بدأت مصر بـ«توجيهات رئاسية» العمل على التصدي لـ«سماسرة الحج» على خلفية الأعداد الكبيرة من الحجاج المصريين «غير النظاميين»، الذين تم رصدهم هذا العام.
ووجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتشكيل خلية عمل لمتابعة وإدارة أزمة الحجاج «غير النظاميين» لدراسة أسباب ما حدث والعمل على عدم تكراره، على أن يتم فتح تحقيق مع أي شركة رتبت لسفرهم بعيداً عن «الأطر النظامية» ومن دون توفير الخدمات اللوجستية لهم، مع تعهد بتوقيع «أشد العقوبات» لمنع تكرار هذه المخالفات مرة أخرى، وفق بيان، مساء الخميس، لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
ويترأس مدبولي «خلية أزمة» بهدف «متابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات وفاة الحجاج المصريين»، والتي ستكون مسؤولة عن «متابعة أوضاع الحجاج وتقديم الدعم والمساندة لأسر المتوفين»، وفق بيان الرئاسة الذي صدر بعد تداول استغاثات على مواقع التواصل الاجتماعي لفقدان التواصل مع العديد من الحجاج المصريين «غير النظاميين».
وبحسب وزارة الداخلية المصرية، فإنه لا يوجد أي مفقودين من الحجاج المصريين الذين وُجدوا في المملكة ضمن بعثات الحج الرسمية الثلاث (القرعة، والسياحة، والتضامن)، والمسجلين ضمن المنظومة الخاصة بالبوابة المصرية الموحدة للحج، مشيرة إلى أن المفقودين غادروا البلاد لأداء فريضة الحج بمعرفتهم الشخصية.
وفي بيان تشكيل خلية الأزمة، قالت الحكومة المصرية إنه تأكد وفاة 28 حاجاً مصرياً من 50752 مسجلين رسمياً، وهي «نسبة تعد الأقل على مدى السنوات السابقة»، وفق البيان.
وبحسب تدوينات على مجموعات مغلقة بـ«فيسبوك»، فإن غالبية المفقودين المصريين الذين بحث عنهم ذووهم خلال الأيام الماضية وصلوا إلى المملكة بتأشيرات «زيارة»، ولم يحصلوا على تأشيرات تسمح لهم بتأدية مناسك الحج، بالإضافة إلى عدم توفير من قاموا بتسهيل سفرهم أماكن لإقامتهم في مشعر «مِنى» خلال أداء المناسك.
وتفاعل عدد من أعضاء مجلس النواب (البرلمان) مع الأزمة عبر تقديم طلبات إحاطة لرئيس الحكومة وعدد من الوزراء المعنيين لمعرفة أسباب ما حدث ومحاسبة المسؤولين عنه.
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه وزارة الهجرة، ببيان رسمي، الخميس، أن من بين الوفيات عدداً من الحجاج كبار السن، نتيجة فقدان الاتصال بهم، وتعرضهم لدرجات الحرارة المرتفعة، بحسب ما رصدت غرفة العمليات المشكلة لمتابعة الأزمة.
التحرك الرئاسي السريع وتكليف رئيس الحكومة بتولي اللجنة المعنية بالملف «يعكس الحرص على الوصول للحقيقة ومعاقبة المتسببين»، كما يؤكد وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب الدكتور أيمن محسب، الذي توقع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يتم «توقيع عقوبات على الشركات التي نظمت رحلات حج غير نظامية تصل لحد سحب الترخيص وتغريم أصحابها».
وأكد رئيس الوزراء المصري أن البعثة الرسمية للحج تتم لها متابعة ورعاية صحية على أعلى مستوى، لكن نظراً لعدم وجود أي بيانات مسجلة للحجاج غير النظاميين لدى البعثة الطبية، تعذر متابعة أحوالهم الصحية، مع الإشارة إلى أن وجود أعداد كبيرة من المواطنين المصريين غير المسجلين بقواعد بيانات الحج الرسمي، تطلب مجهوداً مضاعفاً ووقتاً أطول للبحث عن المفقودين منهم والاستدلال على ذويهم، وفق البيان.
وترى عضوة مجلس النواب النائبة أمال عبد الحميد أن «الإجراءات الحكومية من البداية لم تكن كافية لمنع التلاعب بالمواطنين البسطاء الراغبين في السفر لأداء الحج»، مشددة لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة «وضع تشريع قانوني يجرم تنظيم رحلات الحج بشكل غير شرعي، مع إقرار عقوبات رادعة تجعل تلك الظاهرة لا تتكرر مرة أخرى».
واعتبر نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، أن «ما حدث استوجب تحركاً سريعاً من كافة الوزارات المعنية بما فيها (الداخلية) المصرية التي ستكون معنية بتقصي ظروف وملابسات سفر الحجاج المخالفين، لضبط ومحاسبة المسؤولين عن تسفيرهم مع استغلال تأشيرات الزيارة لتكون بوابة لأداء الحج بالمخالفة للقانون».
ولم تتوقع الحكومة المصرية هذا العدد الكبير من المصريين الذين حاولوا أداء فريضة الحج بطرق غير رسمية، كما أشارت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، السفيرة سها جندي، في تصريحات تلفزيونية مساء الخميس، مؤكدة أنهم «تلقوا استغاثات من أبناء الأهالي الذين فُقدوا خلال أدائهم الحج بشكل غير نظامي».