عرض تركي للوساطة بين مجلسي النواب و«الدولة» الليبيَّين

تجاذب بين «الوحدة» و«الاستقرار» قبيل افتتاح «مؤتمر إعمار درنة»

وصول المشاركين فى مؤتمر إعمار المناطق المنكوبة إلى بنغازي (حكومة «الاستقرار»)
وصول المشاركين فى مؤتمر إعمار المناطق المنكوبة إلى بنغازي (حكومة «الاستقرار»)
TT

عرض تركي للوساطة بين مجلسي النواب و«الدولة» الليبيَّين

وصول المشاركين فى مؤتمر إعمار المناطق المنكوبة إلى بنغازي (حكومة «الاستقرار»)
وصول المشاركين فى مؤتمر إعمار المناطق المنكوبة إلى بنغازي (حكومة «الاستقرار»)

في حين أعلنت تركيا عرضاً للوساطة لحل الخلافات العالقة بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» الليبيَين، تواصَل التجاذب السياسي في ليبيا بين حكومتي «الوحدة» المؤقتة، وغريمتها «الاستقرار» قبل يوم من انطلاق مؤتمر دولي ستنظمه الأخيرة، بشكل منفرد (الأربعاء) على مدى يومين؛ لبحث سبل إعادة إعمار درنة، والمدن المتضررة من السيول، التي اجتاحت المنطقة الشرقية جراء إعصار «دانيال».

وأعلنت حكومة «الاستقرار»، برئاسة أسامة حماد، أنها اتخذت الإجراءات كافة الكفيلة بإنجاح المؤتمر، مشيرة إلى استمرار استقبال مطار بنينا الدولي بمدينة بنغازي رحلات جوية من دول العالم كافة تحمل وفوداً، تشمل مهندسين، و«مديري أكبر الشركات العالمية في مجال إعادة الإعمار والصيانة من أجل طرح أفكارهم لإعمار مدينة درنة خلال فعاليات المؤتمر».

وعرض نائب وزير الخارجية التركي، أحمد يلدز، الذي وصل إلى مدينة بنغازي، للمشاركة في هذا المؤتمر، إمكانية تدخل بلاده لحل المشكلات الخلافية العالقة بين مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» في ليبيا. وقال في برنامج تلفزيوني (مساء الاثنين): «إذا طُلبت منا المساعدة والتنسيق بشأن القوانين الانتخابية فلدينا تجربة». وعدّ نقاط الخلاف في قوانين الانتخابات «ليست بسيطة، لكنها ليست صعبة على التوافق، حتى يقبل الجميع بنتائج الانتخابات».

رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش يلتقي في أنقرة تكالة رئيس المجلس الاعلى للدولة الليبي (مجلس الدولة)

في غضون ذلك، بحث رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، (الثلاثاء)، مع محمد تكالة، رئيس مجلس الدولة، الذي التقاه في مقر البرلمان بالعاصمة أنقرة، العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها في المجالات كافة، وآلية التنسيق والتعاون بين المجلس الأعلى ومجلس الأمة التركي، إضافة إلى الأوضاع السياسية الراهنة في ليبيا.

وكان تكالة قد وصل (مساء الاثنين)، إلى العاصمة التركية، في زيارة رسمية، قال إنه سيجتمع خلالها مع المسؤولين وصناع القرار.

في المقابل، ردّ عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، بشكل ضمني على «مؤتمر إعادة الإعمار»، الذي تُحضّر له حكومة حماد، بالإعلان خلال اجتماعه (الثلاثاء) في العاصمة طرابلس مع وزيرة الشؤون الاجتماعية، وفاء الكيلاني، بدء صرف المنح المعتمدة، سواء للنازحين، ومنها بدلا الإيجار والإعاشة، أو لدعم الأسر المتضررة بالبلديات المنكوبة، وضرورة معالجة أوضاعهم بشكل منتظم ومستمر، مشيراً إلى أنه وجه بضرورة دعم صندوق التضامن الاجتماعي الأسرَ المتضررة والنازحة من خلال المهام المناطة به.

