خصوم الدبيبة يطالبون مصراتة بـ«حكومة ليبية موحدة»

وفد أميركي يستكمل مشاوراته مع القوى الوطنية لدعم مبادرة باتيلي

جانب من اجتماع حراك 17 فبراير وأعضاء من مجلس الدولة الليبي (الحراك)
جانب من اجتماع حراك 17 فبراير وأعضاء من مجلس الدولة الليبي (الحراك)
TT

خصوم الدبيبة يطالبون مصراتة بـ«حكومة ليبية موحدة»

جانب من اجتماع حراك 17 فبراير وأعضاء من مجلس الدولة الليبي (الحراك)
جانب من اجتماع حراك 17 فبراير وأعضاء من مجلس الدولة الليبي (الحراك)

صعّد حراك سياسي وشعبي في ليبيا من موقفه تجاه الانقسام الحاصل بين شرق البلاد وغربها، و«تفشي حالة الفساد»، مطالباً بضرورة وجود «حكومة موحدة» تشرف على الانتخابات المؤجلة. وفي غضون ذلك، أعلن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ومحمد تكالة رئيس مجلس الدولة، موافقتهما على المشاركة في الحوار الخماسي، الذي يدعو إليه المبعوث الأممي عبد الله باتيلي.

وضمّ الاجتماع، الذي احتضنته مدينة مصراتة (غرب) مساء أمس (الخميس)، «حراك 17 فبراير للإصلاح ومقاومة الفساد ودعم سيادة القانون، وكتلة الـ50» بالمجلس الأعلى للدولة، بالإضافة إلى خالد المشري الرئيس السابق بالمجلس، وغالبيتهم يوصفون بأنهم من المعارضين لسياسة الدبيبة.

وبعد مناقشات مطولة، اتفق الحاضرون على «ضرورة وجود حكومة موحدة تشرف على الانتخابات؛ خصوصاً بعد الجمود السياسي الذي تعيشه ليبيا»، متحدثين عن «وجود فساد تجب محاربته، لكونه ينخر في مؤسسات الدولة، في ظل عدم وجود رؤية وآلية شفافة للإفصاح عن الإنفاق الحكومي».

وشهدت مصراتة، مسقط رأس الدبيبة، على مدار الأسابيع الماضية اجتماعات ساخنة، يتقدمها خصوم الدبيبة المطالبين بتشكل حكومة جديدة، وسط رفض لما وصفوه بـ«انتهاكات» ترتكبها «القوة المشتركة» العسكرية، التابعة لحكومة «الوحدة».

تكالة مستقبلاً الدبيبة في مكتبه (المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الدولة الليبي)

وخلال الاجتماع، شدد المجتمعون من أتباع الحراك الشعبي، وأعضاء مجلس الدولة على أهمية «استمرار التنسيق والتشاور في المستجدات السياسية، والدفع بالعملية السياسية لتحقيق طموحات الشعب الليبي في إجراء الانتخابات».

في شأن متصل، ما زال المبعوث الأممي، والبعثة الدبلوماسية الأميركية يسارعان الزمن لإقناع أطراف الصراع في ليبيا بالجلوس على طاولة الحوار، بقصد بحث معوقات إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في البلاد. وفي هذا السياق، اتفق الدبيبة وتكالة بشكل مفاجئ على ضرورة دعم جهود المبعوث الأممي، وقبول دعوته لعقد حوار وطني بين الأطراف الليبية، ينطلق من «ثوابت وطنية واضحة»، وصولاً إلى عقد الانتخابات، بـ«قوانين عادلة ونزيهة».

وكان تكالة قد استقبل الدبيبة في مكتبه بالمجلس الأعلى بطرابلس، لمناقشة الأزمة السياسية في البلاد، بينما عدّ البعض اللقاء، إلقاء بالكرة في ملعب جبهة شرق ليبيا، المتمثلة في عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني».

وعقب جولاته على بعض أطراف الصراع في ليبيا، أكد وفد أميركي خلال مباحثاته مع رئيس الأركان العامة لقوات حكومة «الوحدة»، محمد الحداد، مساء أمس (الخميس)، دعم واشنطن للسيادة الليبية، مشيراً إلى أن البلاد «تسعى لتأمين حدودها وتحقيق تقدم في إعادة توحيد مؤسساتها العسكرية».

ووصف ريتشارد نورلاند، مبعوث الولايات المتحدة وسفيرها لدى ليبيا، اللقاء مع الحداد بـ«الجيد»، كما ضم الوفد نائب مساعد وزير الخارجية جوشوا هاريس، والقائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا جريمي برنت.

وكان الوفد الأميركي قد التقى على مدار الأيام الماضية، محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي، ونائبه موسى الكوني، كما التقى أيضاً الدبيبة، وبحث معهم الجهود المبذولة لإنهاء الانسداد السياسي، وسبل توحيد الجهود لدعم مبادرة المبعوث الأممي لإنهاء المراحل الانتقالية، والذهاب للانتخابات.

