النيران تلتهم سوقاً للماشية في عاصمة ولاية شمال دارفور الملاصقة لمنطقة كردفان نتيجة معارك سابقة (أ.ف.ب)
دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» الخميس، في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى معظمهم من المدنيين.
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة من «قوات الدعم» هاجمت ارتكازات للجيش وفصائل دارفورية مسلحة بالقرب من سوق المدينة الكبيرة التي أغلقت أبوابها فور اندلاع المواجهات.
ووفق سكان في الفاشر، فقد اقتحمت قوة من «الدعم السريع» صباح الخميس حي ديم سلك، واشتبكت مع قوات الجيش التي تقوم بتأمين منطقة السوق الرئيسية بوسط المدينة.
سوق مدمرة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية دارفور جراء المعارك (أرشيفية - أ.ف.ب)
بدورها قالت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر، (جماعة محلية)، إن أربعة قتلى سقطوا نتيجة قصف بقذائف الهاون على أحياء سكنية، من بينهم أم وطفلها بمنزلهم بـ«حي النصر».
وبحسب التوزيع الجغرافي العسكري في المدينة، تغطي القوات المشتركة للفصائل المسلحة الموقعة على «اتفاق سلام جوبا» الاتجاه الشمالي، بينما تحمي قوات الجيش المناطق الغربية.
وشهدت الأحياء الشمالية والشرقية في المدينة خلال اشتباكات سابقة، نزوح أعداد كبيرة من المواطنين إلى المناطق الآمنة.
دمار سببته الاشتباكات بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في إقليم دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)
وفي موازاة ذلك، شنت طائرات من دون طيار تابعة للجيش السوداني، غارات على مواقع لـ«الدعم السريع» بمنطقة شرق النيل وحيي العمارات والجريق شرقي العاصمة الخرطوم.
وقالت قناة الجيش على منصة التراسل الفوري «واتساب»، إن قوات من الجيش شنت هجمات استباقية على ارتكازات لـ«قوات الدعم السريع» جنوب الخرطوم، وكبدتها خسائر في الأرواح والعتاد العسكري.
فرض الاتحاد الأوروبي حزمة رابعة من العقوبات على كيانين وفردين مرتبطين بالجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، بسبب مسؤوليتهم عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
تستمر معركة الفاشر بإقليم دارفور غرب السودان منذ شهور طويلة دون حسم لصالح الجيش السوداني أو «قوات الدعم السريع»، وتحوّلت المواجهات «حرب استنزاف» طويلة المدى.
بعد أكثر من عامين من الحرب الطاحنة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، تشهد العاصمة السودانية الخرطوم، عودة تدريجية خجولة للنشاط التجاري والحياة اليومية.
قامت «الشرق الأوسط» بجولة في الخرطوم، سجلت خلالها عودة تدريجية للحياة والنشاط التجاري في وسط المدينة، رغم الركام الذي يطوقها.
وجدان طلحة (الخرطوم)
السيسي يشدد على «الأهمية القصوى» لقضية مياه النيل في مصرhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5166694-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%8A%D8%B4%D8%AF%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%88%D9%89-%D9%84%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%8A%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1
السيسي يشدد على «الأهمية القصوى» لقضية مياه النيل في مصر
ترمب خلال استقباله للسيسي في واشنطن عام 2019 (الرئاسة المصرية)
بعد أيام من حديث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «سد النهضة» للمرة الثالثة خلال نحو شهر، شدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على «الأهمية القصوى» لقضية مياه النيل في مصر، وذلك خلال استقباله قائد القيادة المركزية الأميركية، مايكل كوريلا.
وبحسب الرئاسة المصرية، بحث السيسي مع المسؤول الأميركي ملف المياه، وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي في إفادة رسمية، الأحد، إن الرئيس المصري أكد خلال اللقاء على «الأهمية القصوى لقضية نهر النيل بصفتها قضية أمن قومي لمصر».
يأتي طرح قضية المياه في لقاء السيسي مع المسؤول الأميركي بعد أيام من حديث ترمب للمرة الثالثة عن «سد النهضة»، وانتقاده «تمويل الولايات المتحدة للسد الإثيوبي».
وقال ترمب، مساء الجمعة، في خطاب أمام أعضاء مجلس الشيوخ بواشنطن، في معرض رصده لما وصفه بجهود إدارته في حل الأزمات بالعالم: «لقد تم التعامل مع مصر وإثيوبيا، وكما تعلمون فقد كانتا تتقاتلان بسبب (السد)، إثيوبيا بنت (السد) بأموال الولايات المتحدة إلى حد كبير... إنه واحد من أكبر السدود في العالم»، مشيراً إلى أنه تابع بناء «السد» عبر صور الأقمار الاصطناعية، وأن إدارته تعاملت مع مسألة «السد» بشكل جيد، مشدداً على ضرره بمصر، وأنه «ما كان يجب أن يحدث ذلك، خصوصاً أنه ممول من الولايات المتحدة».
