تونس: النيابة تستأنف ملفات عشرات المتهمين بالإرهاب والتآمر

إضراب عام بعد مداهمات... واعتقال محامية وإعلاميين

المحامية سنية الدهماني (وسائل إعلام تونسية)
المحامية سنية الدهماني (وسائل إعلام تونسية)
TT

تونس: النيابة تستأنف ملفات عشرات المتهمين بالإرهاب والتآمر

المحامية سنية الدهماني (وسائل إعلام تونسية)
المحامية سنية الدهماني (وسائل إعلام تونسية)

كشف محامون تونسيون أن النيابة العمومية استأنفت قرارات ختم البحث ضد أغلب مندوبيهم المتهمين في قضايا أُحيلت على قطب الإرهاب وعلى المحاكم التي تنظر في ملفات «التآمر على أمن الدولة»، و«العنف السياسي»، و«التسفير»، و«نشر الأخبار الزائفة»، و«الاعتداء على موظف عمومي أثناء مباشرة وظيفته»، و«ربط علاقات غير قانونية مع جهات أجنبية»... إلخ.

وبذلك يبقى نحو 60 من هؤلاء المتهمين، وبينهم مسؤولون سابقون في الدولة وقادة أحزاب ورجال أعمال واعلاميون رهن الإيقاف، في حين يتواصل منع عشرات آخرين من مغادرة البلاد بوصفهم يُحالون في حالة سراح.

محامون تونسيون في مقر نادي المحامي تضامناً مع نقيب المحامين السابق شوقي الطبيب (وسائل إعلام تونسية)

ورغم احتجاجات المحامين وبعض المنظمات الحقوقية على «تجاوز آجال الإيقاف التحفظي» لهؤلاء الموقوفين، والمحددة بـ14 شهراً، فإن النيابة العمومية وناطقين باسم المحاكم عدّوا «القضاء يحترم الإجراءات القانونية».

وفسر مناصرون للسلطة التمادي في إيقاف أغلب المتهمين بقرار النيابة العمومية استئناف قرارات ختم البحث التي أصدرها قضاة التحقيق، والتي صدرت، وفق تعبيرهم، «في موعدها»؛ أي قبل انتهاء مهلة الـ14 شهراً «ضد كل المتهمين».

وتشمل قائمة المتهمين الموقوفين في هذه القضايا، والمُحالين في حالة سراح أو في حالة فرار، شخصيات من عدة تيارات سياسية سبق لها أن تصدرت المشهدين السياسي والبرلماني وقطاعات الإعلام والمال والأعمال، خلال العشرية الماضية، والتي يصفها المساندون لقرارات حل البرلمان والحكومة السابقين في صائفة 2021 بـ«عشرية الخراب».

اتهام إعلاميين وسياسيين بـ«الإرهاب»

في هذه الأثناء، تابعت النيابة العمومية وبعض المحاكم قضايا نظر فيها «قطب مكافحة الإرهاب»، بعضها شملت إعلاميين وسياسيين ومحامين ونشطاء وقع الإفراج «المؤقت» عن بعضهم، في حين أُحيل الآخرون في حالة إيقاف، وفق نقيب الصحافيين التونسيين زياد دبار، ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي.

حاتم المزيو نقيب المحامين التونسيين (وسائل إعلام تونسية)

وشهدت الـ24 ساعة الماضية «تصعيداً» خطيراً، وفق نقيب المحامين التونسيين حاتم المزيو، بعد مداهمة قوات الأمن مقر «مكتب المحامي التونسي»، قبالة محكمة تونس العاصمة ووزارة العدل، واعتقال المحامية والناشطة السياسية سنية الدهماني التي اعتصمت في المقر، قبل ذلك بيوم، بحضور عشرات المحامين، في مكتب مجاور لمقر اعتصام نقيب المحامين السابق، شوقي الطبيب، منذ نحو 10 أيام؛ احتجاجاً على رفع عدة قضايا ضده أمام المحاكم، وعلى منعه من السفر.

