«مساعدات غزة»: لماذا تفجر آلية «الإنزال الجوي» الجدل؟

مصادر: القاهرة أكدت استمرارها «بغض النظر عن موافقة تل أبيب»

عمليات إنزال لمساعدات إغاثية مصرية فوق شمال غزة (المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)
عمليات إنزال لمساعدات إغاثية مصرية فوق شمال غزة (المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)
TT

«مساعدات غزة»: لماذا تفجر آلية «الإنزال الجوي» الجدل؟

عمليات إنزال لمساعدات إغاثية مصرية فوق شمال غزة (المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)
عمليات إنزال لمساعدات إغاثية مصرية فوق شمال غزة (المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)

تواصلت، السبت، عمليات «الإنزال الجوي» للمساعدات على قطاع غزة، خصوصاً في مناطق الشمال التي تعاني نقصاً حاداً في المساعدات الإغاثية، ويواجه سكان تلك المناطق نقصاً حاداً في الإمدادات الغذائية يصل إلى «المجاعة» وفق تقارير أممية. وانضمت الولايات المتحدة، للمرة الأولى إلى عمليات «الإنزال الجوي» للمساعدات على قطاع غزة، وسط حالة من الجدل بشأن جدوى «الإنزال الجوي» للمساعدات، في ظل عدم قدرة الولايات المتحدة «الضغط» على الحكومة الإسرائيلية للتجاوب مع دخول المساعدات براً، وهي السبيل «الأيسر والأقل تكلفة لإنفاذ المساعدات إلى القطاع»، وفق خبراء.

وقال مسؤولان أميركيان، إن القوات الجوية الأميركية نفذت، السبت، أول عملية إسقاط جوي للمساعدات على غزة بـ3 طائرات «سي - 130». وقال أحد المسؤولين إن الطائرات الثلاث أسقطت 35 ألف وجبة غذائية. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد صرح، الجمعة، بأن الولايات المتحدة ستبدأ إسقاط المساعدات جواً على غزة، وستبحث عن طرق أخرى لإدخال الشحنات، «بما في ذلك ممر بحري».

مسعفون يفرغون جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا بشمال قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

ونقلت وكالة «رويترز»، السبت، عن بعض المسؤولين الأميركيين أن «الإسقاط جواً وسيلة (غير فعالة) لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة، لأن كل عملية يُمكن أن تنقل ما تحمله شاحنة إلى 4 شاحنات مساعدات فقط»، في حين أشار رئيس المنظمة الدولية للاجئين، جيرمي كونينديك، إلى أنه «يمكن إدخال ما يزيد على 250 شاحنة أو أكثر عبر البر». وأضاف أن «عمليات الإنزال الجوي باهظة التكلفة وصغيرة الحجم».

وبدوره، قال مسؤول أميركي، لـ«رويترز»، إن عمليات الإنزال الجوي «سيكون لها تأثير محدود في التخفيف من معاناة السكان، فهي لا تحل المشكلة من جذورها»، مؤكداً أن فتح الحدود البرية الحل الأنجع.

ومن جانبه، أعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية، غريب عبد الحافظ، أن القوات الجوية المصرية واصلت أعمال الإسقاط الجوي لأطنان من المواد الغذائية والاحتياجات الإنسانية العاجلة شمال قطاع غزة. وأوضح في بيان عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، السبت، أن «القيادة العامة للقوات المسلحة أصدرت أوامرها بتجهيز طائرات نقل عسكرية محملة بأطنان من المواد الغذائية والاحتياجات الإنسانية العاجلة للتخفيف من المعاناة التي يعيشها سكان قطاع غزة، حيث نُفذت أعمال الإسقاط الجوي للمساعدات بمناطق متفرقة بشمال القطاع، بينما تواصل مصر جهودها لضمان إنفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة لتلبى الاحتياجات الأساسية الملحة لأبناء الشعب الفلسطيني».