ومنتصف يونيو (حزيران) الماضي، خرج ترمب بتصريح مثير للجدل، قال فيه إن «الولايات المتحدة موّلت بشكل غبي (سد النهضة)، الذي بنته إثيوبيا على النيل الأزرق، وأثار أزمة دبلوماسية حادة مع مصر».
وكرر الرئيس الأميركي الحديث عن «سد النهضة» الاثنين الماضي، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، في البيت الأبيض، قائلاً إن «الولايات المتحدة موّلت (السد) وإنه سيكون هناك حل سريع للأزمة»، وهو التصريح الذي قوبل بإشادة من السيسي حينها، وفق الرئاسة المصرية.
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، الدكتورة نهى بكر، ترى أن لقاء السيسي مع المسؤول الأميركي للحديث عن ملف المياه يُمكن وصفه سياسياً بـ«بداية محادثات مصرية - أميركية بشأن (سد النهضة)»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «التطرق لملف المياه قد يعزز سيناريو الوساطة الأميركية المحتملة بشأن أزمة (السد) بين مصر وإثيوبيا»، مشيرة إلى أن «أهمية إثارة قضية (السد) خلال المحادثات، هي حشد المجتمع الدولي والرأي العام العالمي للتأكيد على حقوق مصر، ومنع أي تمويل دولي محتمل سواء للسد الحالي أو سدود أخرى مستقبلاً». وأكدت أن «أهمية دور مصر في خفض التصعيد والأزمات بالمنطقة، والتقارب بين القاهرة وواشنطن من شأن كل ذلك أن يعزز سيناريو الوساطة الأميركية بشأن (سد النهضة)».
واستضافت واشنطن خلال ولاية ترمب الأولى جولة مفاوضات عام 2020 بمشاركة البنك الدولي، ورغم التقدم الذي شهدته المفاوضات بين الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، لكنها لم تصل إلى اتفاق نهائي، بسبب رفض الجانب الإثيوبي التوقيع على مشروع الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه وقتها، حيث اتهمت إثيوبيا أميركا بـ«الانحياز».
وبحسب الرئاسة المصرية، الأحد، تطرقت محادثات الرئيس السيسي مع قائد القيادة المركزية الأميركية إلى عدد من الملفات الإقليمية، منها جهود التهدئة في غزة، والأوضاع في سوريا وليبيا والسودان، وأكد متحدث الرئاسة المصرية أن «اللقاء شهد توافقاً حول ضرورة خفض التصعيد في المنطقة، والسعي نحو حلول سياسية ومستدامة للأزمات الراهنة، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي».
جانب من لقاء السيسي مع قائد القيادة المركزية الأميركية في القاهرة (الرئاسة المصرية)
وأبدى وزير الري المصري الأسبق، الدكتور محمد نصر الدين علام، عدم «تفاؤله» بشأن أي وساطة أميركية محتملة في أزمة «سد النهضة»، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن «التدخل الأميركي في أزمة (السد) ضروري، لكنه غير واضح، حيث تنطوي أحاديث ترمب على عبارات فضفاضة لا يمكن وضعها في سياق سياسي محدد»، حسب وصفه، مؤكداً أن «أميركا تستطيع الضغط على إثيوبيا للتوصل لاتفاق، لكن ما يحدث حتى الآن مجرد تصريحات سياسية».
وأقامت إثيوبيا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيس لأهداف قالت إنها «تنموية»، إلا أن «السد» يواجه باعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان) للمطالبة باتفاق قانوني ينظّم عمليات ملئه وتشغيله، بما لا يضر بحصتيهما المائية، وأعلنت مصر في ديسمبر (كانون الأول) 2023 «فشل» آخر جولة للمفاوضات بشأن «السد»، وإغلاق المسار التفاوضي بعد جولات مختلفة لمدة 13 عاماً.
وفي رأي مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتورة أماني الطويل، فإن تطرق السيسي للحديث عن (قضية المياه) مع مسؤول أميركي رفيع المستوى يحمل دلالات سياسية مهمة، منها أن القضية مطروحة على أجندة الإدارة الأميركية، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة تتعلق بعدم وضوح الموقف الأميركي من (سد النهضة) أو شكل التدخل المحتمل، هل سيكون عطفاً على اتفاق واشنطن السابق أم بداية مفاوضات جديدة؟»، مؤكدة أن «السؤال الأبرز هو هل سيتم ترجمة الاهتمام الأميركي إلى وساطة وعودة إلى التفاوض؟»، وإذا حدث ذلك فيُمكن بالفعل التوصل لاتفاق.