«هدنة غزة»: تحركات مكثفة للوسطاء لحلحلة جمود المفاوضات

بيرنز إلى مصر سعياً لتعزيز الجهود بشأن «صفقة الأسرى»

أطفال يسيرون بكيس كبير يحتوي على البلاستيك المجمع بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
أطفال يسيرون بكيس كبير يحتوي على البلاستيك المجمع بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: تحركات مكثفة للوسطاء لحلحلة جمود المفاوضات

أطفال يسيرون بكيس كبير يحتوي على البلاستيك المجمع بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)
أطفال يسيرون بكيس كبير يحتوي على البلاستيك المجمع بالقرب من أنقاض مبنى مدمر في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

كثّف وسطاء التهدئة في قطاع غزة تحركاتهم من أجل تجاوز «حالة الجمود» التي تعتري المفاوضات الجارية حالياً في القاهرة، نتيجة اتساع الفجوة بين مطالب إسرائيل وحركة «حماس»، ومن المنتظر أن يبدأ مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، هذا الأسبوع، زيارة إلى العاصمة المصرية؛ في محاولة لدفع الجولة الراهنة من المفاوضات قدماً، وذلك ضمن مساع يصفها مراقبون بأنها «تُسابق الزمن» لإقرار اتفاق لوقف القتال قبيل عيد الفطر، بعد فشل الجهود الرامية للتوصل إلى هدنة خلال شهر رمضان.

ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مصدرين مطّلعين، الجمعة، القول إن وليام بيرنز سيسافر إلى العاصمة المصرية القاهرة، مطلع الأسبوع؛ لعقد مباحثات مع مدير الاستخبارات الإسرائيلية «الموساد» ومسؤولين قطريين ومصريين كبار؛ في مسعى للتوصل لصفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجَزين لدى حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة.

تأتي هذه المباحثات بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ووفقاً لـ«أكسيوس»، فإن مسؤولاً أميركياً أفاد بأن موقف بايدن لا يزال يتمسك بضرورة التوصل لوقف لإطلاق النار على الفور.

أطفال ينقلون دلواً مملوءاً بالمياه في رفح بجنوب قطاع غزة 5 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

في السياق نفسه، نقلت وكالة «بلومبرغ»، عن مسؤولين إسرائيليين، أن مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، «تعثرت»، مع وجود «فجوات كبيرة» بين الجانبين، وهي التصريحات التي أكدتها «حماس»، وكشفت، من جانبها، أنه لا تقدم يُذكَر في التفاوض.

وكانت مفاوضات التهدئة قد استؤنفت بالقاهرة، مطلع الأسبوع الماضي، بمشاركة وفد أمني إسرائيلي، بينما لم يشارك وفد من «حماس» في المفاوضات.

وقال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، يوم الأربعاء، إن الحركة متمسكة بمطالبها، وعلى رأسها الوقف الدائم لإطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى مناطقهم، وإدخال المساعدات إلى القطاع.

وانتقد هنية، في كلمة بمناسبة «يوم القدس العالمي»، موقف إسرائيل، خلال مفاوضات التوصل لوقف إطلاق النار، قائلاً إنها «تُراوغ وتُعاند ولا تستجيب لمطالبنا العادلة من أجل وقف الحرب والعدوان».

«مجرد إدارة علاقات عامة»

في غضون ذلك، أكد القيادي في حركة «حماس»، محمود مرداوي، أن نتنياهو لم يتخذ بعدُ أي قرار بعقد صفقة مع الحركة بشأن وقف القتال وإطلاق سراح الأسرى والمحتجَزين، ما يعني عدم حدوث أي تقدم في سير المفاوضات حتى اللحظة.

وقال مرداوي، في تصريحات نقلتها «وكالة أنباء العالم العربي»، أن كل ما يجري في المشهد التفاوضي «مجرد إدارة علاقات عامة»، متهماً رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ«التضليل عبر بث معلومات غير صحيحة لوسائل الإعلام، لإظهار أنه مهتم ويعطي ملف الأسرى الإسرائيليين أولوية ليصدِّر هذه الصورة للجمهور الإسرائيلي والمجتمع الدولي بأنه يريد عقد صفقة».

في المقابل تُحمّل إسرائيل حركة «حماس» المسؤولية عن تعثر مفاوضات التهدئة، إذ سبق أن اتهم بيان لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الحركة الفلسطينية بطرح مطالب وصفها بـ«الوهمية» في المفاوضات غير المباشرة بشأن هدنة في غزة. وشدد البيان على أن «إسرائيل لن ترضخ لمطالب (حماس) الوهمية، وستواصل العمل من أجل تحقيق أهداف الحرب كاملة».

من جانبه، وصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، والسياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، زيارة بيرنز إلى القاهرة بأنها «محاولة أميركية جديدة من أجل تحقيق إنجاز سياسي»، مشيراً إلى أن الزيارة تعكس وجود رغبة من جانب إدارة الرئيس بايدن لإقرار «هدنة» تسبق إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، خصوصاً في ظل حديث المرشح المنافس دونالد ترمب عن قدرته على «وقف الحرب».

وأضاف الرقب، لـ«الشرق الأوسط»، أن مساعي الوسطاء تزداد وتيرتها بشكل لافت لإحداث اختراق قبيل عيد الفطر، وهو ما يجعل جهود الوساطة «تخوض سباق زمن»، في ظل ظروف وصفها بـ«الصعبة وبالغة التعقيد» لتفتيت المواقف المتصلبة وتباعد الرؤى المطروحة من جانب الحكومة الإسرائيلية وحركة «حماس».

