هل تشهد أزمة معبر رفح «انفراجة» بين مصر وإسرائيل؟

بموازاة تدفق المساعدات عبر «كرم أبو سالم»

صورة من مخيم خان يونس (رويترز)
صورة من مخيم خان يونس (رويترز)
TT

هل تشهد أزمة معبر رفح «انفراجة» بين مصر وإسرائيل؟

صورة من مخيم خان يونس (رويترز)
صورة من مخيم خان يونس (رويترز)

عقب تقارير إعلامية إسرائيلية تحدثت عن «إمكانية» انسحاب تل أبيب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، وبموازاة تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر «كرم أبو سالم»، الأحد، أثيرت تساؤلات حول هل تشهد أزمة معبر رفح بين مصر وإسرائيل «انفراجة» قريبة؟

ورجح خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، «توصل مصر وإسرائيل إلى حل وشيك لأزمة معبر رفح مع انطلاقة منتظرة لمفاوضات (هدنة غزة)».

ويعد معبر رفح الذي احتلت إسرائيل الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو (أيار) الحالي، شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وخروج المسافرين والمصابين منه... وكان يخضع لاتفاق 2005 الذي ينص على «إدارة فلسطينية ورقابة أوروبية، قبل سيطرة (حماس) عليه في 2007».

ووفق قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، فإن «200 شاحنة من المساعدات الإنسانية، بينها 4 شاحنات وقود، انطلقت الأحد من أمام معبر رفح إلى معبر كرم أبو سالم؛ تمهيداً للدخول إلى قطاع غزة»، وذلك بعد وقت قصير من إعلان وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين «الأونروا» أنها «لا تملك أي مساعدات إنسانية لتوزيعها على السكان في قطاع غزة».

ونقلت القناة عن مصدر مصري، الأحد، قوله إن «هناك تنسيقاً مصرياً مع الأمم المتحدة لتوفير أكبر قدر من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة لمواطني قطاع غزة».

صورة من مخيم خان يونس (رويترز)

واتفق الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي، الجمعة، على «دفع كميات من المساعدات الإنسانية والوقود، لتسليمها إلى الأمم المتحدة في معبر كرم أبو سالم (الإسرائيلي)، وذلك بصورة مؤقتة، لحين التوصل إلى آلية قانونية لإعادة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني؛ نظراً للموقف الإنساني الصعب بالقطاع».

إلى ذلك، نقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم، الأحد، إن «إسرائيل ستكون مستعدة لإخراج قوات الجيش الإسرائيلي من معبر رفح؛ وفقاً لاعتبارات عملية وسياسية». ووفق المسؤولين، فإنه «في الأيام القليلة الماضية دارت نقاشات في المؤسسة الأمنية حول إمكانية تسلم أطراف أوروبية أو أميركية مسؤولية إدارة معبر رفح من الجانب الفلسطيني».

جانب من المساعدات التي عبرت «رفح» في وقت سابق (رويترز)

وشهدت الأيام الأخيرة سيناريوهات مطروحة لإدارة معبر رفح، منها محادثات أميركية مع منظمة أوروبية لتولي الإدارة، وفق ما نقلته مجلة «بوليتيكو» الأميركية عن مسؤول بالبيت الأبيض. كما تحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن أن «شركة أمن أميركية خاصة ستتولى الإدارة». في مقابل رفض القاهرة التنسيق مع تل أبيب بشأن المعبر «في ظل سيطرة إسرائيل عليه من الجانب الفلسطيني».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «هناك عدة اعتبارات قد تُسهم في انفراجة محتملة، أولها رد الفعل المصري القوي، الذي شمل تهديداً بالانسحاب من الوساطة، ورفض تسليم المساعدات لسلطة الاحتلال، يضاف إلى ذلك حالة العزلة الدولية التي لم يسبق لإسرائيل أن مرت بها».

وربط حسن «انفراجة» أزمة معبر رفح بالانطلاق الوشيك للمفاوضات حول الهدنة في غزة، في ظل مطلب مصري بانسحاب إسرائيلي ليس من الجانب الفلسطيني من المعبر، لكن أيضاً من «محور فيلادلفيا» لتسهيل مرور المساعدات.

والانسحاب الإسرائيلي من معبر رفح، لن يأتي، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إلا «تحت ضغط أميركي»، مضيفاً أن «هناك تصورات تطرح في هذا الصدد لإدارة المعبر مستقبلاً عبر لجنة فلسطينية - مصرية مع رقابة أوروبية».

