشقافي ومحمد الصالحين لتصرف النيابة، بعد القبض على الأخير السبت.

ومن بين ملفات اتهام متنوعة في ليبيا، قفزت منذ أشهر إلى مقدمة أجندة المحكمة الدولية جرائم «مقابر جماعية» ارتكبت في ترهونة (غرب ليبيا) إبان سيطرة ما تعرف بـ«ميليشيا الكانيات» بين أبريل (نيسان) 2019 ويونيو (حزيران) 2020، علماً بأن الدائرة التمهيدية لـ«الجنائية الدولية» قرّرت رفع السرية عن ستة أوامر اعتقال لمتهمين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وينتاب من يتهمون بهذا الملف وأسر ضحايا في ترهونة، القلق مما يرونه «تسييس عمل المحكمة الدولية، وغياب الآلية الفعّالة لتنفيذ مذكرات القبض ضد المتهمين، في ظل وجودهم في بعض الدول»، وفق ما أفاد علي عمر، مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» لـ«الشرق الأوسط».

يُشار إلى أن خان، أبلغ مجلس الأمن الدولي عن اتفاقه مع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، على آلية جديدة للتعاون بين الطرفين، لكنه لم يكشف عن تفاصيلها.

إلى جانب مخاوف «التسييس»، يبدو أن تحديد المدعي العام للجنائية الدولية إطاراً زمنياً للانتهاء من التحقيقات نهاية العام المقبل، قد يكون مثار قلق أكبر لعائلات الضحايا.

ووفق عمر: «قد يفاقم الإفلات من العقاب ويشجع مرتكبي الجرائم الدولية على مواصلة أفعالهم»، مع إيحاء سائد لدى البعض «بعدم وجود نية لملاحقة مرتكبي الجرائم أو فتح جميع ملفات الجرائم التي تندرج تحت اختصاص المحكمة».

ومن بين الاتهامات التي تلاحق «ميليشيا الكانيات» كانت تصفية أغلب نزلاء سجن «القضائية»، و«الدعم المركزي» بترهونة، في 14 سبتمبر (أيلول) 2019، في رواية نقلتها «رابطة ضحايا ترهونة».

ويلاحظ متابعون، أن ظلال الانقسام السياسي انعكست على زيارة خان إلى طرابلس، وفق أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الواحد القمودي. وعلى نحو أكثر تفصيلاً، يشير مدير «منظمة رصد الجرائم في ليبيا» علي عمر، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن غياب التعاون من قِبل السلطات في شرق ليبيا وغربها، من بين عراقيل أخرى تقف أمام «نزاهة التحقيقات».

مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)
مقبرة جماعية مكتشفة بترهونة (غرب ليبيا) (هيئة التعرف على المفقودين في ليبيا)

في غضون ذلك، فرض الدور الروسي الزائد في ليبيا نفسه على إحاطة خان، أمام مجلس الأمن، بعدما شككت مندوبة روسيا في ولاية المحكمة على الملف الليبي، مذكرة بأن ليبيا «ليست طرفاً في نظام روما الأساسي».

وفي حين يستبعد أمين «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» في ليبيا عبد المنعم الحر دوراً روسياً معرقلاً للمحاكمات، فإنه يتفق مع مندوبة روسيا في أن «الإحالة من جانب مجلس الأمن لم تعط المحكمة الجنائية الدولية ولاية مطلقة على ليبيا»، مشيراً إلى أنها «اقتصرت على جرائم حصلت قبل تاريخ 19 فبراير (شباط) 2011».

ويستند الحر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى نظام روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي أجاز «التحقيق في جريمة أو أكثر ارتكبت»، وهو «ما يجعل القضايا التي وقعت بعد هذا التاريخ خارج ولاية المحكمة».

وقد يبدو «التفاؤل محدوداً» بمثول المطلوبين في جرائم الحرب بليبيا أمام المحكمة في لاهاي، وفق «مدير منظمة رصد الجرائم»، لكنه يشير إلى مخرج من هذا المأزق، وهو «اتخاذ خطوات أكثر جرأة، تشمل دعماً دولياً لضمان استقلالية التحقيقات، ووضع آلية فعّالة لتنفيذ مذكرات القبض».