وعلى مدى الأيام الماضية نفذت مصر والأردن وقطر والإمارات وفرنسا طلعات جوية لإسقاط عشرات الأطنان من المساعدات والمواد الإغاثية العاجلة للتخفيف من الأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها المواطنون الفلسطينيون في شمال غزة.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، بأن مصر أكدت أنها ستسقط المساعدات جواً لقطاع غزة «بغض النظر عن موافقة إسرائيل»، وفق ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، مساء الجمعة. وفي وقت سابق، قالت مصادر مطلعة لـ«القاهرة الإخبارية»، إنه سيجري استئناف الإسقاط المصري - الإماراتي - الأردني للمساعدات الإنسانية فوق قطاع غزة، لتلبية احتياجات سكان القطاع.

اندلع عمود دخان فوق خان يونس من رفح بجنوب قطاع غزة خلال قصف إسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

ويثير ازدياد اللجوء إلى عمليات «الإنزال الجوي» لتوصيل المساعدات الإغاثية إلى المناطق الأكثر معاناة في قطاع غزة تساؤلات بشأن الصعوبات التي تواجهها عمليات دخول المساعدات براً عبر معبري رفح و«كرم أبو سالم»، في ظل تصاعد الانتقادات للإجراءات الإسرائيلية التي تؤدي إلى تباطؤ أو منع دخول المساعدات.

وانتقد مسؤولون مصريون أكثر من مرة العقبات الإسرائيلية التي تحول دون دخول المساعدات الإنسانية بكميات كافية أو بوتيرة منتظمة، بينما كان فريق الدفاع الإسرائيلي، خلال الجلسة الثانية لمحكمة العدل الدولية للنظر في اتهام جنوب أفريقيا لإسرائيل بمخالفة اتفاقية منع الإبادة الجماعية، قد ألقى بالمسؤولية على مصر في عدم دخول المساعدات إلى غزة، وهو ما رفضته القاهرة بشدة.

طائرة عسكرية مصرية خلال تحميلها بمواد إغاثية استعداداً لإنزالها جواً فوق القطاع (المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)

من جانبه، أشار سفير مصر السابق لدى إسرائيل، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حازم خيرت، إلى أن مصر والدول العربية، التي قال إنها «ضاقت ذرعاً بالعراقيل الإسرائيلية لمنع دخول المساعدات لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة تلك العراقيل»، لافتاً إلى أن آلية «الإنزال الجوي» للمساعدات الإغاثية قد تكون في بعض الأحيان أفضل من دخول الشاحنات التي تستهدفها قوات الاحتلال الإسرائيلي، أو تحول دون وصولها إلى كثير من المناطق في عمق القطاع وفي المناطق الشمالية. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة تلتزم ببذل كل الجهد من أجل التوصل إلى تهدئة، بحكم ما لديها من اتصالات مع مختلف الأطراف سواء على الجانب الفلسطيني أو حتى مع إسرائيل»، مشدداً على أن دخول المساعدات عبر عمليات الإنزال الجوي «ليس بديلاً عن ضرورة وقف القتال؛ لكنها على الأقل وسيلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في غزة».

واستبعد سفير مصر السابق لدى إسرائيل أن تجري عمليات «الإنزال الجوي» للمساعدات في غزة التي تقوم بها مصر ودول عدة «من دون موافقة إسرائيل»، لافتاً إلى أن جيش الاحتلال «يحكم حصاراً على القطاع براً وبحراً وجواً، وتأمين عمليات الإنزال تتطلب إجراءات لتأمين الطائرات لتفادي الدخول في أمور (أكثر تعقيداً)»، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن إسرائيل «ربما اضطرت للموافقة على عمليات الإنزال للتخفيف من حدة التوتر الإقليمي والضغوط التي بدأت تتصاعد نتيجة فداحة الخسائر الإنسانية في قطاع غزة، واتجاه ملايين السكان فيه إلى مواجهة خطر المجاعة».

ورأى خيرت أن «التصريحات المتشددة» من الجانب الإسرائيلي فيما يتعلق بالتعامل مع الفلسطينيين كثيراً ما تكون لإرضاء القواعد الشعبية لليمين المتطرف في الداخل الإسرائيلي، منوهاً بأن الأشهر الأخيرة شهدت «صعوداً مقلقاً للتطرف السياسي والديني في أوساط الإسرائيليين».

