حكومة الدبيبة «تفشل» مجدداً في إعادة فتح وتشغيل معبر «رأس جدير»

محتجون من «الأماريغ» يغلقون الطرقات إليه للمطالبة بتحسين أوضاع مدنهم

معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية الوحدة)
معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية الوحدة)
TT

حكومة الدبيبة «تفشل» مجدداً في إعادة فتح وتشغيل معبر «رأس جدير»

معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية الوحدة)
معبر «رأس جدير» الحدودي بين ليبيا وتونس (أرشيفية - داخلية الوحدة)

فشلت حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، للمرة الثالثة على التوالي في إعادة تشغيل معبر «رأس جدير» الحدودي مع تونس، بعد قيام محتجين من الأمازيغ بإغلاق الطرق المؤدية إليه، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية.

وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» عن إجراء مراسم افتتاح المعبر الاثنين، عند العاشرة والنصف صباحاً، ودعت وسائل الإعلام إلى حضور تلك المراسم، لكنها تراجعت وحذفت بياناً نشرته عبر صفحتها على موقع «فيسبوك» من دون إبداء أسباب.

وأغلق مسلحون من مدن الأمازيغ، الطريق الساحلية المؤدية إلى المعبر بالسواتر الترابية، قبل ساعات فقط من الموعد الذي أعلنته الحكومة لإعادة تشغيله رسمياً؛ للضغط على حكومة الدبيبة، بهدف تحسين الخدمات والوضع المعيشي في مناطقهم.

قوات من حكومة «الوحدة» عند معبر «رأس جدير» (أرشيفية - إدارة إنفاذ القانون)

وسعياً لتفادي «فشل» إعادة تشغيل المعبر، التقى الدبيبة بعد ظهر الاثنين وفداً من مشايخ وأعيان زوارة الكبرى، بالإضافة لعدد من المحتجين، وذلك للاستماع إلى مطالبهم.

وقال مصدر مقرب من حكومة «الوحدة» لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة «وعد الوفد بدراسة المطالب الخاصة بتحسين مستوى الخدمات، والنظر في باقي المطالب، ودعا لإنهاء الاعتصام حول الطرق المؤدية للمعبر».

ووصف معارضو الدبيبة التعثر في إعادة تشغيل المعبر، بـ«الفشل في إدارة الأزمة، وأن ذلك بات رهينة في قضية الميليشيا المسيطرة على المعبر الحدودي»، عادّين أن ما حدث هو «طغيان للأجندات الفردية على مصالح البلاد»، وسط تخوف من تصاعد الأحداث في الأيام الآتية.

وكان مقرراً إعادة فتح المعبر رسمياً الخميس الماضي أمام المسافرين والحركة التجارية بشكل كامل، من دون اقتصاره راهناً على الحالات الإنسانية، غير أن السلطات الليبية في طرابلس، أخطرت نظيرتها التونسية بإرجاء الافتتاح إلى الاثنين «لأسباب أمنية ولوجيستية».

الدبيبة يشهد توقيع الاتفاق مع تونس لإعادة تشغيل معبر «رأس جدير» الحدودي (أرشيفية - حكومة الوحدة)

ولم تعلق حكومة «الوحدة»، على عدم افتتاح المعبر، في حين تداولت وسائل إعلام محلية صوراً ومقاطع فيديو لعناصر قالت إنهم ينتمون إلى مناطق الأمازيغ وهم يغلقون الطرق المؤدية إلى المعبر بالسواتر الترابية، للحيلولة دون مرور المسافرين بمركباتهم، ومنع سيارات الإسعاف التي تقل المرضى أيضاً.

كما يتمسك المحتجون أيضاً بضرورة إلغاء قرار وزارة الداخلية بنقل مجموعة من الضباط كانوا يتولون في السابق إدارة المعبر والجوازات والجمارك، إلى أماكن أخرى.

ويبعد المعبر نحو 60 كيلومتراً عن مدينة زوارة (غرب)، و175 كيلومتراً عن طرابلس العاصمة، ونحو 32 كيلومتراً عن مدينة بنقردان التونسية، ويعبر منه مئات الشاحنات وآلاف المواطنين يومياً.

ويرى مصدر أمني بغرب ليبيا، تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن أزمة معبر «رأس جدير» تتمحور في جانب منها حول الخلاف على إدارة المعبر بين سلطات طرابلس و«المجلس العسكري» بمدينة زوارة الأمازيغية الذي يبسط سيطرته على إدارة المعبر منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.

