محامي قضايا الإرهاب التونسي لـ«الشرق الأوسط»: بدء محاكمة المتهمين في قضايا الاغتيالات والتطرف

قياديون من «أنصار الشريعة» ضمن المحتجزين

المحامي والوزير السابق سمير بن عمر (أرشيف وسائل الإعلام التونسية )
المحامي والوزير السابق سمير بن عمر (أرشيف وسائل الإعلام التونسية )
TT

محامي قضايا الإرهاب التونسي لـ«الشرق الأوسط»: بدء محاكمة المتهمين في قضايا الاغتيالات والتطرف

المحامي والوزير السابق سمير بن عمر (أرشيف وسائل الإعلام التونسية )
المحامي والوزير السابق سمير بن عمر (أرشيف وسائل الإعلام التونسية )

كشف محامي المتهمين في قضايا الإرهاب والوزير السابق، سمير بن عمر، أن جلسات محاكمة المتهمين في قضايا الاغتيالات والإرهاب، التي تعود إلى عام 2013، بدأت في محكمة تونس العاصمة بعد سنوات من التأجيل.

مبنى وزارة الداخلية التونسية (متداولة)

وأعلن سمير بن عمر أن أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية اغتيال المحامي والناشط اليساري شكري بلعيد ستنظم يوم السادس من الشهر المقبل بمناسبة الذكرى العاشرة لاغتياله أثناء مغادرته شقته صباحاً.

مؤيدون لتنظيم «أنصار الشريعة» في مظاهرة قرب جامع القيروان في 2013 قبل تصنيفهم تنظيماً إرهابياً (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

«تنظيم أنصار الشريعة»

أوضح بن عمر أنه ينوب في هذه القضية عن مجموعة من «المحتجزين» الذين اتهموا بالضلوع في الجريمة بسبب مشاركتهم وقتها في قيادة «تنظيم أنصار الشريعة» السلفي المتشدد، الذي صنّفته حكومة النهضة برئاسة علي العريض في صائفة عام 2013 «تنظيماً إرهابياً»، واعتقلت مئات من عناصره والمتهمين بالتعاون معه.

لكن بن عمر أورد أن ملفات منوبيه الذين كانوا في قيادة تنظيم «أنصار الشريعة» سابقاً تؤكد أنه لا علاقة لهم بجريمة اغتيال شكري بلعيد، ورجّح أن يقع الإفراج عنهم وتبرئتهم لعدم ثبوت مشاركتهم في أعمال العنف السياسي والإرهاب.

كما أعلن أن عدداً من منوبيه الموقوفين اعتقلوا منذ نحو 10 أعوام، بناء على معلومات وتقارير أمنية، وأخرى قدّمتها «لجنة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد الإبراهمي»، أوحت بكون نشطاء من هذا التنظيم السلفي المتشدد، ومن «التنظيم السري لحركة النهضة»، كانوا على صلة بالمتهمين بالمشاركة في الإعداد للعملية الإرهابية أو المشاركة فيها.

فارّون... وقتلى

أوضح المحامي سمير بن عمر أن بعض المتهمين الذين ستشملهم المحاكمة يحالون في حالة فرار، وليسوا ضمن الموقوفين. كما سقط التتبع عن آخرين بسبب الوفاة.

وسبق لتنظيمات متطرفة مسلحة في ليبيا وسوريا ودول الساحل والصحراء الأفريقية أن أعلنت عن مقتل بعض المتهمين بالمشاركة في الاغتيالات السياسية في تونس، بما في ذلك في قضيتي المحامي اليساري شكري بلعيد، والبرلماني القومي العروبي محمد البراهمي.

ارتفاع عدد المتهمين بالإرهاب

من جهة أخرى، أورد المحامي والوزير السابق سمير بن عمر أن عدد المتهمين في قضايا الإرهاب والتآمر على أمن الدولة ارتفع بشكل ملحوظ في المدة الماضية، وشمل شباباً أحيلوا مؤخراً على محاكم حق عام عادية في محافظة القصرين الحدودية مع الجزائر. كما شمل متهمين منتمين إلى حركات سياسية أو إلى جبهة الخلاص الوطني المعارضة أو إلى أجهزة الأمن وعالم المال والأعمال داخل البلاد وخارجها. وكان أبرز هذه القضايا ثلاثة؛ المتهم الرئيسي في الأولى رجل الأعمال والناشط السياسي السابق المحسوب على السلطات الحالية وليد البلطي، وعدد من كبار ضباط الأمن وبعض الدبلوماسيين والأمنيين. وقد تخلت المحكمة العسكرية عن هذا الملف وأحالته مجدداً على قطب مكافحة الإرهاب والمحاكم المدنية.

