«واقعة تحرش جديدة» في مصر تصعّد الحملة ضد شركات «النقل الذكي»

مشاهير وبرلمانيون يطالبون بوقف التعامل معها

مطالِب بوقف التعامل مع شركات «النقل الذكي» في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالِب بوقف التعامل مع شركات «النقل الذكي» في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«واقعة تحرش جديدة» في مصر تصعّد الحملة ضد شركات «النقل الذكي»

مطالِب بوقف التعامل مع شركات «النقل الذكي» في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالِب بوقف التعامل مع شركات «النقل الذكي» في مصر (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تصاعدت وتيرة الحملة ضد شركات «النقل الذكي» في مصر خلال الساعات الماضية، بعد تكرر وقائع مضايقات ومحاولات خطف تسبب فيها سائقوها، ودخل مشاهير وبرلمانيون على خط الحملة ضد هذه الشركات، متفاعلين مع تلك الوقائع التي شغلت الرأي العام المصري، ومطالبين بوقف نشاط شركات النقل الذكي في البلاد.

وارتفعت نبرة الغضب ضد شركات «النقل الذكي» مع وقوع 3 حوادث متتالية خلال الأسبوع الحالي؛ إذ تم ضبط سائق اتُهم بالتحرش بسيدة في منطقة مدينة نصر، وضبط سائق بشركة أخرى بتهمة ممارسة فعل فاضح وخدش حياء سيدة في منطقة التجمع الخامس، ثم كانت أحدث الوقائع، الأربعاء، بالقبض على سائق بأحد تطبيقات التوصيل لاتهامه بالتحرش بتلميذ في المرحلة الإعدادية، خلال توصيله إلى منزله في كومباوند بمدينة 6 أكتوبر.

وفي حين يتم التحقيق في الحوادث الثلاث أمام جهات التحقيق؛ أعادت هذه الوقائع إلى الأذهان حادث محاولة اختطاف حبيبة الشماع الشهيرة بـ«فتاة الشروق»، التي انتهت بوفاتها في مارس (آذار) الماضي، بعد أن قفزت من سيارة أجرة تابعة لأحد التطبيقات الذكية تسير بسرعة، وتعرّضت لإصابات خطيرة سقطت على أثرها في غيبوبة لمدة 21 يوماً، بينما عوقب السائق بالسجن المشدد 15 عاماً، وغرامة 50 ألف جنيه مصري (نحو 1000 دولار)، وإلغاء رخصة القيادة الخاصة به.

وتناول بعض الإعلاميين هذه الوقائع، من بينهم عمرو أديب، ورضوى الشربيني، وشيرين الشايب ومفيدة شيحة، مشددين على ضرورة محاسبة ومساءلة الشركات عمن يتم تعيينه من السائقين لديها. كما دعّم عدد من الفنانات والفنانين المصريين حملة مقاطعة الشركات بعد حوادث الاعتداء الأخيرة، من بينهم صلاح عبد الله، وعبير صبري، وحسن الرداد وريم البارودي.

كانت الأيام الماضية شهدت إطلاق عدة «هاشتاغات» عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، تحث الفتيات والسيدات على التوقف عن استخدام وسائل «النقل الذكي» ومقاطعتها، بعد أن فقدت عنصرَي الأمان والحماية. وقال حساب باسم علاء: «لو مش قادرين تسيطروا على الأمر أوقفوا الخدمة في مصر وألغوها وريحونا من تعب الأعصاب».

كما طالب بعض الرواد بأهمية وضع ضوابط لهذا القطاع من وسائل النقل، وقالت الإعلامية داليا أبو عمر، عبر حسابها بموقع «إكس» إن قطاع النقل الذكي محتاج وقفة من الحكومة، مشككة في تسارع وتيرة هذه الحوادث.

ليرد عليها حساب محمد مصطفى، لافتاً إلى أهمية إلزام جميع السائقين بعمل تحاليل كل 6 أشهر، ووضع كاميرات بالسيارات كافة.