وكان دخول المساعدات إلى قطاع غزة قد بدأ في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رغم إصرار إسرائيل على منع دخول أي مساعدات إلى القطاع، وتباينت وتيرة دخول المساعدات إلى القطاع، إذ تخضع الشاحنات التي تدخل عبر معبر رفح للتفتيش في معبر نتسانا الإسرائيلي (المقابل لمعبر العوجة)، ثم جرى لاحقاً السماح بدخول الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم؛ لكن تظاهرات لإسرائيليين رافضين لدخول المساعدات حالت بالفعل دون انتظام الحركة بالمعبر.

جانب من تجهيز شحنة من المساعدات الإغاثية لإسقاطها جواً فوق مناطق شمال غزة (المتحدث العسكري المصري على فيسبوك)

ورغم إقرار مجلس الأمن الدولي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لإنشاء آلية أممية لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة للتعامل مع الأوضاع الإنسانية المأساوية في القطاع، وتعيين منسق أممي رفيع المستوى لتسهيل دخول وتنسيق ومراقبة والتحقق من المساعدات داخل القطاع، فإن معدل دخول المساعدات إلى القطاع ظل يواجه صعوبات.

وقدرت تقارير أممية عدد الشاحنات التي كانت تدخل قطاع غزة قبل 7 أكتوبر الماضي بنحو 500 شاحنة يومياً، إضافة إلى عشرات الشاحنات التي تحمل الوقود الذي يمثل عنصراً حيوياً لانتظام الخدمات الحياتية بالقطاع، إلا أن إسرائيل فرضت قيوداً صارمة على دخول المساعدات خصوصاً الوقود، ما أدى إلى تعطل معظم المرافق الحيوية في غزة. ووفق تقارير لمنظمات دولية، «لم يصل معدل النفاذ اليومي من الشاحنات على مدى الأشهر الخمسة لداخل القطاع إلى نصف المعدل المعتاد قبل اندلاع الحرب، بل تشهد حركة عبور الشاحنات توقفاً كاملاً في بعض الأحيان نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلي جنوب القطاع، بينما منعت سلطات الاحتلال مراراً وصول أي مساعدات إلى مناطق شمال غزة».


مقالات ذات صلة

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها "ساحة رئيسية" في خريطة التهديدات، وقال وزير الدفاع إن الجيش يستعد للرد وفقاً لذلك.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون ينتظرون لملء المياه في مخيم مؤقت للنازحين بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

وسط البرد والمطر... «الصليب الأحمر» يدعو لتسهيل دخول المساعدات إلى غزة

دعا الصليب الأحمر الدولي اليوم إلى توصيل المساعدات الإنسانية «بامان ومن دون عوائق» إلى قطاع غزة، حيث يموت الأطفال بسبب البرد بعد أن مزقته الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني المهدمة في بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

مع اقتراب عودة ترمب للبيت الأبيض... «حماس» تتمسك بمطلب إنهاء الحرب

تمسكت حركة «حماس» بمطلبها، اليوم الثلاثاء، بأن تنهي إسرائيل هجومها على قطاع غزة بالكامل بموجب أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)

السعودية تؤكد إدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين

شدّدت السعودية على رفضها وإدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي الإنساني

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
TT

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)
قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

رحبت الحكومة السودانية بقرار إدارة الرئيس الأميركي جورج بادين (المنتهية ولايته) الذي فرضت بموجبه عقوبات على قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وعدد من الشركات التابعة له، وحثت بقية دول العالم على اتخاذ خطوات مماثلة، واتخاذ موقف موحد وصارم من قبل الأسرة الدولية ضد ما سمته «المجموعة الإرهابية» لإجبارها على وقف الحرب.

لكن «قوات الدعم السريع»، عدت القرار امتداداً لما سمته فشل سياسة إدارة الرئيس المنتهية ولايته، الشرق أوسطية، وقالت إنه «بلا قيمة»، اتبع فيه معايير «مزدوجة» لدعم التيار الإسلامي الرافض لوقف الحرب، وعدّته أيضاً أنه «تعميق للأزمة»، وتوعدت بالاستمرار فيما أطلقت عليه «اقتلاع دولة الظلم والطغيان».

