حقوقيون تونسيون يرفضون أحكام الإعدام في ملف اغتيال بلعيد

جبور: من السابق لأوانه أن تتحدث حركة «النهضة» عن براءتها

 شكري بلعيد (أ.ف.ب)
شكري بلعيد (أ.ف.ب)
TT

حقوقيون تونسيون يرفضون أحكام الإعدام في ملف اغتيال بلعيد

 شكري بلعيد (أ.ف.ب)
شكري بلعيد (أ.ف.ب)

عبّر «الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام» (منظمة حقوقية مستقلة) عن رفضه للأحكام القضائية الابتدائية في قضية اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، التي قضت بإعدام أربعة متهمين، مجدِّداً معارضته لقانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال في الصيغة التي تمت المصادقة عليها سنة 2015، وعلى وجه الخصوص تنصيصه على عقوبة الإعدام التي يسعى إلى إلغائها من القوانين التونسية.

وقال شكري لطيف، رئيس «الائتلاف» على موقعه الرسمي، إن محاولة التوظيف السياسي لقضية اغتيال شكري بلعيد قد يؤدي إلى التطبيع مع عقوبة الإعدام، والسعي لتفعيلها بعد سنوات طويلة من وقف تنفيذها. ودعا في المقابل إلى الاهتمام بالعناصر التي نفذت جريمة الاغتيال، موضحا أن الأحكام القضائية الصادرة، فجر يوم الأربعاء، لم تحاكم المسؤولين عن التحريض والتخطيط والأمر بالتنفيذ، والتغطية على ارتكاب الجريمة على حد تعبيره. كما أوضح لطيف أن تلك الأحكام «تحاشت الكشف، أو حتى الإشارة للارتباطات والأطراف الخارجية الإقليمية والدولية التي رعت وحمت ووجّهت منفذي عملية الاغتيال» ضد بلعيد.

أنصار بلعيد تجمعوا قرب محكمة تونس العاصمة رافعين شعارات تطالب بالعدالة (أ.ف.ب)

وبخصوص ارتباط عقوبة الإعدام هذه المرة بملف إرهابي، قال رئيس الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام، الذي تأسس منذ سنة 2007، إن اجتثاث الإرهاب التكفيري، والحيلولة دون إعادة إنتاج جرائمه، يتطلبان معالجة الأسباب والدوافع السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية والنفسية، التي أدّتْ إلى ولادته وتوسّعه في تونس، مبيناً أن المحاربة الفعلية للإرهاب «تكمن في اجتثاثه من جذوره، وهي عملية متكاملة مشروطة بالتفكيك الفعلي للمنظومة الفكرية والسياسية لأخطبوط العنف السياسي التكفيري، الذي نشأ وعاث فساداً وإجراماً في تونس عبر الاغتيالات، وخارجها عبر التسفير لجحافل المقاتلين إلى سوريا وليبيا والعراق»، على حد قوله.

وجهت أطراف يسارية انتقادات كثيرة للأحكام المتعلقة بقضية بلعيد لعدم إشارتها لمسؤولية أي طرف سياسي في هذه الجريمة (أ.ف.ب)

في سياق متصل، وجهت أطراف يسارية انتقادات كثيرة للأحكام القضائية المتعلقة بقضية اغتيال بلعيد، وعبرت عن غضبها بسبب عدم إشارتها لمسؤولية أي طرف سياسي في هذه الجريمة. وانتقد العشرات من أنصار بلعيد، الذين تجمعوا قرب محكمة تونس العاصمة هذه الأحكام، رافعين شعارات تطالب بالعدالة، وهتفوا بعبارات، من بينها «شكري ديما حي»، و«أوفياء لدماء الشهداء». كما عبرت قيادات يسارية عن غضبها الشديد من هذه الأحكام، وعدّت على لسان زياد الأخضر، رئيس حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» (الوطد)، أن «معركة كشف الحقيقة في قضية اغتيال شكري بلعيد ما زالت متواصلة، خاصة في الشق المتعلق بمسار ملف الجهاز السري لـ(حركة النهضة)، الذي له علاقة وثيقة بملف الاغتيال».

وقال محمد جمور، عضو هيئة الدفاع عن بلعيد، إن الأحكام كانت منتظرة، لكن ما يلفت الانتباه هو صدور أحكام بالسجن مع النفاذ العاجل في حق بعض المتهمين الذين كانوا في حال سراح. وأضاف جمور في تصريح إذاعي أن تلك الأحكام تحمل تساؤلات حول ما إذا كان هؤلاء سيمتثلون للحكم وقضاء العقوبة، وتساءل عن الاحتياطات التي اتخذتها الأجهزة القضائية والأمنية التونسية لتنفيذ الحكم في حقهم.

كما علق جمور على بيان حركة «النهضة» بعد صدور الأحكام القضائية، التي عدَّت فيه الأحكام القضائية «دليل براءة للحركة ولرئيسها راشد الغنوشي»، وقال جمور في تصريح لـ«وكالة تونس أفريقيا» للأنباء إن الأحكام «تتعلق فقط بمجموعة تنفيذ عمليّة الاغتيال، وليس بجميع الأطراف الضالعة في العمليّة، ممن خطط وأعدّ أو ممن تستّر على الجريمة لاحقاً، وعليه فمن السابق لأوانه أن تتحدث حركة (النهضة) عن براءتها».