وأوضح المكتب الإعلامي للدبيبة أن اللقاء بحث الإجراءات الوزارية لدعم النازحين من بلدية درنة والبلديات المنكوبة، ودعم الأسر المتضررة داخل تلك البلديات، موضحاً أن الكيلاني عرضت دور الوزارة في المناطق المتضررة بتقديم الدعم المباشر عبر صندوق التضامن الاجتماعي، ومكاتب الشؤون الاجتماعية بالمناطق.

لقاء الدبيبة مع وزير داخليته (حكومة الوحدة)

كما تابع الدبيبة، مساء الاثنين، مع وزير الداخلية المكلّف عماد الطرابلسي، خطة الوزارة لتنظيم المديريات، والمجاهرة بالأمن، ومحاربة ظواهر الجريمة والمخدرات.

في غضون ذلك، قال محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، إنه بحث (الثلاثاء)، بوصفه القائد الأعلى للجيش الليبي، مع محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية للدبيبة، وآمري مناطق طرابلس والوسطى والساحل الغربي العسكرية، تنظيم مختلف الوحدات العسكرية، وسير العمل بمختلف المناطق، واستعراض الموقف العسكري بمدينة غريان إثر الأحداث، التي شهدتها المدينة أخيراً.

اجتماع المنفي مع الحداد بحضور مسؤولين عسكريين بطرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

وكان «اللواء 444 قتال»، التابع لحكومة «الوحدة» قد أعلن أسر مجموعة من «المرتزقة» التشاديين في كمين محكم بمدينة غريان، وعرض لقطات مصورة لهم عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك».

وعدّ مجلس غريان البلدي، في بيان، أن المدينة تعرضت (الأحد) إلى ما وصفه بـ«عدوان حاقد من قبل مجموعة معتدية أصرّت على بثّ الفتنة الفرقة بين أبناء المدينة». وبعدما نعى الضحايا، الذين قال إنهم تصدوا لهذا العدوان على المدينة، طمأن المجلس الأهالي وسكان المدينة بأن الأوضاع كافة «تحت السيطرة وتسير بصورة طبيعية»، ودعا الهيئات والمؤسسات والمصالح العاملة في المدينة إلى معاودة واستئناف أعمالها بشكل عادي وطبيعي.

وعاد الهدوء إلى مدينة غريان، بعد اشتباكات مسلحة (الأحد) الماضي، أسفرت عن سقوط 10 قتلى، و20 جريحاً بعدما بسطت قوة تابعة لحكومة «الوحدة» سيطرتها على المدينة.


مقالات ذات صلة

اختصاصيون ليبيون يقترحون حلولاً لمواجهة العنف المجتمعي

شمال افريقيا المشاركون في ملتقى ليبي رعته البعثة الأممية وعُقد بتونس لمناقشات منع نشوب النزاعات (البعثة الأممية)

اختصاصيون ليبيون يقترحون حلولاً لمواجهة العنف المجتمعي

انتهى ملتقى رعته البعثة الأممية إلى ليبيا وضمَّ شخصيات «قيادية مؤثرة» عدة إلى إعداد ميثاق استرشادي حول الوساطة وحل الخلافات والنزاعات في المجتمع الليبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)

تباين ليبي بشأن قانون لإنشاء «هيئة للطوارئ والأزمات»

يدافع عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، عن إنشاء «هيئة للطوارئ والكوارث»، في مقابل مَن يرى أن ليبيا بها مراكز بحثية عدة يمكنها الاضطلاع بالمهمة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)

ليبيا: استمرار جهود احتواء تداعيات السيول في توكرة وأجدابيا

اتهامات لحكومة الوحدة «المؤقتة» في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بعدم اتخاذ إجراءات استباقية للتعامل مع أزمة سوء الأحوال الجوية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا كست صفحات التواصل الاجتماعي رفض المواطنين لقرار حماد بحجة انعكاسه على أسعار المواد الأساسية (أ.ف.ب)