 

تحركات ومظاهرات

قوات الأمن الخاصة عند اعتقال المحامية سنية الدهماني في مقر المحامين التونسيين (وسائل إعلام تونسية)

وعقدت الهيئة القيادية في فرع عمادة المحامين بتونس الكبرى مؤتمراً صحافياً، في ساعة متأخرة مساء السبت، حضره عشرات المحامين، أعلن خلاله رئيسه العروسي زقير قراراً بشنّ إضراب عام للمحامين في المحاكم؛ احتجاجاً على «انتهاك قوات الأمن حرمة مقر فرع عمادة المحامين في العاصمة وعلى اعتقال المحامية سنية الدهماني»، كما رفع بعضهم شعارات تطالب بالإفراج عن بقية «الموقوفين في قضايا ذات صبغة سياسية والإعلاميين»، مع إمكانية إحالة بعضهم في حالة سراح.

ونظمت في عدة محاكم تحركات ومظاهرات شارك فيها محامون وقضاة للمطالبة بـ«توفير ضمانات لحقوق التقاضي والدفاع وحرية التعبير».

كما اعتقلت قوات الأمن، مساء أول من أمس، اثنين من أبرز الإعلاميين في القنوات الإذاعية والتلفازية الخاصة، مراد الزغيدي وبرهان بسيس؛ «للاشتباه في تورطهما» في تُهم مماثلة لتلك التي اعتُقلت بسببها المحامية سنية الدهماني، وبينها مخالفة قوانين الصحافة، ونشر أخبار زائفة، والإساءة إلى رئيس الجمهورية. ويعاقب القانون التونسي («المرسوم 54») على هذه العقوبات بالسجن لمدة تصل إلى 5 أعوام، لذلك تطالب نقابات الصحافيين والمحامين وهيئات حقوقية وبرلمانية بتعديله، وباعتماد «المرسوم 115» الذي سبق أن صدر قبل 10 أعوام، والذي لا يفرض على الذين يخالفون قوانين الصحافة والنشر عقوبات بالسجن، بل ينص على فرض خطايا مالية عليهم، في حال إثبات ارتكابهم جنحة.

العروسي زقير رئيس فرع تونس الكبرى لنقابة المحامين (وسائل إعلام تونسية)

تعقيب من السلطات

 

وعقّب مناصرون للسلطة، في وسائل الإعلام التونسي، على هذا التصعيد وهذه التحركات، وتهجّموا على النقيب السابق للمحامين شوقي الطبيب، وعلى المحامية سنية الدهماني، وعلى الإعلاميين الذين أُحيلوا مؤخراً إلى المحاكم والسجن؛ وبينهم برهان بسيس، ومراد الزغيدي، وشذى الحاج مبارك، وخليفة القاسمي، وزياد الهاني، ومحمد بوغلاب.

كما انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد مجدداً الاتهامات الموجهة إلى السلطات وإلى القضاء وقوات الأمن في تعاملها مع المعارضين و«المتهمين بالتآمر على أمن الدولة والإرهاب». وأورد سعيد، خلال اجتماع جديد عقده قبل يومين، حضره بالخصوص وزيرا الداخلية والعدل، والمديران العامان للأمن الوطني والحرس الوطني، أن محاسبة كل المتهمين «تجري في سياق احترام القوانين والإجراءات» من قِبل القضاة الذين نوَّه بنزاهتهم وكفاءتهم.

وجاء في كلمة الرئيس سعيد أنه سيحرص على «وحدة أجهزة الدولة»، وأنه لن يتسامح مع من يريدون تفجير التناقضات داخلها، ولا مع من يتآمرون عليها مع أطراف خارجية.