واتهم في الثانية رجال أعمال وقياديون من أحزاب كثيرة وسياسيون، بينهم زعماء حزب النهضة الإسلامي، ورئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، وعدد من مستشاريهم.

محكمة تونس الكبرى تنظر في مزيد من قضايا الإرهاب والفساد (أرشيف وسائل الإعلام التونسية)

أما القضية الثالثة للتآمر على أمن الدولة فشملت الأبحاث فيها عدداً كبيراً من رجال الدولة السابقين من مختلف الألوان السياسية، بينهم يوسف الشاهد رئيس الحكومة الليبرالي ما بين 2016 و2019 ورئيس الحكومة لعامي 2020 و2021 هشام المشيشي، الذي وقعت الإطاحة به وبفريقه يوم 25 يوليو (تموز) 2021، لكن سمح له بمغادرة البلاد».

في الوقت نفسه، فتحت النيابة قضايا أخرى تشمل عشرات المتهمين في ملفات التطرف والإرهاب والتآمر على أمن الدولة، أحيل أغلبها على قطب مكافحة الإرهاب والمصالح الأمنية والقضائية المختصة في الجنايات الخطيرة.

وتصل عقوبة المتهمين في هذه القضايا إلى السجن المؤبد والإعدام. وقد توسعت قائمة الموقوفين في بعضها، لتشمل بعض مستشاري الرئيس قيس سعيد ووزرائه، وبينهم مديرة مكتبه السابقة الوزيرة نادية عكاشا، التي غادرت بدورها تونس نحو أوروبا. وسبق أن أحيلت على المحاكم بعد «تسجيلات» لمحادثات هاتفية أجرتها من منفاها في أوروبا مع صديق لها، تعرضت فيها إلى ما وصفه البعض بـ«أسرار الدولة»، واعتبره آخرون «أكاذيب ومغالطات» تعمدت نشرها عن مؤسسة رئاسة الدولة وعن كواليس الحكم.

النيابة العمومية تنفي

نشرت وسائل إعلام تونسية لأول مرة توضيحاً من النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية بتونس نفى ما أورده عدد من المحامين والسياسيين، بينهم الناشط السياسي ووزير حقوق الإنسان سابقاً سمير ديلو، حول قضايا الإرهاب والاغتيالات والعنف السياسي. وحسب هؤلاء، فقد ارتفع عدد قضايا التآمر على أمن الدولة أمام قطب الإرهاب ومؤسسات وزارتي الداخلية والأمن إلى 14 قضية، من بينها اثنتان تشملان كبار قيادات المعارضة وجبهة الخلاص الوطني بزعامة أحمد نجيب الشابي والوزراء السابقين غازي الشواشي ورضا بالحاج وجوهر بن مبارك وشخصيات سياسية وأمنية أجنبية من الحجم الكبير.

وجاء في توضيح النيابة العمومية أن بعض الملفات الجديدة لم يقع تقديمها للتحقيق، لكن وقع الاستماع إلى شهادة أو شهادات حولها.

وقد تعرض المحامي سمير ديلو إلى انتقادات بالجملة، وإلى حملة إعلامية من قبل الأوساط المحسوبة على السلطة التي اتهمته بـ«محاولة تمييع قضايا التآمر على أمن الدولة»، من خلال الترويج لمعلومات «مفبركة» و«غير دقيقة» حول «محاولة إقحام شخصيات أجنبية مشهورة جداً في الملفات الأمنية التونسية بناء على شهادات شخصيات نكرة»... لكن سمير ديلو تمسك بتصريحاته، واستدل بإحالة المهدي بن غربية الوزير والمستشار السياسي لرئيس الحكومة يوسف الشاهد على المحاكمة يوم الثلاثاء.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)