ورأى الأكاديمي والسياسي الفلسطيني أن عملية «اغتيال» ناشطي الإغاثة في منظمة «المطبخ المركزي العالمي» تُلقي بظلالها على المواقف الإسرائيلي، في ظل ما تسببت فيه العملية من حرج للإدارة الأميركية، وهو ما يمكن أن يسهم في إعادة تقديم رؤية جديدة للتعاطي مع جهود الوساطة، والسماح بدخول كميات مساعدات أكبر، وفتح المعابر الإسرائيلية المغلقة.

وأعلنت إسرائيل، الجمعة، أنها ستفتح مزيداً من طرق المساعدات إلى القطاع المحاصَر، وسمحت حكومة الحرب الإسرائيلية بإمدادات مساعدات «مؤقتة»، عبر ميناء أشدود، ومعبر إيريز البري، وزيادة المساعدات من الأردن عبر معبر كرم أبو سالم، وفق ما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.

بدوره، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أن استمرار إسرائيل في عملية التفاوض دون وجود ضغوط حقيقية عليها، يمثل «إهداراً للوقت»، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية «لا تضغط على تل أبيب بالقدر الكافي»، لإجبار نتنياهو على التجاوب مع مساعي التهدئة.

ولفت هريدي، في تصريحاته، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن استمرار الحرب يمثل «مصلحة خاصة لنتنياهو»، ومن غير المتصور أن يتجاوب مع جهود إنهائها دون وجود «ضغوط حقيقية ومؤلمة للجيش الإسرائيلي» من جانب الولايات المتحدة، وتحديداً بوقف إمدادهم بالأسلحة والذخائر.

يُذكر أن جهوداً مكثفة بذلتها قطر ومصر، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، على مدى الأسابيع الماضية، من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن التهدئة في قطاع غزة الذي يشهد حرباً متواصلة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف القتال سوى لأسبوع واحد في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد التوصل إلى هدنة مؤقتة بوساطة من الدول الثلاث، جرى خلالها تبادل عشرات الأسرى والمحتجَزين بين إسرائيل و«حماس».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق 5 مقذوفات من غزة

شؤون إقليمية جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق 5 مقذوفات من غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي أن نحو «5 مقذوفات» أُطلقت من شمال قطاع غزة نحو إسرائيل اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان في غزة يتفقد الأضرار (رويترز)

السعودية تدين حرق إسرائيل مستشفى في غزة

دانت السعودية حرق قوات الاحتلال الإسرائيلية مستشفى في قطاع غزة، وإجبار المرضى والكوادر الطبية على إخلائه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطينيون يحاولون إسعاف مواطن أصيب بغارة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:37

28 قتيلاً فلسطينياً في غزة... وجباليا مدينة أشباح

قُتل 28 فلسطينياً على الأقل، بينهم أطفال ونساء، في غارات عدة شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي ليل السبت - الأحد في قطاع غزة، استهدفت إحداها منزل عائلة واحدة،…

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل 10 فلسطينيين بضربة إسرائيلية على قطاع غزة

قال مسعفون إن 10 فلسطينيين على الأقل قُتلوا، اليوم (الأربعاء)، في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا بشمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024
TT

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في عمليات عسكرية خلال عام 2024.

وأسفرت حملات الجيش الميدانية ضد المسلحين، حسب الوزارة نفسها، أيضاً، عن تدمير 10 مخابئ لمتطرفين، ومصادرة 97 قطعة سلاح ناري، وتفكيك 48 قنبلة «من مختلف الأصناف»، كما تمت مصادرة «كميات من الذخيرة من مختلف الأعيرة». ويفهم من كلمة شل حركة إرهابيين، قتل واعتقال العديد منهم، كما أن بعضهم سلَموا أنفسهم.

وتحدثت وزارة الدفاع عن «نتائج نوعية سجلها الجيش، تعكس مدى الاحترافية العالية واليقظة، والاستعداد الدائمين لقواتنا المسلحة في كامل التراب الوطني بغرض التصدي لكل محاولات المساس بأمن واستقرار بلادنا، والذود عن سيادتها».

وتقول السلطات، بشكل رسمي، إنها قضت على كل الجماعات الإرهابية التي تشكلت في بداية تسعينات القرن الماضي، وأن الأنشطة المسلحة التي تقع، من حين لآخر، «لا تعدو أن تكون من صنع بقايا إرهاب».

وشملت حصيلة أعمال الجيش، خلال العام الماضي، توقيف 2621 تاجر مخدرات، وإحباط محاولة إدخال 36.8 مليون طن من المخدرات عبر الحدود، ومصادرة 631 كغ من مادة الكوكايين و25 مليون قرص مخدر.

وأضافت وزارة الدفاع أن «عمليات الجيش المنظمة والمنسقة تضمنت أيضاً توقيف 13722 شخصاً، وحجز 681 سلاحاً نارياً، و1624 مركبة، كما تم ضبط 5090 مطرقة ضغط، و8204 مولدات كهربائية، و220 جهاز كشف عن المعادن، ومليوني لتر من الوقود، و193 طناً من مادة التبغ، بالإضافة إلى 4322 طناً من المواد الغذائية الموجهة للتهريب والمضاربة، وهذا خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني».

وتابعت أن الجيش اعتقل، العام الماضي، قرابة 30 ألف مهاجر غير شرعي، «من جنسيات مختلفة عبر التراب الوطني».