وعلى نحو يبدو عملياً، فإن أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا يقترح «حلاً قانونياً بتشكيل محكمة خاصة مختلطة يترأسها قاض ليبي تضم في هيئتها قضاة ليبيين ودوليين، على غرار المحكمة الدولية التي تم إنشاؤها للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005».


مقالات ذات صلة

إسرائيل: نتنياهو وأوربان بحثا مع ترمب انسحاب المجر من «الجنائية الدولية»

أوروبا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان (يسار) ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلتقيان في بودابست (أ.ف.ب) play-circle

إسرائيل: نتنياهو وأوربان بحثا مع ترمب انسحاب المجر من «الجنائية الدولية»

بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي ونظيره المجري مع الرئيس الأميركي، الخميس، في قرار المجر الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، وفق ما أعلنت تل أبيب.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
العالم لوغو المحكمة الدولية (رويترز) play-circle 01:05

مع زيارة نتنياهو لبودابست... المجر تنسحب من «الجنائية الدولية»

أعلنت المجر، الخميس، نيتها الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتانياهو يصل إلى المجر متحدّياً مذكرة «الجنائية الدولية» لتوقيفه

حطّت طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، فجر اليوم (الخميس)، في مطار بودابست بحسب ما أعلن وزير الدفاع المجري الذي استقبله على مدرج المطار. وكتب…

«الشرق الأوسط» (بودابست)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

نتنياهو يزور المجر ويتحدى مذكرة اعتقال «الجنائية الدولية»

يصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر، الأربعاء، للقاء رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان رغم مذكرة اعتقال دولية صادرة بحقه.

«الشرق الأوسط» (بودابست )
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب) play-circle

نتنياهو يزور المجر الأربعاء رغم مذكرة توقيف ضده من «الجنائية الدولية»

يعتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة المجر في 2 أبريل (نيسان)، رغم مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

مصر وفرنسا تشددان على أولوية استئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة

السيسي وماكرون خلال لقاء جرحى فلسطينيين (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون خلال لقاء جرحى فلسطينيين (الرئاسة المصرية)
TT
20

مصر وفرنسا تشددان على أولوية استئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة

السيسي وماكرون خلال لقاء جرحى فلسطينيين (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون خلال لقاء جرحى فلسطينيين (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة مدينة العريش المصرية، «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وأهمية العمل على الإسراع في نفاذ المساعدات الإنسانية وضمان حماية المدنيين وعمال الإغاثة». وشددا على «رفضهما القاطع لأي محاولات تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم». كما زار السيسي وماكرون مستشفى العريش، والتقيا عدداً من الجرحى الفلسطينيين.

وأظهرت صور احتشاداً لمصريين من مختلف المحافظات المصرية في مدينة العريش، استقبلوا السيسي وماكرون، وعبروا عن موقفهم الثابت برفض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ودعمهم لقرارات القيادة السياسية المصرية بشأن القضية الفلسطينية».

ورفع المحتشدون لافتات «غزة ليست للبيع»، و«لا للتهجير»، و«لن نسمح بتهجير أهلنا من غزة»، و«لا لتصفية القضية على حساب سيناء»، كما حيا الرئيسان، الحشود على جانب الطريق، ملوحَين بأيديهما لآلاف المواطنين المصطفين للترحيب بزيارة ماكرون.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، فإن الزيارة تأتي لتأكيد تضامن فرنسا مع الجهود المصرية الكبيرة في استقبال ورعاية المصابين من أبناء الشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، حيث شملت الزيارة تفقد الرئيسَين السيسي وماكرون مستشفى العريش ولقاءهما عدداً من الجرحى الفلسطينيين، لا سيما من النساء والأطفال، وكذا مركز الخدمات اللوجيستية التابع للهلال الأحمر المصري المخصص لتجميع المساعدات الإنسانية المقدمة من مصر وجميع الدول الموجهة إلى قطاع غزة.