برلمانياً، تقدم عدد من أعضاء مجلس النواب، بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة بشأن تكرار حوادث شركات النقل الذكي، كما من المقرر أن تعقد لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، اجتماعاً الاثنين المقبل؛ لمناقشة المشكلات التي يشهدها قطاع النقل الذكي، ووسائل التطوير التكنولوجي للنقل الذكي؛ لتوفير كل سبل الأمان في ظل ما حدث من اختراقات قانونية لبعض سائقيها.

وتقدمت النائبة ألفت المزلاوي، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى رئيس الوزراء، ووزيري الاتصالات والداخلية، بشأن وقف نشاط إحدى الشركات المعروفة بسبب كثرة حالات التحرش والخطف من بعض سائقيها.

وفي طلب إحاطة آخر، تقدمت به النائبة عايدة السواركة، الخميس، أوضحت أن حوادث التحرش بمستخدمات تطبيقات النقل الذكي أثارت حالة غضب لدى الكثير من المواطنين في مصر، لافتة إلى أن الشركات التي تُدير هذه التطبيقات ليس لها مقرّ قانوني في مصر، وإنما تُدار من الخارج؛ وهو ما يتعذر معها المواجهة القانونية.

بدورها، تقدمت حنان عبده عمار، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة موجّه إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ لوقف نشاط شركات النقل الذكي في مصر، بعد تكرار الوقائع الأليمة التي يتعرض لها السيدات والفتيات من سائقي تلك الشركات.

وقالت حنان عمار لـ«الشرق الأوسط»: «هذه التحركات البرلمانية المتعددة تعكس حالة الاستياء لدينا جميعاً تجاه شركات النقل الذكي، بعدما تكررت حوادثها وفقدت الكثير من معايير الأمان والسلامة التي كانت تميزها لمستخدماتها؛ لذا فطلبات الإحاطة هذه تأتي لضمان سلامة أبنائنا، ومحاولة منع تكرار مثل هذه الحوادث التي انشغل بها الرأي العام المصري مؤخراً».

وأشارت إلى أن وسائل النقل الذكي في مصر تفتقد الرقابة المطلوبة على سائقيها؛ لذا في حالة استمرار عملها يجب أن يكون هناك وقفة معها، من خلال إلزام الشركات بإجراء كشف طبي وتحليل مخدرات دوري للسائقين، وانتقاء من يعمل بها.


مقالات ذات صلة

الرئيس التنفيذي لـ«أوبر»: ندرس شراكات في قطاع النقل الجوي والمركبات ذاتية القيادة

الاقتصاد دارا خسروشاهي الرئيس التنفيذي لـ«أوبر» (تصوير: عبد العزيز النومان)

الرئيس التنفيذي لـ«أوبر»: ندرس شراكات في قطاع النقل الجوي والمركبات ذاتية القيادة

كشفت شركة «أوبر» للنقل التشاركي أنها تدرس فرص عقد الشراكات في قطاع النقل الجوي المتقدم بما يشمل طائرات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائية

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
شمال افريقيا العاصمة المصرية القاهرة (غيتي)

واقعة اعتداء جديدة تعيد الجدل حول تطبيقات النقل الذكي في مصر

أثارت واقعة جديدة لسائق تابع لأحد تطبيقات النقل الذكي في مصر، حالة من الغضب والاستياء، بعد ما تم تداوله حول محاولة اختطاف والاعتداء على إحدى السيدات.

سارة ربيع (القاهرة)
تكنولوجيا تم تصميم حسابات «أوبر» الخاصة بالشباب لتوفير مزيد من المرونة للعائلات عند تنقلهم مع المحافظة على الأمان (شاترستوك)

«أوبر للشباب» خدمة جديدة حصرية للمراهقين في السعودية

مبادرة جديدة من «أوبر» للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً تسمح بطلب توصيلات خاصة بهم بإشراف أولياء الأمور إلى جانب مجموعة من ميزات الأمان.