توجّه لـ«رفع الدعم عن الوقود» يثير مخاوف الليبيين من الغلاء

أبدى سياسيون ومواطنون ليبيون تخوفهم من إعلان حكومة شرق ليبيا، موافقتها على مقترح لـ«رفع الدعم عن الوقود».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع يستقبل وزير الدولة الليبي للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي في دمشق (القيادة العامة في سوريا عبر تلغرام)

وفد ليبي يناقش في دمشق قضايا الهجرة والطاقة

التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وفداً ممثلاً للحكومة الليبية المعترف بها دولياً، وناقش الطرفان العلاقات الدبلوماسية ومسائل الطاقة والهجرة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

تباين ليبي بشأن قانون لإنشاء «هيئة للطوارئ والأزمات»

صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)
صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)
TT

تباين ليبي بشأن قانون لإنشاء «هيئة للطوارئ والأزمات»

صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)
صورة توضح حجم الدمار الذي تعرضت له أحياء درنة جراء الإعصار (أ.ف.ب)

تباينت آراء سياسيين واختصاصيين ليبيين بشأن مناقشة مجلس النواب مقترح قانون إنشاء «الهيئة الليبية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث»، وسط مؤيد ومعارض.

وكان مجلس النواب قرر عقب إعصار «دانيال» الذي ضرب درنة ومدن ومناطق بالشرق الليبي، العام الماضي، تشكيل لجنة لدراسة مشروع قانون لإنشاء «هيئة وطنية للطوارئ والأزمات والكوارث»، وظل الأمر محل دراسة مجتمعية ومن قِبَل مختصين، لكن المجلس قرر الأسبوع الماضي إخضاع مشروع القانون للمناقشة تمهيداً لإقراره.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (مكتب صالح)

والتباين في ردود الفعل عادة ينشأ في ليبيا على خلفية انقسام سياسي، لذا عندما رأى البعض أن تدشين هذه الهيئة «ضرورة لاستباق الكوارث»، ذهب آخرون إلى أن الأمر يفتح الباب لـ«مزيد من الإنفاق دون جدوى».

رئيس لجنة دراسة مشروع القانون، عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، يرى أن الكارثة التي أحلّت بدرنة، وحوادث أخرى شهدتها البلاد في السنوات الماضية، «أثبتت الحاجة الشديدة إلى هيئة منظمة تعنى بملف الكوارث والأزمات»، لافتاً إلى أن من شأنها «إطلاق التحذيرات ووضع خطط الاستعداد مروراً بالتعامل مع الأزمة أياً كانت درجة خطورتها، بفرق مدربة، وانتهاء بمرحلة معالجة الآثار والتداعيات».

وبمواجهة مَن يرون أن هناك مراكز علمية عدة، تهتم بإدارة الكوارث مما يجعل من إنشاء هيئة جديدة باباً للإنفاق الزائد، قال لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة وعلى مدار العام الماضي «درست أوضاع تلك المؤسسات والمراكز، واتضح أن أغلبها ذات طبيعة بحثية فقط»، منوهاً إلى أنها «لا تملك وضع الخطط لتفادي الكارثة أو التقليل من مخاطرها».

وفي رده على مَن يطالبون بالتمهل في تأسيس الهيئة لحين إجراء الانتخابات ومعالجة الانقسام الحكومي والمؤسسي الراهن، تساءل نصية: «وهل يمكن ضمان عدم وقوع كارثة جديدة؟»، وقال: «لن نؤجل تدشين الهيئة ونعرض حياة الليبيين للخطر لوجود خلاف سياسي».

