«هدنة غزة»: جهود الوسطاء تصطدم بـ«شروط نتنياهو» ومخاوف من «المماطلة»

تزامناً مع تأكيدات أميركية بإحراز «تقدم» خلال المفاوضات

صبي فلسطيني يقف بين الأنقاض إثر ضربة إسرائيلية على غزة (رويترز)
صبي فلسطيني يقف بين الأنقاض إثر ضربة إسرائيلية على غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: جهود الوسطاء تصطدم بـ«شروط نتنياهو» ومخاوف من «المماطلة»

صبي فلسطيني يقف بين الأنقاض إثر ضربة إسرائيلية على غزة (رويترز)
صبي فلسطيني يقف بين الأنقاض إثر ضربة إسرائيلية على غزة (رويترز)

تحركات مكثفة للوسطاء لإتمام «هدنة» تُوقف ولو مؤقتاً «حرب غزة» التي دخلت شهرها العاشر، تقابلها بين الحين والآخر «عراقيل» من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، دفعت حركة «حماس» للتحذير من «المماطلة» وتأثيرها على المفاوضات.

«عراقيل أو شروط نتنياهو» عدّها خبراء غير مفاجئة كونه «ذهب مجبراً» إلى المفاوضات تحت وطأة «احتجاجات داخلية واسعة، وكذلك رغبة عسكرية في إنهاء الحرب، فضلاً عن ضغوط أميركية لإتمام الاتفاق».

وشهدت القاهرة، الاثنين الماضي، جولة جديدة من المسار التفاوضي لبحث تنفيذ مقترح أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن، نهاية مايو (أيار) الماضي، واستكملت المفاوضات، الأربعاء، في الدوحة، قبل أن تعود لمصر، الخميس، وسط تأكيدات أميركية بإحراز «تقدم» بالمسار التفاوضي.

ووسط تسريبات إعلامية أميركية وإسرائيلية منذ انطلاق المفاوضات، تقف بين «تقدم» و«وجود فجوات»، نقلت القناة «12» الإسرائيلية، الجمعة، عن مسؤولين عسكريين أن نتنياهو «أضاف مبادئ تتجاوز الاتفاقات مع الوسطاء». وعدّوا أن «هذا قد يعطل القدرة على التوصل إلى اتفاق»، خصوصاً المطالبة بالاحتفاظ بحق الجيش الإسرائيلي في استئناف القتال بعد الانتهاء من المرحلة الأولى.

وعقب اجتماع حكومي، مساء الخميس، ناقش جهود الوسطاء، أعلن نتنياهو أيضاً احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، بهدف منع «تهريب الأسلحة لحماس» وهو أحد الشروط لوقف إطلاق النار مع الحركة.

وتحدث نتنياهو عن أن شرط استمرار سيطرة الجيش الإسرائيلي على «ممرّ فيلادلفيا ومعبر رفح» اللذين احتلهما بداية مايو، هو أحد «4 مبادئ» طرحتها حكومته في إطار المفاوضات شملت إتاحة مواصلة القتال حتى تحقيق أهداف الحرب، وعدم السماح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة، وزيادة عدد المحتجزين الأحياء خلال صفقة الرهائن. أما «حماس» التي تشترط انسحاب الجيش الإسرائيلي من هذه المنطقة، فأشارت في بيان، الخميس، إلى أنها لم تبلغ من قبل الوسطاء بأي جديد بشأن المفاوضات. واتهمت إسرائيل بـ«مواصلة سياسة المماطلة» لكسب الوقت، بهدف إفشال هذه الجولة من المفاوضات مثلما فعلت في جولات سابقة.

وقال القيادي في «حماس»، عزت الرشق، إن محاولات نتنياهو لإضافة مطالب جديدة لم ترد في كل المقترحات السابقة مع الوسطاء، تؤكد أنه «ما زال يتلكأ ويماطل ويسعى لتعطيل الاتفاق».

منازل مدمرة بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من حي الشجاعية في أعقاب عملية برية (رويترز)

وعدّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، «شروط نتنياهو الجديدة» تأكيداً على أنه «غير جاد» في التفاوض، ولا يريد التوصل إلى صيغة توافقية.

ورغم حديث إعلام إسرائيلي عن عدم رغبة نتنياهو في اتفاق، أبدى الرئيس الأميركي نوعاً من التفاؤل، إذ قال، الخميس، إن المفاوضات «تحرز تقدماً»، وإن الاتجاه «إيجابي وهناك فرصة» لوقف الحرب، وإن إطار العمل تم الاتفاق عليه الآن بين كل من إسرائيل و«حماس».

غير أن بايدن عاد وأقر بأن «هناك قضايا صعبة ومعقدة، وهناك فجوات يجب سدها»، دون أن يكشف عن بنودها.

