الدبيبة «يقصف جبهة» نواب طالبوا بتشكيل «حكومة ليبية جديدة»

استنكر «صمتهم على خطف زملائهم» في بنغازي

الدبيبة خلال اجتماعه بوزراء وقيادات أمنية بطرابلس (المكتب الإعلامي لحكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال اجتماعه بوزراء وقيادات أمنية بطرابلس (المكتب الإعلامي لحكومة «الوحدة»)
TT

الدبيبة «يقصف جبهة» نواب طالبوا بتشكيل «حكومة ليبية جديدة»

الدبيبة خلال اجتماعه بوزراء وقيادات أمنية بطرابلس (المكتب الإعلامي لحكومة «الوحدة»)
الدبيبة خلال اجتماعه بوزراء وقيادات أمنية بطرابلس (المكتب الإعلامي لحكومة «الوحدة»)

صعّد رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، بمواجهة مطالبين بتشكيل «حكومة جديدة مصغرة» تقود البلاد لإجراء الانتخابات العامة، واستنكر «صمتهم على تزوير عُملة بلادهم، وخطف زملائهم» في بنغازي، وجاء هذا التصعيد في وقت بحثت فيه المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، مع مدير «صندوق إعادة إعمار ليبيا»، بلقاسم حفتر، تأثير الانقسامات السياسية على الموارد المطلوبة للتنمية.

الدبيبة وجه انتقادات لاذعة وُصفت بأنها «قصف جبهة» لأعضاء من مجلسي النواب (المجلس)

ووجه الدبيبة انتقادات لاذعة، وُصفت بأنها «قصف جبهة» لأعضاء من مجلسي النواب و«الدولة»، بعد أن عقدوا اجتماعاً في مصراتة (غرب) مساء الخميس، اتفقوا فيه على المضي نحو تشكيل «حكومة مصغرة»، والتأكيد على أن القوانين الانتخابية، الصادرة عن لجنة «6 + 6» المشتركة، هي الإطار اللازم لإجراء الاستحقاق الرئاسي والنيابي، بالإضافة إلى التحضير لملتقى موسع بين المجلسين، وإطلاق عملية سياسية تيسرها البعثة الأممية في ليبيا.

وقال الدبيبة: «حينما سمعت بأن لقاءات تشاورية جديدة ستعقد بين بعض أعضاء المجلسين، كنت أنتظر منهم توافقاً على قوانين انتخابات عادلة وقابلة للتنفيذ، تحقيقاً لإرادة الشعب، أو إصدار بيان ضد تزوير عملة بلدهم وطباعتها بالمليارات خارج القانون»، في إشارة إلى ورقة «الـ50 ديناراً المزورة»، التي يجري سحبها راهناً بتوجيه من محافظ المصرف المركزي بطرابلس الصديق الكبير.

ومضى الدبيبة كمن يعيّر النواب بـ«الصمت على خطف زملائهم» في مدينة بنغازي، وقال: «كنت أنتظر ⁠موقفاً ضد خطف زملائهم الذين صار مصيرهم مجهولاً، بعد أن صارت الأيادي الغادرة (الخفية) تستهدفهم الواحد تلو الآخر، دون أن تظهر أي نتائج للتحقيقات»، مضيفاً: «كما كنت أنتظر، والليبيون ينتظرون، ولكنّ المتمددين منذ عقد من الزمن أبوا إلا أن يكون نقاشهم حول موضوع واحد؛ وهو كيفية التمديد لأنفسهم، وتعطيل إرادة الشعب في الانتخابات باختراع مرحلة انتقالية جديدة».

وانتهت مدة التفويض الممنوحة لمجلس النواب بموجب الانتخابات، التي جرت قبل أكثر من 9 سنوات، وكذلك انتهاء صلاحية «الأعلى للدولة» المنتخب قبل 12 عاماً.

