مبادرة برلمانية لدفع الاستثمار في تونس

البرلمان التونسي في إحدى جلساته (موقع البرلمان)
البرلمان التونسي في إحدى جلساته (موقع البرلمان)
TT

مبادرة برلمانية لدفع الاستثمار في تونس

البرلمان التونسي في إحدى جلساته (موقع البرلمان)
البرلمان التونسي في إحدى جلساته (موقع البرلمان)

كشف ياسين مامي، رئيس لجنة السياحة بالبرلمان التونسي، عن تقديم 17 نائباً، مبادرة تشريعية تتعلّق بمشروع قانون يهدف إلى تنقيح قانون الاستثمار في تونس؛ بهدف دفع الاستثمار على المستوى الوطني وفي الخارج، وتحفيز الانتعاشة الاقتصادية المرجوّة.

وقال، في تصريح إعلامي، إن هذه المبادرة أُعدّت في إطار مقاربة تشاركية، «استندت إلى آراء الخبراء والمختصّين، إلى جانب آراء المستثمرين، واعتمدت على مبدأ أنّ الاستثمار يمثل أحد المحرّكات الأساسيّة لدفع النمو الاقتصادي في تونس، إلى جانب التصدير والنشاط السياحي».

وأكد مامي، أنّه من الضروري تحسين مناخ الأعمال في تونس ليكون أكثر جاذبية للمستثمرين، وذلك من خلال مبادرات تشريعية مماثلة في ظل تواصل المصاعب الاقتصادية... خصوصاً أن معدل النمو الاقتصادي لم يتجاوز مستوى 0.4 في المائة لكامل سنة 2023، وفق تقديرات أوّليّة للمعهد التونسي للإحصاء (حكومي).

وبإمكان كل 10 نواب أن يتقدموا بمبادرة تشريعية، وفي حال إقرارها فإن مجلس البرلمان يمررها إلى اللجان البرلمانية التي تناقشها وتصادق عليها، ثم يعين البرلمان جلسة لمناقشتها والتصويت عليها بصفة نهائية.

من أحياء المدينة القديمة خلال شهر رمضان في تونس العاصمة (إ.ب.أ)

وفي هذا الشأن، قال عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي والمالي التونسي، إن تعطيل إنجاز المشروعات سواء الراجعة بالنظر للحكومة أو تلك التابعة للقطاع الخاص، باتت مسألة محسوسة؛ نتيجة عدد كبير من الأسباب من أهمها الإجراءات الإدارية المعقدة.

وبشأن تفاصيل هذا المشروع القانوني، ذكرت مصادر برلمانية، أنه «يهدف إلى تبسيط ورقمنة الإجراءات الإدارية، من أجل الحد من التعقيدات الإدارية بما من شأنه أن يحد من بيروقراطية الإدارة ويقلّص من فترات انتظار المستثمرين لإطلاق مشروعاتهم».

كما ينص مشروع القانون، على أن تقوم «المصالح الإدارية بالرد على كلّ طلب يتعلّق بالخدمات الإدارية في أجل لا يتجاوز 3 أشهر، وفي حالة عدم الرد فإنّ الصمت يعد قبولاً ضمنياً لمطلب الاستثمار».

كما تضمن مشروع القانون، إعادة النظر في الحوافز والامتيازات الممنوحة للباعثين الشبان والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، من أجل تشجيع المبادرة الخاصّة ومواجهة هجرة الكفاءات التونسيّة الشابّة، اعتباراً إلى أن المؤسسات الصغرى والمتوسطة تشكّل العمود الفقري للاقتصاد التونسي، وهي تسيطر على نحو90 في المائة من النسيج الاقتصادي، وتشغّل في الغالب أقل من 10 عمال.

وكشفت هذه المبادرة التشريعية عن توجه نواب البرلمان المساندين لهذه المبادرة نحو تكريس مبدأ «الحريّة المطلقة للاستثمار في تونس»، وذلك من خلال توسيع مجالات الاستثمار المباشر، والحد من عدد الأنشطة التي تفرض الحصول على تراخيص قبل مزاولتها.

يذكر أن تقارير حكومية قد أشارت إلى وجود نحو 500 مشروع حكومي معطل في تونس، وهذه المشروعات إما أنها لم تُنَجز من الأساس، أو أنها بقيت في مرحلة الدراسات الفنية دون تجاوزها، كما أن هناك مشروعات انطلقت بصفة فعلية، لكنها توقفت لأسباب عدة، أهمها عدم وفاء الحكومات المتتالية بالتزاماتها الخاصة ودفع مستحقات منفذي تلك المشروعات.


مقالات ذات صلة

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

شمال افريقيا رئيسة «الحزب الدستوري الحر» عبير موسي (أرشيفية - الإعلام التونسي)

تونس: توجيه تهمة «تبديل هيئة الدولة» إلى رئيسة «الحزب الدستوري الحر»

هيئة الدفاع عن موسي: «التحقيقات في مرحلة أولى كانت قد انتهت إلى عدم وجود جريمة... وقرار القضاة كان مفاجئاً».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مظاهرة نظمها حقوقيون تونسيون ضد التضييق على الحريات (أرشيفية - إ.ب.أ)

20 منظمة حقوقية في تونس تنتقد توقيفات لنشطاء ونقابيين

شملت توقيفات جديدة بتونس نشطاء وصحافيين وعمالاً ونقابيين شاركوا في احتجاجات ضد طرد 28 عاملاً، بينهم نساء، من مصنع للأحذية والجلود لمستثمر أجنبي بمدينة السبيخة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي (أ.ف.ب)

تونس: إحالة ملف الرئيس الأسبق المرزوقي إلى الإرهاب بـ20 تهمة

إحالة ملف الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي إلى القضاء المكلف بالإرهاب، في 20 تهمة جديدة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا المرشح لرئاسية تونس العياشي زمال (الشرق الأوسط)

أحكام إضافية بسجن مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس

مجموع الأحكام الصادرة في حق الزمال «ارتفعت إلى 35 عاماً» وهو يلاحق في 37 قضية منفصلة في كل المحافظات لأسباب مماثلة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
TT

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)
الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا، تخص الجزائر والمغرب و«بوليساريو»، والاحتلال الفرنسي لشمال أفريقيا خلال القرنين الـ19 والـ20.

