بريطانيا تحذر من «التأثير السلبي» لوجود «فاغنر» في ليبيا

تحركات أوروبية لتشكيل «قوة عسكرية» لمواجهة العناصر الروسية

خوري مجتمعة مع القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا (حساب خوري على إكس)
خوري مجتمعة مع القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا (حساب خوري على إكس)
TT

بريطانيا تحذر من «التأثير السلبي» لوجود «فاغنر» في ليبيا

خوري مجتمعة مع القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا (حساب خوري على إكس)
خوري مجتمعة مع القائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا (حساب خوري على إكس)

انضم السفير البريطاني لدى ليبيا، مارتن لونغدن، إلى التخوف الأميركي من «التأثيرات السلبية» لوجود عناصر «فاغنر» بالبلاد، ورأى أنها «تهدد استقرار المنطقة كلها، وتقلق المجتمع الدولي»، وجاءت هذه التخوفات وسط حديث عن تحرك أوروبي يضم دولاً عدة لتشكيل «قوة عسكرية مشتركة» في غرب البلاد لمواجهة العناصر الروسية.

وصعّد السفير البريطاني ضد وجود عناصر «فاغنر» في ليبيا، وقال إنه بحث مع رئيس «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الوجود الروسي بالبلاد، الذي وصفه بأنه «يقلق الليبيين، وكذلك المجتمع الدولي».

عناصر من قوات «فاغنر» الروسية (أ.ب)

وتحدث لونغدن في لقاء مع تلفزيون «ليبيا الأحرار»، مساء (الخميس)، عن الأوضاع السياسية في ليبيا، وقال إنه أبلغ حفتر «بضرورة العمل على إحراز تقدم في العملية الديمقراطية؛ ولا يمكن أن يبقى الوضع على ما هو عليه باستمرار انقسام البلاد في ظل وجود حكومتين». داعياً لأن تكون العملية السياسية في ليبيا «شاملة»، ومشيراً إلى أن الاعتراف بأكثر من حكومة «ليس جيداً».

وتشهد العاصمة طرابلس راهناً حراكاً محلياً ودولياً لكيفية مواجهة ما يسمى «الفيلق الأفريقي»، الذي شكَّلته روسيا مطلع العام الحالي، ليكون بديلاً لـ«فاغنر»، ينطلق من ليبيا إلى القارة السمراء.

ووسط تحدُّث مصادر كثيرة لـ«الشرق الأوسط» عن ترتيبات تجري لمواجهة ما سموه «التغلغل الروسي» في ليبيا، تحدثت وكالة «نوفا» الإيطالية عن «اجتماع عُقد في باريس مؤخراً على المستوى الفني مع ممثلي فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وإيطاليا، استهدف بحث تشكيل قوة عسكرية مشتركة».

ونقلت الوكالة الإيطالية، مساء الخميس، أن الاجتماع «الذي جاء بناءً على طلب واشنطن يهدف إلى دراسة المشاريع المشتركة لصالح (القوة العسكرية المشتركة)، أي قوة مسلحة ليبية موحدة، تُمَثّلُ فيها اللجنة العسكرية (5+5)، وهي اللجنة المشتركة المكونة من كبار المسؤولين العسكريين من شرق ليبيا وغربها.

ونوّه المصدر بأن «الاجتماع كان استكشافياً للغاية على المستوى الفني، ولم تطرأ حتى الآن أي تطورات مهمة. لقد كان اجتماعاً على مستوى منخفض للغاية، ولم تكن له أي علاقة بالروس».

يأتي ذلك وسط تنسيق أممي- أميركي لجهة «تيسير عملية سياسية شاملة وجامعة» في ليبيا، تمثل في لقاء ستيفاني خوري، نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية والقائمة بأعمال رئيس البعثة، والقائم بالأعمال الأميركي جيريمي برنت، في مقر البعثة بطرابلس.

وأوضحت خوري عبر حسابها على منصة «إكس»، مساء (الخميس)، أنها ناقشت مع برنت سبل تعزيز تيسير عملية سياسية «شاملة وجامعة»، يقودها ويملكها الليبيون. كما شدد برنت وخوري على «أهمية اتخاذ موقف دولي منسق لدعم الشعب الليبي في تحقيق السلام الدائم والاستقرار والازدهار».

ولمزيد من دعم الجهود الأممية، التقت خوري أيضاً السفير الألماني لدى ليبيا، ميخائيل أونماخت، وقالت بهذا الخصوص: «قمنا بمقارنة الملاحظات حول الوضع السياسي في ليبيا، وناقشنا سبل تعزيز العملية السياسية لتلبية احتياجات الشعب».

نائب بالمجلس الأعلى للدولة مستقبلاً القائم بأعمال السفارة الأميركية (مجلس الدولة)

من جهته، التقى القائم بالأعمال الأميركي رئيس لجنة المالية والموازنة العامة بمجلس النواب، عمر تنتوش في طرابلس، وقال برنت إن «تقاسم الإيرادات بشكل شفاف في ظل سياسة مالية متماسكة أمر أساسي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي بليبيا».