المغرب: تفكيك خلية لـ«داعش» في عملية مشتركة مع إسبانيا

عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
TT

المغرب: تفكيك خلية لـ«داعش» في عملية مشتركة مع إسبانيا

عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)
عناصر من الأمن المغربي في عملية أمنية سابقة (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات المغربية، الجمعة، تفكيك خلية مسلحة تابعة لتنظيم «داعش» في منطقة الساحل، في عملية أمنية مشتركة مع الأجهزة الإسبانية، موضحة أنها تتكوّن من تسعة عناصر، من بينهم ثلاثة ينشطون في المغرب، وستة آخرون ينشطون في مدن إسبانية.

وذكر بيان للمكتب المركزي المغربي للأبحاث القضائية أن التحريات الأولية أظهرت أن المشتبه فيهم كانوا يروّجون للفكر «الداعشي»، ويعقدون لقاءات في إطار التخطيط والتنسيق للقيام بأعمال إرهابية باسم التنظيم، قبل الالتحاق بصفوفه في منطقة الساحل جنوب الصحراء، مضيفاً أن عمليات التفتيش المنجزة بمنازل المشتبه فيهم مكّنت السلطات من حجز أسلحة ومعدات إلكترونية، سيتم إخضاعها للخبرات الرقمية اللازمة، ومؤكداً أن البحث جارٍ لتحديد الارتباطات الداخلية والخارجية لهذه الخلية.

من جهتها، ذكرت المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في بيان نشرته «وكالة المغرب العربي للأنباء»، أن الخلية تتكوّن من تسعة عناصر، تنشط في تطوان والفنيدق ومدريد وإبيزا وسبتة، موضحاً أن التحريات أظهرت أن المشتبه فيهم «كانوا يروّجون للفكر (الداعشي)، ويعقدون لقاءات بسبتة وتطوان في إطار التخطيط والتنسيق للقيام بأعمال إرهابية».

وأضاف المصدر ذاته أن التحريات الأولية المنجزة أظهرت أن بعض المشتبه فيهم معتقلون سابقون في قضايا الإرهاب بإسبانيا، وكانوا يروّجون للفكر «الداعشي»، ويعقدون لقاءات في إطار التخطيط للقيام بأعمال إرهابية باسم «داعش». وقد تم وضع الأشخاص الموقوفين بتطوان والفنيدق رهن الحراسة النظرية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة المكلفة قضايا الإرهاب والتطرّف، وذلك للوقوف على ارتباطاتهم الداخلية والخارجية، وكذا تحديد مستوى تورّطهم في إطار المشروعات الإرهابية المخطط لها من طرف أعضاء هذه الخلية.

وأشار البلاغ إلى أن هذه العملية المشتركة تندرج في إطار التنسيق الأمني المتواصل والمتميّز بين الأجهزة الأمنية المغربية ونظيرتها الإسبانية، لصد التهديدات الإرهابية التي تحدق بأمن المملكتين.

وتأتي هذه العملية بعد أيام قليلة من إصدار غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة قضايا الإرهاب لدى محكمة الاستئناف في الرباط، حكمها في حق أفراد خلية إرهابية أخرى، تم تفكيكها بمدينتي تزنيت وسيدي سليمان من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية، التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في 14 من مايو (أيار) الماضي.

وحكمت هيئة المحكمة بما مجموعه 29 سنة سجناً نافذاً على الخلية المكوّنة من أربعة أفراد، بعد إدانتهم بتهم متعلقة بالإرهاب، والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وخرق ظهير التجمعات العمومية وظهير حق تأسيس الجمعيات.

وأدانت المحكمة المتهم الأول «أ.م» الذي جرى توقيفه بمدينة سيدي سليمان، بثماني سنوات سجناً نافذاً بعد إدانته بالإرهاب والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وهي العقوبة نفسها التي قضت بها في حق المتهم الثاني «أ.ه»، المُدان بجريمة الإرهاب والتحريض على التمييز والكراهية بين الأشخاص، وخرق ظهير التجمعات العمومية وظهير حق تأسيس الجمعيات؛ وذلك بعد توقيفه داخل مسكن وظيفي حيث يقطن بحي الوداديات بمدينة تزنيت.