وأكدت وكالة الأنباء الجزائرية، أمس، في مقال شديد اللهجة ضد صنصال وقطاع من الطيف الفرنسي متعاطف معه، أنه موقوف لدى مصالح الأمن، وذلك بعد أيام من اختفائه، حيث وصل من باريس في 16 من الشهر الجاري، وكان يفترض أن يتوجه من مطار العاصمة الجزائرية إلى بيته في بومرداس (50 كم شرقاً)، عندما تعرض للاعتقال.

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وفيما لم تقدم الوكالة الرسمية أي تفاصيل عن مصير مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، رجح محامون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن يتم عرضه على النيابة قبل نهاية الأسبوع الجاري (عمل القضاة يبدأ الأحد من كل أسبوع)، بناء على قرائن تضعه تحت طائلة قانون العقوبات.

وبحسب آراء متوافقة لمختصين في القانون، قد يتعرض صنصال (75 سنة) لتهم تشملها مادتان في قانون العقوبات: الأولى رقم «79» التي تقول إنه «يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات كل من ارتكب فعلاً من شأنه الإضرار بالمصلحة الوطنية، أو أمن الدولة، أو تهديد سيادتها». والمادة «87 مكرر»، التي تفيد بأنه «يعتبر عملاً إرهابياً أو تخريبياً كل فعل يستهدف أمن الدولة، والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».

وإن كانت الوقائع التي يمكن أن تُبنى عليها هذه التهم غير معروفة لحد الساعة، فإن غالبية الصحافيين والمثقفين متأكدون أن تصريحات صنصال التي أطلقها في الإعلام الفرنسي، هي التي ستجره إلى المحاكم الجزائرية. ففي نظر بوعلام صنصال فقد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، مشيراً إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

وذهب صنصال إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». كما قال إن فرنسا «لم تمارس استعماراً استيطانياً في المغرب؛ لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، ويقصد بذلك ضمناً الجزائر، وهو موقف من شأنه إثارة سخط كبير على المستويين الشعبي والرسمي.

الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

وهاجمت وكالة الأنباء الجزائرية بشدة الكاتب، فيما بدا أنه رد فعل أعلى سلطات البلاد من القضية؛ إذ شددت على أن اليمين الفرنسي المتطرف «يقدّس صنصال»، وأن اعتقاله «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه المعادية للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، وجاك لانغ وزير الثقافة الاشتراكي سابقاً، وكزافييه دريانكور سفير فرنسا بالجزائر سابقاً الذي نشر كتاب «الجزائر اللغز» (2024)، والذي هاجم فيه السلطات الجزائرية. كما ذكرت الوكالة الكاتب الفرنسي - المغربي الطاهر بن جلون.

إيريك زمور رئيس حزب «الاسترداد» اليميني (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

كما تناول مقال الوكالة أيضاً الروائي الفرنسي - الجزائري كمال داود، المتابع قضائياً من طرف امرأة ذكرت أنه «سرق قصتها» في روايته «حور العين» التي نال بها قبل أيام جائزة «غونكور» الأدبية. وقالت الوكالة بشأن داود وصنصال: «لقد اختارت فرنسا في مجال النشر، بعناية، فرسانها الجزائريين في مجال السرقات الأدبية والانحرافات الفكرية».

يشار إلى أن الإعلام الفرنسي نقل عن الرئيس إيمانويل ماكرون «قلقه على مصير صنصال»، وأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه. ورأى مراقبون في ذلك محاولة من باريس للضغط على الجزائر في سياق قطيعة تامة تمر بها العلاقات الثنائية، منذ أن سحبت الجزائر سفيرها من دولة الاستعمار السابق، في يوليو (تموز) الماضي، احتجاجاً على قرارها دعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. كما طالبت دار النشر الفرنسية «غاليمار» بـ«الإفراج» عن الكاتب الفرنسي - الجزائري صنصال بعد «اعتقاله» على يد «أجهزة الأمن الجزائرية»، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء «اختفائه». وكتبت دار النشر في بيان: «تُعرب دار غاليمار (...) عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب، وتدعو إلى الإفراج عنه فوراً».

الرئيس إيمانويل ماكرون أبدى «قلقه على مصير صنصال» وأكد أنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه (الرئاسة الجزائرية)

ويعاب على صنصال الذي كان مسؤولاً بوزارة الصناعة الجزائرية لمدة طويلة، «إدراج الجزائر شعباً وتاريخاً، في أعماله الأدبية، كمادة ضمن سردية ترضي فرنسا الاستعمارية». ومن هذه الأعمال «قرية الألماني» (2008) التي يربط فيها ثورة الجزائر بالنازية، و«قسم البرابرة» (1999) التي تستحضر الإرهاب والتوترات الاجتماعية في الجزائر. و«2084: نهاية العالم» (2015) التي تتناول تقاطع الأنظمة المستبدة مع الدين والسياسة.