نسيم رمضان (لندن)
العالم مشاة يسيرون أمام صف من سيارات الأجرة في وسط سيدني (أ.ف.ب)

الحكم على أوبر بتعويضات 178 مليون دولار لسائقي الأجرة الأستراليين

حصل سائقو سيارات الأجرة الأستراليون المتأثرون بصعود شركة أوبر العملاقة لخدمات النقل التشاركي على تعويضات بقيمة 178 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق تستهدف «ويلي» العملاء ذوي الثروات العالية (صورة من الموقع الرسمي للشركة)

بسيارات «مرسيدس» و«بي إم دبليو»... كيف جذبت شركة منافسة لـ«أوبر» الأثرياء ورجال الأعمال؟

منذ تأسيسها في عام 2010، سعت شركة «ويلي» الخاصة لنقل الركاب، لتلبية احتياجات العملاء الأثرياء ورجال الأعمال عن طريق منحهم خدمات مميزة في سياراتها الفاخرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
TT

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر حدودي حيوي؛ ما يؤدي فعلياً إلى قطع المساعدات عن مئات الآلاف من الناس الذين يعانون من المجاعة في أوج الحرب الأهلية. ويحذّر الخبراء من أن السودان، الذي بالكاد يُسيّر أموره بعد 15 شهراً من القتال، قد يواجه قريباً واحدة من أسوأ المجاعات في العالم منذ عقود. ولكن رفْض الجيش السوداني السماح لقوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة بالمرور عبر المعبر يقوّض جهود الإغاثة الشاملة، التي تقول جماعات الإغاثة إنها ضرورية للحيلولة دون مئات الآلاف من الوفيات (ما يصل إلى 2.5 مليون شخص، حسب أحد التقديرات بحلول نهاية العام الحالي).

ويتعاظم الخطر في دارفور، المنطقة التي تقارب مساحة إسبانيا، والتي عانت من الإبادة الجماعية قبل عقدين من الزمان. ومن بين 14 ولاية سودانية معرّضة لخطر المجاعة، تقع 8 منها في دارفور، على الجانب الآخر من الحدود التي تحاول الأمم المتحدة عبورها، والوقت ينفد لمساعدتها.

نداءات عاجلة

ويقع المعبر الحدودي المغلق -وهو موضع نداءات عاجلة وملحة من المسؤولين الأميركيين- في أدري، وهو المعبر الرئيسي من تشاد إلى السودان. وعلى الحدود، إذ لا يزيد الأمر عن مجرد عمود خرساني في مجرى نهر جاف، يتدفق اللاجئون والتجار والدراجات النارية ذات العجلات الأربع التي تحمل جلود الحيوانات، وعربات الحمير المحملة ببراميل الوقود.

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

لكن ما يُمنع عبوره إلى داخل السودان هو شاحنات الأمم المتحدة المليئة بالطعام الذي تشتد الحاجة إليه في دارفور؛ إذ يقول الخبراء إن هناك 440 ألف شخص على شفير المجاعة بالفعل. والآن، يقول اللاجئون الفارّون من دارفور إن الجوع، وليس الصراع، هو السبب الرئيسي وراء رحيلهم. السيدة بهجة محكر، وهي أم لثلاثة أطفال، أصابها الإعياء تحت شجرة بعد أن هاجرت أسرتها إلى تشاد عند معبر «أدري». وقالت إن الرحلة كانت مخيفة للغاية واستمرت 6 أيام، من مدينة الفاشر المحاصرة وعلى طول الطريق الذي هددهم فيه المقاتلون بالقضاء عليهم.

دهباية وابنها النحيل مؤيد صلاح البالغ من العمر 20 شهراً في مركز علاج سوء التغذية بأدري (نيويورك تايمز)

لكن الأسرة شعرت بأن لديها القليل للغاية من الخيارات. قالت السيدة محكر، وهي تشير إلى الأطفال الذين يجلسون بجوارها: «لم يكن لدينا ما نأكله». وقالت إنهم غالباً ما يعيشون على فطيرة واحدة في اليوم.