معبر رأس جدير (رويترز)

ودخل معبر «رأس جدير» مثل غيره من المنافذ الحدودية، دائرة الصراع بين سلطات طرابلس و«أمازيغ زوارة»، ما يتسبب في تعطيله وإغلاقه أمام حركة التجارة، علماً بأنه يعدّ «شرياناً حيوياً» لليبيا وتونس على حد سواء.

ونقلت «وكالة تونس أفريقيا» للأنباء، عن مصدر أمني قوله، إن الحركة في المعبر ستبقى مقتصرة على الحالات الإنسانية الاستعجالية الصحية والدبلوماسية، وذلك بعد أن كان من المبرمج فتحه أمام حركة المسافرين، وإعلان استعادة نشاطه الكلي من الجانبين.

وأشار المصدر، إلى أن الأمر «مرتبط بالطرف الليبي الذي أغلق المعبر منذ شهر مارس (آذار) الماضي لشأن داخلي، ويبقى قرار فتحه مرتبطاً به أيضاً».

وشهد المعبر الذي أُغلق مرات عدة خلال العقد الماضي، أزمات كثيرة في التنقل، بسبب اتهامات من الجانبين التونسي والليبي بـ«إساءات متبادلة خلال المرور، ووقوع عمليات ابتزاز».

من أعمال صيانة سابقة لمعبر «رأس جدير» مع تونس (إدارة إنفاذ القانون في داخلية الوحدة)

وعقب الإطاحة بنظام القذافي، تقدّمت مدينة زوارة الصفوف بعد تهميشها طويلاً، واستولت قوّاتها على «رأس جدير»، وضمّت رسمياً المعبر الحدودي إلى المنطقة الإدارية، الواقعة تحت سيطرة بلديتها، لتتحول الأخيرة فيما بعد إلى مركز قوة حقيقي، على الرغم من أنها بقيت اسمياً تحت سلطة الحكومات التي اتخذت من طرابلس مقراً لها، وفق محللين ليبيين.

وفي 12 يونيو (حزيران) الحالي، وقّع في طرابلس وزيرا الداخلية في ليبيا وتونس، محضر اتفاق أمني يتضمن فتح ستة مراكز للتسجيل الإلكتروني لسيارات المواطنين الليبيين، وعدم فرض أي رسوم أو غرامات مالية غير متفق عليها، وضبط المنفذ إضافة لإخلائه من وجود أي مظاهر مسلحة.


مقالات ذات صلة

توتر أمني مفاجئ غرب العاصمة الليبية

شمال افريقيا المنفي خلال حضور حفل العشاء مع الرئيس الأميركي (المنفي)

توتر أمني مفاجئ غرب العاصمة الليبية

أعلن أعضاء في مجلس النواب الليبي، أن جلسته المرتقبة، الاثنين المقبل، ستخصص للمصادقة على اعتماد تعيين محافظ المصرف المركزي للبلاد ونائبه.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي خلال لقاء خوري بمقر «المجلس الرئاسي» في طرابلس الشهر الماضي (المجلس الرئاسي الليبي)

تجدد الخلافات حول «الميزانية الموحدة» يفجِّر مخاوف الليبيين

أبدى سياسيون ومحللون ليبيون تخوفهم من وقوع أزمة جديدة تتعلق بالمطالبة بـ«قانون موحد للميزانية»، بينما لا تزال البلاد تتعافى من تأثير أزمة المصرف المركزي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا مستشارو المحكمة الدستورية العليا عقب أداء اليمين أمام نائب رئيس مجلس النواب الليبي (المجلس)

ليبيا: «قانون الدستورية العليا» يجدد الجدل بين «الرئاسي» والبرلمان

تصاعدت حالة من الجدل في ليبيا بعد أداء مستشاري المحكمة الدستورية العليا اليمين القانونية، أمام مجلس النواب، في ظل معارضة واسعة من المجلس الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المنفي يلتقي البرهان على هامش أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة (المجلس الرئاسي الليبي)

11 دولة تدعو ليبيا لضخ النفط... وإخراج «المرتزقة»

حثت أميركا ودول أوروبية وعربية الأطراف الليبية كافة على العمل لاستئناف إنتاج وتصدير النفط «بالكامل دون تعطيل أو تدخل أو تسييس».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من الحضور خلال توقيع اتفاق ينهي أزمة الصراع على مصرف ليبيا المركزي (البعثة الأممية)

اتفاق يطوي أزمة «المركزي» الليبي

بحضور دبلوماسي عربي وغربي، وقّع ممثلان عن مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا اتفاقاً يقضي بتعيين محافظ مؤقت للمصرف المركزي ونائب له.

