مصر والهند تحذران من التطورات في البحر الأحمر

القاهرة دعت إلى وضع حد لاتساع الصراع بالمنطقة

شكري ونظيره الهندي خلال لقاء جمعهما في كامبالا (الخارجية المصرية)
شكري ونظيره الهندي خلال لقاء جمعهما في كامبالا (الخارجية المصرية)
TT

مصر والهند تحذران من التطورات في البحر الأحمر

شكري ونظيره الهندي خلال لقاء جمعهما في كامبالا (الخارجية المصرية)
شكري ونظيره الهندي خلال لقاء جمعهما في كامبالا (الخارجية المصرية)

في وقت حذرت فيه مصر والهند من «التطورات في منطقة البحر الأحمر»، دعت القاهرة في إفادات متعددة، الجمعة، إلى «وضع حد لاتساع الصراع بالمنطقة وتأثير ذلك على السلم والأمن الإقليمي والدولي». وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الجمعة، خلال لقاء جمعه بنظيره الهندي، جيي شانكار، في العاصمة الأوغندية كامبالا، إن «التطورات الأخيرة في إقليم البحر الأحمر ومنطقة جنوب آسيا تُعد مؤشراً على اتساع رقعة الصراع بالفعل في المنطقة». وأضاف أن «بلاده حذرت مراراً وتكراراً من ذلك منذ الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة في غزة، وهو ما يستوجب وضع حد لتلك الأزمة في أقرب وقت».

وتواصل مصر التشديد على «أهمية تنسيق الجهود لتجنب التصعيد في المنطقة». وحذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وقت سابق، «من خطورة التصعيد العسكري في المنطقة على أكثر من جبهة». وشدد السيسي على «ضرورة نزع فتيل الوضع المتأزم الحالي من خلال الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة».

والتقى شكري وشانكار، الجمعة، على هامش أعمال القمة التاسعة عشرة لحركة «عدم الانحياز» بكامبالا. وأفاد متحدث وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، بأن اللقاء تطرق إلى تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسبل دفع جهود التهدئة وخفض التصعيد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي». وقال شانكار إن «بلاده تُقدر الجهود التي تبذلها مصر لوضع حد للأزمة ورفع المعاناة عن الفلسطينيين»، معرباً عن شواغل بلاده إزاء التطورات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر، مشيراً إلى استهداف عدد من سفن بلاده بالقرب من السواحل الهندية. ولفت شانكار إلى أن «هذا الأمر له تداعيات وخيمة على الملاحة الدولية، خاصة على ضوء اهتمام الهند الكبير بممرات التجارة الدولية، بما يتعاظم معه حجم التأثر والمشكلة التي تواجهها الهند نتيجة تلك التطورات».

وجدد الوزيران خلال اللقاء التزامهما بـ«العمل في إطار حركة (عدم الانحياز) لتحقيق الأهداف المشتركة للحركة، حيث إن اللقاءات المتعددة التي جمعت بين الرئيس السيسي، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، عكست تشابهاً في الأولويات التنموية والمواقف السياسية للبلدين، سعياً نحو تحقيق السلام والاستقرار على المستوى الدولي، وكذا اهتمام البلدين بالقضايا التي تعتلى أوليات الدول النامية، والتي من المقرر مناقشتها خلال القمة التاسعة عشرة لحركة (عدم الانحياز)».

السيسي يصافح رئيس وزراء الهند في أثناء زيارته إلى مصر في يونيو الماضي (الرئاسة المصرية)

وزار السيسي نيودلهي في يناير (كانون الثاني) 2023، حيث حلّ ضيفاً رئيسياً في الاحتفالات بـ(يوم الجمهورية) بدعوة من رئيس وزراء الهند. وقال السيسي، حينها، إن «ما يجمع بين مصر والهند من قواسم مشتركة ومصالح متبادلة يجعل من البلدين (جسراً مهماً) للتلاقي والحوار والتعاون، ويضع علينا مسؤولية مشتركة لنشر السلام والمساواة والتسامح و(نبذ العنف) والاحترام المتبادل بين الشعوب». كما زار رئيس الوزراء الهندي مصر في يونيو (حزيران) الماضي.

وذكر متحدث «الخارجية المصرية»، الجمعة، أن الوزير شكري أكد خلال لقاء نظيره الهندي، «أهمية استغلال الزخم المترتب على تكثيف الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين خلال العام الماضي». واتفق الوزيران على «أهمية إنشاء فريق عمل لمتابعة تنفيذ المشروعات الهندية القائمة بمصر، وتعزيز العلاقات الثنائية في مجالات الأدوية والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات».

وزير الخارجية المصري خلال مباحثات مع نظيره البحريني في كامبالا (الخارجية المصرية)

وخلال لقاء آخر لشكري مع وزير خارجية البحرين، عبد اللطيف بن راشد الزياني، الجمعة، في كامبالا، أكد الوزيران «مواصلة تكثيف التحركات على الصعيدين الإقليمي والدولي تجاه حتمية تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل ومستدام، تنفيذاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة، ولوقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المخالفة لكافة أحكام القانون الدولي الإنساني».

وبحسب بيان لـ«الخارجية المصرية»، فإن مباحثات الوزيرين شملت التصعيد المستمر في المنطقة على خلفية الأوضاع في غزة، والتطورات على الساحة اللبنانية، وفي العراق، وتهديدات أمن الملاحة في البحر الأحمر. وحذر شكري من «مغبة توسيع رقعة الصراع في المنطقة على السلم والأمن الإقليمي والدولي، وضرورة تكثيف العمل العربي المشترك لمواجهة هذا السيناريو وتجنب تداعياته المهددة لسلامة ومقدرات شعوب المنطقة».

وشدد وزير الخارجية البحريني على «حرص بلاده على تكثيف التشاور والتنسيق الثنائي إزاء القضايا محل الاهتمام المشترك سواء على الصعيد الثنائي لدفع مسار العلاقات لآفاق أرحب، أو فيما يتعلق بدفع جهود التهدئة لتعزيز ركائز السلم والأمن في المنطقة العربية».

كما حذر وزير الخارجية المصري، في لقاء ثالت بالعاصمة الأوغندية كامبالا، الجمعة، مع نظيره البيلاروسي، سيرغي ألينيك، «من مخاطر استمرار الوضع في غزة على أمن واستقرار المنطقة، والتخوف من خطورة اتساع رقعة الصراع إلى المحيط الإقليمي».


مقالات ذات صلة

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)
تحليل إخباري فلسطينيون يبحثون عن ضحايا عقب غارة إسرائيلية وسط مدينة غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري حديث إسرائيلي عن «إدارة عسكرية» لغزة يعقّد جهود «الهدنة»

الحديث الإسرائيلي عن خطط لإدارة غزة يراه خبراء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، بمثابة «تعقيد خطير لجهود التهدئة المتواصلة بالمنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

في سياق تكثيف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار، ناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين.

واستضافت العاصمة المصرية القاهرة فعاليات «الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال»، اليوم السبت، بعد أيام من انعقاد «المؤتمر الاقتصادي الأول» في السودان، وناقش مسؤولون ورجال أعمال من البلدين فرص التوسع في الشراكات الاقتصادية.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، في كلمته بالملتقى، أن التحديات التي تواجهها مصر والسودان «تفرض التعاون المشترك في مختلف المجالات»، لافتاً إلى حرص بلاده على «دعم السودان لتجاوز محنة الحرب وعودة الاستقرار».

وعدد الوزير المصري مجموعة من الفرص، التي يمكن استثمارها لدفع مجالات التجارة والصناعة والاستثمار في البلدين، منها «ثلاثة محاور للنقل البري، والمواني الجافة على الحدود المشتركة في معبري (قسطل وأرقين)»، إلى جانب ميناء للملاحة النهرية بين بحيرة ناصر (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، معلناً عن مخطط مصري لمد مشروع خط القطار السريع «أبو سمبل - الإسكندرية» إلى السودان في منطقة «وادي حلفا»، ومؤكداً أن دراسات المشروع «باتت جاهزة للتنفيذ وتتبقى موافقة الجانب السوداني».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما معبرا «أرقين»، و«أشكيت» (ميناء قسطل) بوادي حلفا بالولاية الشمالية، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وزير النقل المصري خلال كلمته بـ"الملتقى المصري-السوداني" (مجلس الوزراء المصري)

ودعا كامل الوزير المستثمرين السودانيين لتوسيع أعمالهم في السوق المصرية، مشيراً إلى أن حكومة بلاده «مستعدة لإزالة أي عقبات أمام الشركات السودانية للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات التجارة والقطاعات الإنتاجية»، ومنوهاً بـ«إجراءات تحسين مناخ الاستثمار بمصر لتسهيل تأسيس الشركات، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأضاف الوزير موضحاً أن «ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني» سيشكل «نواة للشراكة في المجال الصناعي بين البلدين، بما يعزز من التكامل الإقليمي، مع التعاون في مجال الأمن الغذائي».

وشارك في الملتقى وفد حكومي سوداني، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصري - السوداني، وروابط الجالية السودانية بمصر.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب الداخلية، إلى جانب آلاف آخرين من الذين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات.

وعدّ السفير السوداني بمصر، عماد الدين عدوي، أن مبادرة انعقاد (ملتقى رجال الأعمال) بين البلدين «تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار في بلاده بعد الحرب»، مشيراً إلى أن الشركات المصرية (حكومية وخاصة) «هي الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».

كما أشار عدوي إلى أن الحرب «أثرت على النشاط الاقتصادي لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجاري»، غير أنه لفت إلى أن «نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيراً، إذ حافظت على استقرارها عامي 2022 و2023»، وقال إن من أهداف الملتقى «دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائي».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان نحو 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 في المائة، وفق إفادة لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

مشاركات واسعة في "الملتقى المصري-السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة" (مجلس الوزراء المصري)

من جانبه، تحدث وزير التموين المصري، شريف فاروق، عما تنفذه بلاده من مشروعات بنية تحتية ولوجيستية، وقال إن تلك المشروعات «تمنح فرصاً للمستثمرين المصريين والسودانيين لتعزيز شراكتهم واستثماراتهم».

بينما أشار وزير التموين والتجارة السوداني، عمر محمد أحمد، إلى تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية في بلاده، لافتاً في كلمته بالملتقى إلى «حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات في الأمن الغذائي»، ودعا إلى «تأسيس تحالف استراتيجي اقتصادي تجاري بين البلدين».

وناقش الملتقى ورقتي عمل حول عملية «إعادة الإعمار في السودان»، وفرص «تحقيق الأمن الغذائي بين البلدين»، وقدّر مدير «مركز التكامل المصري - السوداني»، عادل عبد العزيز، حجم خسائر القطاع الاقتصادي في السودان بسبب الحرب بنحو «89 مليار دولار»، من دون احتساب خسائر تدمير البنية التحتية والمنشآت، وقال في كلمته بالملتقى إن السودان «يواجه إشكالية مع المجتمع الدولي، ويعوّل على الشراكة مع الدول الصديقة مثل مصر لتجاوز أي تحديات».

وخلال فعاليات الملتقى، تحدث ممثلون عن المستثمرين ورجال الأعمال بالبلدين، وأشار ممثل مجتمع الأعمال السوداني، سعود مؤمن، إلى أن الملتقى «يروم تكامل جهود البلدين في إعادة الإعمار، وتوفير احتياجات السودان من السلع الضرورية»، منوهاً بـ«رغبة القطاع الخاص السوداني في تدشين تجمعات اقتصادية مع نظرائهم بمصر في مجال الصناعات الغذائية».

كما أشار رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، إلى أن «الزراعة تعد من أكثر المجالات جذباً للاستثمار بالسودان لتوافر المياه والأرض الصالحة»، فيما رأى ممثل مجتمع الأعمال المصري، أحمد السويدي، أن «التصنيع الزراعي أحد المجالات التي يمكن الاستثمار بها في السودان».