الجزائر في 2023... تقارب مع الشرق خارجياً وتحسين المعيشة داخلياً

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وقائد الجيش سعيد شنقريحة يعطيان إشارة انطلاق مشروع محطة القطار في الجلفة (رئاسة الجمهورية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وقائد الجيش سعيد شنقريحة يعطيان إشارة انطلاق مشروع محطة القطار في الجلفة (رئاسة الجمهورية)
TT

الجزائر في 2023... تقارب مع الشرق خارجياً وتحسين المعيشة داخلياً

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وقائد الجيش سعيد شنقريحة يعطيان إشارة انطلاق مشروع محطة القطار في الجلفة (رئاسة الجمهورية)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وقائد الجيش سعيد شنقريحة يعطيان إشارة انطلاق مشروع محطة القطار في الجلفة (رئاسة الجمهورية)

في حين كان توجيه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبَون بوصلة التعاون الخارجي لبلاده نحو الشرق، بزيارتين مهمتين إلى روسيا والصين، فإن الحدث الأبرز على الصعيد الدولي بالنسبة إلى الجزائر عام 2023 كان تميُّز الوضع الداخلي بتحسن لافت لاحتياطي العملة الصعبة، الأمر الذي سمح للحكومة باتخاذ قرار برفع أجور 2.8 مليون عامل، يبدأ تنفيذه مطلع العام الجديد. وفيما كان منتظراً أن يزور تبون فرنسا في مايو (أيار)، فاجأ المراقبين بزيارة إلى موسكو، الحليف السياسي التقليدي للجزائر، في يونيو (حزيران)، مبدياً ضمناً دعمه للرئيس فلاديمير بوتين في المواجهة مع الغرب، بسبب الحرب التي يشنها على أوكرانيا. وقد أكدت الجزائر، رسمياً، أنها لا تدين العملية العسكرية الروسية ولا تؤيدها، وأن موقفها هو «عدم الانحياز لأي طرف».

توسيع الشراكة مع روسيا

ومن روسيا، صرّح تبون بأن شعب الجزائر «حر وسيبقى حراً»، وذلك عندما سُئل عن «ضغوط» غربية مفترضة تتعرض لها الجزائر بسبب «تقاربها مع موسكو»، من خلال تكثيف تعاونها معها، خصوصاً طلبها المزداد على شراء السلاح الروسي. وكان أعضاء في الكونغرس الأميركي قد طالبوا وزير الخارجية أنتوني بلينكن في عام 2022 بإنزال عقوبات ضد الجزائر، بذريعة «وجود مخاطر من زيادة لافتة لمشترياتها من السلاح الروسي»، ولأن هناك صفقة سلاح بين البلدين يجري التفاوض حولها بقيمة 7 مليارات دولار.

الرئيس تبون خلال زيارته روسيا ولقاء الرئيس بوتين في الكرملين 17 يونيو 2023 (الرئاسة الجزائرية)

ومن أهم ما أسفرت عنه الزيارة الروسية تعديل «اتفاق الشراكة الاستراتيجية» الذي يضبط إطار التعاون الثنائي منذ أكثر من 20 سنة، وذلك بتوسيع القطاعات المعنية بالشراكة، لتشمل المجالات العلمية والاقتصادية والتجارية، بما في ذلك الميدان العسكري، علماً بأن الجزائر تعد ثاني شريك تجاري لروسيا في القارة الأفريقية، وذلك بحجم مبادلات قارب 3 مليارات دولار عام 2021، وهي من أكبر زبائن موسكو في مشتريات السلاح منذ عهد الاتحاد السوفياتي.

زيارة «تاريخية» إلى الصين

وفي يوليو (تموز)، أجرى تبون زيارة وصفت بـ«التاريخية» إلى الصين، انتهت بالتوقيع على 19 اتفاقية تشمل العديد من مجالات التعاون، وحملت دلالات سياسية، فُهم منها أن الجزائر «اختارت موقعها في عالم تميزه الاستقطابات». وقد أعلن تبون أن بلاده «تناضل من أجل علاقات دولية أكثر توازناً، لا يطغى فيها القوي على الضعيف».