ونوه إلى أن الهيئة «ستكون علمية؛ وبالتالي نتوقع ألا يتم إقحامها في أي تجاذبات سياسية، وبالتالي لن يتم الاعتراض على عملها الذي سيقدم لكل أبناء ليبيا؛ وسنبدأ بالتشريع ثم التدريب للعنصر البشري وجلب المعدات».

محيط مستشفى ترهونة العام بعدما أغرقته الأمطار 5 ديسمبر (مؤسسة رؤية لعلوم الفضاء)

وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا، الأولى: «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب بقيادة أسامة حماد.

بالمقابل، انتقد عضو المجلس الأعلى للدولة، علي السويح، «السعي لإنشاء مزيد من الهيئات في الوقت الراهن، في ظل وجود البديل الذي يمكن تفعيله»، متخوفاً من «عرقلة عملها أو حصره في إقليم أو مدن دون غيرها؛ أو مواجهتها كغيرها من المؤسسات بمصير محتوم من الانقسام في ظل التنازع على السلطة».

وقال السويح لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا هيئة الاستعلام الوطني، وهي تعنى بكل ما يخص الكوارث والأزمات، وبالتالي يمكن تفعيل إمكاناتها ومعالجة أي خلل بها، ولو مؤقتاً، لحين إجراء الانتخابات».

ويرى أن «أي كيان جديد يتطلب موارد مالية لتدشينه وتسيير عمله، ولم يتم توضيح مصير المراكز البحثية المعنية بهذا الملف، وما تضمه من خبراء ومتخصصين حال إنشاء تلك الهيئة الجديدة».

جلسة مجلس النواب في درنة

ويعتقد السويح أن «الأولوية حالياً يجب أن تتركز حول معالجة الأزمة السياسية وتوحيد السلطة التنفيذية، التي طالما ظلت منقسمة ستهدد أي عمل جاد يخدم الليبيين، خصوصاً مع وجود تحذير من قِبَل كل حكومة بعدم التعاطي مع منافستها».

وترى الباحثة بـ«المنظمة الليبية للعمل البيئي والمناخي» (ليكاو)، ياسمين الأحمر، أن ليبيا في حاجة إلى تطوير آليات الاستجابة للأزمات والكوارث الطبيعية التي قد تتعرض لها، وخصوصاً أن البلاد مرشحة لمواجهة أزمات متزايدة جراء التغيرات المناخية.

وعدَّت ياسمين الأحمر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن وجود هيئة متخصصة في الكوارث والطوارئ «سيكون له تأثير كبير في تحسين استجابة ليبيا للأزمات، عبر ما ستضعه من خطط استباقية لتقليل المخاطر، من خلال توفير تحذيرات علمية دقيقة»، كما ستعزز من قدرة البلاد على الاستجابة السريعة والفعالة في حالات الطوارئ، «مما يسهم في تقليل الخسائر».

وتعرضت مدن عدة في عموم ليبيا، وخصوصاً ترهونة وغريان، لأمطار غزيرة أسفرت عن خسائر بشرية ومادية. وعبر منصات التواصل دعا كثير من الليبيين لضرورة إيجاد حلول جذرية لمواجهة الكوارث الطبيعية من سيول وفيضانات، وأيضاً معالجة ضعف البنية التحتية.

إلا أن ياسمين الأحمر، دعت إلى الاستفادة من المراكز البحثية القائمة «وما تضطلع به من أدوار، مثل مركز الأرصاد الجوية، ومركز الزلازل، وهيئة السلامة الوطنية؛ وذلك عبر دمج الهيئة الجديدة مع هذه الهيئات لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف».

وأوضحت الباحثة الليبية والأكاديمية بجامعة طرابلس، أن هناك بعض التحديات التي تواجه تأسيس الهيئة، من بينها التمويل المستدام لضمان عملها بفعالية، ونوهت إلى ضرورة «السعي لتحسين شبكات البنية التحتية في البلاد؛ وهو ما يعني أن نجاح الهيئة يعتمد على تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الأكاديمي».