حكومة «الاستقرار» الليبية لاحتواء اشتباكات سبها

الدبيبة أكد رغبة الصين في المشاركة بإعادة إعمار ليبيا

جانب من زيارة الدبيبة إلى الصين (حكومة الوحدة)
جانب من زيارة الدبيبة إلى الصين (حكومة الوحدة)
TT

حكومة «الاستقرار» الليبية لاحتواء اشتباكات سبها

جانب من زيارة الدبيبة إلى الصين (حكومة الوحدة)
جانب من زيارة الدبيبة إلى الصين (حكومة الوحدة)

بينما سعت حكومة الاستقرار الليبية لاحتواء الاشتباكات التي شهدتها مدينة سبها الواقعة جنوب البلاد، نقل رئيس حكومة الوحدة الليبية «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، عن رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ «اعتزام بلاده عودة العمل بسفارتها في طرابلس»، ورغبة الصين في العمل والمشاركة في إعادة الإعمار التي تشهدها ليبيا خلال السنوات الأخيرة.

وقامت حكومة الاستقرار، برئاسة أسامة حماد، بجهود متواصلة لاحتواء الاشتباكات التي شهدتها مدينة سبها، حيث أعلن وزير الداخلية، عصام أبو زريبة، تشكيل لجنة تحقيق في تعرض قسم البحث الجنائي بالمدينة للهجوم، بعد اجتماعه مع قيادات أمنية فور وصوله إلى هناك. ودعا آمر منطقة سبها العسكرية سابقاً، والمدير الحالي للاستخبارات العسكرية، فوزي المنصوري، سكان سبها إلى الحفاظ على الأمن في المدينة، مؤكداً حرص الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر على الاستقرار فيها.

وأوضح الدبيبة، اليوم الأربعاء، أن اجتماعه مع تشيانغ بالعاصمة الصينية بكين ناقش عودة السفارة الصينية للعمل من طرابلس، والإجراءات التي اتخذتها الصين بشأنها، لكنه لم يحدد موعداً رسمياً لذلك، لافتاً إلى رغبته في عودة الشركات الصينية لاستكمال المشاريع المتعاقد عليها، وتنفيذ المشاريع الاستثمارية المستهدفة في ليبيا.

ونقل الدبيبة عن تشيانغ أن هذه الخطوة تأتي بعدما أشار إلى حالة الاستقرار التي تعيشها ليبيا، مبدياً تعاونه في تبادل السجناء، وعودة السجناء الليبيين لاستكمال مدة عقوبتهم في ليبيا، وكذا عودة السجناء الصينيين لقضاء محكوميتهم في الصين. كما نقل عنه تأكيده دعم الصين لحالة الاستقرار والتنمية التي تشهدها ليبيا، ودعمها دولياً من أجل استمرارها، من خلال إنهاء المراحل الانتقالية وإجراء الانتخابات، مشيراً إلى أنهما بحثا أيضاً استعدادات ليبيا لاستضافة المنتدى الرابع للمدن العربية - الصينية المزمع عقده في طرابلس نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وقال الدبيبة في بيان مقتضب عبر منصة «إكس» إن الاجتماع مع المسؤول الصيني ناقش تعزيز العلاقات الثنائية، وسبل تفعيل الاتفاقيات المشتركة بين البلدين، والتنسيق لعقد اللجنة العليا الصينية - الليبية، وتطوير الشراكة الاستراتيجية الخاصة التي تمتد لنحو 50 عاماً.

وكان الدبيبة قد أعلن اتفاقه مع وزير الخارجية الصيني، وانغ لي، على توحيد المواقف السياسية الدولية تجاه الملف الليبي، بهدف الوصول للانتخابات وفق قوانين عادلة ومتوافقة. وتحدث الدبيبة عقب اجتماعه مع لي على هامش مشاركته في المنتدى العربي - الصيني في بكين، عن ضرورة عودة التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين، والبدء الفعلي في إجراءات عودة السفارة للعمل من العاصمة طرابلس، وتفعيل الاتفاقيات بين البلدين التي تصل إلى 18 اتفاقية، والتنسيق لعقد اللجنة العليا الصينية - الليبية، وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة عقد اللجنة ومراجعة الاتفاقيات.

المنفي خلال مشاركته في أعمال الاجتماع السنوي الـ59 لبنك التنمية الأفريقي (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» أن ممثليها ناقشوا مع وفد رفيع المستوى من مفوضية الاتحاد الأوروبي سبل دعم التعاون لدعم القدرات الأمنية الليبية في تأمين الحدود، ومكافحة الجريمة المنظمة، و«الهجرة غير المشروعة».

ومن جهتها، قالت القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، إنها بحثت مع عضو المجلس الرئاسي، موسى الكوني، الوضع السياسي الراهن والجوانب الاقتصادية والأمنية الملحة. كما بحثت مع زميله بالمجلس عبد الله اللافي ما وصفته بـ«المأزق الحالي، وسبل دفع العملية السياسية إلى الأمام».

مشاركة المنفي فى اجتماع أفريقي بكينيا (المجلس الرئاسي)

في المقابل، شارك رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، اليوم الأربعاء، بالعاصمة الكينية نيروبي، في أعمال الاجتماع السنوي الـ59 لبنك التنمية الأفريقي، والاجتماع السنوي الخمسين لصندوق التنمية الأفريقي، بحضور عدد من الرؤساء والقادة الأفارقة الأعضاء بلجنة الاتحاد الأفريقي المعنية بالمؤسسات المالية الأفريقية.

بدوره، قال رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إنه بحث في مدينة القبة مع سفير تركيا، كنعان يلماز، مستجدات الأوضاع في ليبيا، وسُبل إنهاء الأزمة الراهنة والعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين. بينما واصلت لجنة مجلس النواب مناقشة ملاحظات أعضائه على قانون الميزانية العامة للدولة للعام الجاري الذي قدمته حكومة الاستقرار الموازية برئاسة أسامة حماد.

لقاء حفتر مع وفد الزنتان (الجيش الوطني)

وتزامن هذا اللقاء مع لقاء آخر عقده المشير خليفة حفتر مع وفد من الزنتان، بحث خلاله أهمية التشاور والتنسيق بين مكونات وتركيبات المجتمع الليبي للوصول للمصالحة الوطنية وتحقيق الاستقرار. بينما نفى المتحدث باسم مجلس الخمس البلدي، عمر الطبال، اعتزامه إعلان عصيان مدني وقفل الطريق الساحلي للمدينة، لكنه أوضح أن عميد بلدية الخمس علي الديب هدد بعصيان على مستوى الأندية الرياضية والنشاط الرياضي. وقال إن المجلس يتابع مع مديرية أمن تاجوراء والجهات المسؤولة واقعة الاعتداء على بعثة نادي الخمس لكرة القدم مؤخراً. وطالب وزيري الداخلية والرياضة بحكومة «الوحدة» بزيارة طارئة للمدينة لوضع حل سريع للحادث.

وكانت البلدية قد أعلنت تعرض بعثة نادي الخمس للاعتداء خلال عودتها من العاصمة طرابلس من قبل من وصفتها بمجموعة خارجة عن القانون.


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».