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً تبون 18 يوليو 2023 (د.ب.أ)

وتحت هذا الشعار، سعت الجزائر إلى دخول مجموعة «بريكس»، وطلب تبون رسمياً خلال زيارتيه إلى موسكو وبكين دعمهما لتحقيق هذا الهدف، باعتبارهما من ركائز هذه المجموعة. وشكل رفض المجموعة الملف الجزائري، خلال اجتماعها في جنوب أفريقيا أغسطس (آب) الماضي، صدمة وخيبة أمل كبيرتين إزاء «الحليف الروسي» الذي كان يعول عليه بوضع نفوذه في الميزان حتى تميل الكفة لصالح الجزائر. وكان تبون أعلن نهاية 2022 أن عام 2023 «سيكون سنة تتويج النجاحات الاقتصادية للبلاد بالتحاقنا بـ(بريكس)».

استمرار التوتر مع فرنسا

وتميَز عام 2023 أيضاً باستمرار التوتر مع فرنسا التي كان تطور العلاقات معها دوماً بمثابة شأن داخلي، بالنظر لقوة الصلات التاريخية والإنسانية بين البلدين، التي تعود إلى فترة الاستعمار. ففي فبراير (شباط)، نشبت أزمة حادة بين البلدين، عندما اتهمت الجزائر المخابرات الفرنسية بأنها «أجلت سراً» معارِضة كانت ممنوعة من السفر، تدعى أميرة بوراوي، سافرت خلسة إلى تونس عبر الحدود البرية، ومن تونس منحتها الممثلية الدبلوماسية الفرنسية الحماية القنصلية، باعتبارها تحمل الجنسية الفرنسية. وعدّت الجزائر الحادثة «انتهاكاً لسيادتها».

عناق بين الرئيسين تبون وماكرون في قمة المناخ بمصر في نوفمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

ولاحقاً، في أبريل (نيسان)، أعلن الرئيسان تبون وإيمانويل ماكرون في مكالمة هاتفية طي هذا الملف الساخن على أساس أن «سوء فهم شابه»، وعاد البحث من جديد في مشروع زيارة يقوم بها تبون إلى باريس، لكن أحداثاً أخرى حالت دون إنجازها، منها لائحة قدمها اليمين الفرنسي التقليدي إلى البرلمان لإلغاء اتفاق الهجرة الثنائي الذي يعود إلى عام 1968، على أساس أنه يعيق مسعى الحكومة إلى الحد من الهجرة السرية. وقبل أسابيع قليلة، أجهض نواب حزب الرئيس ماكرون واليسار هذه الخطوة.

زيادة في الأجور يهددها التضخم

على الصعيد الداخلي، ضبطت السلطات ساعة العمل الحكومي على «تحسين القدرة الشرائية للمواطن»، وتعهد تبون في كل تصريحاته بأن 2023 «ستكون سنة الإقلاع الاقتصادي وترقية معيشة المواطن». وفي الأيام الأخيرة من العام، أعلنت الحكومة أن «زيادات مهمة» للأجور سيستفيد منها 2.8 مليون عامل في الوظيفة العمومية، بدءاً من يناير (كانون الثاني) 2024. في الوقت ذاته، نشر «الديوان الوطني للإحصائيات» دراسة تفيد بأن نسبة التضخم فاقت 9 بالمائة في عام 2022، معلناً ارتفاعاً فاحشاً لأسعار كل المواد والخدمات، الأمر الذي ألحق ضرراً بالغاً بالقدرة الشرائية لملايين من أصحاب الدخلين المتوسط والمحدود.

ويرى خبراء الاقتصاد المستقلون عن الحكومة أن الزيادات المقررة في الأجور ستتسبب في ارتفاع التضخم، لأنه لم يقابلها انتعاش اقتصادي، مشيرين إلى أن الموظف لن يستفيد منها إلا لبضعة أشهر، في انتظار موجة ارتفاع جديدة في الأسعار ستقضي عليها.

ركود سياسي في انتظار الانتخابات الرئاسية

أما سياسياً، فقد ظل المشهد العام راكداً، باستثناء حركة ظرفية أحدثها مؤتمر حزب «جبهة التحرير الوطني»، الذي يملك الريادة في البرلمان والمجالس البلدية والولائية، إذ اختار أعضاؤه القيادي المغمور عبد الكريم بن مبارك، أميناً عاماً، بدلاً من أبو الفضل بعجي، الذي كان أعلن ترشحه لولاية ثانية، لكن اتضح أن السلطات العليا قررت إبعاده في المرحلة المقبلة التي تتميز بالتحضير لانتخابات الرئاسة (قبل نهاية 2024)، والتي يعول على «الجبهة» لحشد التأييد لها ودفع أكبر عدد من الجزائريين للإدلاء بأصواتهم فيها.

وكان الحزب الواحد سابقاً بمثابة آلة دعائية ضخمة لمرشحي النظام للرئاسة. وشذّ عن هذه القاعدة مرة واحدة فقط في «رئاسية 2004»، عندما انقسمت السلطة إلى جناحين: جهاز مخابرات بقيادة الجنرال محمد مدين، رشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية ثانية، وقيادة أركان الجيش برئاسة الجنرال الراحل محمد العماري، الذي رشح رئيس الحكومة آنذاك علي بن فليس، وانتهت الجولة بفوز بوتفليقة.

وفي مايو (أيار) 2023، أعلنت الجزائر بمناسبة احتضانها مؤتمراً دولياً حول التصدي للمخاطر الكبرى، أن معدل إنفاقها على مخططات مواجهة الكوارث الطبيعية، يفوق 225 مليون دولار سنوياً، وذلك في الـ15 سنة الماضية.

صيف كارثي

وكان صيف 2023 كارثياً بسبب النيران المستعرة في بعض محافظات الشرق، حيث خلفت الحرائق التي شبَت في غطائها النباتي 34 قتيلاً من بينهم 10 عسكريين وصلت ألسنة اللهب إلى قاعدة لهم بسفح الجبل، دون أن تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إليهم لإجلائهم. وأحصت محافظة بجاية (200 كلم عن العاصمة)، لوحدها الحصيلة الأعلى بمصرع 16 شخصاً من عائلة واحدة.

وتواصلت الحرائق في البلاد خلال سبتمبر (أيلول)، إذ أعلن الدفاع المدني تصديه لألسنة اللهب في ولايات شمالية، لم تخلف أي خسائر بشرية. وقد تزامنت هذه الحرائق مع موجة حرَ غير عادية، ضربت عدة ولايات حيث تجاوزت درجات الحرارة 40. وطُرح من جديد، على إثر هذه الأحداث، جدل حول «اليد الإجرامية»، التي تسببت فيها، واستبعدت الحكومة التغيرات المناخية كسبب للحرائق، التي طالت كامل الغطاء النباتي في بلدان جنوب المتوسط خلال الصيف.

وكانت الحكومة أطلقت في سبتمبر الماضي، ترتيبات عاجلة للتعامل مع كوارث طبيعية محتملة، تضمنتها مراجعة شاملة لقانون الأخطار الكبرى. ونصت المراجعة القانونية على «مخطط يقظة لتسيير المخاطر الكبرى ومواجهتها»، تكفلت بتنفيذه 5 وزارات، وتضمن إطلاق منصة رقمية في كل محافظات البلاد الـ58، تهتم بتتبع التغيّرات المناخية في كل المناطق، وتبليغ السلطات العمومية عن أي خطر يُمكن أن يهدّد المنطقة وسكانها.

وجاءت هذه الترتيبات، حسب الصحافة المحلية، عاكسة لمخاوف ناتجة عن الزلزال الذي ضرب المغرب والفيضانات، التي أغرقت مدينة درنة في ليبيا خلال الشهر نفسه.


مقالات ذات صلة

الجزائر: قائد الجيش يشدد على «تعزيز المناعة الأمنية» للبلاد

شمال افريقيا قائد الجيش خلال زيارته مركز الهندسة الميكانيكية العسكرية (وزارة الدفاع)

الجزائر: قائد الجيش يشدد على «تعزيز المناعة الأمنية» للبلاد

شنقريحة يؤكد على «وضع الركائز الأساسية لصناعة عسكرية جزائرية، واعدة ومتكيفة مع متطلبات الدفاع عن الوطن وبأيادٍ جزائرية خالصة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)

هجوم جزائري على المغرب وفرنسا في «قمة سوتشي»

في 25 يوليو (تموز) الماضي، أبدت الجزائر سخطاً شديداً عندما أبلغتها باريس، عبر القناة الدبلوماسية، بأنها قررت دعم «خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مستقبلاً السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» في يونيو 2022 (الرئاسة)

الجزائر: حزب معارض يستنكر اعتقال قيادييه «في ظروف غامضة»

ندد حزب «جبهة القوى الاشتراكية» الجزائري المعارض باعتقال قياديين من صفوفه «في ظروف يلفها الغموض».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج قيادي «جبهة الإنقاذ» التي تم حلها (متداولة)

الجزائر: إضراب «إسلاميين» معتقلين عن الطعام لـ«تأخر» محاكمتهم

بدأ عدد من «الإسلاميين» في الجزائر إضراباً عن الطعام داخل سجنهم بعاصمة البلاد، احتجاجاً على طول مدة إقامتهم في الحبس الاحتياطي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيس تبون ونظيره الفرنسي (الرئاسة)

قرار جزائري يهدد العلاقات التجارية مع فرنسا

جمعية البنوك والمؤسسات المالية الجزائرية تُبلغ البنوك بإجراء جديد يتعلق بوقف معالجة عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى فرنسا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان
TT

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

مناقشات أممية موسعة لوقف النار فوراً في السودان

انخرط أعضاء مجلس الأمن في مناقشات موسعة حول مشروع قرار أعدته بريطانيا لمطالبة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» بوقف القتال والسماح بتسليم المساعدات بشكل آمن وسريع ودون عوائق عبر الجبهات والحدود، أملاً في لجم التدهور السريع للأوضاع الإنسانية ووضع حد لأكبر أزمة نزوح في العالم.

وكشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة عن أن بريطانيا تريد عرض مشروع القرار للتصويت «في أسرع وقت ممكن» بضمان تبنيه من تسعة أصوات أو أكثر من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، وعدم استخدام حق النقض «الفيتو» من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية: الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو روسيا أو الصين.

ويطالب النص المقترح «قوات الدعم السريع» بـ«وقف هجماتها على الفور» في كل أنحاء السودان. كما يدعو الأطراف المتحاربة إلى «وقف الأعمال العدائية على الفور (...) والسماح وتسهيل الوصول الإنساني الكامل والآمن والسريع وغير المقيد عبر الخطوط والحدود إلى السودان وفي كل أنحائه».

المقترح يشدد أيضاً على «إبقاء معبر أدري الحدودي مع تشاد مفتوحاً لتسليم المساعدات، والحاجة إلى دعم الوصول الإنساني عبر كل المعابر الحدودية، في حين تستمر الحاجات الإنسانية، ومن دون عوائق».

ومن المقرر أن تنتهي صلاحية الموافقة التي مدتها ثلاثة أشهر والتي قدمتها السلطات السودانية للأمم المتحدة وجماعات الإغاثة لاستخدام معبر أدري الحدودي للوصول إلى دارفور في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع في دارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأصدر مجلس الأمن قرارين في شأن السودان، الأول في مارس (آذار) الماضي، ويدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية خلال رمضان المبارك، ثم في يونيو (حزيران) الماضي للمطالبة بوقف حصار مدينة الفاشر التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون شخص. كما دعا القراران - اللذان تم تبنيهما بأغلبية 14 صوتاً وامتناع روسيا عن التصويت - إلى الوصول الإنساني الكامل والسريع والآمن وغير المقيد.

«أعمال مروعة»

وفي مستهل جلسة هي الثانية لمجلس الأمن خلال أسبوعين حول التطورات في السودان، وصفت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للشؤون السياسية وعمليات السلام، روزماري ديكارلو، السودان بأنه «محاصر في كابوس»، مشيرة إلى الموجة الأخيرة من الهجمات التي شنتها «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة الشرقية، والتي وصفتها المنظمات غير الحكومية بأنها «من أشد أعمال العنف تطرفاً في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة».

وأضافت: «قُتل عدد كبير من المدنيين. وفقد الكثير منازلهم وأجبروا على الفرار. ونحن نتلقى تقارير عن انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك العنف الجنسي المرتكب في الغالب ضد النساء والفتيات».

وكذلك أشارت ديكارلو إلى استمرار القتال في الفاشر والخرطوم ومناطق أخرى «حيث يتعرض المدنيون لمعاناة مروعة»، مشددة على أن الشعب السوداني «يحتاج إلى وقف فوري لإطلاق النار».

وعدّت أن «الوقت حان منذ فترة طويلة لكي يأتي الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات» لأن «الطريق الوحيد للخروج من هذا الصراع هو الحل السياسي التفاوضي».

ولفتت ديكارلو إلى أن القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي» «كل منهما مقتنعة بقدرتها على الانتصار في ساحة المعركة».

وقالت إنه «مع اقتراب نهاية موسم الأمطار، تواصل الأطراف تصعيد عملياتها العسكرية وتجنيد مقاتلين جدد وتكثيف هجماتها»، عادّة أن «هذا ممكن بفضل الدعم الخارجي الكبير، بما في ذلك التدفق المستمر للأسلحة إلى البلاد».

واتهمت ديكارلو «بعض الحلفاء المزعومين للأطراف» بأنهم «يمكّنون المذابح في السودان». ورحبت بجهود الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد» من أجل استعادة الحوار السياسي السوداني الشامل.

كما أشادت بالتحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان لتعزيز تنفيذ «إعلان جدة» والقضايا الرئيسية الأخرى.

تنفيذ إعلان جدة

وركزت المسؤولة الأممية على دور المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان رمطان لعمامرة، الذي أعد التقرير الأخير للأمين العام في شأن حماية المدنيين في السودان، موضحة أنه «يحتوي على توصيات قوية. ولدينا مسؤولية جماعية لتكثيف جهودنا لتفعيلها».

وقالت: «إننا في حاجة ماسة إلى إحراز تقدم عاجل في تنفيذ إعلان جدة. ويتعين على الأطراف في النهاية أن تتحرك وفقاً لالتزاماتها بحماية المدنيين»، مضيفة أن إنشاء آلية الامتثال التي اتفق عليها الأطراف المتحاربة، بدعم من الشركاء الرئيسيين، يعد «خطوة حاسمة لمحاسبة الأطراف على التزاماتها. وفي الوقت نفسه، وفي غياب وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، فإننا في حاجة ماسة إلى إحراز تقدم في مجال وقف إطلاق النار المحلي الذي قد يمنح المدنيين بعض الراحة، ويخلق سبل الحوار، وربما يمهد الطريق لاتفاق أكثر شمولاً».

وزير الخارجية السعودي إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في جدة (رويترز)

وأكدت أن «الدعم المستمر من مجلس الأمن للمبعوث الشخصي لعمامرة أمر بالغ الأهمية».

وكذلك استمع أعضاء المجلس لإحاطة من مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية راميش راجاسينغهام، نيابة عن وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية منسقة المعونة الطارئة جويس مسويا حول مستجدات الوضع الإنساني المتردي في أنحاء السودان.

دارفور

وفي سياق قريب، أنهى فريق من خبراء مجلس الأمن المعني بتنفيذ القرار (1591) الخاص بحظر الأسلحة في إقليم دارفور، الثلاثاء، زيارة استمرت لثلاث أيام، إلى مدينة بورتسودان التي تعد عاصمة مؤقتة للبلاد، لمتابعة تنفيذ القرار.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي مدد مجلس الأمن قرار حظر تسليح الكيانات المتحاربة في دارفور لمدة عام.

والتقى الفريق في أول زيارة له للسودان منذ اندلاع الحرب، عدداً من المسؤولين السودانيين المدنيين والعسكريين.

وقالت المفوض العام لـ«مفوضية العون الإنساني» (مؤسسة حقوقية سودانية) سلوى آدم بنية، التي التقت فريق خبراء مجلس الأمن، إنها أطلعتهم على «الأوضاع في دارفور ومدن البلاد الأخرى، وتقديم وثائق مصورة» قالت إنها «تُثبت الانتهاكات الفظيعة التي ارتكبتها (ميليشيا الدعم السريع)».

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واتهمت بنية، عناصر «الدعم السريع» بـ«التعدي على فرق المساعدات الإنسانية». وأكدت «استعداد الحكومة السودانية على استمرار العمل بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر الحدودي غرب البلاد، بعد الاتفاق على آلية مشتركة تضم الأمم المتحدة والجارة تشاد لتسهيل مراقبة المنقولات الواردة للسودان».

وكذلك ناقش وزير الداخلية خليل باشا سايرين، مع الفريق «الجهود التي تقوم بها الحكومة السودانية لحماية المدنيين»، مؤكداً «التزامها بتسهيل إجراءات منح التأشيرات لدخول موظفي الأمم المتحدة، بجانب تسهيل إجراءات التخليص الجمركي بالمواني والمطارات».

وتتهم الحكومة السودانية دولاً بتقديم أسلحة وعتاد لـ«الدعم السريع».

وتطالب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» وتمثل أكبر تحالف سياسي مدني مناهض للحرب، بتوسيع حظر الأسلحة في دارفور ليشمل كل السودان، وترى أن وقف تدفق الأسلحة أمر حاسم لتخفيف حدة العنف وإنهاء النزاع.