كما التقى برنت وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة «الوحدة»، وليد اللافي، وبحث معه الدور «الحيوي للبعثة الأممية في تعزيز العملية السياسية».

وكان النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للدولة، مسعود عبيد، قد التقى مع برنت في العاصمة طرابلس. وقال المجلس إن الطرفين ناقشا آخر المستجدات في الملف السياسي الليبي، وأكدا على ضرورة تعزيز العلاقات بين البلدين. كما تطرق اللقاء إلى سبل إرساء الاستقرار والأمن في ليبيا، وفي الجنوب الليبي بشكل خاص، والتأكيد على ضرورة المحافظة على استقرار البلاد ووحدتها وسيادتها، وبذل الجهود لتحقيق المصالحة الوطنية.

الرئيس التشادي ديبي مستقبلاً الدبيبة في إنجامينا (حكومة الوحدة)

في شأن مختلف، قالت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إن رئيسها عبد الحميد الدبيبة بحث مع الرئيس الموريتاني، محمد ولد الغزاوي، أوضاع اتحاد المغرب العربي، والعمل على تفعيل دوره الإقليمي والدولي.

وجاء اللقاء الذي جمعهما، الخميس، بالعاصمة التشادية إنجامينا، على هامش مشاركتهما في احتفالية تنصيب محمد إدريس ديبي رئيساً لجمهورية تشاد بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، التي أُجريت في السادس من مايو (أيار) الحالي.

وقالت حكومة «الوحدة» في بيانها إن الدبيبة وجَّه الدعوة للرئيس الموريتاني لزيارة ليبيا قصد مواصلة المشاورات، والبحث في القضايا التي تخص البلدين.

وكان ديبي قد استقبل الدبيبة في القصر الرئاسي بإنجامينا، وناقشا الأوضاع الأمنية بالدول الإقليمية والتحديات الأمنية المختلفة الأخرى، وتوحيد الجهود لمواجهة الإرهاب والهجرة غير النظامية. ومن جانبه وجَّه الدبيبة الدعوة للرئيس التشادي للمشاركة في أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة الهجرة غير النظامية وأمن الحدود، المزمع عقده في منتصف يوليو (تموز) بالعاصمة طرابلس.


مقالات ذات صلة

الحدود الجنوبية الليبية... ساحة خلفية لـ«متمردين» من دول أفريقية

شمال افريقيا دوريات تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي بمناطق جنوبية (رئاسة أركان القوات الجوية)

الحدود الجنوبية الليبية... ساحة خلفية لـ«متمردين» من دول أفريقية

على الرغم من الجهود التي يقول «الجيش الوطني» الليبي إنه يبذلها لمنع الخروقات يرى متابعون أن الحدود الجنوبية المتاخمة لدول أفريقية «تُعَد ساحة خلفية للمتمردين»

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا ليبيون يؤدون صلاة عيد الأضحى في طرابلس بحضور المنفي (المجلس الرئاسي)

خوري تحضّ قادة ليبيا على التضحية لـ«إنهاء معاناة الشعب»

«لقد عانى الشعب الليبي بما فيه الكفاية، وحان الوقت لأن يكون إنهاء هذه المعاناة أولوية قصوى للسلطات الليبية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اصطفاف الليبيين أمام أحد المصارف في طرابلس (متداولة على حسابات ليبية موثوقة)

نقص السيولة بالمصارف يعكر فرحة الليبيين بعيد الأضحى

يستقبل الليبيون عيد الأضحى بالاصطفاف في طوابير طويلة أمام البنوك للحصول على سيولة نقدية، في أجواء يرجعها البعض للانقسام السياسي الذي تعانيه البلاد.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية نشرها مليقطة للقائه الدبيبة

الدبيبة: ليبيا معرَّضة للتقسيم وتواجه خطراً عظيماً

حذَّر عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة من أن ليبيا اليوم «معرضة للتقسيم» وتواجه ما وصفه بـ«خطر عظيم»

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الكبير يتوسط المبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند «يسار» والقائم بالأعمال جيريمي برنت (مصرف ليبيا المركزي)

واشنطن تُعيد الجدل في ليبيا بالحديث عن «الأموال المزيفة»

أعاد حديث واشنطن حول «الأموال المزيفة» في ليبيا، الجدل بين مؤيد ومعارض، وذلك على خلفية أزمة بوجود «50 ديناراً»، قال المصرف المركزي إنه «مزورة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«حرب غزة»: اتصالات مكثفة لحلحلة عقبات «الهدنة»

منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

«حرب غزة»: اتصالات مكثفة لحلحلة عقبات «الهدنة»

منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

في وقت أشارت فيه واشنطن إلى سلسلة اتصالات يجريها الوسطاء لبحث المضي قدماً نحو تنفيذ مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تحدثت حركة «حماس» عن «مرونة» من أجل الوصول لاتفاق.