النائب الليبي المخطوف إبراهيم الدرسي (صفحته على «فيسبوك»)

وخطف مجهولون عضو مجلس النواب، إبراهيم الدرسي، من منزله ببنغازي في 18 مايو (أيار) الماضي، بعد حضوره الاحتفال بذكرى «عملية الكرامة»، التي نظمها «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر. كما خُطفت النائبة بالمجلس سهام سرقيوة من منزلها، بعد الاعتداء على زوجها ببنغازي في 17 يوليو (تموز) 2019، ولا يزال مصيرهما حتى الآن مجهولاً. كما أُطلق الرصاص على الناشطة الحقوقية والسياسية البارزة، سلوى بوقعيقيص، في منزلها ببنغازي، بعد إدلائها بصوتها بالانتخابات البرلمانية في 25 يونيو (حزيران) 2014. وذلك قبل شهر واحد من اغتيال فريحة البركاوي، عضو «المؤتمر الوطني العام» بمدينة درنة.

وطالب مجلس النواب جميع الأجهزة الأمنية بحكومة أسامة حماد، بالكشف عن مصير الدرسي، والعمل على فك أسره وضمان عودته سالماً. كما سبق أن استنكر البرلمان خطف سرقيوة، وطالب وقتها بالإفراج الفوري عنها.

وحضر اجتماع مصراتة، الذي انتقد الدبيبة مخرجاته، قيادات حزبية ومن الحركات الوطنية، بالإضافة إلى مجموعة من أعضاء مجلسي النواب و«الدولة»، واللجنة المكلفة بمتابعة اللقاءات الموسعة بين المجلسين.

ورحب «تكتل إحياء ليبيا» بما صدر عن اجتماع مصراتة الذي شارك فيه، معلناً «دعمه التام للقرارات والبيانات التي صدرت عن الاجتماع»، وعبر عن أمله في «أن تكون بارقة أمل وإصرار على إخراج ليبيا من هذا الوضع المعيشي والسياسي البائس».

يشار إلى أن الاجتماع استهدف المشاورات، التي عقدت بتونس في فبراير (شباط) الماضي، لتشكيل «حكومة جديدة» توصل البلاد إلى الانتخابات، بحسب المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق.

في غضون ذلك، واستكمالاً للمشاورات التي تجريها في بنغازي مع مختلف الأطراف، التقت المبعوثة الأممية بالإنابة بالمدير العام لـ«صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا»، بلقاسم حفتر، وقالت إنه أطلعها على «الجهود الجارية لإعادة الإعمار في بنغازي ودرنة ومدن أخرى».

بلقاسم حفتر يستقبل في بنغازي خوري المبعوثة الأممية بالإنابة (البعثة الأممية)

كما استعرضا ما تقوم به الوكالات التابعة للأمم المتحدة لدعم ومساندة المجتمعات المحلية، التي تضررت جراء الفيضانات، وناقشا تأثير الانقسامات السياسية المستمرة على الموارد الوطنية، واحتياجات التنمية وعلى الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للشعب الليبي بشكل عام.

في شأن مختلف، يواصل الأمير محمد الحسن الرضا السنوسي اجتماعاته مع شخصيات ليبية من مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية. وقال إنه التقى أعضاء من لجنة الحوار، التي شاركت في «ملتقى جنيف»، مؤكداً رؤيته «بأنه ليست هناك شرعية مستمدة إلا تلك التي يُقرّها الشعب الليبي».

وقال الأمير السنوسي عبر حسابه على منصة «إكس»: «ماضون في مساعينا وجهودنا من أجل إحلال السلام والاستقرار في بلادنا؛ وأن تكون الشرعية الدستورية الملكية الضامن لجميع مكونات شعبنا، الساعية إلى دولة المؤسسات والقانون».


مقالات ذات صلة

محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

شمال افريقيا أحد سدود مدينة درنة (وكالة الأنباء الليبية)

محكمة ليبية تقضي بإدانة 12 مسؤولاً في كارثة انهيار سَدّي درنة

قضت محكمة ليبية بإدانة 12 مسؤولاً بعقوبات بالسجن تتراوح بين 15 و30 عاماً بتهمة التقصير وسوء إدارة السدود بعد كارثة سد درنة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا تحشيد عسكري سابق في العاصمة الليبية طرابلس (أ.ف.ب)

​عتاد الميليشيات بغرب ليبيا يفجر مخاوف المواطنين

وجه عبد الحميد الدبيبة بسرعة فتح تحقيق في الانفجارات التي شهدتها مدينة زليتن بوقت تحوّل العتاد المخزّن لدى التشكيلات المسلحة خارج إطار الدولة إلى مصدر قلق.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.


بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».