الجيش: معبر لتهريب الأسلحة

وكان الجيش السوداني قد فرض قراراً بإغلاق المعبر منذ 5 أشهر، بدعوى حظر تهريب الأسلحة. لكن يبدو أن هذا لا معنى له؛ إذ لا تزال الأسلحة والأموال تتدفق إلى السودان، وكذلك المقاتلون، من أماكن أخرى على الحدود الممتدة على مسافة 870 ميلاً، التي يسيطر عليها في الغالب عدوه، وهو «قوات الدعم السريع».

لاجئون فرّوا حديثاً من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)

ولا يسيطر الجيش حتى على المعبر في أدري، إذ يقف مقاتلو «قوات الدعم السريع» على بُعد 100 متر خلف الحدود على الجانب السوداني. وعلى الرغم من ذلك، تقول الأمم المتحدة إنها يجب أن تحترم أوامر الإغلاق من الجيش، الذي يتخذ من بورتسودان مقراً له على بُعد 1000 ميل إلى الشرق، لأنه السلطة السيادية في السودان. وبدلاً من ذلك، تضطر الشاحنات التابعة للأمم المتحدة إلى القيام برحلة شاقة لمسافة 200 ميل شمالاً إلى معبر «الطينة»، الذي تسيطر عليه ميليشيا متحالفة مع الجيش السوداني؛ إذ يُسمح للشاحنات بدخول دارفور. هذا التحول خطير ومكلّف، ويستغرق ما يصل إلى 5 أضعاف الوقت الذي يستغرقه المرور عبر «أدري». ولا يمر عبر «الطينة» سوى جزء يسير من المساعدات المطلوبة، أي 320 شاحنة منذ فبراير (شباط)، حسب مسؤولين في الأمم المتحدة، بدلاً من آلاف شاحنات المساعدات الضرورية التي يحتاج الناس إليها. وقد أُغلق معبر «الطينة» أغلب أيام الأسبوع الحالي بعد أن حوّلت الأمطار الموسمية الحدود إلى نهر.

7 ملايين مهددون بالجوع

وفي الفترة بين فبراير (شباط)، عندما أُغلق معبر «أدري» الحدودي، ويونيو (حزيران)، ارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة من الجوع من 1.7 مليون إلى 7 ملايين شخص. وقد تجمّع اللاجئون الذين وصلوا مؤخراً على مشارف مخيم أدري، في حين انتظروا تسجيلهم وتخصيص مكان لهم. ومع اقتراب احتمالات حدوث مجاعة جماعية في السودان، أصبح إغلاق معبر «أدري» محوراً أساسياً للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة، كبرى الجهات المانحة على الإطلاق، من أجل تكثيف جهود المساعدات الطارئة. وصرّحت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مؤخراً للصحافيين: «هذه العرقلة غير مقبولة على الإطلاق».

أحد مراكز سوء التغذية تديره منظمة «أطباء بلا حدود» في أدري إذ يُطبّب طفل من جرح ملتهب في ذراعه ناجم عن العلاج الوريدي المستمر لسوء التغذية (نيويورك تايمز)

وكان إيصال المساعدات إلى دارفور صعباً حتى قبل الحرب. وتقع أدري تقريباً على مسافة متساوية من المحيط الأطلسي إلى الغرب والبحر الأحمر إلى الشرق، أي نحو 1100 ميل من الاتجاهين. فالطرق مليئة بالحفر، ومتخمة بالمسؤولين الباحثين عن الرشوة، وهي عُرضة للفيضانات الموسمية. وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن الشاحنة التي تغادر ميناء «دوالا» على الساحل الغربي للكاميرون تستغرق نحو 3 أشهر للوصول إلى الحدود السودانية. ولا يقتصر اللوم في المجاعة التي تلوح في الأفق على الجيش السوداني فحسب، فقد مهّدت «قوات الدعم السريع» الطريق إليها أيضاً، إذ شرع مقاتلو «الدعم السريع»، منذ بدء الحرب في أبريل (نيسان) 2023 في تهجير ملايين المواطنين من منازلهم، وحرقوا مصانع أغذية الأطفال، ونهبوا قوافل المساعدات. ولا يزالون يواصلون اجتياح المناطق الغنية بالغذاء في السودان، التي كانت من بين أكثر المناطق إنتاجية في أفريقيا؛ ما تسبّب في نقص هائل في إمدادات الغذاء.

استجابة دولية هزيلة

وكانت الاستجابة الدولية لمحنة السودان هزيلة إلى حد كبير، وبطيئة للغاية، وتفتقر إلى الإلحاح.

في مؤتمر عُقد في باريس في أبريل، تعهّد المانحون بتقديم ملياري دولار مساعدات إلى السودان، أي نصف المبلغ المطلوب فقط، لكن تلك التعهدات لم تُنفذ بالكامل. وفي مخيمات اللاجئين المزدحمة في شرق تشاد، يُترجم الافتقار للأموال إلى ظروف معيشية بائسة. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، التي تدير مخيمات اللاجئين في تشاد، إن عملياتها ممولة بنسبة 21 في المائة فقط في شهر يونيو. وقد اضطر برنامج الأغذية العالمي مؤخراً إلى خفض الحصص الغذائية، إثر افتقاره إلى الأموال.

يعيش ما يقرب من 200 ألف شخص في مخيم أدري الذي يمتد إلى الصحراء المحيطة حيث المأوى نادر ولا يوجد ما يكفي من الطعام أو الماء (نيويورك تايمز)

ومع هطول الأمطار بغزارة، جلست عائشة إدريس (22 عاماً)، تحت غطاء من البلاستيك، تمسّكت به بقوة في وجه الرياح، في حين كانت تُرضع ابنتها البالغة من العمر 4 أشهر. وكان أطفالها الثلاثة الآخرون جالسين بجوارها، وقالت: «نحن ننام هنا»، مشيرة إلى الأرض المبتلة بمياه الأمطار. لم يكن هناك سوى 3 أسرّة خالية في مركز لسوء التغذية تديره منظمة «أطباء بلا حدود»، وكان ممتلئاً بالرضع الذين يعانون من الجوع. وكان أصغرهم يبلغ من العمر 33 يوماً، وهي فتاة تُوفيت والدتها في أثناء الولادة. في السرير التالي، كان الطفل مؤيد صلاح، البالغ من العمر 20 شهراً، الذي كان شعره الرقيق وملامحه الشاحبة من الأعراض المعروفة لسوء التغذية، قد وصل إلى تشاد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أن اقتحم مسلحون منزل أسرته في الجنينة، عبر الحدود في دارفور، وقتلوا جده. وقالت السيدة دهباية، والدة الطفل مؤيد: «لقد أردوه قتيلاً أمام أعيننا». والآن، صار كفاحهم من أجل البقاء على قيد الحياة بفضل حصص الأمم المتحدة الضئيلة. ثم قالت، وهي تضع ملعقة من الحليب الصناعي في فم طفلها: «أياً كان ما نحصل عليه، فهو ليس كافياً بالمرة».

سفير سوداني: المساعدات مسيّسة

وفي مقابلة أُجريت معه، دافع الحارث إدريس الحارث محمد، السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، عن إغلاق معبر «أدري»، مستشهداً بالأدلة التي جمعتها الاستخبارات السودانية عن تهريب الأسلحة.

مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس خلال جلسة سابقة لمجلس الأمن (أ.ب)

وقال إن الأمم المتحدة «سعيدة» بترتيب توجيه الشاحنات شمالاً عبر الحدود في الطينة. وأضاف أن الدول الأجنبية التي تتوقع مجاعة في السودان تعتمد على «أرقام قديمة»، وتسعى إلى إيجاد ذريعة «للتدخل الدولي». ثم قال: «لقد شهدنا تسييساً متعمّداً ودقيقاً للمساعدات الإنسانية إلى السودان من الجهات المانحة». وفي معبر أدري، يبدو عدم قدرة الجيش السوداني على السيطرة على أي شيء يدخل البلاد واضحاً بشكل صارخ. وقال الحمّالون، الذين يجرّون عربات الحمير، إنهم يُسلّمون مئات البراميل من البنزين التي تستهلكها سيارات الدفع الرباعي التابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي عادة ما تكون محمّلة بالأسلحة.

*خدمة نيويورك تايمز