التأكيدات الأميركية الأخيرة عدها خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، «محاولات لحلحلة العقبات التي تضعها إسرائيل، وشروط (حماس)، لكنهم رأوا أن (هدنة غزة) تتطلب تنازلات ومرونة حقيقية وليس مجرد تصريحات».

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في كلمة متلفزة، الأحد، إن رد الحركة على أحدث اقتراح لوقف إطلاق النار في غزة يتوافق مع المبادئ التي طرحتها خطة بايدن (وتتضمن 3 مراحل)، معتقداً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، «فشل في تحقيق أهدافه، ولا يتجاوب مع مرونة الحركة (أي حماس)».

وتمسك هنية بدور الوسطاء وإعطاء مدة كافية لإنجاز مهمتهم، مؤكداً أن «الحركة جادة ومرنة في التوصل إلى اتفاق يتضمن البنود الأربعة، وقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الشامل من غزة، والإعمار، وصفقة تبادل للأسرى».

وجاءت كلمة هنية عقب اتهامات وجَّهها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لـ«حماس»، «بتعطيل الوصول لاتفاق»، وغداة إعلان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، السبت، أن «الوسطاء من قطر ومصر يعتزمون التواصل مع قيادات الحركة الفلسطينية لمعرفة ما إذا كان هناك سبيل للمضي قدماً في اقتراح بايدن».

فلسطينيون يقفون في طابور بعد اعتقالهم من قبل القوات الإسرائيلية بالقرب من مدينة طولكرم في وقت سابق (إ.ب.أ)

وكان بلينكن نفسه قد أعلن، الأربعاء الماضي، «مواصلة العمل مع الوسطاء لسد الفجوات للوصول إلى اتفاق»، وذلك خلال مؤتمر صحافي بالدوحة مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. بينما قال المسؤول القطري حينها: «ملتزمون في قطر مع شريكي (الوساطة) مصر والولايات المتحدة، بجسر الهوة، ومحاولة حل هذه الفروقات لأفضل وسيلة لإنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن».

وبينما تتحدث «حماس» عن أنها «جادة ومرنة»، أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه بدأ تنفيذ «هدنة تكتيكية» يومياً في قسم من جنوب قطاع غزة خلال ساعات محددة من النهار للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، وذلك إثر محادثات مع الأمم المتحدة ومنظمات أخرى. لكن واجه ذلك التوجه، رفضاً من الوزير الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف، إيتمار بن غفير.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير على الحنفي، رأى أن «اتصالات الوسطاء مستمرة سواء عبر استقبال طروحات حل، أو العمل على تقديم حلول وسط لحلحلة عقبات الهدنة»، مؤكداً أن مصر «مستمرة في الوساطة بصورة قوية للوصول لاتفاق». ويعتقد أن «هناك رغبة واهتماماً بالوصول لاتفاق باستثناء الكيان الإسرائيلي، الذي لا يزال يعقد الأمور، ومواقفه الداخلية المتناقضة لا تبدي مرونة كافية».

الحفني أوضح أنه من الناحية النظرية «أي اتفاق يشهد خلافات وضغوطاً، ويجب أن يكون التعبير عن التنازلات، أو إبداء مواقف مرنة من أطرافه، بمثابة دفعة باتجاه التوصل لحلول»، مشيراً إلى أن «الحرب مستمرة من 9 أشهر، ولا أفق نراه لهذا الاتفاق؛ لكن الاتصالات ستبقى مهمة لتجاوز العقبات، وتحقيق اختراق».

دخان تصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين (إ.ب.أ)

أما الخبير السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، فقد قال إن الإدارة الأميركية «بحاجة لهذه الهدنة، لذلك سنلمس تكثيف الاتصالات ومحاولة بذل مزيد من الضغط على (حماس) للقبول بما طرحه بايدن من وجهة نظره».

ويعتقد مطاوع، وهو المدير التنفيذي لـ«منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي»، أن «الوسطاء سيقومون بجلسة متواصلة لتجسير هوة الخلافات، بالتزامن مع ضغط أميركي على إسرائيل مشروط بقبول حماس للخطة»، مرجحاً أن «تستمر تلك الجهود بشكل مكثف حتى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الشهر المقبل للكونغرس الأميركي»، مضيفاً حينها سنرى إما «الذهاب لأول مراحل الهدنة، وإما سنتأكد من أن الصفقة التي طُرحت قد فشلت».

وتشترط حركة «حماس» انسحاباً إسرائيلياً من قطاع غزة ووقف الحرب، بينما تصر إسرائيل على وقف مرحلي للقتال، والاحتفاظ بحقها في مواصلة الحرب فيما بعد».