ويعتقد حسن أن الموقف المصري «يريد العودة لما كان عليه الوضع قبل السيطرة الإسرائيلية، بوجود فلسطيني في إدارة المعبر، وسنرى النتائج قريباً، خاصة وأن انفراجة معبر رفح جزء من المفاوضات».

منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

فيما يتوقع المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، اللواء عادل العمدة، أن «تشهد أزمة معبر رفح انفراجة قريبة برعاية أميركية، وستظهر للعلن مع بدء المفاوضات الجديدة للهدنة في غزة». وأرجع تلك «الانفراجة» المحتملة إلى «الضغوط المصرية، التي كان أبرزها رفض التنسيق مع تل أبيب بشأن المعبر، وأخرى دولية ضد إسرائيل ظهرت مع إعلان 3 دول غربية بينها إسبانيا والنرويج اعتزام الاعتراف بدولة فلسطينية».

ويضاف إلى ذلك عامل ثالث يعجل بتلك «الانفراجة»، وفق العمدة، «يتمثل في الضغوط الداخلية الإسرائيلية التي تحدثت عبر وسائل إعلامها بشكل واضح عن الانسحاب من الجانب الفلسطيني من المعبر، مع النزيف الاقتصادي، والميداني، والاحتجاجات اليومية المطالبة بعقد صفقة لإعادة الرهائن».

كما رأى المدير التنفيذي لمنتدى «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي»، الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن الانسحاب الإسرائيلي من المعبر «قد يكون وارداً»، نظراً «لموقف مصر الرافض لبقاء تل أبيب هناك، والضغوط الدولية». لكنه قال إن هذا الانسحاب مشروط، بـ«الوصول إلى ترتيبات لإدارة المعبر مستقبلاً»، مرجحاً أن «تعود الأطراف لتشغيل المعبر وفق اتفاق المعابر 2005 بوجود مصري - فلسطيني وطرف ثالث سيكون على الأرجح أوروبياً كما كان سابقاً».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعزّز قواتها في الضفة لأغراض «تشغيلية ودفاعية»

المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية 11 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

إسرائيل تعزّز قواتها في الضفة لأغراض «تشغيلية ودفاعية»

دفع الجيش الإسرائيلي 3 كتائب احتياط إلى الضفة الغربية استعداداً لتصعيد إقليمي محتمل، بغرض تعزيز الوجود الأمني في الضفة عشية الأعياد اليهودية الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

ندد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي بـ«إمعان إسرائيل في توسيع رقعة الصراع»، مجدداً مطالبة تل أبيب بالانسحاب من معبر رفح و«محور فيلادلفيا».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع بشأن فلسطين في الأمم المتحدة (الجامعة العربية)

هل تُسهم التحركات العربية في الضغط لتنفيذ «حل الدولتين»؟

شهدت فعاليات الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حالياً في نيويورك، تحركات ومساعي عربية من أجل تنفيذ «حل الدولتين».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي دمار جرّاء الغارات الإسرائيلية على السكسكية بجنوب لبنان (رويترز)

شعبية نتنياهو ترتفع بفضل الحرب ضد «حزب الله»

أظهر استطلاعان للرأي العام في إسرائيل أن حزب «الليكود»، برئاسة بنيامين نتنياهو، سيفوز بـ25 مقعداً في «الكنيست» إذا أُجريت الانتخابات اليوم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عمال فلسطينيون يعبرون من شمال غزة للعمل في إسرائيل (أ.ف.ب)

نقابات ترفع شكوى لمنظمة العمل الدولية بشأن معاملة إسرائيل لعمال فلسطينيين

رفعت عشر نقابات عمالية عالمية شكوى، الجمعة، لمنظمة العمل الدولية تتهم فيها إسرائيل بأن معاملتها للعمال الفلسطينيين منذ بدء حرب غزة تنتهك معاهدة عالمية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
TT

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)
السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان. وفيما أكدت وزارة الصحة أن «عدوى وصلت إلينا من بلدان مجاورة»، قالت مصادر طبية محلية إن الأضرار التي لحقت بشبكة توزيع المياه الصالحة للشرب في الأيام الأخيرة، بعد الفيضانات التي اجتاحت المنطقة، كانت سبباً في انتشار أوبئة.