النايض يستقبل وفداً أميركياً (المكتب الإعلامي لرئيس تكتل إحياء ليبيا)

ويستهدف الاجتماع الأممي جمع ما يطلق عليهم «الخمسة الكبار» على طاولة للحوار، لمناقشة معوقات الانتخابات الليبية، وهم؛ القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، وصالح، بالإضافة إلى المنفي والدبيبة وتكالة.

في سياق ذلك، ولمزيد من الدفع باتجاه دعم الجهود الأممية، التقى الدكتور عارف النايض، رئيس «تكتل إحياء ليبيا»، المبعوث الأميركي إلى ليبيا، والقائم بالأعمال الأميركي، والفريق المرافق. وقال النايض، في تصريح صحافي، إن اللقاء الذي تم اليوم (الجمعة)، تناول الأوضاع السياسية والاقتصادية والمجتمعية الحالية بليبيا، و«سبل تعاون الأحزاب السياسية والنسيج الاجتماعي والمجتمع المدني مع البعثة الأممية، ورئيسها لتحقيق الاستحقاقات الانتخابية، وهي البلدي، والبرلماني، والرئاسي»، مبرزاً أن اللقاء تطرق أيضاً إلى «تنفيذ هذه الاستحقاقات عاجلاً تحت إشراف المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، من خلال حكومة تكنوقراط مصغرة، وتحت مراقبة وطنية وإقليمية ودولية».

حفتر يتفقد عملية إعادة إعمار درنة (الحكومة المكلفة من مجلس النواب)

في شأن مختلف، تفقد حفتر رفقة أسامة حمّاد؛ رئيس حكومة الاستقرار الموازية، المشروعات التي يتم تدشينها في مدينة درنة التي ضربها إعصار «دانيال»، ويشرف عليها «صندوق إعمار مدينة درنة والمناطق المتضررة».

وشملت الجولة؛ وفقاً للمكتب الإعلامي لحكومة حمّاد، زيارة مواقع العمل داخل جامعة الفتايح والعمارات الصينية، وموقع إنشاء العمارات السكنية الجديدة. وأكد حفتر ضرورة حلحلة مشاكل طلبة الجامعة، وإعادة العملية التعليمية إلى طبيعتها، والعمل على رفع وتيرة الإنجاز في عمليات البناء والصيانة والإعمار، لإتمامها في وقتها المحدد، «طبقاً للمواصفات الحديثة، حتى تعود الحياة إلى درنة وينعم أهلها بالاستقرار».


مقالات ذات صلة

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

تحليل إخباري جانب من احتجاجات مواطنين في طرابلس ضد حكومة الدبيبة بعد تصريحات المنقوش (أ.ف.ب)

لماذا تنتهي الاحتجاجات ضد «الوحدة» الليبية إلى «لا شيء»؟

شهدت بعض مناطق بغرب ليبيا مظاهرات متكررة بعضها جاء الأسبوع الماضي على خلفية اتهام حكومة «الوحدة» المؤقتة بـ«التطبيع مع إسرائيل».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا  القائم بأعمال سفارة أميركا خلال لقائه مع مسؤول المنطقة الحرة بمصراتة (القائم بالأعمال)

البعثة الأممية تدعو لـ«تحقيق فوري» في تعذيب محتجزين شرق ليبيا

دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، اليوم الأربعاء، للتحقيق في «مقاطع فيديو متداولة، تُظهر تعذيب وسوء معاملة لعدد من المحتجزين في سجن قرنادة».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان مستقبلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

إردوغان يبحث مستجدات الأزمة الليبية مع رئيس «الوحدة»

أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مباحثات مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، تناولت المستجدات في ليبيا، والعلاقات التركية - الليبية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا ليبيون يصطفون انتظاراً للإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية نوفمبر الماضي (مفوضية الانتخابات)

ليبيا تترقب مرحلة ثانية من انتخابات محلية «أكثر تعقيداً»

يرجع متابعون أهمية خاصة لهذه الجولة الانتخابية كونها تستهدف «البلديات الأكبر وذات الأوزان السياسية المهمة وفي طليعتها طرابلس وبنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا تدشين أولى رحلات الخطوط التركية بعد غياب دام سنوات (حكومة شرق ليبيا)

تركيا تواصل انفتاحها على شرق ليبيا بتدشين رحلات إلى بنغازي

دشنت وزارة الطيران المدني بحكومة شرق ليبيا وأعضاء بمجلس النواب وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية مراسم عودة الرحلات الجوية بين تركيا وبنغازي بعد توقف دام سنوات

خالد محمود (القاهرة )

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
TT

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)
المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)

قال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، عدنان حزام، إن «الحرب أفرزت واقعاً إنسانياً مريراً»، وإن حجم الاحتياجات كبير جداً، لكن المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها متواضعة بسبب تعقيدات الوصول إلى المناطق المتضررة من الحرب، وإدخال المساعدات وحركتها داخل البلاد».