ورأى الحفني أن واشنطن لديها أوراق ضغط تستطيع أن تنفذها على نتنياهو لـ«إجباره على إبرام الصفقة وإيقاف تلك المماطلات، مثل تجميد صفقات أسلحة والضغط عبر قرار ملزم بمجلس الأمن بوقف الحرب».

أما المحلل السياسي الأردني، الدكتور صلاح العبادي، فأشار إلى أن بايدن يمارس هو الآخر دوراً سياسياً في إطار حملته الانتخابية، حيث تتحدث إدارته عن تقدم في المفاوضات، بينما الحرب على غزة ستستمر.

وعدّ تصريحات نتنياهو بين الحين والآخر بشأن المفاوضات؛ وأحدثها إصراره بالسيطرة على الحدود مع مصر أو الوجود بـ«فيلادلفيا ومعبر رفح»، تأكيداً على رغبته تعطيل المسار التفاوضي الذي ذهب إليه مجبراً، للإبقاء على حكومته وتحصين نفسه من أي تبعات سياسية أو قضائية في المستقبل جراء هذه الحرب.

دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي وهي تخرج من وسط قطاع غزة لتدخل الأراضي الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وبينما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الخميس، أن المفاوضين الإسرائيليين عادوا من الدوحة، بعد اجتماع مع الوسطاء ناقش إعادة الرهائن، وسبل تنفيذ خطوطه العريضة، مع ضمان تحقيق كل أهداف الحرب. وذكرت القناة «12» الإسرائيلية، نقلاً عن ‏مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات، الجمعة، أن المفاوضات «أمام يومين حاسمين لنجاح الصفقة».

وقال الحفني لـ«الشرق الأوسط»، إن مستقبل المفاوضات «سيبقى بين المماطلة من جانب نتنياهو وإلقاء اللوم على (حماس)، ووضع شروط تعجيزية، وإحراج الوسطاء، إلى أن يأتي وقت مناسب لإيقافها (أي المفاوضات) مجدداً من جانب تل أبيب، قد يكون بعد إلقاء نتنياهو خطابه أمام الكونغرس نهاية الشهر الحالي».

بينما أكد العبادي لـ«الشرق الأوسط»، أن مستقبل المفاوضات «مرهون ببقاء نتنياهو»، وأنه «لا نتائج من هذه المفاوضات في ظل وجود نتنياهو، خصوصاً أنه يتعمد استخدام اليمين الإسرائيلي المتطرف لإطلاق تصريحات مقصودة، تهدف إلى استمرار الحرب ورفض أي جهود للوساطة».

ولم تشهد الحرب المستمرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سوى هدنة واحدة استمرت أسبوعاً في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شملت تكثيف إدخال المساعدات والإفراج عن بعض الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بالسجون الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال لقاء سيغريد كاغ في القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تدين سياسة «الأرض المحروقة» في الضفة الغربية

أدانت مصر «استمرار الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، التي أدت لاستشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين على مدار الأيام الماضية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية متظاهر في تل أبيب مساء السبت يرتدى قناعاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنديد بسياسته في ملف المحتجزين لدى «حماس» (د.ب.أ)

جثث المختطفين الستة تؤجج الغضب ضد نتنياهو

في أعقاب تباهي الجيش الإسرائيلي والحكومة باسترداد «ستة جثامين» لمحتجزين لدى «حماس»، خرجت عائلات في موجة مظاهرات شوّشت الحياة الاقتصادية في شتى أنحاء البلاد.

نظير مجلي (تل أبيب)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء فلسطين

 تلقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اتصالاً هاتفيًا، الأحد، من رئيس وزراء فلسطين وزير الخارجية والمغتربين الدكتور محمد مصطفى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية العسكرية في جنين بالضفة الغربية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي خلال عمليته في الضفة الغربية

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، مقتل أحد جنوده في رابع أيام عمليته في الضفة الغربية المحتلة حيث يتركز القتال في مخيم جنين للاجئين.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
تحليل إخباري قوات إسرائيلية تعمل على الأرض في قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: المفاوضات تترقب «اقتراحاً نهائياً»

جولة مفاوضات جديدة مرتقبة هذا الأسبوع بشأن وقف إطلاق النار في غزة تشمل «مقترحاً أميركياً نهائياً» لوقف الحرب، وفق إعلام إسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

وجه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة».

وأكّد وزير الخارجية، في الخطاب، «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015».

ونوه بأن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد «غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم».

وشدد وزير الخارجية المصري، في خطابه لمجلس الأمن، على أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب مصر والسودان، وبالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة فإن مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كل التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها».

وجاء بالخطاب المصري لمجلس الأمن أن «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما وضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».