لم يجد سكان تيمياوين وتين زاوتين، وبرج باجي مختار، إلا حساباتهم بالإعلام الاجتماعي لإبراز مدى خطورة الوضع الوبائي في مناطقهم، وذلك بنشر صور المصابين منتشرين في الشوارع وعند مداخل المشافي. ووفق ما جاء في هذه الحسابات، فإن هذه المناطق تواجه الدفتيريا والملاريا منذ 25 من سبتمبر (أيلول) الحالي. وأبرز أصحابها أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على هذه المناطق الصحراوية، الأسبوع الماضي، تسببت في اختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى مئات الإصابات، حسبهم، مبرزين أن عدداً من المصابين توفوا بسبب عدم توفر الرعاية الصحية اللازمة.

صورة لمصابين بالملاريا ضاقت بهم المصحات والمشافي (متداول)

وأطلق أحد سكان تيمياوين عبر حسابه بـ«فيسبوك»، الجمعة، نداء استغاثة إلى «جميع السلطات العليا في البلاد، من رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، إلى وزارة الصحة ورئيس الجمهورية»، مطالباً بـ«تدخل سريع في الشريط الحدودي مع مالي، خصوصاً في تين زاوتين تيمياوين، و إن قزام، وبرج باجي مختار، لإنقاذنا من الوباء». مبرزاً أن هذه المناطق «تشهد إصابات كثيرة بحمى الملاريا والدفتيريا، وانتشاراً سريعاً للمرض». ووفق صاحب الحساب، «يتم إحصاء 50 وفاة كل يوم في مناطقنا».

وكتبت صفحة «كل شيء عن تمنغست» (أشهر مدن الصحراء)، أن الملاريا والدفتيريا والبوحمرون «تضرب بقوة... وفيات بالعشرات يومياً، وغياب تام لمخطط استعجالي من الجهات المختصة والمسؤولين لإنقاذ الأرواح، وتوفير المستلزمات الضرورية للعيادات المحلية لتقديم خدمات أفضل للمرضى».

وأرفق مسير الصفحة المنشور بعدة صور لعشرات المصابين وهم ملقون على الأرض، في محيط المشافي والمصحات، التي لم تعد قادرة على تقديم خدماتها، بسبب كثرة المرضى وزيادة أعدادهم بمرور الساعات. وحتى سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة، التي تبعد نحو 600 كيلومتر.

سيارات الإسعاف المتوفرة لم تعد كافية لنقل المصابين إلى مصحات المحافظات المجاورة (الشرق الأوسط)

من جهتها، قالت وزارة الصحة في بيان إنها «تطمئن» سكان المناطق المتضررة من الوباء، بأنها «ستتكفل بكل حالات الإصابة، وفق بروتوكولات العلاج المعمول بها».

وأكدت أنها «تتابع يومياً الوضع الوبائي على المستويين المركزي و المحلي». موضحة أن ما تشهده هذه المناطق، هو «دفتيريا وملاريا وافدة»، في إشارة إلى أن المصابين بالمرضين ينحدرون من بلدان جنوب الصحراء، وهم من نقلوهما إلى مدن الصحراء الجزائرية المتاخمة لحدود هذه البلدان.

وأوضح بيان الوزارة بأن الجزائر «حصلت على شهادة منظمة الصحة العالمية للقضاء على الملاريا»، مشدداً على أن «الحالات التي تم إحصاؤها هي حالات وافدة من بلدان موبوءة»، من دون ذكر أي بلد.

كما أشار إلى أن الوزارة أوفدت، الجمعة، «لجنة طبية متكونة من 14 خبيراً للمناطق المنكوبة، إلى جانب إرسال طائرة محملة بكميات كبيرة من الأدوية، والأمصال المضادة للدفتيريا، ووسائل الحماية اللازمة إلى مناطق تمنراست و إن قزام و برج باجي مختار».

مصاب بالملاريا في مصحة طبية تواجه ضغطاً شديداً بسبب تفشي الوباء (متداول)

وأضافت الوزارة أنها «أوفدت، الخميس، بعثة خبراء إلى ولايتي تمنراست وإن قزام للوقوف على الوضع السائد، وتوفير حصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا. ومن المقرر أيضاً إرسال مهمة ثانية، الأحد، إلى ولاية برج باجي مختار، مجهزة أيضاً بحصة من الأدوية والأمصال المضادة للدفتيريا».

وأوضح بيان الوزارة أن المنتجات والأدوية التي تحدث عنها «يجري توزيعها على مدار السنة (بالمنطقة)، في إطار تقديم الدعم للمؤسسات الصحية، وما يتم نقله خلال هذه المهمات ما هو إلا مكملات إضافية».