وأضاف في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن الوضع الإنساني في السودان بات «مأساوياً»، إذ إن الملايين من السودانيين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، مشيراً إلى أن «عشرات الآلاف قتلوا وأصيبوا جراء الحرب التي تسببت أيضاً في نزوح أكثر من 11 مليون داخل وخارج السودان، وتأثرت البنى التحتية بشكل كبير خصوصاً خدمات المياه والصحة والكهرباء».

وأوضح حزام «أن ما يقدم من مساعدات للاستجابة الإنسانية للواقع المأساوي في السودان يهدف إلى التخفيف من هذه المعاناة بقدر المستطاع».

وقال إن اللجنة الدولية «تركز هذا العام على الأنشطة والاحتياجات الأساسية المنقذة للحياة في مجالي الصحة والحماية، وتقديم الإغاثة والمساعدات الغذائية والمالية للمجتمعات الأكثر تضرراً والقريبة من مناطق الحرب، بالإضافة إلى عملها في ملفات لم شمل الأسر التي تفرقت بسبب القتال، والبحث عن المفقودين».

وأضاف أن اللجنة تعمل بالتنسيق مع «الهلال الأحمر السوداني» في معظم مناطق البلاد، وتتعاون أيضاً مع السلطات الصحية الرسمية. وأشار إلى أن ملف المساعدات الإنسانية في السودان «شائك، وحجم الاحتياجات كبير جداً، وهذا التحدي يواجه المنظمات الإنسانية، ونحاول من خلال العمل المشترك التخفيف من المعاناة، ولا نستطيع أن نقول إنهاءها، لأن الصراع أفرز واقعاً إنسانياً مريراً».

أجزاء كبيرة من جنوب السودان تعاني من الحرب والمجاعة (أرشيفية - رويترز)

وأشار إلى أن اللجنة الدولية تتواصل مع جميع الأطراف في السودان لتسهيل عملها في الوصول للمحتاجين إلى المساعدات الإنسانية. وقال: «نحاول تذكير أطراف الصراع بالوفاء بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني التي تحرم استهداف المدنيين والأعيان المدنية، وتسهيل الخروج الآمن للمواطنين أثناء عمليات النزوح، وعدم استهداف المرافق الصحية والخدمية التي توقفت 80 في المائة منها عن العمل».

ورأى المتحدث باسم «الصليب الأحمر» أن «سوء الواقع الصحي والبيئي في السودان انعكس سلباً على المواطنين، ما صعب حصول الكثيرين منهم على الرعاية الصحية، وفي ظل تفشي بعض الأوبئة والأمراض الموسمية تتضاعف جهود المؤسسات الصحية التي لا تزال تعمل».

وقال: «نأمل في أن تتوقف الاعتداءات على المرافق الصحية والطواقم الصحية، وأن يكون هناك مزيد من الاحترام لقواعد القانون الدولي الإنساني».

دور الوسيط

وبشأن إجلاء المدنيين العالقين في مناطق الحرب، أفاد حزام، بأن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حوار دائم مع طرفي القتال: الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع) في ملف الحماية، وحضّهما على فتح ممرات آمنه في مناطق الصراع، وهذا التزام قانوني وأخلاقي يجب الوفاء به».

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة وسط البلاد (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة الدولية «لعبت في الفترة الماضية دورها بوصفها وسيطاً محايداً في إخلاء وتسهيل خروج المحتجزين من الطرفين، لكن هذا يتم بتنسيق وطلب مباشر منهما، مع ضرورة وجود ضمانات أمنية». وأضاف: «مَن أراد البقاء من المدنيين يحظون بالحماية لكونهم لا يشاركون في العمليات العدائية والقتالية».

وعبَّرَ عن أمله في «أن يعم الأمن والسلام في السودان، لأن ذلك سيخفف بشكل كبير من المعاناة الإنسانية»، وقال: «إن الشعب السوداني يستحق أن يعيش في أمان». وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر «محايدة وتعمل باستقلالية وفق مبدأ عدم التحيز، وتحاول من خلال عملها الوصول إلى مَن هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية».

نساء وأطفال في مخيم للنازحين أقيم في مدينة ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

وقال إن اللجنة «منفتحة على الاستماع لأي انتقادات والرد عليها، ونأمل إنصاف ما تقدمه المنظمات من عمل، لأن الأزمة الإنسانية في السودان لا تحتمل الكثير من الجدل، الذي يؤثر بشكل كبير على عمليات الاستجابة الإنسانية»، مشيراً إلى مقتل وإصابة عدد من الموظفين في الحرب الدائرة.

ووفقاً لأحدث تقارير وكالات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 25.6 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم 755 ألفاً في خطر المجاعة الحاد.