ورحب مساعد القائد العام الفريق أول، ياسر العطا، بالقرار الأميركي، وقال في تصريحات، إنه يدعم جهود السودان في تعزيز الأمن وسيادة القانون، واعترافاً من واشنطن بأن هدف قوات «الدعم السريع» هو السيطرة على السودان بالقوة.

الفريق ياسر العطا (وكالة السودان للأنباء)

وأعلنت وزارة الخارجية السودانية في بيان صحافي، الأربعاء، حصلت عليه «الشرق الأوسط»، اتفاقها على ما مع جاء في القرار الأميركي، وأن «حميدتي مسؤول عن فظائع ممنهجة ضد الشعب السوداني، تتضمن اغتصابات جماعية»، وأن الرجل يوظف «واجهات تجارية» في دول إقليمية لتمويل حربه ضد السودان. ودعت الخارجية، الأسرة الدولية لاتخاذ خطوات مماثلة ضد «قيادة الميليشيا ورعاتها»، وتبني موقف «موحد وصارم» في مواجهة «الجماعة الإرهابية، وإجبارها على وقف حربها ضد الشعب السوداني ودولته ومؤسساته الوطنية».

«الدعم»: مكافأة لدعاة الحرب

‏وانتقدت «قوات الدعم السريع» القرار الأميركي وعدّته «مؤسفاً ومجحفاً»، ومكافأة للطرف الآخر (القوات المسلحة السودانية). وقالت في بيان على منصة «تلغرام» إن القرارات التي صدرت من إدارة جو بايدن المنتهية ولايتها، سياسية «محضة» تم اتخاذها دون تحقيق دقيق ومستقل حول الطرف المتسبب في اندلاع هذه الحرب «الكارثية». وأضافت: «لقد تم إشعال هذه الحرب من قيادة القوات المسلحة السودانية والإسلاميين، والأدلة التي تثبت ذلك متاحة للجميع».

«قوات الدعم السريع» متهمة بقصف مخيم زمزم بدارفور وارتكاب مجازر في الجنينة (مواقع سودانية)

وأشارت إلى قرار الخارجية الأميركية بخصوص ارتكاب «قوات الدعم السريع» إبادة جماعية في السودان، وقال إنه قرار «جانبه الصواب، لم يذكر على وجه التحديد المجموعة التي ارتكبت ضدها الإبادة الجماعية، ولا مكان وقوعها». وذكر البيان أن «جريمة الإبادة الجماعية خطيرة ولا ينبغي للإدارة الاميركية أن تتعامل معها بهذا المستوى من التعميم، الذي يؤكد أن القرار تم اتخاذه لاعتبارات سياسية لا علاقة لها بالأسس القانونية المتعلقة بالإبادة الجماعية من حيث التعريف والإثبات». ووصفت «الدعم السريع» القرارات بأنها انتقائية، لن تساعد في تحقيق التوصل إلى حل سياسي. كما «تجاهل القرار الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها القوات المسلحة السودانية على نطاق واسع بالقصف الجوي، الذي أودى بحياة أكثر من 4 آلاف مدني» حسب بيان «الدعم السريع». وأشار البيان إلى أن «العقوبات الأميركية وضعت العربة أمام الحصان، وتمثل مكافأة للطرف الرافض لإيقاف الحرب، ومعاقبة دعاة الوحدة والسلام».

فشل إدارة بايدن

من جهته، وصف مستشار «حميدتي»، الباشا طبيق، على صفحته بمنصة (إكس) القرار الأميركي بأنه تعبير عن فشل إدارة الرئيس جو بايدن في التعاطي مع الأزمة السودانية، أسوة بفشلها في كثير من ملفات الشرق الأوسط.