جمال جوهر (القاهرة)

الصومال: مقتل 6 على الأقل في انفجارين بمقديشو

قوات الأمن تحيط بالمكان الذي شهد الانفجار وسط مقديشو (رويترز)
قوات الأمن تحيط بالمكان الذي شهد الانفجار وسط مقديشو (رويترز)
TT

الصومال: مقتل 6 على الأقل في انفجارين بمقديشو

قوات الأمن تحيط بالمكان الذي شهد الانفجار وسط مقديشو (رويترز)
قوات الأمن تحيط بالمكان الذي شهد الانفجار وسط مقديشو (رويترز)

قالت الشرطة الصومالية وشهود عيان إن 6 أشخاص قتلوا، وأصيب 10، اليوم (السبت)، في انفجارين بالعاصمة الصومالية مقديشو، وبلدة في منطقة شبيلي الوسطى. ولم يتضح بعد الجهة التي تقف وراء تنفيذ هذين الهجومين، رغم أن حركة «الشباب» المتشددة كثيراً ما تنفذ تفجيرات وهجمات مسلحة في مقديشو، وأماكن أخرى في الدولة الواقعة بالقرن الأفريقي.

بقايا السيارة المفخخة بعد تفجيرها في العاصمة مقديشو (إ.ب.أ)

ووقع الانفجار الأول في مقديشو بسيارة مفخخة، كانت متوقفة على طريق بالقرب من المسرح الوطني بمقديشو، على بعد كيلومتر واحد من مكتب الرئيس. وأسفر انفجار السيارة المفخخة، التي كانت مركونة قرب المسرح الوطني الصومالي في العاصمة مقديشو، عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 5 آخرين.

واستهدف الانفجار مطعماً شعبياً في مديرية حمروين، مما أدى إلى احتراق كثير من عربات «التوك توك»، وتسبب في أضرار كبيرة بالمناطق التجارية المحيطة.

سكان يفرون من المكان الذي شهد الانفجار في مقديشو (رويترز)

وهرعت قوات الأمن إلى موقع الانفجار على الفور، لكن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن.

وقال شرطي في مكان الواقعة، طلب عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول بالحديث إلى الصحافة، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن السيارة انفجرت، مما تسبب في مقتل 5 أشخاص وإصابة 7. بينما أكد شرطي آخر في المنطقة أعداد الضحايا. ولم يرد متحدث باسم الشرطة على اتصال من «رويترز» طلباً للتعليق.

وفي واقعة منفصلة، قال بشير حسن، قائد شرطة جوهر في شبيلي الوسطى بالصومال، خلال مؤتمر صحافي، إن قنبلة زرعت في سوق للماشية بمدينة جوهر أدت إلى مقتل شخص وإصابة 3 مدنيين آخرين.

وتخوض حركة «الشباب» معارك منذ سنوات للإطاحة بالحكومة المركزية في الصومال، وإقامة حكمها الخاص على أساس تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.

صورة تظهر حجم الدمار الذي لحق بالمكان الذي شهد الانفجار (رويترز)

وجاء هذان الانفجاران بعد أن نجحت قوات الأمن الصومالية، أمس (الجمعة)، في التصدي لهجوم شنته حركة «الشباب» على نقطة تفتيش أمنية في مديرية كحدا بالعاصمة مقديشو، وفقاً لما أفاد به سكان محليون.

وبدأ الهجوم بانفجارين، تلتهما نحو ساعة من الاشتباكات العنيفة، ولا تزال أعداد الضحايا غير معروفة، حيث لم يصدر عن مسؤولي المنطقة أي تحديثات حتى الآن.

ورداً على الهجوم، نفذت القوات الأمنية الصومالية عمليات في عدة أحياء من المديرية، صباح اليوم (السبت). وذكر عدد من السكان أنهم استيقظوا مذعورين من الانفجارات الأولية التي أشعلت المواجهات بين مسلحي حركة «الشباب» وقوات الأمن.

وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، نفذت حركة «الشباب» الإسلامية المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، هجوماً أسفر عن مقتل 37 شخصاً على الأقل، بينما أصيب 64 آخرون جراء تفجير انتحاري نفسه في شاطئ بالعاصمة مقديشو.

قوات الأمن الصومالي أخلت المكان الذي شهد الانفجار من السكان (رويترز)

وحسب مصدر أمني، فقد قتلت قوات الأمن الصومالية 5 من عناصر حركة «الشباب» المتطرفة، والتي سبق أن نفذت في الماضي كثيراً من التفجيرات والهجمات في مقديشو ومناطق عدة في البلد غير المستقر بالقرن الأفريقي. ورغم إخراجهم من العاصمة بعد تدخل قوات الاتحاد الأفريقي في عام 2011، ما زالوا منتشرين في المناطق الريفية. لكن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وعد بشن حرب «شاملة» ضدهم.