جبور أكد أنه من السابق لأوانه أن تتحدث حركة «النهضة» عن براءتها وبراءه رئيسها راشد الغنوشي (د.ب.أ)

في السياق ذاته، كشف جمور عن عدم اتخاذ قرار باستئناف تلك الأحكام، موضحاً أن هيئة الدفاع ستجتمع لتدارس الحكم بصفة معمقة وتقييمه من جميع جوانبه، بما فيها الجانب المدني وما يتعلق بحقوق هيئة الدفاع، قبل التعليق على الحكم من الناحية القانونية والسياسية. كما أوضح أن قرار الاستئناف يتوقف على مدى استجابة الحكم القضائي لطلبات القائمين بالحق الشخصي لحزب الوطنيين الديمقراطيين (الوطد)، والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، والهيئة الوطنية للمحامين، وكذا جمعية المحامين الشبان، والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، والرابطة التونسية لحقوق الإنسان، باعتبار أن هذه الأطراف هي التي تقدمت بشكاوى إلى القضاء التونسي، وهي التي ستتولى دراسة الحكم وتقرر ما تراه مفيداً وصالحاً على حد تعبيره.

يذكر أن الدائرة الجنائية الخامسة، المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، قضت فجر الأربعاء، بالإعدام في حق 4 متهمين باغتيال القيادي اليساري بلعيد في السادس من فبراير (شباط) 2013، والسجن المؤبد في حق متهمين اثنين آخرين، علاوة على عقوبات بالسجن في حق عدد من المتهمين، تراوحت بين عامين و120 عاماً سجناً.


مقالات ذات صلة

إيران تحكم بإعدام 3 متهمين في قضية اغتيال فخري زاده

شؤون إقليمية سيارة العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده بعد استهدافها قرب طهران (أ.ف.ب)

إيران تحكم بإعدام 3 متهمين في قضية اغتيال فخري زاده

قضت محكمة إيرانية بإعدام ثلاثة أشخاص، لتورطهم في حادث اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2020.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية حكم الإعدام نُفذ شنقاً بآرون قهرماني في السجن بمدينة كرمانشاه الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

بعد إدانته بتهمة القتل... طهران تعدم إيرانياً يهودياً

أعدمت السلطات الإيرانية، اليوم الاثنين، إيرانياً يهودياً بعد إدانته بتهمة القتل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية مبنى السفارة الإيرانية في برلين (إ.ب.أ)

طهران تحتج «بشدة» على قرار برلين إغلاق القنصليات الإيرانية

استدعت إيران القائم بأعمال السفارة الألمانية في طهران؛ لإبلاغه باحتجاجها على قرار برلين إغلاق ثلاث قنصليات بألمانيا، واصفة إياه بأنه «قرار غير عقلاني».

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا احتجاجات ضد إعدام المواطن الألماني الإيراني المزدوج جامشيد شارمهد أمام قنصلية طهران في فرانكفورت (د.ب.أ)

برلين تستدعي سفيرها من طهران بعد إعدام مواطن ألماني من أصل إيراني

قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، اليوم (الأربعاء)، إن إعدام المواطن الألماني من أصل إيراني، جمشيد شارمهد، يقوض العلاقات بين البلدين «بشدة».

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا متظاهر في برلين يحمل صورة جمشيد شرمهد (أ.ف.ب)

برلين تستدعي رئيس البعثة الدبلوماسية الإيرانية احتجاجاً على إعدام شرمهد

أعلنت وزارة الخارجية الألمانية، اليوم، أنها استدعت رئيس البعثة الدبلوماسية الإيرانية في برلين للاحتجاج على إعدام المعارض الإيراني - الألماني جمشيد شرمهد.

«الشرق الأوسط» (برلين)

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
TT

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قام بزيارة قصيرة إلى المغرب في وقت سابق الخميس.

وقالت الوكالة إن ولي العهد الأمير مولاي الحسن يرافقه رئيس الحكومة عزيز أخنوش استقبلا الرئيس الصيني في مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء مشيرة إلى أن الزيارة تعكس روابط الصداقة والتعاون والتضامن القوية بين الشعبين المغربي والصيني. وقام شي بالزيارة بعد حضوره قمة مجموعة العشرين في البرازيل.

كثفت الصين استثماراتها في قطاع البنية التحتية والسكك الحديدية في المغرب في السنوات الأخيرة. ويجذب المغرب مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الصينيين في ظل موقعه الجغرافي بالقرب من أوروبا، واتفاقياته للتجارة الحرة مع أسواق رئيسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وصناعة السيارات القائمة في المملكة.

وفي يونيو (حزيران)، اختارت شركة "جوشن هاي تك" الصينية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية المغرب مقرا لأول مصنع ضخم في إفريقيا بتكلفة إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار.