سيناريوهات التحرك العربي لدعم الصومال في أزمة «الميناء الإثيوبي»

تزامناً مع تمسك مقديشو برفض اتفاق أديس أبابا

آبي أحمد خلال لقاء موسى بيهي عبدي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا مطلع الشهر الحالي (رويترز)
آبي أحمد خلال لقاء موسى بيهي عبدي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا مطلع الشهر الحالي (رويترز)
TT

سيناريوهات التحرك العربي لدعم الصومال في أزمة «الميناء الإثيوبي»

آبي أحمد خلال لقاء موسى بيهي عبدي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا مطلع الشهر الحالي (رويترز)
آبي أحمد خلال لقاء موسى بيهي عبدي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا مطلع الشهر الحالي (رويترز)

تتواصل ردود الفعل إزاء مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال - غير المعترف به دولياً - لإنشاء ميناء تجاري وقاعدة عسكرية في مدخل البحر الأحمر. وتقدمت جمهورية الصومال بطلب إلى الجامعة العربية لعقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية لبحث تداعيات مذكرة التفاهم.

في غضون ذلك، أبدى المسؤولون الصوماليون تمسكاً برفض الاتفاق الذي وصف بـ«غير القانوني والمنتهك لسيادة البلاد»، بينما يدعو مراقبون إلى أن تكون هناك تحركات عربية لمساندة مقديشو، وعدم الاكتفاء بالإدانات السياسية قبل أن يتحول الاتفاق إلى «أمر واقع». وحذّر المراقبون من خطورة الموقف على استقرار منطقة القرن الأفريقي.

ووقع رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، في الأول من الشهر الحالي، «اتفاقاً مبدئياً» مع زعيم أرض الصومال، موسى بيهي عبدي، تحصل بموجبه إثيوبيا على منفذ على البحر الأحمر بطول 20 كلم لمدة 50 عاماً، يضم ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسمياً بأرض الصومال جمهورية مستقلة.

وأثار الاتفاق احتجاجاً من جانب الحكومة الصومالية، التي اتهمت نظيرتها الإثيوبية بـ«انتهاك سيادتها ووحدة أراضيها»، واستدعت سفيرها في أديس أبابا للتشاور.

منطقة «أرض الصومال» (باللون الأخضر يمين الصورة) في مدخل البحر الأحمر (خرائط غوغل)

لا تفاوض على الأراضي

وأعلنت أرض الصومال (صوماليلاند) استقلالها عن مقديشو في 1991 في إجراء لم تعترف به الأسرة الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وجدّد الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، التأكيد على أن الأراضي الصومالية «غير قابلة للمفاوضات».

وقال في خطاب ألقاه بأحد مساجد العاصمة مقديشو عقب صلاة الجمعة: «شخصياً، لا أتفاوض في الأراضي الصومالية ولا نستبدلها في الحكم أو أي شيء آخر مهما كلف الأمر»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الصومالية، يوم السبت.

بينما أبدى وزير الإعلام الصومالي، داود أويس جامع، تمسّك بلاده بموقفها الرافض لمذكرة تفاهم أديس أبابا مع منطقة أرض الصومال، معتبراً أنها «تمثل انتهاكاً للقانون الدولي وتهديداً للمجتمع الدولي والمنطقة ولوحدة الصومال».

وأوضح وزير الإعلام الصومالي، في حديث لوكالة «أنباء العالم العربي»، أن «الصومال دولة فيدرالية تضم الكثير من الولايات الاتحادية، وواحدة من هذه الولايات هي (أرض الصومال)، لذلك إذا حاولت أي دولة أجنبية التعامل مع إحدى هذه الولايات، فإنها تنتهك وحدة الصومال وتنتهك القوانين الدولية وتنتهك أيضاً العلاقات بين البلدين»، كما حذّر من خطورة الاتفاق على الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وقد «يؤثر أيضاً على الاستقرار العالمي على نطاق واسع»، على حد تعبيره.

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (أ.ب)

اجتماع طارئ

وتقدّم سفير جمهورية الصومال الفيدرالية لدى مصر والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، إلياس شيخ عمر أبو بكر، بطلب لعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لبحث تداعيات الموقف، مؤكداً ضرورة اتخاذ موقف عربي موحد للرد على الانتهاك الصارخ الذي قامت به إثيوبيا ضد سيادة ووحدة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية. وشدد مندوب الصومال لدى الجامعة العربية على أن تلك الإجراءات أحادية الجانب من قبل إثيوبيا تشكل تهديداً للأمن القومي العربي والملاحة في البحر الأحمر، حسبما أفادت وكالة الأنباء الصومالية.

وفي وقت سابق، أعربت الجامعة العربية، على لسان المتحدث الرسمي باسم أمينها العام، عن «رفض وإدانة أي مذكرات تفاهم تخل أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية»، كما أكد البرلمان العربي رفضه التام لأي محاولات لانتهاك سيادة واستقلال ووحدة الصومال، مطالباً إثيوبيا بالالتزام بقواعد ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، في تصريحات متلفزة، مساء الجمعة، إلى أن الجانب الصومالي يريد من الجامعة العربية موقفاً سياسياً واضحاً، وأن يكون هناك إجماع عربي على تأييد المطلب الصومالي بوصف المذكرة بين إثيوبيا وإقليم أرض الصومال «باطلة ولاغية».

مسيرة احتجاجية في مقديشو تنديداً بالاتفاق الموقع بين إثيوبيا ومنطقة أرض الصومال الانفصالية (أ.ب)

«خطوة في الاتجاه الخاطئ»

ووصف نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، صلاح حليمة، التحرك الإثيوبي بأنه «خطوة في الاتجاه الخاطئ»، محذراً من خطورة الموقف على أمن المنطقة واستقرارها وتهديد سيادة دولة الصومال، مضيفاً أن مذكرة التفاهم أثارت ردود فعل إقليمية ودولية رافضة.

وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم عدم دخول الاتفاق حيز التنفيذ، فإن التحرك العربي يقتضي تكثيف الدعم لحكومة الصومال في إدانتها للاتفاق في المحافل الدولية، إضافة إلى السعي لعدم انتقاله إلى مرحلة التنفيذ كي لا يتحول إلى «أمر واقع»، مشيراً إلى أن الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر ستكون هي «الأكثر تضرراً» من الخطوة الإثيوبية. وأضاف أن أديس أبابا «كان يمكنها تحقيق الهدف نفسه عبر الدخول في شراكة إقليمية شرعية ومقبولة، إلا أنه من الواضح أن أديس أبابا لا تتوافر لديها الإرادة السياسية لذلك التعاون».

وانتقدت دول ومنظمات دولية عدة، مشروع الاتفاق بين إثيوبيا و«أرض الصومال»، إذ شددت الولايات المتحدة على وجوب احترام سيادة الصومال ووحدة أراضيها، بينما أكد الاتحاد الأوروبي أن احترام سيادة الصومال هو «مفتاح السلام في القرن الأفريقي». ودعا الاتحاد الأفريقي إلى «الهدوء والاحترام المتبادل لخفض منسوب التوتر المتصاعد» بين إثيوبيا والصومال، كما أصدرت مصر وتركيا وكينيا وغيرها بيانات حذرت فيها من خطورة الخطوة الإثيوبية.

من جانبه، وصف الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد عسكر، الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال بأنه «جزء من لعبة جيوسياسية إقليمية تديرها بعض الأطراف الإقليمية، وتستهدف وضع قواعد جديدة للعبة الإقليمية وإعادة هندسة المنطقة، بما يجعلنا أمام مناورة متعددة الأهداف».

وأوضح في تحليل له أن الاتفاق يضفي مزيداً من التعقيد على سياق التفاعلات الإقليمية في المشهد الإقليمي بالقرن الأفريقي، وسط حالة من الضبابية حول تداعيات تلك الخطوة على جميع الأطراف في المنطقة وخارجها، وقد يؤدي إلى أن تتعرض «أرض الصومال» لهجمات إرهابية من حركة «الشباب» التي اتهمت قادة الإقليم بالتواطؤ مع إثيوبيا، الأمر الذي قد يزيد من تعقيد الاستقرار الإقليمي في القرن الأفريقي، ويدفع باتجاه اتخاذ خطوات لعدم تفاقم الموقف، مرجحاً أن تبدأ الحكومة الصومالية «حرباً دبلوماسية ضد إثيوبيا»، تتحصن فيها بحشد إقليمي واسع من أجل الضغط عليها للتراجع عن الاتفاق الأخير واعترافها بـ«أرض الصومال».


مقالات ذات صلة

«تسريع مفاوضات» الصومال وإثيوبيا... اختبار لسياسة خفض التوتر بـ«القرن الأفريقي»

شمال افريقيا لقاء رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في أديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)

«تسريع مفاوضات» الصومال وإثيوبيا... اختبار لسياسة خفض التوتر بـ«القرن الأفريقي»

مؤشرات على التفاهم بعد عام من الخلافات، انتهى إليه اجتماع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، تضمنت استعادة التمثيل الدبلوماسي

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا رئيس الوزراء الإثيوبي خلال استقبال الرئيس الصومالي في أديس أبابا (وكالة الأنباء الصومالية)

رئيس الصومال في إثيوبيا... هل تذيب الزيارة الخلافات؟

زيارة رسمية للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى أديس أبابا، تلبية لدعوة من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بهدف «تعزيز التعاون».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اتفاق على عقد جولة ثانية من القمة الرئاسية بين مصر وإريتريا والصومال في «وقت قريب» (الخارجية المصرية)

محادثات مصرية - صومالية - إريترية لتعميق التعاون في «القرن الأفريقي»

الاجتماع الوزاري الأول جاء بناء على نتائج «قمة أسمرة الثلاثية» التي عقدت في أكتوبر الماضي بين رؤساء مصر وإريتريا والصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ملف المياه تصدر محادثات وزير الخارجية المصري ووزير التجارة والصناعة بجنوب السودان (الخارجية المصرية)

مصر تشدد على أهمية أمنها المائي في ظل تواصل نزاع السد الإثيوبي

شددت مصر على «أهمية أمنها المائي»، ودعت مجدداً إلى «ضرورة احترام قواعد القانون الدولي، والالتزام بمبدأ التوافق بين دول حوض النيل».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا وحدة خاصة من قوة عسكرية شكلتها نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين لمواجهة «بوكو حرام» (القوة العسكرية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام»)

نيجيريا تتحدث عن «دول» تمول الإرهاب وتدعو إلى «تحقيق» أممي

أعلنت دول حوض بحيرة تشاد القضاء على المئات من مقاتلي جماعة «بوكو حرام» الموالية لتنظيم «داعش»، ورغم ذلك لم تتوقف الهجمات الإرهابية في المنطقة.

الشيخ محمد (نواكشوط)

وزير الخارجية المصري: نأمل التوصل لاتفاق بشأن غزة في أسرع وقت ممكن

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
TT

وزير الخارجية المصري: نأمل التوصل لاتفاق بشأن غزة في أسرع وقت ممكن

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، اليوم (الثلاثاء) إن الوقت قد حان لتوفر الإرادة السياسية لدى كافة الأطراف للتوصل لاتفاق بشأن غزة، معبراً عن أمله في التوصل للاتفاق في أقرب وقت ممكن.

وجاءت تصريحات عبد العاطي في مؤتمر صحافي عقده مع وزير خارجية لوكسمبورغ إكزافييه بيتل، بعد تقارير عن احتمال الإعلان عن التوصل لاتفاق في غزة اليوم.

وأضاف الوزير المصري أنه ستكون هناك إمكانية لإدخال المساعدات إلى غزة بكميات كبيرة وغير مشروطة بمجرد الوصول إلى اتفاق وانسحاب الجانب الإسرائيلي من معبر رفح.

وقال عبد العاطي إن مصر ستستضيف مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار غزة حينما تسمح الظروف على الأرض بذلك.

وشدد على ضرورة أن تكون هناك «رؤية شاملة بخريطة طريق واضحة» للعمل على تجسيد الدولة الفلسطينية على أرض الواقع عقب الحرب.