سجن رئيس منظمة تحدث عن «فساد» يثير جدلاً حاداً في موريتانيا

تورطت فيه شركة خاصة في أثناء تنفيذ مشاريع تابعة للدولة

الناشط السياسي ورئيس منظمة الشفافية الشاملة محمد ولد غده (الشرق الأوسط)
الناشط السياسي ورئيس منظمة الشفافية الشاملة محمد ولد غده (الشرق الأوسط)
TT

سجن رئيس منظمة تحدث عن «فساد» يثير جدلاً حاداً في موريتانيا

الناشط السياسي ورئيس منظمة الشفافية الشاملة محمد ولد غده (الشرق الأوسط)
الناشط السياسي ورئيس منظمة الشفافية الشاملة محمد ولد غده (الشرق الأوسط)

أحال القضاء الموريتاني، مساء أمس الثلاثاء، الناشط السياسي ورئيس منظمة الشفافية الشاملة، محمد ولد غده، إلى السجن بعد أن نشرت منظمته تقارير حول ما قالت إنه «فساد»، تورطت فيه شركة خاصة في أثناء تنفيذ مشاريع تابعة للدولة، وهو ما نفته الشركة، وتقدمت بشكوى إلى القضاء الذي أحاله إلى السجن.

وبالفعل وجهت النيابة العامة في محكمة نواكشوط الغربية إلى محمد ولد غده تهم «الافتراء والقذف، ونشر معلومات مزيفة عن الغير عبر الإنترنت قصد الضرر به»، وبعد أن مثل المتهم أمام قاضي التحقيق قرر الأخير إحالته إلى السجن في انتظار محاكمته.

وأثارت إحالته إلى السجن جدلاً واسعاً في موريتانيا، خاصة أن الشركة الخاصة التي كانت السبب في ذلك مملوكة لرجل الأعمال زين العابدين ولد الشيخ أحمد، وهو رئيس الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، وأحد المقربين جداً من السلطات الحاكمة. وزاد من تعقيد القضية أن ولد غده عضو سابق في مجلس الشيوخ الموريتاني، ومعارض شرس لنظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، أسس العام الماضي منظمة الشفافية الشاملة، وأعلن أنها ستكون مختصة بـ«محاربة الفساد» عبر نشر تقارير دورية.

ونشرت المنظمة تقارير عديدة خلال الأشهر الماضية، اتهمت فيها عدة شركات مملوكة لرجل الأعمال زين العابدين ولد الشيخ أحمد بأنها متورطة في «جرائم فساد»، وقالت إن هذه الشركات «بددت المال العام عبر تنفيذ مشاريع عمومية بطريقة غير مكتملة، وغير مطابقة للمواصفات الفنية».

من جانبه، قال ولد غده بعد صدور قرار إحالته إلى السجن، إنه لم يتعاقد مع أي محامين للدفاع عنه، مشيراً إلى أنه قدم إلى القضاء الموريتاني ملفاً متكاملاً يتضمن جميع الأدلة، التي تثبت المعلومات التي نشرت حول الشركة.

وهذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها الناشط السياسي محمد ولد غده السجن، حيث سبق أن سجن عام 2017 بسبب معارضته الشرسة لنظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، بعد أن لعب دوراً محورياً في تصويت مجلس الشيوخ (ألغي لاحقاً) ضد تعديلات دستورية، اقترحها ولد عبد العزيز.

وتفاعل الموريتانيون على نطاق واسع مع خبر إحالة ولد غده إلى السجن، فيما استنكرته منظمات حقوقية وسياسية، فأصدر فريق «أمل موريتانيا» البرلماني بياناً استنكر فيه ما سماه «محاولة إسكات كل صوت يُحاول فضح الفساد»، داعياً إلى الإفراج الفوري عنه.

من جانبه، دعا حزب «التجمع الوطني للإصلاح والتنمية» (تواصل)، وهو الحزب المعارض الأكثر تمثيلاً في البرلمان، إلى الإفراج الفوري عن ولد غده، مندداً بما قال إنه «توظيف أدوات الدولة في التنكيل بالمعارضين».

الموقف نفسه عبر عنه المرشح للانتخابات الرئاسية وعضو البرلمان، بيرام الداه اعبيد، الذي وصف سجن ولد غده بأنه «عينة من الاستفزاز والابتزاز والضغط النفسي على الناس لتخويفهم».

ورغم أنه لم يصدر أي تعليق رسمي حول الموضوع، فإن رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد سالم ولد بوحبيني، وصف إحالة ولد غده إلى السجن بأنه «عقوبة سابقة لأوانها، ومخالفة للقانون».

وقال لد بوحبيني الذي يرأس هيئة استشارية دستورية، إن حالة ولد غده لا تتوفر فيها شروط الحبس الاحتياطي، وبالتالي فإن إحالته إلى السجن مخالفة للقانون، ومن شأنها أن «تخالف مبدأ قرينة البراءة، ويضعف من مركزه مقابل الطرف الآخر».

وأضاف ولد بوحبيني، وهو نقيب سابق للمحامين الموريتانيين، إن ما جرى «يدخل في إطار المسلكيات المخالفة للقانون، التي ما زالت راسخة، وتعيق التقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان».


مقالات ذات صلة

«حماس» و«فتح» في القاهرة... و«اقتراب» من اتفاق بشأن «إدارة غزة»

شمال افريقيا فلسطينيون يسيرون بين أنقاض منازل مدمّرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

«حماس» و«فتح» في القاهرة... و«اقتراب» من اتفاق بشأن «إدارة غزة»

محادثات جديدة تجمع حركتي «حماس» و«فتح» في القاهرة، بعد أخرى قبل نحو 3 أسابيع، تتناول ملف «إدارة قطاع غزة»، عشية زيارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء في تصريحاته خلال جولته في المنيا (مجلس الوزراء)

الحكومة المصرية لزيادة أسعار الوقود حتى نهاية 2025

أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي اعتزام الحكومة الاستمرار في زيادة أسعار الوقود حتى نهاية 2025، وذلك بعد يوم واحد من تطبيق زيادات سعرية جديدة على المحروقات.

أحمد عدلي (القاهرة )
العالم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يصافح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (رويترز)

الهند وكندا تتبادلان «طرد دبلوماسيين» في إطار خلاف متفاقم بينهما

تبادلت الهند وكندا طرد سفيري البلدين و5 دبلوماسيين كبار آخرين بعدما أعلنت نيودلهي أن مفوضها السامي في كندا اعتبر ضمن «أشخاص موضع اهتمام» في قضية قتل.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الخليج المهندس وليد الخريجي خلال استقباله دييغو مارتينيز بيليو في الرياض الأربعاء (واس)

نقاشات سعودية - إسبانية لتكثيف التنسيق في القضايا المشتركة

شهدت جولة المشاورات السياسية الثالثة التي جمعت السعودية وإسبانيا، في العاصمة الرياض، مناقشة تكثيف التنسيق الثنائي ومتعدد الأطراف في القضايا ذات الاهتمام المشترك

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم متظاهرون ضد حزب «البديل من أجل ألمانيا» في مدينة إيرفورت بولاية ثورينغيا الألمانية (رويترز)

صعود اليمين المتطرّف في العالم الغربي... مرحلة عابرة أم واقع «مقيم»؟

الخطر الأكبر في عالم السياسة الغربية هو أن هو أن الشباب لا يجذبهم الاعتدال، بل يُنصتون بتركيز إلى المتحدثين بصوت عالٍ و يزعمون امتلاك الحقيقة والحلول السحر.

أنطوان الحاج

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.