 

اجتماع طارئ لعمادة المحامين

 

وعقدت رئاسة الهيئة الوطنية الموسعة للمحامين، ظهر الأحد، اجتماعاً موسعاً طارئاً، بمشاركة أعضائها الـ30 ممثلي كل المحاكم في البلاد، والعميد حاتم المزيو. وأعلن، على هامش هذا الاجتماع، أن نحو 7 آلاف محام تونسي سيدخلون في تحركات تصعيد احتجاجية؛ بينها الإضراب عن العمل، انطلاقاً من اليوم الاثنين. وهذا القرار سيعني في صورة تنفيذه تعطيل العمل في أغلب المحاكم.


مقالات ذات صلة

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

شؤون إقليمية إردوغان خلال استقباله الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته بالقصر الرئاسي في أنقرة الاثنين (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع روته القضايا الأمنية والإقليمية المهمة لـ«الناتو»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته عدداً من الملفات الأمنية والقضايا التي تهم الحلف.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«النواب» الليبي يكرّس خلافاته مع «الرئاسي» و«الوحدة»

اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)
اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)
TT

«النواب» الليبي يكرّس خلافاته مع «الرئاسي» و«الوحدة»

اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)
اجتماع صالح مع نورلاند وبرنت في بنغازي (السفارة الأميركية)

كرّس مجلس النواب الليبي، مجدداً، الخلافات مع المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» المؤقتة، بإعادة نشر قراره بِعَدِّ رئيسه عقيلة صالح، «القائد الأعلى للجيش الليبي»، وحكومة أسامة حماد، السُّلطة الوحيدة للبلاد، حتى انتخاب «حكومة موحدة».

وبالتزامن مع بدء مجلس النواب جلسته بمقره في بنغازي بشرق البلاد، الاثنين، لبحث تعديل مجموعة من القوانين، نشرت الجريدة الرسمية للمجلس، قراره القاضي بنزع صلاحيات المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي قائداً أعلى للجيش، وعدّ حكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، منتهية الولاية، وهو القرار الذي سبق أن اتخذه من قبل.

بدوره، قال السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، إنه ناقش، الاثنين، مع صالح في بنغازي، برفقة القائم بأعمال السفارة الأميركية جريمى برنت، «أهمية تعزيز استقلالية ونزاهة مصرف ليبيا المركزي والمؤسسات الاقتصادية الرئيسية الأخرى، وأهمية تبني سياسات مالية وميزانية قائمة على التوافق لتحقيق استقرار الاقتصاد الليبي».

كما أكد «الدعم الأميركي الكامل لما وصفه بالدور الحيوي الذي تقوم به بعثة الأمم المتحدة في تسهيل العملية السياسية المؤدية إلى تحقيق الحكم الموحد، ووضع خريطة طريق موثوق بها للانتخابات الوطنية الناجحة».

وكان نورلاند، قد ناقش في سبها، مساء الأحد، مع رئيس أركان القوات البرية بـ«الجيش الوطني»، الفريق صدام حفتر، وعدد من كبار المسؤولين الأمنيين، «الدور الحاسم» الذي تلعبه منطقة جنوب ليبيا في تحقيق الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى أهمية حماية سيادة ليبيا، والتغلب على انقساماتها.

وتعهد بمواصلة الولايات المتحدة، «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد، لدعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية».

من جهتها، أدرجت شعبة الإعلام بـ«الجيش الوطني»، الاجتماع في إطار التنسيق والتعاون في مجالات عدة، بما يخدم المصالح المشتركة.

صورة وزعها نجل حفتر للقائه مع الوفد الأميركي

كما أكد نورلاند مجدداً خلال اجتماعه، مع المسؤولين والشركاء الليبيين، «الالتزام المشترك بدعم الجهود المبذولة في جميع أنحاء البلاد لتحقيق الاستقرار والازدهار على المدى الطويل»، مشيراً إلى أنه ناقش مع عميد بلدية سبها بالحاج علي، مساهمة الولايات المتحدة في الجهود المبذولة لتحسين حياة المواطنين في جنوب ليبيا، وأعلن سعي بلاده من خلال «الوكالة الأميركية للتنمية» مجدداً للتعاون مع مجلس سبها البلدي، لتحسين تقديم الخدمات، وتوفير المعدات التقنية الحيوية التي ستعزز عمله المهم.

في غضون ذلك، رحبت سفارات دول فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، بنتائج الانتخابات البلدية في ليبيا، مطالبة باستغلال ما وصفته بـ«الخطوة المهمة» لتطوير خريطة طريق لإجراء انتخابات وطنية في البلاد.

ورحبت سفارات الدول الخمس، في بيان مشترك، بإعلان المفوضية الوطنية عن نتائج الانتخابات البلدية في 58 بلدية في مختلف ليبيا.

وحددت المفوضية العليا للانتخابات، يومي الاثنين والثلاثاء، موعداً للطعن في النتائج الأولية لانتخابات المرحلة الأولى من المجالس البلدية، أمام المحاكم الجزئية، وفقاً للائحة التنفيذية للانتخابات.

وكانت بعثة الأمم المتحدة قد رحبت بإعلان المفوضية للنتائج الأولية للبلديات الـ58، والتي أظهرت مشاركة كبيرة تجاوزت 77 في المائة من الناخبين، وهنأت في بيان لها، مساء الأحد، الشعب الليبي وجميع الجهات المعنية، على مشاركتهم ومساهمتهم الإيجابية في عملية انتخابية سلمية وشفافة.

إضافة إلى ذلك، نقل الدبيبة، عن المبعوث الخاص للحكومة الألمانية كرستيان بوك، الذي التقاه، مساء الأحد، بالعاصمة طرابلس، تهنئته بنجاح المرحلة الأولى من الانتخابات، مشيداً بتأمين الحكومة لها بالشكل المطلوب، وتحقيق الشفافية والنزاهة.

وأكد الدبيبة أهمية الدور الألماني في دعم استقرار ليبيا، مشدداً على حرص حكومته على تعزيز العلاقات الثنائية.

وأوضح أنهما بحثا مستجدات العملية السياسية، وسبل تعزيز التعاون الثنائي، كما ناقشا الوضع الاقتصادي، والتعاون في ملف الهجرة غير الشرعية، واستئناف حركة الطيران بما يعزز العلاقات الاقتصادية والتواصل المباشر.

لقاء المنفي مع أعضاء لجنة المصالحة الوطنية (المجلس الرئاسي الليبي)

كما بحث المنفي مع المبعوث الألماني أهمية التوافق لإجراء الانتخابات وفق أسس يتفق عليها الجميع وضرورة الوصول بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار التام والبناء.

ونقل عن بوك، اهتمام بلاده بضرورة إحلال السلام والاستقرار في ليبيا وتحقيق مخرجات مسارات برلين، ودعم كل الجهود المحلية والإقليمية والدولية في الوصول لدولة مستقرة، عبر انتخابات نزيهة وشفافة، يشارك فيها الجميع دون إقصاء.

ورأى المنفي، عقب لقائه مع سفير فرنسا مصطفى مهراج، أن الشعب الليبي قادر على المشاركة والمساهمة وتقرير المصير في الوصول لدولة مستقرة، عبر الاستطلاعات والاستفتاءات والانتخابات العامة.

كما بحث المنفي مع أعضاء باللجنة التحضرية لمؤتمر «المصالحة الوطنية»، نتائج اجتماعات الأعضاء المعلقين لمشاركتهم، تمهيداً لاستئناف أعمالها.

فى شان آخر، نفت بلدية الكفرة، ما تردد عن وفاة أسرة كانت تائهة في الصحراء نتيجة قصف جوي، وقالت في بيان، إن السيارة التي كانت تقلها انقلبت واشتعلت النيران بها، وهو ما أكده جهاز الإسعاف والطوارئ في الكفرة الذي أعلن وفاة العائلة المفقودة في الصحراء بعد 5 أيام من البحث.