وعدّ القرار امتداداً لنهج «ازدواجية» المعايير الذي دأبت إدارة الرئيس المنتهية ولايته على اتباعه، بالاستجابة لـ«لوبيات الضغط» المعلومة، وطرائق تعاملها مع مثل هذه الملفات. وأبدى طبيق أسفه على القرار، وعدّه «دفعة معنوية» للحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي، وتشجيعاً لها على «الاستمرار في إبادة الشعب السوداني، وارتكاب مزيد من الجرائم الشنيعة ضد المدنيين، ومواصلة الطيران الحربي للمزيد من قتل النساء والأطفال».

وعدّ طبيق القرار دعماً لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، لتكوين المزيد مما سماها «الميليشيات الإرهابية والقبلية لإطالة أمد الحرب»، ووصفه بأنه «ليست له قيمة ولن يؤثر على الوضع الراهن، بل قد يعقد الأزمة والتوصل لمفاوضات جادة». وقطع طبيق بأن القرار لن يثني الدعم السريع عن الاستمرار في «اقتلاع دولة الظلم والطغيان، وإنهاء الهيمنة السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، وبناء الدولة الجديدة على أسس المواطنة والعدالة والمساواة».

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

من جهة أخرى، قلل دبلوماسي سوداني طلب حجب اسمه، من تأثير القرار، وبأنه لن يحدث أثراً كبيراً بعدّه أحادياً ولم يصدر عن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي، وأنه غير ملزم لدول العالم. ونوه إلى أن الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب، ستنشغل بالقضايا الداخلية وليس السودان من أولوياتها، وأن ملف التنفيذ سينتظر الإعلان عن السياسة الخارجية للرئيس ترمب.

وقال رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور، الصادق علي حسن، وهي هيئة حقوقية طوعية لـ«الشرق الأوسط»، إن العقوبات كانت متوقعة، استناداً إلى «الممارسات الجسيمة» التي ترتكب في مناطق سيطرة الدعم السريع. وتابع: «هي رسالة لقائد القوات وحلفائه».

وتوقع المحامي حسن، أن تحدث العقوبات تغييرات كبيرة في المشهد السياسي، تتأثر بها على وجه الخصوص المجموعة التي تستعد لإعلان «حكومة منفى»، وأضاف: «ستجد نفسها في أوضاع لا تحسد عليها، وأن تقديراتها كانت متعجلة، ولم تُبنَ على قراءة ناضجة»، وذلك في إشارة إلى مباحثات تجري بين «الدعم السريع» والجبهة الثورية ومدنيين منتمين لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» لتشكيل حكومة تنتزع الشرعية من الحكومة التي يترأسها قائد الجيش.

قائمة العقوبات تضم كرتي

وفرضت الإدارة الأميركية، أمس، عقوبات على قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، وسبع شركات توفر المعدات العسكرية والتمويل لقواته في ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية، في أثناء الصراع المسلح مع الجيش السوداني.

علي كرتي الأمين العام لـ«الحركة الإسلامية» في السودان (غيتي)

وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إن «الدعم السريع»، ارتكبت «إبادة جماعية في دارفور، وتورطت في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي، وقامت بعمليات القتل بدوافع عرقية، وارتكبت أعمال العنف الجنسي كسلاح حرب»، وإن حميدتي بصفته المسؤول عن هذه القوات يتحمل المسؤولية عن الأفعال البغيضة وغير القانونية.

ولا تعد هذه العقوبات الأولى ضد شخصيات ومسؤولين سودانيين، فقد أصدرت وزارة الخزانة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقوبات على مسؤولين سابقين؛ هم «مدير مكتب البشير السابق طه عثمان أحمد الحسين، ومدير جهاز الأمن السابق صلاح عبد الله (قوش)، ومديره الأسبق صلاح محمد عطا المولى»، لدورهم في تقويض الأمن والسلام.

وشملت العقوبات الأميركية الأمين العام للحركة الإسلامية، علي أحمد كرتي، وقائد منظومة الصناعات الدفاعية، ميرغني إدريس، وقائد عمليات «قوات الدعم السريع» (عثمان عمليات)، والقائد الميداني بـ«الدعم السريع»، علي يعقوب، الذي قتل في معارك مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور قبل عدة أشهر.