السيسي وماكرون في مستشفى العريش ولقاؤهما بعدد من الجرحى الفلسطينيين (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون في مستشفى العريش ولقاؤهما بعدد من الجرحى الفلسطينيين (الرئاسة المصرية)

وأوضح متحدث الرئاسة المصرية أن وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، استعرض أمام الرئيسَين، خلال زيارتهما لمستشفى العريش العام، الجهود التي تبذلها الدولة المصرية لتوفير الرعاية الصحية والعلاج اللازم للمصابين الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة، حيث أشار في هذا الصدد إلى استقبال مصر نحو 107 آلاف فلسطيني، أجريت لهم الفحوصات الطبية اللازمة، كما تم تطعيم 27 ألف طفل فلسطيني، واستقبلت المستشفيات المصرية أكثر من 8 آلاف مصاب فلسطيني يعانون من جروح متفرقة، برفقة 16 ألف مرافق، كما تم إجراء أكثر من 5160 عملية جراحية، واستقبلت 300 مستشفى في 26 محافظة بمصر المصابين والمرضى الفلسطينيين، بينما يوجد حالياً مصابون فلسطينيون في 176 مستشفى موزعةً على 24 محافظة بمصر، مع توفير الإقامة والإعاشة لجميع المرافقين لهم. وفيما يتعلق بجهود الإسعاف المصرية، فقد تم تخصيص 150 سيارة إسعاف في محافظة شمال سيناء لاستقبال الحالات القادمة عبر المعبر من الهلال الأحمر الفلسطيني، ثم توزيعهم على المستشفيات المصرية بمشاركة 750 مسعفاً وسائقاً.

وقال وزير الصحة إن إجمالي تكلفة الخدمات الطبية التي قدمتها مصر بلغت نحو 578 مليون دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى مليار دولار، لا سيما مع تحمل الدولة نفقات الإعاشة والاستضافة والإقامة، وأخذاً في الاعتبار أن حجم المساعدات العينية التي تلقتها مصر من الدول لا يتجاوز 10 في المائة من إجمالي التكلفة التي تحملتها منذ بدء الأزمة.

طفل فلسطيني يعالج في مستشفى العريش يتحدث إلى السيسي وماكرون (الرئاسة المصرية)
طفل فلسطيني يعالج في مستشفى العريش يتحدث إلى السيسي وماكرون (الرئاسة المصرية)

وأكد متحدث «الرئاسة المصرية» أن السيسي شدد على موقف مصر الراسخ، قيادة وشعباً، في دعم الأشقاء الفلسطينيين، مشيراً إلى أن مصر تبذل جهوداً حثيثة ومساعي دبلوماسية مكثفة بهدف التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والعمل على إدخال المساعدات الإنسانية اللازمة إلى أهالي القطاع، حفاظاً على أرواح الأبرياء وحماية الشعب الفلسطيني الشقيق من تداعيات العدوان، كما وجه السيد الرئيس الشكر للجانب الفرنسي على الدعم الذي يقدمه للمساهمة في تقديم الرعاية الطبية اللازمة للجرحى الفلسطينيين.

السيسي وماكرون يتفقدان مركز الخدمات اللوجيستية التابع للهلال الأحمر المصري (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون يتفقدان مركز الخدمات اللوجيستية التابع للهلال الأحمر المصري (الرئاسة المصرية)

وحرص السيسي وماكرون على لقاء المرضى والجرحى في مستشفى العريش، على بعد 50 كيلومتراً من معبر رفح مع قطاع غزة، كما زارا عدة أجنحة، منها غرفة لألعاب للأطفال. وحمل الرئيس السيسي وروداً بيضاء للمرضى الذين يتلقون العلاج بالمستشفى القريب من قطاع غزة.

وأكد الرئيس الفرنسي، أن قطاع غزة يعيش فيه مليونا شخص «محاصر»، ولا يمكن الحديث عنه كـ«مشروع عقاري». وأضاف: «لا يمكننا محو التاريخ والجغرافيا. لو كان الأمر ببساطة مشروعاً عقارياً أو استحواذاً على أراضٍ... لما كانت الحرب اندلعت من الأساس».

واعتبر ماكرون أن استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر هو «أولوية الأولويات». وقال ماكرون، في تصريحات من مدينة العريش المصرية، إن الوضع اليوم في غزة لا يمكن التساهل معه «وهو لم يكن أبداً بهذا السوء». وأضاف: «نطالب أولاً باستئناف دخول المساعدات في أسرع وقت ممكن».